ملخص السؤال:
بدايةً أختي الكريمة، يجب أن تعلمي أن الحياة لا تخلو مِن المشاكل ومن الهموم، ولقد مرَّ بك شيء منها، وكما يبدو لي أنك تحملتِ الكثير مِن أجل أن تُوفِّقي بين رضاء والديك ومتطلبات إخوتك، وتأكَّدي أن ما تُقدِّمينه مِن جهد ليس سهلًا، بل هو عملٌ تُشكرين عليه، وإن دلَّ على شيءٍ فإنما يَدُلُّ على طيبتك وحُسن تصرفك، ولن يضيعَ هذا الجهد أبدًا عند الله، فلك أجره وجزاؤه. أخيتي، لعلك تهونين على نفسك قدرَ الإمكان، فالتفكيرُ في الانتحار ليس حلًّا، ولن تستفيدي منه شيئًا، وتذكَّري أن الله أمرَنا سبحانه وتعالى أن نحافظَ على أنفسنا ولا نقتلها؛ فقال في كتابه الكريم: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النساء: 29]، فهذا أمرٌ إلهيٌّ يجب ألا نُخالفه، ولذلك فقد أَتْبَعَ الله تعالى أمره هذا بخبرٍ سار لكل مؤمنٍ، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، إنه نداءٌ مُفعَم بالرحمة والتفاؤل والأمل. بعد ذلك نبَّهَنا سبحانه وتعالى إلى خطورة هذا العمل وعواقبه، وأنه عملٌ مُؤلم، وينتهي بعواقبَ مأساويةٍ، بقوله تعالى في الآية التالية مباشرة: ﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء: 30]، وتأملي معي أختي الكريمة هذا العقاب الإلهي: ﴿ فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ﴾، فإنها نتيجةٌ حتميةٌ وراعبة لكلِّ مَن يُحاول أن يقتلَ نفسه. أنا لا أتفق معك في حُكمك على نفسك بالنار، فبابُ التوبةِ مفتوحٌ إلى أن تطلعَ الشمس مِن مغربها، واللهُ سبحانه وتعالى غفورٌ رحيمٌ، وأرحمُ بنا مِن أهلنا ووالدينا وأنفسنا، فما زالت الفرصةُ أمامك أن تُحسني علاقتك بربك، وأن تحافظي على واجباتك الدينية. أكثري مِن الدعاء والاستغفار وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها تشرح الصدر، وتجلي الهم والحزن، ولا تُردِّدي قول: أنا ضعيفةٌ؛ لأنك عكس ذلك، والله سبحانه وتعالى يُحب المؤمنَ القويَّ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمنُ القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرصْ على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا، ولكن قلْ: قدر الله وما شاء فعل، فإنَّ (لو) تفتح عمل الشيطان))؛ رواه مسلم. أنصحك أيضًا أختي الكريمة بالذهاب لزيارة الطبيب النفسي، والتحدُّث معه فيما تُفكِّرين به، ليكتبَ لك العلاجَ المناسب الذي يُساعدك على التخلُّص من تلك الأفكار السيئة. كما عليك شغل أوقات الفراغ لديك؛ بحيث يكون هناك جدولٌ يومي يشغلك تمامًا، ولا تجد هذه الأفكارُ مُتَّسَعًا في عقلك. إذا شغلتِ نفسك بأهدافٍ كبيرةٍ ومحددةٍ، وخططٍ واضحةٍ، كانتْ قدرتك على الإنجاز أكبر، وتذكَّري أنك بعد ذلك ستتحولين مِن إنسانةٍ بلا مشاعر إلى إنسانةٍ مُبدعةٍ ومنجزة، ثم إلى إنسانة جادة، ولها أفكار راقية تخدم أسرتها ومجتمعها بشكل رائعٍ. أرى أن تُكملي ما بدأتِ فيه مِن خدمة والديك، واستمري على ذلك، وبإذن الله سأرى إبداعاتك وتميزك ونشاطاتك في الحياة.
