كيف نعلم أبناءنا في عاشوراء؟!
____________________________
غرس القيم وتوصيل المبادئ والمفاهيم الطيبة وتربية الأبناء بطريقة عملية
من الأهداف العظيمة الرائعة، وعاشوراء (العاشر من المحرم) يوم عظيم من
أيام الله تعالى فرح به رسول الله فصامه وأمر بصيامه، حتى قالت الربيع بنت
معوذ: أرسل رسول الله غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: “من
أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان قد أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه”. فكنا
بعد ذلك نصومه ونصومه صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم
اللعب من العِهْن، فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند
الإفطار. ومن ثَم فيوم عاشوراء فرصة طيبة يجب أن تغتنمها الأسرة المسلمة
للارتقاء بأبنائها خطوات على طريق التربية.
فضل اليوم وسر تعظيمه
روى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ النبي
لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي
عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهْوَ يَوْمٌ نَجَّى اللهُ
فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا للهِ،
فَقَالَ: “أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ”، فَصَامَهُ وَأَمَرَ
بِصِيَامِهِ. وروى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ يَوْمُ
عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النبي : “فَصُومُوهُ
أَنْتُمْ”.
وعن فضل صيام هذا اليوم ورد في جزءٍ من حديث طويل في صحيح مسلم عَنْ
أَبِي قَتَادَةَ أن النبي قَالَ: “… وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ”. وفي صحيح
البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: “مَا رَأَيْتُ النبي
يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إِلاَّ هَذَا
الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ. يَعْنِي شَهْرَ
رَمَضَانَ”.
فرحة النصر على الطغيان
وسر تعظيم هذا اليوم هو نصر الله تعالى لسيدنا موسى وأتباعه وإغراق الله
تعالى لفرعون وجنوده هو بمناسبة تأييد الله تعالى لفئة مؤمنة أطاعت نبيها،
وخرجت معه لتكوين دولة مسلمة في أرض جديدة، وفرحة بقهر الله تعالى للظلم
والطغيان المتمثل في فرعون وجنوده الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها
الفساد.
ومع الدروس والعبر والقيم والمبادئ التي يجب أن نعلمها لأبنائنا من خلال عاشوراء:
1- نعلم أبناءنا بعاشوراء الصيام لمن يستطيع والتدريب قدر المستطاع
للصغار: ونعلمهم أن أول فرض الصيام للمسلمين قبل شهر رمضان كان صوم يوم
عاشوراء، وكان المسلمون يدربون أبناءهم على الصيام ويعطونهم اللعب
ويأخذونهم إلى المسجد؛ حتى يبتعدوا عن الطعام ويصبروا أنفسهم حتى نهاية
اليوم.
2- نعلم أبناءنا الوعي بما يدور حولهم في المجتمع ودراسة الظواهر
الاجتماعية أيها يصلح أن نأخذ به وأيها لا يصلح: وذلك بمشاورة الكبار
بالطبع؛ فرسول الله حينما قدم المدينة لاحظ ظاهرة موجودة وهي أن اليهود
يصومون يوم عاشوراء، ولأننا أولى بموسى منهم أمر بصيامه.
ونعلمهم أن المسلم ليس متعصبًا بل يقبل الحق والخير أينما وجده،
فإن “الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق الناس بها…”. نحن نأخذ الصالح
النافع المفيد، ولكن في إطار تميزنا وسماتنا وبأخلاقياتنا الرائعة؛ لذلك
لسنا مجرد مقلدين ولكننا مبدعون إيجابيون، والمسلم دائمًا متميز في سلوكه.
3- ونعلم أبناءنا سر عدم استحقاق اليهود لللفرحة بهذا النصر على
الطغيان: هو أن اليهود انضموا إلى قافلة الطغيان والظلم والتجبر، بل
وأصبحوا الآن هم قادته في الأرض؛ لذلك فهم ليسوا جديرين بالفرحة بهذه
الذكرى العظيمة بل نحن (أولى بموسى منهم)، نحن الذين نفرح بل ونتميز عنهم
فنصوم مع العاشر: التاسع أو الحادي عشر؛ حتى نتميز عن اليهود المجرمين، كما
أمرنا رسولنا الحبيب .
4- يوم عاشوراء تجتمع الأسرة لدراسة قصة سيدنا موسى دراسة مستفيضة نأخذ
منها العبر والعظات: ونعرض لهم هذه القصة بأسلوب جميل حتى يكون أكثر قبولاً
وإمتاعًا للصغار، ثم بعد الحكاية نقوم بربط دروس القصة بواقع المسلمين
اليوم، ونخرج من خلالها بواجبات عملية تلتزم بها الأسرة في واقعها. ويا
حبذا أيضًا أن نشجع الأبناء على رسم لوحات تصويرية توضح مشاهد القصة لتعميق
الجانب الوجداني في نفوسهم.
