وقفة مهمة مع الاختلاط الحديث
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النَّبي الأمين محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا إلى يوم الدين.
وبعد:
فهذه وقفة مهمَّة مع الاختلاط الحديث.
فالاختلاط كما قال ابن القيم:
"ولا ريب أنَّ تمكين النِّساء من اختلاطهنَّ بالرجال أصلُ كلِّ بليَّة وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سببٌ لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتَّصلة... فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدِّين، لكانوا أشد شيء منعًا لذلك"؛ اهـ.
لكن، جاء نوعٌ جديدٌ من الاختلاط، لم يكن إلَّا في زماننا هذا، ولم يكن في الأزمنة الماضيةِ له أيُّ وجود، وهذا النوع من الاختلاط جنى جنايةً كبيرةً على عقول كثيرٍ من النَّاس، فخلخل أديانهم، وأوقعهم في الشبهات، وحرَّك فيهم سيِّئ الشهوات، وأوجد فيهم الأفكار الرديئة، والمذاهب المنحلَّة، وجنى جنايات عظيمة جدًّا، وإن كانوا يتحدَّثون عن هذه الخلطة التي ربما لا تكون متوفرةً للإنسان باستدامة، فماذا يقال عن هذه الخلطة الموجودة الآن وما لها من الجنايةِ البالغة العظيمة؟
• وهذا الاختلاط الحديث هو: مجالسة القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية (الإنترنت).
فهذا خطرٌ عظيم، وأمر جلَل، وخطبٌ جسيم، لا يعلم مداه إلا اللهُ عز وجل.
فكم تغيَّرَت من عقول! وكم فسدت من أفهام! وكم خُرِّبت من عقائد! وكم خلخلت من أديان! وكم أُفسدت من أخلاق! وكم نُشرت وزُرعت من شرورٍ وعداواتٍ! وكم.. وكم.. وكم.. من أمور لا يعلم مدى شرها أحدٌ إلا الله عز وجل!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والمصيبة أنَّ هذا النوع من الاختلاط يختلف عمَّا سبق، ربما بعض الخلطة مما سبق يستطيع الإنسان أن يفعلها مُسارقةً وخُفيةً عن النَّاس.
فهو يجالس أهل الشَّر ويحرص على ألَّا يره أحد من الناس وهو في شدة الخوف.
لكن قضيَّة القنوات والإنترنت، أصبح بعض النَّاس يغلق على نفسه الباب في غرفته، ثم يخالط مَن هبَّ ودبَّ من السمج والهمج، والضُّلال والمفسدين، والمبتدعة وغير ذلك.
ويدخل صاحبنا المسكين في هذا الموقع ويتابع تلك القناة... إلى آخره.
وربما يجره فضوله إلى أخطاءٍ عظيمة، وقد دخل على النَّاس من هذا الباب مفاسدُ عظيمةٌ فيما يتعلق بالشبهات؛ فصاحبنا المسكين يَدخل في مواقع الضُّلال والمبتدعة ورؤوس الشَّر والشبهات!
وصاحبنا المسكين ليس عنده علم، ومع ذلك يقول: أريد أن أرى كذا!
صاحبنا المسكين يقول: أريد أن أطَّلع وأن أوسع ثقافتي وأعرف ما عند الناس... إلى آخر هذه الحجج الفارغة.
ثمَّ يُفاجأ صاحبنا المسكين مع مرِّ الأيام أن قلبه ملوث!
نعم، قلبه ملوَّث بشبهات تلج وهو الذي أذِن لها بالولوج، فتدخل تلك الشبهاتُ ولا تخرج.
وإليك بعض مواقف السلف:
• دخل رجلٌ من أهل البدع على ابن المبارك رحمه الله، فقال المبتدع: أريد أن أقرأ عليك آية من كتاب الله.
فقال ابن المبارك: أخرِجوه عنِّي.
فقال المبتدع: آية من كتاب الله.
فقال ابن المبارك: أخرجوه عنِّي.
فقيل له: يا أبا عبدالرحمن، إنما أراد أن يقرأ آية!
فقال ابن المبارك: خشيت أن يطرح عليَّ شبهةً، تُجلجل في صدري إلى أن أموت.
يعني: تظل في قلبه ما يستطيع أن يُخرِجَها.
الموقف الثاني: عندما مرَّ رجلٌ بطاوس ومعه ابنه إبراهيم، وكان الرجل من أهل البدع.
فلما رآه طاوس قال طاوس لابنه إبراهيم: أَدخِلْ إصبعيك في أُذنيك.
فلما اقترب قال طاوس لابنه إبراهيم: اشدد.
