التمثيلية الأوروبية . . إلى أين؟!
المشهد الجاري في أوروبا حالياً، يذكرني بقصة وهمية مفادها، أن رجلاً مسكيناً دخل إلى قرية أهلها بخلاء، فلمَّا سألهم حق ضيافته، بدأوا في التجني عليه، فواحد يقول : (هذا سرقني)!! والآخر يقول : (تسلل إلى بيتي ليلاً محاولاً اغتصاب زوجتي)!! والثالث يقول : (أدركته في اللحظة الأخيرة بعدما كاد أن يقتل أطفالي)!! وحقيقة الأمر أن الرجل المسكين لم يفعل شيئاً من هذا كله، وإنما هي حجج ساقوها للتهرب من حق ضيافته، بل وللتخلص منه بشكل نهائي!!
وهذا ما يحدث بالتحديد في بلاد أوروبا في الوقت الحالي!! فمع توافد اللاجئين والمشردين بكثافة من سوريا وغيرها من بلدان المسلمين على مختلف بلاد أوروبا، استشعرت حكومات تلك الدول الخطر الداهم على هويتها، وحتمية تأثير التواجد المكثف للمسلمين على مجتمعاتهم مع مرور الأيام، فلم يكن بوسعهم للتهرب من وقوع تلك الكارثة المحققة من وجهة نظرهم، سوى اصطناع سيناريوات رخيصة، تتحول على إثرها تلك الجموع المشردة في نظر كافة شعوب العالم من مجرد كونهم مستضعفين بأشد الحاجة إلى العون والمساعدة، إلى فئة شريرة من المجرمين والمتوحشين الذين يمثلون قنابل موقوتة، سوف تنفجر في أنحاء أوروبا في أي لحظة، من خلال أجيالهم القادمة التي سوف تعتنق الفكر المتطرف، وتبذل وسعها للقضاء على بلاد الكفر، وإجبار أهلها على الإسلام!!!!
هذه السيناريوهات التي تمت في أجوائها معظم عمليات التفجير المصطنعة مؤخراً في باريس، والتي حذت بقية دول أوروبا حذوها برفع حالات الطوارئ؛ خوفاً من عمليات انتحارية مرتقبة، ما هي إلا مسلسلات خداعية قذرة؛ تهدف إلى تحقيق العديد من الأجندات، بالإضافة إلى ما ذكرناه، ومنها :
- شن حرب من (نوع خاص) على بلاد المسلمين؛ من خلال إرباك الأوضاع السياسية والاقتصادية فيها؛ لتسريع سقوطها ذاتياً، من خلال إدخالها في حالة تطاحن واقتتال داخلي (اليمن مثال) ومن ثم يسهل عليهم التدخل العسكري، وإعادة احتلال ما يشاؤون منها بشكل آمن؛ تحت ذريعة حفظ السلام وغيرها من تلك الأكذوبات!! ولكن الهدف الحقيقي يكمن في تشكيل شرق أوسط جديد؛ تكون فيه الغلبة لدولة صهيون، وتكون بلاد المسلمين من حولها في حالة مذرية من الضعف والهوان الناتج عن التشرذم والاقتتال؛ ولتصنع دولة صهيون عندئذٍ بنا ما تشاء!!
- شن أكبر حرب إعلامية؛ لتشويه الإسلام والمسلمين؛ صداً للناس عنه من جهة، والضغط على الحكومات العميلة؛ لتغيير هوية شعوبها من جهة أخرى، وذلك من خلال مسلسل تغريبي قذر، ظهرت ملامحه بقوة في مسخ المناهج التعليمية، وإفساح المجال للملحدين باستعراض كفرهم على شاشات التلفاز؛ لتشكيك العامة في دينها، هذا فضلاً عن تكثيف متعمد لعرض مسلسلات العهر والمجون التي تعدت بفجرها كافة الخطوط الحمراء، فلم ترع ديناً ولم تبق على عادات ولا تقاليد!!
- التدخل العسكري الفوري والعاجل في سوريا، بمعدات حربية وسفن لم يسبق للبحر المتوسط مشاهدتها على مر التأريخ، وبقوة تفوق داعش والمعارضة السورية آلاف المرات؛ وذلك لترجيح كفة المجرم بشار قبل انهيارها؛ حيث أشرفت بالفعل على الزوال؛ لاسيما بعد الفشل الروسي السريع؛ وهذا التدخل الذي يدعونه بحجة محاربة داعش والقاعدة، لم يسفر عنه أدنى مواجهة مع داعش (الدمية الاستخبارتية المصنوعة بأيديهم القذرة) وإنما تركز فقط على وقف زحف المجاهدين من أمثال جبهة النصرة ومن سار على نهجها، بل وحتى مواجهة القوى الأخرى التي يصفونها بالمعتدلة!! وذلك إنقاذاً للنظام المجرم من السقوط من جهة!! وتنفيذاً لأجندة كبرى في المنطقة، الله وحده أعلم بخباياها من جهة أخرى!! إذ لربما تكون مقدمة لحرب عالمية ثالثة، أرادوا منها أن تكون بالفعل حرباً للقضاء على الإسلام والمسلمين في ظنهم الواهم!!
فاللهم اجعل مكرهم السيئ يحيق بهم، ورد كيدهم في نحورهم، وسلم الأمة من شرورهم.
فهل آن لأمتنا أن تدرك أبعاد تلك التمثيلية الأوروبية، وتعود لدينها قبل فوات الأوان؟!
تعليق