السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من فضائل يوم عرفة
الدكتور/ إسماعيل عبد الرحمن
من فضائل يوم عرفة
الدكتور/ إسماعيل عبد الرحمن
بسم الله الرحمن الرحيم
السعيد في الإسلام من اغتنم عمره في الطاعات وحرص على أيام النفحات والبركات ومن هذه الأيام العشر الأول من ذي الحجة ومنها يوم عرفة وفيما يلي نوجز فضائل هذا اليوم المبارك ثم نبين كيف يغتنم المسلمون بركات هذا اليوم .
أولا – من فضائل يوم عرفة .
1- إكمال الدين وإتمام النعمة على المسلمين .
قال تعالى :{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة : 3]
هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يوم عرفة ففي حديث عمر رضي الله عنه
أن رجلا من اليهود قال له يا أمير المؤمنين آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا فقال : أي آية ؟ قال : " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا "
فقال عمر : إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه والمكان الذي نزلت فيه نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بعرفة يوم الجمعة . ( متفق عليه )
وروي أنها لما نزلت في يوم الحج الأكبر وقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى عمر رضي الله عنه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يبكيك ؟ فقال : أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذ كمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : صدقت .
قال الجمهور والمراد معظم الفرائض والتحليل والتحريم " وأتممت عليكم نعمتي " أي بإكمال الشرائع والأحكام وإظهار دين الإسلام كما وعدتكم .
ونشير هنا إلى الفرق بين التمام والكمال : أن الكمال لا يقتض الزيادة والتمام يقتض الزيادة فنعمه سبحانه وتعالى في زيادة لا نهاية لها .
2- يوم الغفران للحجيج والعتق من النار .
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنوا ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ " أخرجه مسلم .
وفي المسند عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول : انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا " .
وعن أنس رضي الله عنه قال :" وقف النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب
فقال يا بلال أنصت لي الناس فقام بلال فقال أنصتوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنصت الناس فقال :
معشر الناس أتاني جبرائيل عليه السلام آنفا فأقرأني من ربي السلام وقال إن الله عز وجل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله هذا لنا خاصة قال هذا لكم ولمن أتى من بعدكم إلى يوم القيامة فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثر خير الله وطاب ". أخرجه المنذري .
3- أشد يوم على الشيطان .
أخرج مالك رضي الله في الموطأ من مراسيل طلحة بن عبيد الله من كريز أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما رئي الشيطان يوما هو فيه أصغر ، ولا أحقر ، ولا أدحر ، ولا أغيظ منه في يوم عرفة ، وما ذلك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام ، إلا ما رأى يوم بدر . قيل : وما رأى يوم بدر يا رسول الله ؟ فقال : أما أنه رأى جبريل يزع الملائكة هكذا ".
4- خطبة الوداع .
وهي التي خطبها في الحجيج وأصَََل فيها قواعد إسلامية في شتى تعاملات الانسان مع ربه عز وجل ومع نفسه مع غيره من التزمها وتمسك بها نال رضا الله عز وجل وحقق الأمن في نفسه والأمان في أسرته ومجتمعه .
ونذكر منها ما يلي :
القاعدة الأولى : قوله صلى الله عليه وسلم : "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا .." .
وفيها تأصيل لحرمة التعدي على الآخرين في ثلاث صور الأولى : التعدي على الدماء بالقتل وكذا الضرب والثانية : التعدي على الأموال بالسرقة أو السلب أو الرشوة أو غيرها والثالثة : التعدي على العرض بالزنا ومقدماته والغيبة .
والدماء اليوم بين المسلمين أصبحت رخيصة فنرى ونسمع من يقتل آخر لأتفه الأسباب .
القاعدة الثانية : قوله صلى الله عليه وسلم : " استوصوا بالنساء خيرا ، فإنهن عندكم عوان ، لا يملكن لأنفسهن شيئا . وإنكم إنما أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله .."
وهذه القاعدة تأكيد لتقدير الإسلام للمرأة والحرص على الوصاية بها خيرا .
القاعدة الثالثة : قوله صلى الله عليه وسلم : " إن ربكم واحد ، و إن أباكم واحد ، ألا لافضل لعربي على عجمي ، و لا عجمي على عربي ، و لا لأحمر على أسود ، و لا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، ألا هل بلغت ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : فيبلغ الشاهد الغائب " .
وفيها دعوة إلى التواضع وعدم تفضيل البعض لسبب من أسباب ذلك لأن المعيار الحقيقي للتفاضل هو التقوى .
ثانيا – كيف يغتنم المسلمون يوم عرفة .
يتحقق اغتنام يوم عرفة بالأخذ بالوسائل التي دعانا إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أهمها ما يلي :
1- حفظ الجوارح عن المحرمات .
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان فلان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة قال : فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن قال : وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه بيده من خلفه مرارا قال : وجعل الفتى يلاحظ إليهن قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ابن أخي إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له " . أخرجه أحمد
2- الصيام .
عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة ؟ فقال " يكفر السنة الماضية والباقية ".أخرجه مسلم
3- الإكثار من شهادة التوحيد بإخلاص وصدق وكذا التهليل والتكبير .
فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد " .أخرجه أحمد .
4- كثرة الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل .
ففي الحديث الذي رواه جد عمرو بن شعيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير " . أخرجه الترمذي
5- التعريف في المساجد تشبيها بأهل عرفة .
روى الشعبي عن قتادة عن الحسن رضي الله عنهم قال : أول من صنع ذلك ابن عباس رضي الله عنهما بالبصرة ، يعني اجتماع الناس يوم عرفة في المسجد بالبصرة .
وقال موسى ابن أبي عائشة رضي الله عنه رأيت عمر بن حريث رضي الله عنه يخطب يوم عرفة وقد اجتمع الناس إليه .
وقال الأثرم : سألت أحمد بن حنبل رضي الله عنه عن التعريف في الأمصار يجتمعون يوم عرفة فقال : أرجو ألا يكون به بأس قد فعله غير واحد : الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع رضي الله عنهم كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة .
تعليق