• انظر؛ هذا حرص السَّلف في موقف عابر، فما بالك بمن يدخل الآن بالساعات يجلس على القنوات ومواقع أهل الضلال، فيقرأ لهذا، ويسمع لهذا، ويطالع هذا وذاك، فتتراكم عليه شبهات لا حدَّ لها؟!
لذلك يقول الشيخ ابن عثيمين: يجب على الإنسان أن يقرأ فيما ينفعه فقط؛ فلا يقرأ في الكتب الفلسفية التي تضر بالعقل والحياة، ولا في كتب الأدب التي تضيِّع الوقت وتقتله، ولا يقرأ في الكتب الثوريَّة التي تضلله في المنهج.
فما بالك بمن يَقرأ كتب الملحدين والشيوعيين والكفار وأعداء الدين!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
♦♦♦♦♦♦
هذا كله كان عن فتنة الشبهات، أمَّا فتنة الشهوات، فهذه مصيبة أُخرى!
نعم، فالآن يدخل بعض الشباب والشابات المواقع التي ليس فيها إلَّا الفساد والفواحش والنساء المتعريات الخالعات لجلباب الحياء أهل الرَّقص والمجون في مواقع الفواحش والرذيلة.
فينظر الواحد من المساكين إلى هذه المناظر.
أذنه تسمع، وعينه ترى ما يُفعل.
والعين والأذن منفذ القلب.
ومع استمرار هذا الشر يتلوَّث القلب ويمرض بشبهات وشهواتٍ لا حدَّ لها.
♦♦♦♦♦♦
أسأل اللهَ أن يحفظ شباب المسلمين، وأن يجنِّبهم الفتَن، ما ظهر منها وما بطن، إنه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب الدعاء، وأهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النَّبي الأمين محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا مزيدًا إلى يوم الدين.
وبعد:
فهذه وقفة مهمَّة مع الاختلاط الحديث.
فالاختلاط كما قال ابن القيم:
"ولا ريب أنَّ تمكين النِّساء من اختلاطهنَّ بالرجال أصلُ كلِّ بليَّة وشر، وهو من أعظم أسباب نزول العقوبات العامة، كما أنه من أسباب فساد أمور العامة والخاصة، واختلاط الرجال بالنساء سببٌ لكثرة الفواحش والزنا، وهو من أسباب الموت العام والطواعين المتَّصلة... فمن أعظم أسباب الموت العام كثرة الزنا، بسبب تمكين النساء من اختلاطهن بالرجال، والمشي بينهم متبرجات متجملات، ولو علم أولياء الأمر ما في ذلك من فساد الدنيا والرعية قبل الدِّين، لكانوا أشد شيء منعًا لذلك"؛ اهـ.
لكن، جاء نوعٌ جديدٌ من الاختلاط، لم يكن إلَّا في زماننا هذا، ولم يكن في الأزمنة الماضيةِ له أيُّ وجود، وهذا النوع من الاختلاط جنى جنايةً كبيرةً على عقول كثيرٍ من النَّاس، فخلخل أديانهم، وأوقعهم في الشبهات، وحرَّك فيهم سيِّئ الشهوات، وأوجد فيهم الأفكار الرديئة، والمذاهب المنحلَّة، وجنى جنايات عظيمة جدًّا، وإن كانوا يتحدَّثون عن هذه الخلطة التي ربما لا تكون متوفرةً للإنسان باستدامة، فماذا يقال عن هذه الخلطة الموجودة الآن وما لها من الجنايةِ البالغة العظيمة؟
• وهذا الاختلاط الحديث هو: مجالسة القنوات الفضائية والشبكة العنكبوتية (الإنترنت).
فهذا خطرٌ عظيم، وأمر جلَل، وخطبٌ جسيم، لا يعلم مداه إلا اللهُ عز وجل.
فكم تغيَّرَت من عقول! وكم فسدت من أفهام! وكم خُرِّبت من عقائد! وكم خلخلت من أديان! وكم أُفسدت من أخلاق! وكم نُشرت وزُرعت من شرورٍ وعداواتٍ! وكم.. وكم.. وكم.. من أمور لا يعلم مدى شرها أحدٌ إلا الله عز وجل!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والمصيبة أنَّ هذا النوع من الاختلاط يختلف عمَّا سبق، ربما بعض الخلطة مما سبق يستطيع الإنسان أن يفعلها مُسارقةً وخُفيةً عن النَّاس.
فهو يجالس أهل الشَّر ويحرص على ألَّا يره أحد من الناس وهو في شدة الخوف.