5- نعلم أبناءنا حقيقة الصراع بين الحق والباطل: ويتمثل هذا في فرعون
الظالم الذي كان يذبح الأطفال الصغار حديثي الولادة؛ لأنه لا يحب أن يكبر
هؤلاء الصغار، ويكونوا صالحين محاربين للظلمة أمثاله؛ فالباطل مجرم وجبان
ولا يحب الخير لأحد.
6- نعلم أبناءنا عدم الخوف والحزن بل الثقة والطمأنينة في طاعة الله:
وذلك من خلال خطاب الله تعالى لأم سيدنا موسى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ
مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ
وَلَا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ
مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]؛ فالأم التي تخاف على ابنها تأخذه في
حضنها، ولكن الأم التي معها عناية الله وتستجيب لكلامه يحفظ الله ابنها حتى
لو ألقت به في البحر استجابةً لأوامر الله.
7- ونعلِّم أبناءنا الإيجابية والوعي في سلوك أخت سيدنا موسى التي
أمرتها أمها أن تذهب لتتابع ماذا حدث لأخيها: {وَقَالَتْ لأُخْتِهِ
قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُون * وَحَرَّمْنَا
عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ
بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص: 11، 12].
ونعلمهم أيضًا من هذا الموقف الوعي السلوكي والذكاء في التصرف والحكمة وحسن
التدبير، وكذلك الحذر الذكي فلم يشعر بها أحد، ولم تقف لتتابع فقط بل قدمت
النصيحة الواعية {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ} وكأنها لا تعرفه.
8- نعلم أبناءنا رعاية الله تعالى لعباده الصالحين من خلال: توضيح رعاية
الله لسيدنا موسى في كل مراحل حياته؛ فقد نجاه الله من القتل حينما كان
فرعون يذبح كل الأطفال، وسخَّر الله له فرعون ليقوم على خدمته وتربيته،
وحينما قتل سيدنا موسى رجلاً من آل فرعون سخَّر الله تعالى لسيدنا موسى
رجلاً ينصحه بالخروج؛ وحينما خرج وفَّقه الله للذهاب إلى مدين ليقابل نبي
الله شعيب وليتزوج من ابنته، وهكذا رعاية الله مع عباده الصالحين دائمًا.
9- نعلم أبناءنا السعي لصد هجمة الباطل برفض الظلم ومقاومة الطغيان وعدم
الاستكانة للباطل: فأتباع سيدنا موسى لم يرضوا بسيطرة فرعون ولا بحكم
الضلال، بل خرجوا خلف رسولهم لإقامة دولة للإسلام يستطيعون عبادة الله
فيها.
10- نعلم أبناءنا “استشعار معية الله” في كل وقت، وخاصة عند الخطر، وأن
من كان الله معه كان معه كل شيء: وذلك من خلال توضيح المشهد الأخير في
الصراع، وأن سيدنا موسى حينما خرج طائعًا لله ومعه أتباعه وخرج فرعون بقوة
كبيرة ضخمة لا يستطيع أحد الوقوف في وجهها، لم ييئس بل استعان بالقوي
القادر، وحينما قال له بعض أتباعه: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61]،
ردَّ واثقًا من عون الله له: {كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ}
[الشعراء: 62]؛ فكن -يا حبيبي الصغير- مع ربك دائمًا يهديك ويحفظك ويرعاك
ويصونك من كل شر.
11- نعلم أبناءنا أن الباطل مهما طغى وتجبر وظهر أنه قوي فإنه مهزوم،
ولا بد أن يعاقبه الله تعالى: وأن الله تعالى قد يؤخر النصر حتى يأخذ
المسلمون بأسباب القوة ويعودوا إلى الله {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ
يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7].
12- نعلم أبناءنا المشاركة والشورى بأخذ العظة والعبرة وبالتطبيق العملي
في الأسرة: ففرعون هذا الذي أهلكه الله تعالى كان طاغيًا لا يسمح لأحد
بمشاركته في الرأي، وكان يقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى} [غافر:
29]. وهذه فرصة أن نعلم أبناءنا الشورى، وأن نمارسها معهم عمليًّا في
المنزل، وفي إدارتنا لشئون الحياة، فلا يكون رب الأسرة طاغيًا؛ فالمسلم
يرفض الطغيان على كل المستويات بدءًا بأصغر وحدة إدارية وهي الأسرة،
وانتهاء بأكبر وحدة إدارية في العالم.
