السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
موقف الصحابة والسلف من المولد النبوي وبيان حقيقة المحبة
محاور الموضوع
- هل احتفل الصحابة رضوان الله عليهم والسلف رحمهم الله بمولده صلى الله عليه وسلم ؟
- واجبنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم
أولا هل احتفل السلف بميلاده صلى الله عليه وسلم
سؤال يطرح نفسه كلما أقبل على المسلمين شهر ربيع الأول ، وهو : هل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمولد وهل احتفل صحابته رضوان الله عليهم ، وهل احتفل سلف هذه الأمة الصالح رحمهم الله تعالى ؟ كما يفعله كثير من النَّاس في هذه الأزمنة ، أم أنَّهم تركوا الاحتفال ؟ نترك للعلماء الجواب عن ذلك :
قال العلامة عمر بن علي السكندري المالكي ، المشهور بالفاكهاني - رحمه الله تعالى - : " لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ، ولا يُنقل عملُه عن أحد من علماء الأمَّة ، الذين هم القدوة في الدين … بل هو بدعة أحدثها البطَّالون " . وأقرَّه الشيخ العدوي المالكي - في حاشيته على مختصر سيدي خليل -والشيخ محمَّد عليش المالكي - رحمهما الله - في (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك) .
وقال العلامة ابن الحاجّ المالكي -رحمه الله تعالى ،في (المدخل) عن المولد إذا خلا من جميع المنكرات - : " فإن خلا من كلِّ ما تقدم ، فهو بدعة بنفس نيته فقط ، إذ إنَّ ذلك زيادة في الدين ، وليس من عمل السلف الماضين … ولم يُنقل عن أحد منهم أنَّه نوى المولد ، ونحن لهم تبع ، فيسعنا ما وسعهم . "
وقال الحافظ ابن حجر الشافعي - رحمه الله تعالى - : " أصل عمل المولد بدعة ، لم تُنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة . "
وقال الحافظ السخاوي الشافعي - رحمه الله تعالى - : " عمل المولد الشريف لم يُنقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة ، وإنَّما حدث بَعْدُ . "
وقال الشيخ نصير الدين المبارك ، الشهير بابن الطبَّاخ - رحمه الله تعالى - : " ليس هذا من السنن . "
وقال الشيخ ظهير الدين جعفر التزمنتي - رحمه الله تعالى - : " هذا الفعل لم يقع في الصدر الأول من السلف الصالح ، مع تعظيمهم وحبِّهم له صلى الله عليه وسلم ، إعظاماً ومحبَّةً لا يبلغ جمعنا الواحد منهم ، ولا ذرة منه . "
قال إمام دار الهجرة ، مالك بن أنس - رحمه الله تعالى - : " من أحدث في هذه الأمَّة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ، لأنَّ الله يقول ] اليوم أكملت لكم دينكم [ فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً . "
وإن من أعظم الأمور - بعد ما ذكرناه - مما يدل على ما ذكر العلماء - رحمهم الله تعالى - أن مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير متفق عليه بين العلماء ، إذ الخلاف فيه كبير ، خلافٌ في سنة ولادته صلى الله عليه وسلم ، وخلاف في شهر ولادته صلى الله عليه وسلم ، وخلاف في تاريخ ولادته صلى الله عليه وسلم ، وخلاف في يوم ولادته .
ثانيا واجبنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم
إن علينا واجب وفرض تجاه نبينا صلى الله عليه وسلم ليس منة ولا نافلة ولا أمرا ثانويا إنما هو دين ندين به لله تعالى نسأل عنه يوم القيامة من هذا الواجب:
1- الإيمان به صلى الله عليه وسلم: فالإيمان به صلى الله عليه وسلم من أركان الإيمان التي يجب على المسلم الإيمان بها، ومن هذه الأركان الإيمان بالرسل، وهو صلى الله عليه وسلم رسول من أولئك الرسل عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، قال الله تعالى ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ﴾ [التغابن: 8]، وقال تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158]، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بوجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) (البخاري ومسلم).
