إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

أخي الشاب 5 دقائق من فضلك

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • أخي الشاب 5 دقائق من فضلك

    أخي الشَّابّ
    5 دقائق من فضلك
    من تعبد؟ من تحب؟ القرار الشُّجاع


    بسم الله الرَّحمن الرَّحيم

    الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

    أخي الشَّابّ: ما أكثر فتن الحياة ومغرياتها، وما أكثر شهوات الدُّنيا ولذَّاتها، وما أكثر حيل الشَّيطان ومكائده.
    ومن هنا حذَّر النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أمَّته من الدُّنيا وزينتها فقال -عليه الصَّلاة والسَّلام: «إنَّ الدُّنيا حلوة خضرة، وإنَّ الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون. فاتَّقوا الدُّنيا واتَّقوا النِّساء» [رواه مسلم 2742].

    - فالعاقل من أحكم أمره، وحاسب نفسه، وتدبر العاقبة ولم تشغله زهرة الدُّنيا وإقبالها عن النَّظر بعين الفكر في المآل والمصير، والسَّفر بعين التَّأمل على ما بعد الحياة من موتٍ وإلى ما بعد الموت من حياةٍ، ثمَّ أخذ يتساءل ويفكر، لماذا خلقت؟ وما غايتي من الحياة؟ وما مصيري بعد الموت: النَّجاة أم الهلاك؟ الجنَّة أم النَّار؟ السَّعادة أم الشَّقاء؟

    (1) لماذا خلقت؟

    - أعلم -أخي الشَّابّ- أنَّك خُلِقتَ لأمرٍ عظيمٍ، وغايةٍ جليلةٍ، خُلِقَت من أجلها الدُّنيا وما عليها، وأُرسِلَت من أجلها الرُّسل وأُنزِلت للدعوة إليها الكتب. إنَّها عبادة الله -تعالى- وحده لا شريك له.

    - وهذه العبادة هي حقيقة دين الإسلام، وهي ملَّة أبينا إبراهيم الّتي من رغب عنها فقد سفه نفسه، وكان من الضَّالِّين الهالكين، وهي وصية الأنبياء بعضهم لبعضٍ كما قال -سبحانه-: {وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 130-133].
    فمتى ترك المرء ما خلق من لأجله، ممَّا فيه سعادته وفلاحه وفوزه في الدُّنيا والآخرة، واشتغل بضدِّ ذلك مما فيه هلاكه وشقاؤه وخسارته، وكان من أسفهِ السُّفهاء وأحمقِ الحمقى.

    قد هيأوك لأمرٍ لو فَطِنتَ له***فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهَمَلِ

    (2)شمول العبادة

    - والعبادة في الإسلام -أخي الشَّاب- لها مفهوم شامل، بحيث لا يصحُّ قصرها على بعض مفرداتها، من صلاةٍ وصومٍ وزكاةٍ وحجٍّ وغيرها من الشَّعائر التَّعبديَّة فقط، بل هي في الإسلام منهجٌ متكاملٌ يُسَيِّرُ الحياة كلَّها وفق مراد الله -تبارك وتعالى-. وقد عرفها بعض العلماء بأنَّها: "لفظ جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظَّاهرة والباطنة".

    فينبغي ربط الحياة كلِّها بإقامة العبودية لله -تعالى-، بل يتبغي أن تتعدى العبوديَّة مرحلة الحياة، ليكون الموت أيضًا عبوديةً لله -عزّ وجلّ-، كما قال -تعالى-: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 162-163].

    وما موت الشُّهداء إلا صورةٌ من صور عبودية الموت لله ربِّ العالمين ، قال -تعالى-: {وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ} [الحديد: 19]، وقال -سبحانه-: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99] أي الموت.

    (3) حاجتنا إلى عبادة الله

    -واعلم -أخي الحبيب- أنَّنا أحوج إلى عبادة الله من حاجتنا إلى الطَّعام والشَّراب والهواء، فالطَّعام والشَّراب والهواء به قوام البدن، أمَّا العبادة فبها قوام الرُّوح والبدن معًا، ولذلك كانت العبادة هي دَيْدَن الكائنات كلِّها من جمادٍ وحيوانٍ ونباتٍ، مما نشاهد ومما لا نشاهد، كما قال -سبحانه-: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} [الإسراء: 44]، وقال -تعالى-: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ} [الحجّ: 18]، فالكائنات كلُّها في عبادةٍ دائمةٍ لله ربِّ العالمين، ولم تستثن الآية جنسًا غير الإنسان الّذي انقسم إلى مؤمنٍ وكافرٍ: {وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ۩} [الحجّ:18]، فكلُّ من ترك عبادة الله -تعالى- والسُّجود لله فقد أهانه الله وقبحه ولم يرد به خيرًا.

