كلمات قبل الوداع!!
في كل يوم ينعم الله عليَّ فيه بعمر جديد؛ أستشعر معه مزيداً من فضل الله ورحمته بي؛ لعلي أصلح ما مضى أو أحسن فيما بقي من لحظات ذلك اليوم الجديد، أو إن شئت فقل : (أحسن استثمار تلك الفرصة الجديدة من العمر)!!
فإننا لو أمعنا النظر يا عباد الله؛ فسوف نجد خطانا تتسارع نحو الآخرة بقفزات سريعة لا نكاد نستشعرها؛ لاسيما وقد محقت من الوقت بركته، وظهرت ألوان من البلايا والانحطاط، لم نكن لندرك هويته!!
ناهيك عن انتشار الهرج والقتل في ساحات شاسعة من بلاد المسلمين، بعضها (باسم الإسلام ونصرة للمسلمين) وفي بقاع أخرى منها (تشويهاً للإسلام وللمسلمين)!!
إن تسابق عقارب الساعة في سرعتها، لتجعل من دنو العلامات الكبرى ليوم القيامة أمراً مقضياً، غير أننا في هذا الصدد على مفترق طريقين، أحدهما حتمية التوبة الخاصة بين العبد وبين ربه مما اقترف من الذنوب والمعاصي والآثام، والتأكد التام من تطهير الجنان من أدران الشرك والكفران، والتبرأ من الطواغيت وأعوان الشيطان؛ استعداداً للقاء الرحمن، وأملاً في أعالي الجنان،
والمفترق الثاني، حمل هموم الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، ومشاركتها آلامها وأحزانها في شتى البقاع على ما وقع عليها من الكرب والبلاء، ومحاولة بذل الغالي والنفيس لنصرتها والتخفيف من مصابها، ومن لم يجد في نفسه قبل الموت شيئاً من هذين الأمرين، فلا نصيب له من الخير على وجه الإطلاق!!
إننا ونحن نستعد لاستقبال ما هو أعظم كل يوم من علامات الساعة، نستنجد بواسع رحمة الله من سخطه وعذابه، وبمعافاته من عقوبته، وبه منه سبحانه لا نحصي ثناء عليه، كما أثنى هو على نفسه تبارك اسمه.
ولو أردنا إصابة الحقيقة في عقر دارها؛ فلنعلم علم اليقين أن زمننا هذا إنما هو زمن الفرار من فتن الدنيا، وجعلها بجميع تبعاتها خلف ظهورنا، والاستعداد التام لاستقبال أهوال آخرتنا؛ حتى لا يجعلنا الله من الغافلين، ولا من الذين أخذوا على غرة وهم في غمرة دنياهم من العابثين!!
فاللهم إنا نبرأ إليك من عمل قصدنا به وجهك؛ فلم يمهلنا زيغ قلوبنا على إبقائه خالصاً لوجهك الكريم، ونستغفرك من عمل قصدنا به الإحسان لدينك، فلم يمكننا ضعف قلوبنا على القيام به على الوجه الذي يليق بجلال وجهك وعظيم سلطانك، بل نستغفرك من لحظات الغفلة التي ملأت حياتنا، فأوقعتنا في معاصي، لم نكن لنقترفها؛ لولا اغترارنا بنفوسنا الأمارة بالسوء، فاللهم اغفر لنا حياة الغافلين وأعمال الخاطئين وذنوب المسرفين، إذ ليس لنا شفيعاً سوى واسع رحمتك يا أرحم الراحمين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
تعليق