بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله محمد بن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن والاه ,
أما بعد
قال الراوي:
كنت أعرفه جاراً لنا، رجل مزهو بما آتاه الله من صحة وعافية، وحيوية ونشاط، وكنت غالباً ما أراه في سيارته ذاهباً أو آيباً مع أصدقائه الذين ينبئك مظهرهم وتصرفاتهم أنهم ليسوا على مستوى من الاستقامة والالتزام، فكنت لا أغفل بين فترة وأخرى عن نصحه وإرشاده في كثير من الأمور وخاصة في موضوع الصلاة ودعوته للمحافظة على أدائها جماعة في المسجد، ولكن كان لاحترامه لي يقابل هذا التذكير بصمت مطبق، أو بابتسامة صفراء!! فأتركه متحسراً على استجابته الضعيفة، وانصرافه البعيد...
وفي ذات يوم قال لي أحد الجيران.. إن جارنا (فلان) أُدخل المستشفى على أثر حادث شنيع وقع له، وأنه أدخل غرفة الإنعاش لسوء حالته.. وبعد أيام من زوال حالة الخطر سارعت إلى زيارته، فهالني منظره وقد أصيب بشلل كلي لا يستطيع معه الحركة أو المشي!! حتى قضاء حاجته الضرورية أصبح لا يملك إخراجها بنفسه، وإنما بمساعدة غيره، مع التحاليل الطبية والألم العسير الذي لا يعلم مداه إلا الله.
سلمت عليه وسألته عن صحته، وما أن رآني حتى أورقت عيناه الدموع حزناً على ما وصلت إليه حاله من مرض وشلل، متذكراً كيف كان يعيش في نعمة وعافية، وضحك وسرور، ومتذكراً نصائحي وتخويفي له بما تجري به أيام الله من أحداث ومصائب مفاجئة... وبعد أن واسيته وأوصيته بالصبر والرضا، سألته ماذا تتمنى الآن؟ قال وهو يرمقني بنظرات الحزن والأسى: أنا لا أتمنى في حياتي إلا أمنية واحد فقط، أتمنى لو أستطيع المشي على قدمي هاتين لأحضر صلاة الجماعة في المسجد!!.. خرجت بعدها من المستشفى وأنا أكثر منه حزناً وألماً على مثل هذه النهايات المؤسفة، وأقول في نفسي: أين كبرياء هذا الإنسان بالأمس؟ أين غروره؟ أين إعراضه عن طاعة الله وعن أداء الصلاة وهو في كامل صحته؟ ذهبت كلها في لمح البصر!!
ولكن ما يدريني أن يكون هذا الحدث كان خيراً له، فقد كان سبباً في توبته من ذنوبه، وعودته إلى ربه عودة صادقة، وهذه نعمة كبرى ساقها الله إليه في ثوب محنة... سائلاً الله سبحانه له الثبات والاستقامة على دينه حتى الممات.
وفي ذات يوم قال لي أحد الجيران.. إن جارنا (فلان) أُدخل المستشفى على أثر حادث شنيع وقع له، وأنه أدخل غرفة الإنعاش لسوء حالته.. وبعد أيام من زوال حالة الخطر سارعت إلى زيارته، فهالني منظره وقد أصيب بشلل كلي لا يستطيع معه الحركة أو المشي!! حتى قضاء حاجته الضرورية أصبح لا يملك إخراجها بنفسه، وإنما بمساعدة غيره، مع التحاليل الطبية والألم العسير الذي لا يعلم مداه إلا الله.
سلمت عليه وسألته عن صحته، وما أن رآني حتى أورقت عيناه الدموع حزناً على ما وصلت إليه حاله من مرض وشلل، متذكراً كيف كان يعيش في نعمة وعافية، وضحك وسرور، ومتذكراً نصائحي وتخويفي له بما تجري به أيام الله من أحداث ومصائب مفاجئة... وبعد أن واسيته وأوصيته بالصبر والرضا، سألته ماذا تتمنى الآن؟ قال وهو يرمقني بنظرات الحزن والأسى: أنا لا أتمنى في حياتي إلا أمنية واحد فقط، أتمنى لو أستطيع المشي على قدمي هاتين لأحضر صلاة الجماعة في المسجد!!.. خرجت بعدها من المستشفى وأنا أكثر منه حزناً وألماً على مثل هذه النهايات المؤسفة، وأقول في نفسي: أين كبرياء هذا الإنسان بالأمس؟ أين غروره؟ أين إعراضه عن طاعة الله وعن أداء الصلاة وهو في كامل صحته؟ ذهبت كلها في لمح البصر!!
ولكن ما يدريني أن يكون هذا الحدث كان خيراً له، فقد كان سبباً في توبته من ذنوبه، وعودته إلى ربه عودة صادقة، وهذه نعمة كبرى ساقها الله إليه في ثوب محنة... سائلاً الله سبحانه له الثبات والاستقامة على دينه حتى الممات.
أخي الكريم:
هذه رسالة أخوية صادقة، أبعثها إليك مصدَّرة بهذه القصة الواقعية التي أحزنتني كثيراً لما سمعتها... أبعثها إليك لتعبر لك عما في قلبي لك من الاحترام والتقدير، والمحبة والمودة، والتي لولاها ما تكلفت عناء كتابتها وبعثها إليك.. فهل تجد رسالتي من قلبك صفحة مفتوحة، وأذناً صاغية؛ لتقرأها بتجرد وتفكر، وتأمل وتمعن، أرجو ذلك.
ولعلك تتساءل في نفسك عن مناسبة بعث هذه الرسالة، ومن أنا حتى أرسلها إليك؟ فأقول لك: إن المؤمن مرآة أخيه سواء عرفه شخصياً أم لا، وإن من الأخوة الصادقة أن يظهر الأخ لأخيه ما يرى فيه من حسنات، وأن يبين له كذلك بعض ما لديه من نواقص لا يخلو منها بشر إطلاقاً، إذ كل بني آدم خطاء ولكن خير الخطائين التوابون كما قال ذلك نبينا محمد .
أما ما لاحظته عليك من بعض النقص - مع ما تتصف به من كريم الخصال وعالي الأخلاق، والذي ليس المجال هنا للحديث عنها - فهو: ضعف أداء الصلاة جماعة في المسجد... وهو تقصير وخطأ ليس بالأمر الصغير أو السهل... لأجل ذلك، وبعيداً عن عدونا الشيطان الذي يثير حساسيتنا وغضبنا نحو أي موضوع أو شخص يوجهنا إلى ما فيه خيرنا ونفعنا في الدنيا والآخرة، وبعيداً عن الاعتقادات الخاطئة التي تصور أن نصيحة الأخ تعد تدخلاً في خصوصيات شخصية لا يحق لأحد مناقشتها والتطفل عليها - سارعت على تقصير مني وتفريط في بعث هذه الكلمات التي لن يسمع صوتها إلا أنا وأنت، راجياً أن تتقبلها من أخ يحب لك الخير كما يحبه لنفسه إن لم يكن أكثر.
أخي الكريم:
إن المرء ليتساءل عن نفسه ويتفطر قلبه حسرة وألماً وهو يرى فئة من إخوانه المسلمين معرضين كلياً أو جزئياً عن أداء الصلوات جماعة...
نتساءل ما السبب في ذلك؛ هل هو:
طول الأمل:
الذي يجعل بعض الناس يشعر - بوحي من الشيطان ومكره - بأنه لن يموت قبل أن يعيش في هذه الحياة سبعين أو ثمانين سنة على الأقل!! ليتمتع فيها بأطول وقت مع اللذات الفانية والشهوات الخادعة، وكأنه ضامن بأنه سيتاح له في آخر عمره الفرصة المؤكدة لتدارك تفريطه وإهمال!! ناسياً أو متناسياً أن الموت يمكن أن يفاجئه في أية لحظة من اللحظات وهو في غفلة وعصيان، فيندم حينئذ على تقصيره كأقل تقدير عندما لا تنفع ساعة الندم ولا لحظات الحسرة!!
أم هو الجهل بوجوبها:
وأنها عمود الإسلام وأن من ضيعها فهو لما سواها أضيع، وأن أداءها يجب أن يكون مع الجماعة في المسجد إلا بعذر شرعي من مرض أو سفر.
أم بسبب الذنوب والمعاصي:
والتي من كثرتها حاصرت القلب، وثبطته عن أداء الواجبات وفعل الطاعات، حتى أصبح لا يشعر بلذة الحسنة إن فعلها، ولا بألم المعصية إن ارتكبها ولو كانت تضييعاً لرأس ماله وهي الصلاة!!
أم بسبب سيطرة الشيطان على حياتنا:
بحيث صار بعضنا عنده كالكرة يلعب به كيف يشاء، إذ يأمره بالأمر ولو كان محرماً فيفعله، وينهاه عن الشيء ولو كان واجباً فيتركه، لا يملك من نفسه قدرة ليقول له: لا وألف لا، فما أنت إلا عدو مبين تستدرجني لأن أكون من أهلك وحزبك في جهنم!!
أم بسبب السهر وعدم تنظيم الوقت:
الأمر الذي جعل برنامج البعض ينقلب رأساً على عقب، فأصبح الليل عنده هو النهار، والنهار عنده هو الليل، جاعلاً الصلاة التي يجب أن تكون في أول سلم اهتماماته في آخرها، مقدماً عليها برامج اللهو واللعب، ومناسبات الطعام والشراب!!
أم بسبب الكبر:
وما تشعر به النفس من عدم حاجتها إلى ربها وخالقها، وأنها غنية عن عونه ومساعدته بما آتاه الله من نعم شتى: كالصحة والشباب، والسمع والبصر، والعقل والمال، وغيرها كثير، متجاهلة أن مصدر هذه النعم هو الله سبحانه وتعالى، وأنه يستطيع أخذها في لمح البصر كما أخذ بعضها من صاحب القصة وغيره كثير ممن هم يرقدون الآن على أسرة المستشفيات والمصحات منذ عشر سنوات وخمس عشرة سنة وأكثر، ليعرف الإنسان حينها مقدار ضعفه وهوانه وذله، وأنه لا قوة له ولا حول ولا طول إلا برحمة من الله وعون وقوة.
أم أن هناك أسباباً أخرى لا نعلمها؟!!
أخي الفاضل:
ترى ماذا يكون استعدادك لو دعاك صديق عزيز عليك إلى مناسبة من المناسبات، أو إلى حفلة في أحد الفنادق؟! أتراك تعتذر عن قبول هذه الدعوة بسبب النوم أو العمل أو الإنشغالات الأخرى أم أنك ستستعد لها بوقت مبكر، وتهيئ جميع ظروفك، وتتخلص من كل شغل لأجل ألا يفوتك حضور هذه الدعوة؟!
وماذا يا ترى لو سمعت أن أحد التجار سيعطي كل شخص يحضر إليه في كل يوم الساعة الرابعة صباحاً وفي لذة النوم وشدة البرد مبلغاً وقدره (عشرة آلاف) جنيه ، أو أقل أو أكثر!! هل تتصور أن أحداً من الناس - وأنت واحدٌ منهم - سيفرط في اغتنام هذه الفرصة الذهبية ليجمع أكبر قدر من المال بحضوره اليومي، بل وإحضاره جميع أفراد أسرته؟! فإذا كان الأمر كذلك، فهل يصح أن تلبي دعوة البشر على دعوة الله الذي هو خالقك ورازقك والذي بيده نفعك وضرك، وتسارع بالذهاب إلى ذلك التاجر مهما ساءت الظروف للحصول على حفن قليلة من المال؟ غير مُبال بما أعده الله من عظيم الحسنات وكثرة الدرجات عندما تلبي نداء الله لأداء الصلاة في المسجد وخاصة الفجر.
تتبع الرساله باذن الله
تعليق