    - والله -تعالى- لم يفترض علينا عبادته؛ لينتفع بها، فإنَّه سبحانه غنيٌّ عن العالمين، كما قال -سبحانه-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذَّاريات: 56-58]. ولكن الله -تعالى- كلفنا بالعبادة؛ ليطهرنا ويزكينا، ويزيل عنَّا أمراض القلوب وشهوات النُّفوس، قال -تعالى-: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التَّوبة: 103]، فانظر كيف كانت عبودية الصَّدقة طهارةٌ للقلوب وزكاةٌ للنُّفوس وسكينة للمتصدق وقال -سبحانه-: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ} [الحجّ: 37] فالتَّقوى حاصلةٌ لكم بسبب طاعتكم لله وتقربكم إليه بإراقة دماء الهدايا والقرابين.

    (4) أهمية النِّيَّة والمتابعة

    - وكلّ عبادةٍ لاتقبل إلا بعد أن يتوفر فيها شرطان هما: الإخلاص والمتابعة، أي الإخلاص لله -عزّ وجلّ- والمتابعة لنبيِّه -صلّى الله عليه وسلّم- قال -تعالى-: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا} [الكهف: 110]، وقال النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-: «من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ» [رواه مسلم 1718] أي مردودٌ على صاحبه.

    - ويظهر أثر النِّيَّة كذلك في تحويل العادات إلى عبادات يثاب المرء عليها، فالأكل والشُّرب والنَّوم ولبس الثيِّاب من العادات، ولكن إذا تحرى المرء فعل ذلك للتَّقوِّي على طاعة الله وإظهار نعمته عليه أثيب على ذلك ، فقد قال -صلّى الله عليه وسلّم-: «وفي بضع أحدكم صدقة» -أي في جماع أحدكم زوجته صدقة- «قالوا: يا رسول الله، أياتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجرًا» [رواه مسلم 1006].

    (5) من تعبد؟

    - والإنسان -أخي الموفَّق- مفطورٌ في هذه الحياة على العبودية والتَّأله، واللجوء إلى قوى غيبيَّةٍ يصدق بها ولا يراها، فمن لم يعبد الله -سبحانه وتعالى-، ولم يتخذه ربّه وإلهه ومعبوده وملاذه، ولم يذق حلاوة ذكره ودعائه ومناجاته والسُّجود له، ذاق ذلَّ العبودية لغيره، وذلَّ سؤال غيره والخوف من غيره.

    -ولا شكَّ أنَّ عبادة الله -تعالى- هي أشرف العبادات وأزكاها وأسماها وأعلاها، وأن عبادة ما سواه شركٌ وضلالٌ وخسارةٌ في الدُّنيا والآخرة: قال -تعال- في عاقبة من عبد غير الله: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصَّافَّات: 22-24]، وقال -تعالى-: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98].

    (6) شرك المحبَّة

    -وعبادة غير الله -أخي الشَّابّ- ليست محصورةٌ في عبادة الأصنام أوِ الطَّواف حول القبور ودعاء أصحابها، أوِ الذَّبح لغير الله، أوِ الاستغاثة بغير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، فذلك كلّه من أنواع العبادة لغير الله، لتضمنها معنى العبادة الّذي هو غاية الحبِّ مع غاية الذُّلِّ، فكلّ من أحبَّ شيئًا مع الله، وذلَّ له، فقد عبده من دون الله، سواء أكان حجرًا، أو صنمًا، أو بشرًا، أو قبرًا، أو وليًّا، أو فكرةً، أو مذهبًا، أو مالًا، أو دنيا، أوِ امرأةً، أو هوًى، أو شيطانً، أو غير ذلك مما يستأسر الإنسان ويستعبده.

    - ولقد ضرب النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- مثلًا على ذلك بقوله: «تعس عبد الدِّينار، وعبد الدِّرهم، وعبد الخميصة» [رواه البخاري 2887].

    - قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: "وأصل الشِّرك بالله الإشراك في المحبَّة كما قال -تعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165]".

    فأخبر -سبحانه- أنَّ من النَّاس من يشرك به ، فيتخذ من دونه ندًّا يحبُّه كما يحبُّ الله.... والمقصود أنَّ حقيقة العبودية لا تحصل مع الإشراك بالله في المحبَّة، بخلاف المحبَّة لله فإنَّها من لوازم العبودية.

    (7) أنواع المحبَّة

    - ذكر الإمام ابن القيم -رحمه الله- أنهَّ يجب التَّفريق بين خمسة أنواع من المحبَّة؛ لأنَّ عدم التفريق بينها يؤدِّي إلى الهلاك والشِّرك في المحبَّة، وهي:
    أولًا: محبةٌ الله -تعالى-.

    ثانيًا: محبَّة ما يحبُّ الله، وهذه هي الّتي تدخل العبد في الإسلام وتخرجه من الكفر، وأحبُّ الناَّس إلى الله أقومهم بهذه المحبَّة وأشدُّهم فيها.

    ثالثًا: الحب لله وفي الله، وهو من لوازم المحبة السَّابقة، ولا يكون المرء صادقًا في محبَّة ما يحبُّ الله إلَّا بالحبِّ لله وفي الله.

    رابعًا: المحبَّة مع الله، وهي المحبَّة الشِّركية وكلّ من أحبَّ شيئًا مع الله، لا لله، ولا من أجله، ولا فيه، فقد اتخذه ندًّا من دون الله، وهذه محبَّة المشركين.

    خامسًا: محبَّة طبيعيَّةٌ، وهي ميل الإنسان على ما يلائم طبعه، كمحبة العطشان للماء والجائع للطَّعام، ومحبَّة النَّوم والزَّوجة والولد، فتلك لا تذمُّ إلا إذا ألهت عن ذكر الله وشغلت عن محبَّته.

    (8) أعظم أنواع المحبة

    - وأعظم أنواع المحبَّة المحمودة: محبَّة الله وحده ومحبَّة ما يحب، وهذه المحبَّة هي أصل السَّعادة ورأسها الّتي لا ينجو أحد من العذاب إلا بها. قال -صلّى الله عليه وسلّم-: «ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحبَّ إليه ممَّا سواهما، ومن أحبَّ عبدًا لا يحبِّه إلا لله، ومن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله، كما يكره أن يلقى في النَّار» [رواه البخاري 21].

    - وأعظم أنواع المحبَّة المذمومة: المحبَّة مع الله، وهي الّتي يسوِّي المحب فيها بين محبَّه الله ومحبة النِّد الّذي اتخذه من دون الله، وهذه المحبة هي أصل الشَّقاوة ورأسها، وأهلها هم أهل النَّار الّذين يعذبون في جهنَّمَ -والعياذ بالله-.

    - وقد ابتلي: كثيرٌ من الشَّباب بأنواعٍ كثيرةٍ من المحبَّة المذمومة منها:
    1- عشق النِّساء والفتيات الأجنبيات والافتتان بهنَّ ومخالطتهنَّ في المعصية.

    3- الولوع بمحبة الغلمان والمردان ومصاحبتهم والنَّظر إليهم بشهوةٍ.

    3- محبة المشاهير من أهل الفساد والمخنثين وتقليدهم واتخاذهم قدوةً وأمثلةً عُليا.

    4- محبَّة الكفار وتعظيمهم والتَّشبه بهم ومشاركتهم في أعيادهم.

    5- محبَّة المحرمات بشتَّى أنواعها والالتذاذ بارتكابها وبخاصة الخمر والمخدرات والمسكرات والدُّخان والزِّنى واللواط وغير ذلك مما يقع فيه الشَّباب وغيرهم.

    (9) من تحب؟

    -بعد هذا العرض السَّريع لحقيقة العبادة والمحبَّة وما يمكن أن يقع فيهما من خللٍ، يمكنك بعد ذلك -أخي- أن تسأل نفسك: من تحب؟ هل تحبّ الله وحده؟ وإذا أجبت بنعم فاسأل نفسك: ما علامة حبِّك له؟ هل تحبُّ في الله وتبغضُ في الله؟ وتوالي في الله وتعادي في الله؟ هل تحبُّ ما يحبُّه الله وتبغضُ ما يبغضُه الله؟ وتحبُّ من يحبُّ الله وتبغضّ من يبغضّ الله؟

    - إذا أجبت على كلّ ذلك بنعم -وأتمنى أن تكون صادقًا- فإنِّ لي الحقّ أن أتساءل: إذا كان كلّ الشَّباب على هذه الصِّفة من العبودية والمحبَّة الكاملة لله -عزَّ وجلَّ-، إذًا فبماذا تفسر كراهية كثير من الشَّباب للطَّاعات ونفرتهم منها؟

    بماذا نفسر ترك كثير من الشَّباب للصَّلاة الّتي هي عمود الدِّين وأسُّ بنائه؟

    بماذا تفسر محبَّة كثيرٍ من الشَّباب للمحرمات وإقبالهم عليها وتعلقهم بها، وفرحهم بإتيانها، وحزنهم على فواتها؟

    أليس الخمر والمخدرات والدُّخان والمعاكسات والغناء ومشاهدة الأفلام السَّاقطة والصِّور العارية، وارتكاب الفواحش كالزِّنى واللواط، والاستهزاء بالدِّين وأهله أليس كل ذلك من المحرمات المنتشرة في أوساط الشَّباب؟

    أليست هذه الأمور تخالف محبَّة الله -عزّ وجلّ- والمحبَّة لله وفي الله؟

    أليس هذا شركًا في المحبَّة؟

    - أخي الشَّاب!
    كيف تكون محبًّا لله وأنت في ليلك ونهارك تناصبه العداء وتبارزه بالمحاربة؟

    كيف تكون محبَّا لله وأنت تتقلب في مساخطه وترتع في معاصية؟

    كيف تكون محبًّا لله وأنت لا تعرف للمسجد طريقًا؟

    كيف تكون محبّا لله وأنت تحبُّ أعداءه وتعظمهم وتتشبه بهم وتود لو كنت مثلهم؟

    كيف تكون محبًّا لله وأنت تتكبر على أوليائه وتسخر منهم وتحتقرهم؟

    كيف تكون محبًّا لله وأنت تخالف رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في ظاهرك وباطنك؟ قال -تعالى-: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31] فأين اتباعكم لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يا من تزعمون محبَّة الله -تعالى-؟

    تعصي الإله وأنت تظهر حُبَّه***هذا لعمري في القياس شنيعُ
    لو كان حبُّك صادقًا لأطعته***إنَّ المحبَّة لمن يحبُّ مطيعُ


    (10) القرار الشُّجاع

    - وهذا القرار -أخي الشاب- قد انتظرناه منك طويلًا وتمنينا لو اتخذته قبل ذلك وهو قرارٌ عاجل لا يحتمل التَّأجيل، فاتخذ قرارك الآن... كن عبدًا لله وحده الآن محبًّا لله وحده الآن... منقادًا لأوامر الله وحده الآن... تُب إلى ربِّك الآن.. حاسب نفسك الآن...غير مسار حياتك الآن...

    تخلص من العبودية لغير الله الآن.. اترك الشَّهوات المحرَّمة الآن.. أخلص لله الآن.. اتبع سنَّة نبيِّك -صلّى الله عليه وسلّم- الآن... خالف نفسك وهواك وشيطانك الآن... اترك صحبة الأشرار الآن.. أجب النِّداء واعمر مساجد الله من الآن... عظم حرمات الله من الآن.. صُن عينيك وبصرك وسمعك وفؤادك عن المحرمات من الآن...

    - وإذا سقط في شيءٍ من المعاصي والمحرمات فلا تيأس ولا تقنط، ولكن جدد التَّوبة وأبدأ من جديدٍ، ولا تستسلم لدواعي الهوى والشَّهوات بل اكبح جماح نفسك واقصرها على طاعة الله، وذكرها بعواقب الذُّنوب والمعاصي، وأطلعها على علوِّ منزلة الشَّابّ الطَّائع الّذي ذكره النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- ضمن السَّبعة الّذين يظلهم الله بظله يوم لا ظلَّ إلا ظلُّه فقال: «وشابٌّ نشأ في عبادة الله» [رواه البخاري 6806].

    وذكِّرها أيضًا بقصة نبيِّ الله يوسف -عليه السَّلام-، كيف أنَّه لما استعصم وخالف هواه وراقب ربَّه، رفع الله منزلته وأكرمه غاية الإكرام، واسأل نفسك: كيف كان الحال لو اتبع هواه وأطاع نفسه وانقاد لشيطانه؟

    أسأل الله لي ولك الهداية والتَّوفيق وصلّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وسلّم.
    سياتى يوما لن اكون بينكم بل اكون فى التراب بالله عليكم لاتنسوا العبد الفقير من الدعاء

  • #2
    رد: أخي الشاب 5 دقائق من فضلك

    جزيت خيراً أخي الحبيب
    ونفع الله بك

    تعليق

    يعمل...
    X