____________________________
غرس القيم وتوصيل المبادئ والمفاهيم الطيبة وتربية الأبناء بطريقة عملية
من الأهداف العظيمة الرائعة، وعاشوراء (العاشر من المحرم) يوم عظيم من
أيام الله تعالى فرح به رسول الله فصامه وأمر بصيامه، حتى قالت الربيع بنت
معوذ: أرسل رسول الله غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: “من
أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان قد أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه”. فكنا
بعد ذلك نصومه ونصومه صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم
اللعب من العِهْن، فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند
الإفطار. ومن ثَم فيوم عاشوراء فرصة طيبة يجب أن تغتنمها الأسرة المسلمة
للارتقاء بأبنائها خطوات على طريق التربية.
فضل اليوم وسر تعظيمه
روى البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ النبي
لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَهُمْ يَصُومُونَ يَوْمًا، يَعْنِي
عَاشُورَاءَ، فَقَالُوا: هَذَا يَوْمٌ عَظِيمٌ، وَهْوَ يَوْمٌ نَجَّى اللهُ
فِيهِ مُوسَى، وَأَغْرَقَ آلَ فِرْعَوْنَ، فَصَامَ مُوسَى شُكْرًا للهِ،
فَقَالَ: “أَنَا أَوْلَى بِمُوسَى مِنْهُمْ”، فَصَامَهُ وَأَمَرَ
بِصِيَامِهِ. وروى البخاري عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ يَوْمُ
عَاشُورَاءَ تَعُدُّهُ الْيَهُودُ عِيدًا، قَالَ النبي : “فَصُومُوهُ
أَنْتُمْ”.
وعن فضل صيام هذا اليوم ورد في جزءٍ من حديث طويل في صحيح مسلم عَنْ
أَبِي قَتَادَةَ أن النبي قَالَ: “… وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ
أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ التي قَبْلَهُ”. وفي صحيح
البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: “مَا رَأَيْتُ النبي
يَتَحَرَّى صِيَامَ يَوْمٍ فَضَّلَهُ عَلَى غَيْرِهِ، إِلاَّ هَذَا
الْيَوْمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهَذَا الشَّهْرَ. يَعْنِي شَهْرَ
رَمَضَانَ”.
فرحة النصر على الطغيان
وسر تعظيم هذا اليوم هو نصر الله تعالى لسيدنا موسى وأتباعه وإغراق الله
تعالى لفرعون وجنوده هو بمناسبة تأييد الله تعالى لفئة مؤمنة أطاعت نبيها،
وخرجت معه لتكوين دولة مسلمة في أرض جديدة، وفرحة بقهر الله تعالى للظلم
والطغيان المتمثل في فرعون وجنوده الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها
الفساد.
ومع الدروس والعبر والقيم والمبادئ التي يجب أن نعلمها لأبنائنا من خلال عاشوراء:
1- نعلم أبناءنا بعاشوراء الصيام لمن يستطيع والتدريب قدر المستطاع
للصغار: ونعلمهم أن أول فرض الصيام للمسلمين قبل شهر رمضان كان صوم يوم
عاشوراء، وكان المسلمون يدربون أبناءهم على الصيام ويعطونهم اللعب
ويأخذونهم إلى المسجد؛ حتى يبتعدوا عن الطعام ويصبروا أنفسهم حتى نهاية
اليوم.
2- نعلم أبناءنا الوعي بما يدور حولهم في المجتمع ودراسة الظواهر
الاجتماعية أيها يصلح أن نأخذ به وأيها لا يصلح: وذلك بمشاورة الكبار
بالطبع؛ فرسول الله حينما قدم المدينة لاحظ ظاهرة موجودة وهي أن اليهود
يصومون يوم عاشوراء، ولأننا أولى بموسى منهم أمر بصيامه.
ونعلمهم أن المسلم ليس متعصبًا بل يقبل الحق والخير أينما وجده،
فإن “الحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق الناس بها…”. نحن نأخذ الصالح
النافع المفيد، ولكن في إطار تميزنا وسماتنا وبأخلاقياتنا الرائعة؛ لذلك
لسنا مجرد مقلدين ولكننا مبدعون إيجابيون، والمسلم دائمًا متميز في سلوكه.
3- ونعلم أبناءنا سر عدم استحقاق اليهود لللفرحة بهذا النصر على
الطغيان: هو أن اليهود انضموا إلى قافلة الطغيان والظلم والتجبر، بل
وأصبحوا الآن هم قادته في الأرض؛ لذلك فهم ليسوا جديرين بالفرحة بهذه
الذكرى العظيمة بل نحن (أولى بموسى منهم)، نحن الذين نفرح بل ونتميز عنهم
فنصوم مع العاشر: التاسع أو الحادي عشر؛ حتى نتميز عن اليهود المجرمين، كما
أمرنا رسولنا الحبيب .