ومن الإيمان به صلى الله عليه وسلم التصديق الجازم الذي لا شك فيه بأن رسالته ونبوته هي حق من عند الله تعالى، والعمل بمقتضى ذلك، والتصديق بأن كل ماجاء به من الدين وما أخبر به عن الله تعالى حق صحيح، ولابد من تصديق ذلك بالقلب واللسان، فلا يكفي الإيمان به باللسان، والقلب منكر لذلك، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [النساء: 136].فالإيمان به صلى الله عليه وسلم وبرسالته وبكل ماأخبر به من الأمور التي وقعت والتي لم تقع مما أطلعه الله عليه الإيمان بذلك كله واجب حتى يكمل إيمان المرء ولقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من آمن به ولم يره بشّره بطوبى وهي شجرة في الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: (طوبى لمن آمن بي ورآني مرة، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرار (مرات)). (السلسلة الصحيحة 3 / 45)، فمن شك في نبوته أو رسالته فهو كافر، لأن الأدلة ثابتة مستفيضة مجمع عليها بين أهل العلم.
2- محبته صلى الله عليه وسلم: وهذا حق من حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته، وواجب عليهم أيضاً، فينتفي الإيمان بعدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أوجب الله محبة نبيه في كتابه العزيز، فقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].وقال صلى الله عليه وسلم: (لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) (البخاري).ولما سمع عمر رضي الله عنه هذا الحديث قال للرسول صلى الله عليه وسلم لأنت أحب إلي من كل شئ إلاّ نفسي، فقال: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن والله أحب إلي من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم: (الآن ياعمر) أي الآن صدقت وحققت الإيمان الكامل بمحبتك لنبيك.وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لايحبه إلاّ لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار) (البخاري ).
ومن محبته صلى الله عليه وسلم إيثار مايحب صلى الله عليه وسلم على مايحب العبد، ومحبة ماجاء به والدعوة إليه ومحبة أهل بيته وصحابته رضوان الله عليهم ومن محبته كثرة ذكره عليه الصلاة والسلام،والشوق إلى لقاءه، قال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا أمامة إن من المؤمنين من يلين لي قلبه) (أحمد وهو صحيح)، ومعنى ذلك أن من المؤمنين من يسكن قلبه ويميل للنبي صلى الله عليه وسلم بالمودة والمحبة، وما ذاك إلا بإخلاص الاتباع له صلى الله عليه وسلم دون سواه من البشر فحب النبي صلى الله عليه وسلم موصل لحب الله تعالى.
قال الشاعر:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا لعمرك في القياس بديع
لوكان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
فمن محبته صلى الله عليه وسلم طاعته وتصديق ماأخبر عنه وتوقيره وتعظيمه عند ذكره صلوات الله وسلامه عليه ماتعاقب الليل والنهار.
3- نصرته والغيرة على دينه صلى الله عليه وسلم:إنَّ الغيرةَ على دينِ الله وحُرما ته، من صفاتِ المؤمنين الأعزاء، فهي من مقتضياتِ الإيمان، تقوى بقوته وتضعفُ بضعفه، وتفقدُ الغيرة حيثُ لا يكون القلبُ مؤمناً، وفي الحديث: (المؤمنُ يغارُ واللهُ أشدُّ غيرة)، والغيرةُ هي التألمُ والغضبُ على حقٍّ يُهانُ ويُقهرُ، أوباطلٌ يحمى وينصرُ، وينتجُ عن هذا التألم والغضب، مساندة الحقِّ ومقاومةَ الباطل.إنَّ من الغيرةِ على دينِ اللهِ الوقوفُ مع الحقِّ، ومناصرة أهل الحقِّ والخير، ومناورة الباطل، ومقاومةُ المبطلين والمفسدين، مهما كانوا ولو كانوا أولى قربى.