لكن قضيَّة القنوات والإنترنت، أصبح بعض النَّاس يغلق على نفسه الباب في غرفته، ثم يخالط مَن هبَّ ودبَّ من السمج والهمج، والضُّلال والمفسدين، والمبتدعة وغير ذلك.
ويدخل صاحبنا المسكين في هذا الموقع ويتابع تلك القناة... إلى آخره.
وربما يجره فضوله إلى أخطاءٍ عظيمة، وقد دخل على النَّاس من هذا الباب مفاسدُ عظيمةٌ فيما يتعلق بالشبهات؛ فصاحبنا المسكين يَدخل في مواقع الضُّلال والمبتدعة ورؤوس الشَّر والشبهات!
وصاحبنا المسكين ليس عنده علم، ومع ذلك يقول: أريد أن أرى كذا!
صاحبنا المسكين يقول: أريد أن أطَّلع وأن أوسع ثقافتي وأعرف ما عند الناس... إلى آخر هذه الحجج الفارغة.
ثمَّ يُفاجأ صاحبنا المسكين مع مرِّ الأيام أن قلبه ملوث!
نعم، قلبه ملوَّث بشبهات تلج وهو الذي أذِن لها بالولوج، فتدخل تلك الشبهاتُ ولا تخرج.
وإليك بعض مواقف السلف:
• دخل رجلٌ من أهل البدع على ابن المبارك رحمه الله، فقال المبتدع: أريد أن أقرأ عليك آية من كتاب الله.
فقال ابن المبارك: أخرِجوه عنِّي.
فقال المبتدع: آية من كتاب الله.
فقال ابن المبارك: أخرجوه عنِّي.
فقيل له: يا أبا عبدالرحمن، إنما أراد أن يقرأ آية!
فقال ابن المبارك: خشيت أن يطرح عليَّ شبهةً، تُجلجل في صدري إلى أن أموت.
يعني: تظل في قلبه ما يستطيع أن يُخرِجَها.
الموقف الثاني: عندما مرَّ رجلٌ بطاوس ومعه ابنه إبراهيم، وكان الرجل من أهل البدع.
فلما رآه طاوس قال طاوس لابنه إبراهيم: أَدخِلْ إصبعيك في أُذنيك.
فلما اقترب قال طاوس لابنه إبراهيم: اشدد.
• انظر؛ هذا حرص السَّلف في موقف عابر، فما بالك بمن يدخل الآن بالساعات يجلس على القنوات ومواقع أهل الضلال، فيقرأ لهذا، ويسمع لهذا، ويطالع هذا وذاك، فتتراكم عليه شبهات لا حدَّ لها؟!
لذلك يقول الشيخ ابن عثيمين: يجب على الإنسان أن يقرأ فيما ينفعه فقط؛ فلا يقرأ في الكتب الفلسفية التي تضر بالعقل والحياة، ولا في كتب الأدب التي تضيِّع الوقت وتقتله، ولا يقرأ في الكتب الثوريَّة التي تضلله في المنهج.
فما بالك بمن يَقرأ كتب الملحدين والشيوعيين والكفار وأعداء الدين!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
♦♦♦♦♦♦
هذا كله كان عن فتنة الشبهات، أمَّا فتنة الشهوات، فهذه مصيبة أُخرى!
نعم، فالآن يدخل بعض الشباب والشابات المواقع التي ليس فيها إلَّا الفساد والفواحش والنساء المتعريات الخالعات لجلباب الحياء أهل الرَّقص والمجون في مواقع الفواحش والرذيلة.
فينظر الواحد من المساكين إلى هذه المناظر.
أذنه تسمع، وعينه ترى ما يُفعل.
والعين والأذن منفذ القلب.
ومع استمرار هذا الشر يتلوَّث القلب ويمرض بشبهات وشهواتٍ لا حدَّ لها.
يا داخل النتِّ خذ خمسًا من الدُّرر تحميك تنجيك من دوَّامة الخطرِ راقبْ إلهَك لا تَهتكْ محارمَه واحفظ قُليمك واحفظ نِعمةَ البصرِ واحذر صداقةَ مَن تشقى بصفحته لا تفعلنَّ وهذي رابعُ الدُّرَرِ أمَّا الحوادث والأخبار فاحذرها لا تنشرنَّ سوى ما صحَّ من خبرِ خمسٌ من الدرِّ قد جاءت على عجَل فاعمل بذلك تَجني طيِّب الثَّمرِ |
أسأل اللهَ أن يحفظ شباب المسلمين، وأن يجنِّبهم الفتَن، ما ظهر منها وما بطن، إنه تبارك وتعالى سميع قريب مجيب الدعاء، وأهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل.