لقد خلق الله عز وجل الدنيا وجعل فيها من الأبتلاءات والمآسى والفتن وله فى ذلك حكمه ذكرها عز وجل شأنه
{ الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور } (الملك : 2)
وجودنا فى هذه الحياه يعنى عمل وعباده وتكليف من الله جل وعلا ... ومع ذلك نجد كثير من المسلمين فى غفله من هذا التكليف ....فترى الكثير من المسلمين أذا ما أبتلى بمصيبه أو أبتلاء نجده ساخطاً ولاعناً للدنيا وذلك عائد على عدم الأيمان وبخاصه عدم الأيمان بقدر الله عز وجل
والأيمان بالقدر أصل من أصول الأيمان
من منا ليس له نصيب من المصائب والأبتلاءات ؟؟؟
كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه " لكل فرحةٍ ترحة، وما مُلئ بيت فرحاً إلا وملئ ترحاً "
نحن راحلين لا محاله أما بالفقر و أما بالموت
كما قال تعالى: { ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خوّالناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعائكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء، لقد تقطّع بينكم وضلّ عنكم ما كنتم تزعمون } ( الأنعام : 94 )
يجب أن يعلم المؤمن أن الدنيا حصاد الأخره وأنها دار بوار وليست دار قرار .. عندما تصل درجة الأيمان إلى تلك الحقيقة، وعندما يعلم أنه واقف أمام الله لا محاله - في يوم مقداره خمسون ألف سنة -فى يوم تشخص فيه الأبصار ، فإن الدنيا لوجيئت أليه بمالها وذهبها وفضتها وكنوزها لرفضها وطلب من الله ساعة واحدة يذكره فيها ويسجد لله فيها لعل الله يكتب له بها والفوز بالجنه و النجاة من النار ..........
النار التي أُوقد عليها ألف عام حتى ابيضت، وألف عامٍ حتى احمرّت، وألف عامٍ حتى اسودّت، فهي الآن سوداء قاتمة...
فهنا يعلم المؤمن أن أى نعيم دون الجنة زائل وكل عذاب دون النار هين...
فهنا تهون كل الأبتلائات على المؤمن...
قال صلى الله عليه وسلم : « يودّ أهل العافية يوم القيامة حين يُعطى أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قُرضت في الدنيا بالمقاريض » (صحيح الجامع : 8177)
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « عجباً لأمر المؤمن، إنّ أمره كلَّه له خير، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضرّاؤ صبر فكان خيراً له » (أخرجه مسلم)
وقال صلى الله عليه وسلم : « يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبَضتُ صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة » (أخرجه البخاري)
وعن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « إنّ الله عز وجل قال : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوّضته عنهما الجنة » يريد : عينيه (أخرجه البخاري)
وقال صلى الله عليه وسلم : « من يرد الله به خيرا يُصِب منه » (أخرجه البخاري)
وقال صلى الله عليه وسلم : « إذا أراد الله بعبده الخير عجّل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشرّ أمسك عنه بذنبه حتى يوافى به يوم القيامة » (صحيح الجامع : 308)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إنّ عظم الجزاء مع عِظَم البلاء، وإنّ الله تعالى إذا أحبّ قوماً ابتلاهم، فمن رَضِيَ فله الرضا، ومن سَخِطَ فله السخط » (صحيح الجامع : 2110)
وقال صلى الله عليه وسلم : « ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في تفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة » (صحيح الجامع : 5815)
بل إنّ الصبر على البلاء يجعلك ترتقي في درجات الجنة !
فقد قال صلى الله عليه وسلم : « إن الرجل ليكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعملٍ ، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتّى يبلّغه إيّاها » (صحيح الجامع : 1625)
و قال النبيّ صلى الله عليه وسلم : « إذا أصاب أحدَكم مصيبة، فليذكر مصابه بي، فإنها من أعظم المصائب » (صحيح الجامع : 347)
نعم والله يا إخواني، فأي أبتلاء في الدنيا مهما عظمت لا تساوي بأي حال مصيبة كل مسلم في موت النبي صلى الله عليه وسلم،
حيث أن بموت النبى انقطع الوحي من السماء، وكثرت الفتن ،وابتعد الناس من بعده عن شرع الله -جل وعلا-
هل من مصيببه أعظم من موت الحبيب المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام؟؟؟؟؟
هذه الرساله دعوة صريحه للإيمان بالقضاء والقدر وأمره جل وعلاالذي كما سبق وذكرنا أنه أصل من أصول الإيمان..
أخواتى علينا أن نتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم : « لو أن الله عذّب أهلَ سماواته وأهلَ أرضه لعذّبهم وهو غيرُ ظالمٍ لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيراً من أعمالهم، ولو أنفقت مثل أُحُدٍ ذهباً في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر، فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو متّ على غير هذا لدخلت النار » (صحيح الجامع
5244