الغيرةُ على دينِ الله تكون بالمساهمةِ في نشره، والدعوة إليه، والجهاد في سبيلهِ بالنفسِ أو بالمال.إنَّ من الغيرةِ على دينِ الله، مُناصرةُ المسلمين وقضاياهم، والتألم لآلامهم والفرحُ بآمالهم، ولقد كان التحامُ المسلمين، ونصرة كل منهم لأخيه مثالاً فريداً في تاريخ التلاحم والتواصل والتناصر، سواءً على مستوى الأمة أو الأفراد. ومن الغيرة على الدين الذبُ عن الإسلام والدفاع، والرد على أهل الباطل الذين يُريدون خدش كرامة المسلمين.
قال زيدُ بنُ ثابت: بعثنى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ أطلُب سعدَ بنَ الرَّبيعِ، فقال لى: (إنْ رَأَيْتَهُ فأقرئه منِّى السَّلاَمَ، وقُلْ لهُ: يقولُ لَكَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ تَجِدُكَ)؟ قالَ: فجعلتُ أطوفُ بَيْنَ القَتْلَى، فأتيتُه، وهو بآخِرِ رَمَق، وفيه سبعونَ ضربةً، ما بين طعنةٍ برُمح، وضربةٍ بسيف، ورميةٍ بسهم، فقلت: يا سعدُ؛ إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليكَ السَّلامَ، ويقول لك: أخبرني كيف تَجِدُكَ؟ فقال: وعلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم السلامُ، قل له: يا رسُولَ اللهِ؛ أَجِدُ ريحَ الجنة، وقل لقومى الأنصار: لا عُذْرَ لكم عند الله إن خُلِصَ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفيكم عَيْنٌ تَطْرِفُ، وفاضَتْ نفسُهُ من وقته
.
موقف الصحابة والسلف من المولد النبوي وبيان حقيقة المحبة
محاور الموضوع
- هل احتفل الصحابة رضوان الله عليهم والسلف رحمهم الله بمولده صلى الله عليه وسلم ؟
- واجبنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم
أولا هل احتفل السلف بميلاده صلى الله عليه وسلم
سؤال يطرح نفسه كلما أقبل على المسلمين شهر ربيع الأول ، وهو : هل احتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمولد وهل احتفل صحابته رضوان الله عليهم ، وهل احتفل سلف هذه الأمة الصالح رحمهم الله تعالى ؟ كما يفعله كثير من النَّاس في هذه الأزمنة ، أم أنَّهم تركوا الاحتفال ؟ نترك للعلماء الجواب عن ذلك :
قال العلامة عمر بن علي السكندري المالكي ، المشهور بالفاكهاني - رحمه الله تعالى - : " لا أعلم لهذا المولد أصلاً في كتاب ولا سنة ، ولا يُنقل عملُه عن أحد من علماء الأمَّة ، الذين هم القدوة في الدين … بل هو بدعة أحدثها البطَّالون " . وأقرَّه الشيخ العدوي المالكي - في حاشيته على مختصر سيدي خليل -والشيخ محمَّد عليش المالكي - رحمهما الله - في (فتح العلي المالك في الفتوى على مذهب الإمام مالك) .
وقال العلامة ابن الحاجّ المالكي -رحمه الله تعالى ،في (المدخل) عن المولد إذا خلا من جميع المنكرات - : " فإن خلا من كلِّ ما تقدم ، فهو بدعة بنفس نيته فقط ، إذ إنَّ ذلك زيادة في الدين ، وليس من عمل السلف الماضين … ولم يُنقل عن أحد منهم أنَّه نوى المولد ، ونحن لهم تبع ، فيسعنا ما وسعهم . "
وقال الحافظ ابن حجر الشافعي - رحمه الله تعالى - : " أصل عمل المولد بدعة ، لم تُنقل عن أحد من السلف الصالح من القرون الثلاثة . "
وقال الحافظ السخاوي الشافعي - رحمه الله تعالى - : " عمل المولد الشريف لم يُنقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة ، وإنَّما حدث بَعْدُ . "
وقال الشيخ نصير الدين المبارك ، الشهير بابن الطبَّاخ - رحمه الله تعالى - : " ليس هذا من السنن . "
وقال الشيخ ظهير الدين جعفر التزمنتي - رحمه الله تعالى - : " هذا الفعل لم يقع في الصدر الأول من السلف الصالح ، مع تعظيمهم وحبِّهم له صلى الله عليه وسلم ، إعظاماً ومحبَّةً لا يبلغ جمعنا الواحد منهم ، ولا ذرة منه . "
قال إمام دار الهجرة ، مالك بن أنس - رحمه الله تعالى - : " من أحدث في هذه الأمَّة شيئاً لم يكن عليه سلفها فقد زعم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الرسالة ، لأنَّ الله يقول ] اليوم أكملت لكم دينكم [ فما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً . "
وإن من أعظم الأمور - بعد ما ذكرناه - مما يدل على ما ذكر العلماء - رحمهم الله تعالى - أن مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير متفق عليه بين العلماء ، إذ الخلاف فيه كبير ، خلافٌ في سنة ولادته صلى الله عليه وسلم ، وخلاف في شهر ولادته صلى الله عليه وسلم ، وخلاف في تاريخ ولادته صلى الله عليه وسلم ، وخلاف في يوم ولادته .
ثانيا واجبنا تجاه النبي صلى الله عليه وسلم
إن علينا واجب وفرض تجاه نبينا صلى الله عليه وسلم ليس منة ولا نافلة ولا أمرا ثانويا إنما هو دين ندين به لله تعالى نسأل عنه يوم القيامة من هذا الواجب:
1- الإيمان به صلى الله عليه وسلم: فالإيمان به صلى الله عليه وسلم من أركان الإيمان التي يجب على المسلم الإيمان بها، ومن هذه الأركان الإيمان بالرسل، وهو صلى الله عليه وسلم رسول من أولئك الرسل عليهم أفضل الصلاة وأزكى التسليم، قال الله تعالى ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا ﴾ [التغابن: 8]، وقال تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [الأعراف: 158]، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بوجوب الإيمان به صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) (البخاري ومسلم).
ومن الإيمان به صلى الله عليه وسلم التصديق الجازم الذي لا شك فيه بأن رسالته ونبوته هي حق من عند الله تعالى، والعمل بمقتضى ذلك، والتصديق بأن كل ماجاء به من الدين وما أخبر به عن الله تعالى حق صحيح، ولابد من تصديق ذلك بالقلب واللسان، فلا يكفي الإيمان به باللسان، والقلب منكر لذلك، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [النساء: 136].فالإيمان به صلى الله عليه وسلم وبرسالته وبكل ماأخبر به من الأمور التي وقعت والتي لم تقع مما أطلعه الله عليه الإيمان بذلك كله واجب حتى يكمل إيمان المرء ولقد بشر النبي صلى الله عليه وسلم من آمن به ولم يره بشّره بطوبى وهي شجرة في الجنة فقال صلى الله عليه وسلم: (طوبى لمن آمن بي ورآني مرة، وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرار (مرات)). (السلسلة الصحيحة 3 / 45)، فمن شك في نبوته أو رسالته فهو كافر، لأن الأدلة ثابتة مستفيضة مجمع عليها بين أهل العلم.
2- محبته صلى الله عليه وسلم: وهذا حق من حقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته، وواجب عليهم أيضاً، فينتفي الإيمان بعدم محبة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أوجب الله محبة نبيه في كتابه العزيز، فقال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].وقال صلى الله عليه وسلم: (لايؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين) (البخاري).ولما سمع عمر رضي الله عنه هذا الحديث قال للرسول صلى الله عليه وسلم لأنت أحب إلي من كل شئ إلاّ نفسي، فقال: لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال له عمر: فإنك الآن والله أحب إلي من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم: (الآن ياعمر) أي الآن صدقت وحققت الإيمان الكامل بمحبتك لنبيك.وقال صلى الله عليه وسلم: (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لايحبه إلاّ لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار) (البخاري ).