فتاة تعاني من وضع أسرتها، فوالدُها يُقامِر والديونُ تُحاصره، وإخوتها كثيرو العصبية، وهي لا تجد مَن يهتم بها
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أنا فتاة مسلمةٌ، أحب الله سبحانه وتعالى، وهذا ما يُبقيني على قيد الحياة! أُحب أهلي وأكرههم في آنٍ واحد؛ فهم سببُ تعاستي؛ فوالدي رجلٌ لا يعمل، ولا يهتم بنا، وأنا مَن يَحمِل الهمَّ، وزاد على ذلك مقامرته، وتفاقم الديون علينا. أحاول كثيرًا ترضية والديّ، لكنهما على خلافٍ دائمٍ، وإخوتي أحاول أن أرضيهم وأهتم بهم، لكن لا أجد إلا العصبية والإهمال منهم. مشكلتي أنني أرى عقلي يغيب عن الوعي، وأحياناً أريد أن أتخلص من حياتي؟ أخاف مِن ضعفي فأنا من داخلي أحمل فكرة أنني سأكون من أهل النار إذا انتحرتُ.فأخبروني كيف أُبعِد هذه الأفكار عن رأسي؟
الجواببدايةً أختي الكريمة، يجب أن تعلمي أن الحياة لا تخلو مِن المشاكل ومن الهموم، ولقد مرَّ بك شيء منها، وكما يبدو لي أنك تحملتِ الكثير مِن أجل أن تُوفِّقي بين رضاء والديك ومتطلبات إخوتك، وتأكَّدي أن ما تُقدِّمينه مِن جهد ليس سهلًا، بل هو عملٌ تُشكرين عليه، وإن دلَّ على شيءٍ فإنما يَدُلُّ على طيبتك وحُسن تصرفك، ولن يضيعَ هذا الجهد أبدًا عند الله، فلك أجره وجزاؤه. أخيتي، لعلك تهونين على نفسك قدرَ الإمكان، فالتفكيرُ في الانتحار ليس حلًّا، ولن تستفيدي منه شيئًا، وتذكَّري أن الله أمرَنا سبحانه وتعالى أن نحافظَ على أنفسنا ولا نقتلها؛ فقال في كتابه الكريم: ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النساء: 29]، فهذا أمرٌ إلهيٌّ يجب ألا نُخالفه، ولذلك فقد أَتْبَعَ الله تعالى أمره هذا بخبرٍ سار لكل مؤمنٍ، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴾ [النساء: 29]، إنه نداءٌ مُفعَم بالرحمة والتفاؤل والأمل. بعد ذلك نبَّهَنا سبحانه وتعالى إلى خطورة هذا العمل وعواقبه، وأنه عملٌ مُؤلم، وينتهي بعواقبَ مأساويةٍ، بقوله تعالى في الآية التالية مباشرة: ﴿ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [النساء: 30]، وتأملي معي أختي الكريمة هذا العقاب الإلهي: ﴿ فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا ﴾، فإنها نتيجةٌ حتميةٌ وراعبة لكلِّ مَن يُحاول أن يقتلَ نفسه. أنا لا أتفق معك في حُكمك على نفسك بالنار، فبابُ التوبةِ مفتوحٌ إلى أن تطلعَ الشمس مِن مغربها، واللهُ سبحانه وتعالى غفورٌ رحيمٌ، وأرحمُ بنا مِن أهلنا ووالدينا وأنفسنا، فما زالت الفرصةُ أمامك أن تُحسني علاقتك بربك، وأن تحافظي على واجباتك الدينية. أكثري مِن الدعاء والاستغفار وقول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها تشرح الصدر، وتجلي الهم والحزن، ولا تُردِّدي قول: أنا ضعيفةٌ؛ لأنك عكس ذلك، والله سبحانه وتعالى يُحب المؤمنَ القويَّ؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المؤمنُ القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير، احرصْ على ما ينفعك، واستعِنْ بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أني فعلت كذا وكذا لكان كذا، ولكن قلْ: قدر الله وما شاء فعل، فإنَّ (لو) تفتح عمل الشيطان))؛ رواه مسلم. أنصحك أيضًا أختي الكريمة بالذهاب لزيارة الطبيب النفسي، والتحدُّث معه فيما تُفكِّرين به، ليكتبَ لك العلاجَ المناسب الذي يُساعدك على التخلُّص من تلك الأفكار السيئة. كما عليك شغل أوقات الفراغ لديك؛ بحيث يكون هناك جدولٌ يومي يشغلك تمامًا، ولا تجد هذه الأفكارُ مُتَّسَعًا في عقلك. إذا شغلتِ نفسك بأهدافٍ كبيرةٍ ومحددةٍ، وخططٍ واضحةٍ، كانتْ قدرتك على الإنجاز أكبر، وتذكَّري أنك بعد ذلك ستتحولين مِن إنسانةٍ بلا مشاعر إلى إنسانةٍ مُبدعةٍ ومنجزة، ثم إلى إنسانة جادة، ولها أفكار راقية تخدم أسرتها ومجتمعها بشكل رائعٍ. أرى أن تُكملي ما بدأتِ فيه مِن خدمة والديك، واستمري على ذلك، وبإذن الله سأرى إبداعاتك وتميزك ونشاطاتك في الحياة.
ختامًا، كلُّ ما نُريده سنُحقِّقه إذا رغبنا في ذلك وبذلنا الكثير والكثير مِن الجهد
تمنياتي لك بحياة سعيدةٍ، ومستقبل زاهرٍ