بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيد المرسلين ، نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين و بعد :
قد تتعدد وتطور الوسائل لكنها لا تخرج عن ماهيتها وحقيقتها وأصلها وقد تتعدد الأسماء الوهمية لشخص واحد لكنها لا تخرج عن ذاته وعن نوازعه النفسية ويظن الشخص أنه بأسمائه الوهمية أنه خرج بذلك عن المسئولية! لكن هيهات هيهات فالمسئولية فوق رأسه لا تنفك عنه لأنه لم يخلق سدى ولا عبثا...
أما الإيميل وأنواعه:
• إيميل يحتوي على الغش التجاري والاستثمار الوهمي.
• إيميل يحتوي على الفيروسات.
• إيميل يحتوي على السرقات والتجسس والتلصص.
• إيميل يحتوي على صور فضائحية وإباحية.
• إيميل يحتوي على فوائد جمة ومعلومات قيمة وبرامج نقية.
• ...وهكذا
وعلى ذلك أنواع البالتوك والمواقع وبرامج المحادثات ونحوهما.
أما المسلم فإناؤه طيب ونفعه عام ، فالإسلام همه وشاغله، لا يسمع إلا حقًا، ولا يقول إلا صدقاً ، ولا يمشي إلا إلى خير ، ممزوجًا بالحب الصادق ، متعلقًا بالنصح والإنابة .. عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ مِنْ الشَّجَرِ شَجَرَةً لَا يَسْقُطُ وَرَقُهَا وَإِنَّهَا مَثَلُ الْمُسْلِمِ فَحَدِّثُونِي مَا هِيَ؟ " فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَوَادِي قَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ فَاسْتَحْيَيْتُ ثُمَّ قَالُوا : حَدِّثْنَا مَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: " هِيَ النَّخْلَةُ ".
وَشَبَّهَ النَّخْلَة بِالْمُسْلِمِ فِي كَثْرَة خَيْرهَا , وَدَوَام ظِلّهَا , وَطِيب ثَمَرهَا , وَوُجُوده عَلَى الدَّوَام , فَإِنَّهُ مِنْ حِين يَطْلُع ثَمَرهَا لَا يَزَال يُؤْكَل مِنْهُ حَتَّى يَيْبَس , وَبَعْد أَنْ يَيْبَس يُتَّخَذ مِنْهُ مَنَافِع كَثِيرَة , وَمِنْ خَشَبهَا وَوَرَقهَا وَأَغْصَانهَا , فَيُسْتَعْمَل جُذُوعًا وَحَطَبًا وَعِصِيًّا وَمَخَاصِر وَحُصْرًا وَحِبَالًا وَأَوَانِي وَغَيْر ذَلِكَ , ثُمَّ آخِر شَيْء مِنْهَا نَوَاهَا , وَيُنْتَفَع بِهِ عَلَفًا لِلْإِبِلِ , ثُمَّ جَمَال نَبَاتهَا , وَحُسْن هَيْئَة ثَمَرهَا , فَهِيَ مَنَافِع كُلّهَا , وَخَيْر وَجَمَال , كَمَا أَنَّ الْمُؤْمِن خَيْر كُلّه , مِنْ كَثْرَة طَاعَاته وَمَكَارِم أَخْلَاقه , وَيُوَاظِب عَلَى صَلَاته وَصِيَامه وَقِرَاءَته وَذِكْره وَالصَّدَقَة وَالصِّلَة , وَسَائِر الطَّاعَات , وَغَيْر ذَلِكَ , وَنَفْعه مُسْتَمِرّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ حَتَّى بَعْد مَوْته.
لن يضر المسلم إن تحقق إيمانه ما فُتح عليه من أبواب فيها من كل شهوات الدنيا وشهواتها وزخرفها وزينتها طالما أنه ثبت على أصوله ووفى عهده مع ربه وعرف عِظم ما يحمل بين جوانحه ، فالباطل مهما تزين وتزخرف فهو مجتث من جذوره ، ومهما تطورت السهام وتعددت فانظر في كتاب ربك وسنة نبيك تجد حقائق ثابتة وسنن كونية متحققة لا لبس فيها ولا غموض تحكي واقعاً ملموساً فيه هدى لأولي الألباب المتقين.
" أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ " (إبراهيم : 24ـ 27) .
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً للكلمة الطيبة كالشَجَرَةٍ الطيبة التي هي النخلة أَصْلُهَا ثَابِتٌ في الأرض وَفَرْعُهَا منتشر فِي السَّمَاءِ وهي كثيرة النفع دائماً.
تُؤْتِي ثمرتها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا فكذلك شجرة الإيمان ، أصلها ثابت في قلب المؤمن، علماً واعتقاداً، وفرعها من الكلم الطيب والعمل الصالح والأخلاق المرضية والآداب الحسنة في السماء دائماً ، يصعد إلى الله منه من الأعمال والأقوال التي تخرجها شجرة الإيمان ما ينتفع به المؤمن وينفع به غيره .
ثم ذكر ضدها وهي كلمة الكفر وفروعها " وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ " المأكل والمطعم وهي: شجرة الحنظل ونحوها، " اجْتُثَّتْ " هذه الشجرة " مِنْ فَوْقِ الأرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ " أي: من ثبوت فلا عروق تمسكها ، ولا ثمرة صالحة ، تنتجها، بل إن وجد فيها ثمرة، فهي ثمرة خبيثة، كذلك كلمة الكفر والمعاصي، ليس لها ثبوت نافع في القلب، ولا تثمر إلا كل قول خبيث وعمل خبيث يضر صاحبه، ولا ينفعه، فلا يصعد إلى الله منه عمل صالح ولا ينفع نفسه، ولا ينتفع به غيره.
{ يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ } .
يخبر تعالى أنه يثبت عباده المؤمنين، أي: الذين قاموا بما عليهم من إيمان القلب التام، الذي يستلزم أعمال الجوارح ويثمرها ، فيثبتهم الله في الحياة الدنيا عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين، وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومراداتها.
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا والآخرة وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تعليق