ومن محبته صلى الله عليه وسلم إيثار مايحب صلى الله عليه وسلم على مايحب العبد، ومحبة ماجاء به والدعوة إليه ومحبة أهل بيته وصحابته رضوان الله عليهم ومن محبته كثرة ذكره عليه الصلاة والسلام،والشوق إلى لقاءه، قال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا أمامة إن من المؤمنين من يلين لي قلبه) (أحمد وهو صحيح)، ومعنى ذلك أن من المؤمنين من يسكن قلبه ويميل للنبي صلى الله عليه وسلم بالمودة والمحبة، وما ذاك إلا بإخلاص الاتباع له صلى الله عليه وسلم دون سواه من البشر فحب النبي صلى الله عليه وسلم موصل لحب الله تعالى.
قال الشاعر:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا لعمرك في القياس بديع
لوكان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
فمن محبته صلى الله عليه وسلم طاعته وتصديق ماأخبر عنه وتوقيره وتعظيمه عند ذكره صلوات الله وسلامه عليه ماتعاقب الليل والنهار.
3- نصرته والغيرة على دينه صلى الله عليه وسلم:إنَّ الغيرةَ على دينِ الله وحُرما ته، من صفاتِ المؤمنين الأعزاء، فهي من مقتضياتِ الإيمان، تقوى بقوته وتضعفُ بضعفه، وتفقدُ الغيرة حيثُ لا يكون القلبُ مؤمناً، وفي الحديث: (المؤمنُ يغارُ واللهُ أشدُّ غيرة)، والغيرةُ هي التألمُ والغضبُ على حقٍّ يُهانُ ويُقهرُ، أوباطلٌ يحمى وينصرُ، وينتجُ عن هذا التألم والغضب، مساندة الحقِّ ومقاومةَ الباطل.إنَّ من الغيرةِ على دينِ اللهِ الوقوفُ مع الحقِّ، ومناصرة أهل الحقِّ والخير، ومناورة الباطل، ومقاومةُ المبطلين والمفسدين، مهما كانوا ولو كانوا أولى قربى.
الغيرةُ على دينِ الله تكون بالمساهمةِ في نشره، والدعوة إليه، والجهاد في سبيلهِ بالنفسِ أو بالمال.إنَّ من الغيرةِ على دينِ الله، مُناصرةُ المسلمين وقضاياهم، والتألم لآلامهم والفرحُ بآمالهم، ولقد كان التحامُ المسلمين، ونصرة كل منهم لأخيه مثالاً فريداً في تاريخ التلاحم والتواصل والتناصر، سواءً على مستوى الأمة أو الأفراد. ومن الغيرة على الدين الذبُ عن الإسلام والدفاع، والرد على أهل الباطل الذين يُريدون خدش كرامة المسلمين.
قال زيدُ بنُ ثابت: بعثنى رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوم أُحُدٍ أطلُب سعدَ بنَ الرَّبيعِ، فقال لى: (إنْ رَأَيْتَهُ فأقرئه منِّى السَّلاَمَ، وقُلْ لهُ: يقولُ لَكَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: كَيْفَ تَجِدُكَ)؟ قالَ: فجعلتُ أطوفُ بَيْنَ القَتْلَى، فأتيتُه، وهو بآخِرِ رَمَق، وفيه سبعونَ ضربةً، ما بين طعنةٍ برُمح، وضربةٍ بسيف، ورميةٍ بسهم، فقلت: يا سعدُ؛ إنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليكَ السَّلامَ، ويقول لك: أخبرني كيف تَجِدُكَ؟ فقال: وعلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم السلامُ، قل له: يا رسُولَ اللهِ؛ أَجِدُ ريحَ الجنة، وقل لقومى الأنصار: لا عُذْرَ لكم عند الله إن خُلِصَ إلى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وفيكم عَيْنٌ تَطْرِفُ، وفاضَتْ نفسُهُ من وقته
.
تعليق