الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدِّين.. أمَّا بعد: فإنَّ الوقوف بين يدي الله -عزَّ وجلَّ- في الصَّلاة من أهمِّ ما يقوم به العبد في هذه الحياة، ولا بد أن يهتم به اهتمامًا خاصًّا، كيف لا يكون ذلك؟ وإذا أراد أحدنا أن يقابل شخصيَّةً مهمَّةً كملكٍ أو رئيسٍ أو مسئولٍ كبيرٍ فإنَّه يعدُّ لذلك العدَّة، ويسأل عن أخطاء الآخرين في المقابلات السَّابقة حتَّى لا يقع فيها، بل قد يأخذ بعض التَّوجيهات المهمَّة في ذلك قبل الدُّخول.. ولنقف وقفات عبرة مع موضوع القيام بين يدي ملك السَّماوات والأرض؛ لننظر هل وقوفنا عنده هو وقوف العارفين به كما يليق، أم أن فيه أخطاء وعليه ملاحظات؟ فكان هذا الموضوع مهمًّا لكي تصل الصَّلاة إلى المستوى الَّذي يريده الله -عزَّ وجلَّ- منَّا، والأخطاء كثيرةٌ لعلنا نحيط بشيءٍ منها مما قد عمَّ واشتهر، وسنخص المأمومين دون غيرهم؛ إذ أنَّ أفعالهم تظهر لكلِّ مشاهد، فكان أحرى أن ينبه عليها. فمن أخطاء المأمومين: 1- إحداث صفٍّ جديدٍ قبل إكمال الصَّفِّ المقدم: والصَّواب هو: إتمام الصُّفوف الأوَّل فالأوَّل فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إنَّ الله وملائكته يصلُّون على الَّذين يصلون الصُّفوف، ومن سدَّ فرجةً رفعه الله بها درجةً» [رواه ابن ماجه 821 وصحَّحه الألباني]، وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «أقيموا الصُّفوف وحاذوا بين المناكب وسدُّوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشَّيطان، ومن وصل صفًّا وصله الله، ومن قطع صفًّا قطعه الله» [رواه أبو داود 666 وصحَّحه الألباني]. 2- زهد المصلين في الوقوف في الصَّفِّ الأوَّل مع عظم الأجر في ذلك فعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «لو يعلم النَّاس ما في النِّداء والصَّفِّ الأوَّل ثمَّ لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التَّهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصُّبح لأتوهما ولو حبوًا» [متفقٌ عليه]، وكذا زهدهم في الوقوف في ميامن الصُّفوف. 3- اعوجاج الصفوف وعدم تسويتها، وفيه وعيدٌ بالمخالفة بين القلوب فعن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يمسح مناكبنا في الصَّلاة ويقول: «استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم» [رواه مسلم 432]. 4- الصَّلاة منفردًا خلف الصَّفِّ بلا عذرٍ فعن وابصة أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «رأى رجلًا يصلِّي خلف الصَّفِّ وحده فأمره أن يعيد الصَّلاة» [رواه أبو داود 682 وصحَّحه الألباني]، وذلك يبطل الصَّلاة عند بعض أهل العلم كالإمام النَّخعي، والحسن بن صالح، وأحمد، وإسحاق، وحماد، وابن أبي ليلى، ووكيع (نيل الأوطار (3/226)). 5- وقوف غير أولى الأحلام والنُّهى خلف الإمام، والصَّواب: أن يكون أهل العلم والفضل خلف الإمام يذكرونه إذا سها، ويفتحون عليه إذا أخطأ، فعن أبي مسعود الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- يمسح مناكبنا في الصَّلاة ويقول: «استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلني منكم أولو الأحلام والنّهى ثمَّ الَّذين يلونهم ثمَّ الَّذين يلونهم» [رواه مسلم 432]، قال أبو مسعود -رضي الله عنه-: "فأنتم اليوم أشدُّ اختلافًا" [رواه مسلم 432]. 6- الصَّلاة بين السّواري، وفي الصُّفوف المقطعة بلا حاجةٍ؛ فإنَّه مكروه فعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: «كنَّا ننهى أن نصف بين السّواري على عهد رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- ونطرد عنها طردًا» [رواه ابن ماجه 828 وقال الألباني: حسن صحيح]. 7- مسابقة الإمام ومساواته بأفعال الصّلاة: فعن أنس -رضي الله عنه- قال: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ، فلمَّا قضى الصَّلاة أقبل علينا بوجهه فقال: «أيُّها النَّاس إنِّي إمامكم فلا تسبقوني بالرُّكوع ولا بالسُّجود ولا بالقيام ولا بالانصراف، فإنِّي أراكم أمامي ومن خلفي» [رواه مسلم 426]، بل عقوبة الَّذي يسبق إمامه عظيمةٌ وهي أنَّه يبعث على صورة حمارٍ، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النَّبيِّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: «أما يخشى أحدكم أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام، أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل صورته صورة حمار» [متفقٌ عليه واللفظ للبخاري 691]، ومسألة عدم مسابقة الإمام قد نقلها لنا الصَّحابة عمليًّا فهم أهل الأدب، وهم أهل العلم، هم طلاب محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلَّم- فعن البراء -رضي الله عنه- قال: «كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- إذا قال: سمع الله لمن حمده، لم يحن أحد منَّا ظهره حتَّى يقع النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- ساجدًا، ثمَّ نقع سجودًا بعده» [متفقٌ عليه]، ولقد أدَّبهم النَّبيُّ -صلَّى الله عليه وسلَّم- فأحسن تأديبهم، اسمع إليه وهو يوجههم فيما جاء عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-: «إني قد بدنت فإذا ركعت فاركعوا، وإذا رفعت فارفعوا، وإذا سجدت فاسجدوا، ولا ألفين رجلًا يسبقني إلى الرُّكوع ولا إلى السُّجود» [رواه ابن ماجه 796 وصحَّحه الألباني]. وما ذكرنا هو من الأخطاء البارزة، وقد يوجد غيرها؛ لكن هذا من باب التَّنبيه للنَّبيه، والتَّذكير لمن كان له قلبٌ أو ألقى السَّمع وهو شهيدٌ، نسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، والحمد لله ربِّ العالمين. مستفادٌ من (تنبيه السَّاجد إلى أخطاء رواد المساجد)، (والقول المبين من أقوال المصلِّين)، وغير ذلك -بتصرفٍ يسيرٍ- |
||
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
من أخطاء المأمومين
تقليص
X
-
من أخطاء المأمومين
سياتى يوما لن اكون بينكم بل اكون فى التراب بالله عليكم لاتنسوا العبد الفقير من الدعاءالكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
تعليق