4- يوم عاشوراء تجتمع الأسرة لدراسة قصة سيدنا موسى دراسة مستفيضة نأخذ
منها العبر والعظات: ونعرض لهم هذه القصة بأسلوب جميل حتى يكون أكثر قبولاً
وإمتاعًا للصغار، ثم بعد الحكاية نقوم بربط دروس القصة بواقع المسلمين
اليوم، ونخرج من خلالها بواجبات عملية تلتزم بها الأسرة في واقعها. ويا
حبذا أيضًا أن نشجع الأبناء على رسم لوحات تصويرية توضح مشاهد القصة لتعميق
الجانب الوجداني في نفوسهم.
5- نعلم أبناءنا حقيقة الصراع بين الحق والباطل: ويتمثل هذا في فرعون
الظالم الذي كان يذبح الأطفال الصغار حديثي الولادة؛ لأنه لا يحب أن يكبر
هؤلاء الصغار، ويكونوا صالحين محاربين للظلمة أمثاله؛ فالباطل مجرم وجبان
ولا يحب الخير لأحد.
6- نعلم أبناءنا عدم الخوف والحزن بل الثقة والطمأنينة في طاعة الله:
وذلك من خلال خطاب الله تعالى لأم سيدنا موسى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ
مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ
وَلَا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ
مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7]؛ فالأم التي تخاف على ابنها تأخذه في
حضنها، ولكن الأم التي معها عناية الله وتستجيب لكلامه يحفظ الله ابنها حتى
لو ألقت به في البحر استجابةً لأوامر الله.
7- ونعلِّم أبناءنا الإيجابية والوعي في سلوك أخت سيدنا موسى التي
أمرتها أمها أن تذهب لتتابع ماذا حدث لأخيها: {وَقَالَتْ لأُخْتِهِ
قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُون * وَحَرَّمْنَا
عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ
بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص: 11، 12].
ونعلمهم أيضًا من هذا الموقف الوعي السلوكي والذكاء في التصرف والحكمة وحسن
التدبير، وكذلك الحذر الذكي فلم يشعر بها أحد، ولم تقف لتتابع فقط بل قدمت
النصيحة الواعية {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ} وكأنها لا تعرفه.
8- نعلم أبناءنا رعاية الله تعالى لعباده الصالحين من خلال: توضيح رعاية
الله لسيدنا موسى في كل مراحل حياته؛ فقد نجاه الله من القتل حينما كان
فرعون يذبح كل الأطفال، وسخَّر الله له فرعون ليقوم على خدمته وتربيته،
وحينما قتل سيدنا موسى رجلاً من آل فرعون سخَّر الله تعالى لسيدنا موسى
رجلاً ينصحه بالخروج؛ وحينما خرج وفَّقه الله للذهاب إلى مدين ليقابل نبي
الله شعيب وليتزوج من ابنته، وهكذا رعاية الله مع عباده الصالحين دائمًا.
9- نعلم أبناءنا السعي لصد هجمة الباطل برفض الظلم ومقاومة الطغيان وعدم
الاستكانة للباطل: فأتباع سيدنا موسى لم يرضوا بسيطرة فرعون ولا بحكم
الضلال، بل خرجوا خلف رسولهم لإقامة دولة للإسلام يستطيعون عبادة الله
فيها.
10- نعلم أبناءنا “استشعار معية الله” في كل وقت، وخاصة عند الخطر، وأن
من كان الله معه كان معه كل شيء: وذلك من خلال توضيح المشهد الأخير في
الصراع، وأن سيدنا موسى حينما خرج طائعًا لله ومعه أتباعه وخرج فرعون بقوة
كبيرة ضخمة لا يستطيع أحد الوقوف في وجهها، لم ييئس بل استعان بالقوي
القادر، وحينما قال له بعض أتباعه: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61]،
ردَّ واثقًا من عون الله له: {كَلاَّ إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ}
[الشعراء: 62]؛ فكن -يا حبيبي الصغير- مع ربك دائمًا يهديك ويحفظك ويرعاك
ويصونك من كل شر.
11- نعلم أبناءنا أن الباطل مهما طغى وتجبر وظهر أنه قوي فإنه مهزوم،
ولا بد أن يعاقبه الله تعالى: وأن الله تعالى قد يؤخر النصر حتى يأخذ
المسلمون بأسباب القوة ويعودوا إلى الله {إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ
يَنصُرْكُمْ} [محمد: 7].
12- نعلم أبناءنا المشاركة والشورى بأخذ العظة والعبرة وبالتطبيق العملي
في الأسرة: ففرعون هذا الذي أهلكه الله تعالى كان طاغيًا لا يسمح لأحد
بمشاركته في الرأي، وكان يقول: {مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى} [غافر:
29]. وهذه فرصة أن نعلم أبناءنا الشورى، وأن نمارسها معهم عمليًّا في
المنزل، وفي إدارتنا لشئون الحياة، فلا يكون رب الأسرة طاغيًا؛ فالمسلم
يرفض الطغيان على كل المستويات بدءًا بأصغر وحدة إدارية وهي الأسرة،
وانتهاء بأكبر وحدة إدارية في العالم.
تعليق