السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أحبابنا في الله .. أبناء الطريق إلى الله .. رفاق الدرب وصحاب القلب
يعلم الله كم تشتاق النفس لخطابكم وكم ينشرح الصدر بلقياكم ولكنها دنيا ملهية مشغلة للإنسان عن كل ما يحب ..
إشتقنا لتلك الأيام .. الله أكبر الله أكبر .. لقد دخل وقت العشاء ..
بدأ الصيام بدأت المساجد يفوح منها عبير الموحدين تتزين فرحة بالقادمين فقد دخل شهر الصيام والقيام ..
يا لله كم تابت نفوس في رمضان وكم جُددت النوايا وكم من الصدقات قد أنفقت وكم من أرواح زكية طاهرة زحفت في رمضان إرتقاء للجنان وكم وكم وكم .. !
إن رمضان والذي هو من الرمض ويقصد به في الصيام شدة حر فم الصائم من العطش ..
نعم في رمضان نحتمل حر العطش وحر الجوع وتصبر الأجساد على ذلك ولكن هذا ليس سوى صيام الدرجة الأولى "صوم العوام"
وأما صيام الدرجة الثانية وهو "صوم الخواص" ففي هذا الصوم المبارك تصوم جوارحك عن كل ما يغضب الله تصوم عن كل منكر , وما تلك الجوارح إلا
عينيك التي كتب عليها حظها من الزنا لا تنظر بها إلا لما يرضى الله مبتغيا بذلك الأجر منه فقط ..
أنفك لا تشتم به إلا الطيب من الريح وتبعده عن كل محرم ..
فمك ومن لا يعلم ما بداخله نعم الذي أورد من قبلنا المهالك إنه اللسان الذي سأل عنه معاذ بن جبل النبي في الحديث الصحيح عند الإمام الترمذي "يا رسول الله: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" نعم يا أخي الحبيب وهل ينكر أحد شدة خطر اللسان على الأمة والمجتمع والإنسان نفسه فأحذر أن يوردك لسانك النار وأجعله لا يخرج إلا الطيب ..
يداك اللتان تبطش بهما وتظلم بهما وتكتب بهما أجعلهما تتسابقان في الإنفاق في سُبل الخير ..
قدماك اللتان تسير بهما إما إلى المساجد وطرق الخير وإما إلى أماكن اللهو والعبث .. فيا رعاك الله أمن صام جسده ولم تصم جوارحه أذاك هو المتحصل على التقوى ؟! أذاك هو الذي يريد أن يدخل الجنة من باب الريان ؟!
وأما صيام الدرجة الثالثة "خواص الخواص" الذي يصوم فيه قلبك عن الهوى وتصوم فيه نفس على طرق الغواية .. وإليك من الذين صاموا هذا الصيام فلقد قال ابن القيم في بدائع الفوائد (لَمَّا سَافَرَ مُوسى إِلَى الْخَضِرِ وَجَدَ فِي طَرِيقِهِ مَسَّ الْجُوعِ وَالنَّصَبِ ، فَقَالَ لِفَتَاهُ :" آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا "[ الْكَهْفَ : 62 ] فَإِنَّه سَفَرٌ إِلَى مَخْلُوقٍ ، وَلَمَّا وَاعَدَهُ رَبُّهُ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتَمَّهَا بِعَشْرٍ ، فَلَمْ يَأْكُلْ فِيهَا لَمْ يَجِدْ مَسَّ الْجُوعِ وَلَا النَّصَبِ ، فَإِنَّه سَفَرٌ إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى ، وَهَكَذَا سَفَرُ الْقَلْبِ وَسَيْرُهُ إِلَى رَبِّهِ لَا يَجِدُ فِيه مِنَ الشَّقَاءِ وَالنَّصَبِ مَا يَجِدُهُ فِي سَفَرِهِ إِلَى بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ...)
نعم تطهر قلبك من أغلاله تحرره من أصفاده حينها تتحصل على التقوى التي قصدها رب العالمين في قوله "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"
وقد حبى الله هذه الأمة الموحدة الصابرة فالعديد العديد من المنح والعطايا فجعل الدين عليهم خفيف يتناسب مع طبيعة زمانهم ووقتهم فقد قال الله "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ "
فترى الأحكام الشرعية تتناسب مع الزمان والمكان الذي تنزل فيه وترى علمائنا جزاهم الله عنا كل خير لا يفتون للناس إلا بما يتناسب مع حالهم ومقالهم ..
ولكن كثرت في الفترة الماضية الحديث عن أن رمضان يأتي في وسط الصيف وفي كل عام يأتي في فترة أشد حرا مما قبلها ..
والأغرب من ذلك أنهم نسوا حديث رسول الله الذي ترويه أم المؤمنين عائشة (إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبَكِ وَنَفَقَتَكِ ) وأن الله الذي خلق الحر والبرد وخلق الظلمات والنور وخلق الشمس والقمر وخلق الإنسان وسخر له ما في هذا الكون لخدمته لا ينساهم ولا يتعبهم .. ولكن أكثر الناس لا يشكرون
وأنظر إلى شدة حر الموقف العظيم على رب العالمين أو شدة حر جهنم ولولا ضيق المقام لتوسعنا في هذا ولكن بإطلالة بسيطة على حديث رسول الله عن الموقف العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه "تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق؛ حتى تكون منهم كمقدار ميل؛ فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً" وأشار رسول الله بيده إلى فيه"
يا له من مشهد ويا لشدته من مقام تقترب الشمس من الإنسان مقدار ميل فلا تحرقه ولكن كل على حسب عمله ومنهم من يستظل بظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله ومنهم من يغرق في سيئاته نعم تغرقه سيئاته وإساءته في الدنيا ..
فيا رعاك الله أأشد حر الدنيا وأشد حر الصيام والرمض كشدة حر هكذا موقف وهكذا مشهد .. !
وذاك سعيد بن جبير يحدثنا عن الصحابي المُقتدي "لَمَّا أُصِيبَ اِبْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللّه عَنْه قَالَ : مَا تَرَكْتُ خَلْفِي شيئًا مِنَ الدُّنْيا آسَى عَلَيه غَيْرَ ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ وَغَيْرَ مَشْيٍ إِلَى الصَّلاَةِ."
نصبر على أذى الدنيا ونصبر على حرارتها ويبلغ فينا التعب والإرهاق كل تعب وكل مبلغ ليرزقنا الله في ذلك اليوم بذلك الظل المبارك والراحة بعد العناء .. فكما يقول بعض العارفين أن الدنيا دار ممر والآخرة دار مستقر فتزودوا من ممركم لمقركم وأستعدوا لعرضكم على ربكم ..
جدد نيتك وأعلن عزيمتك أن يكون رمضان لهذا العام بشكل مختلف على الأعوام السابقة .. وأن تجعل صيامك في الشمس الحارقة بوابة لك إلى الجنة .. وأن تجعل إنفاقك في شدة الضنك مفتاح عبورك للجنة .. وأن تجعل صلاتك في شدة الرمض تخلصك من وقفة المشهد العظيم .. !
ختاما أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يبلغنا رمضان وهو راضٍ عنا غير غضبان
أخوكم المحب لكم في دين الله وشرعته .. مجاهد الشام
#أبوهادي
أحبابنا في الله .. أبناء الطريق إلى الله .. رفاق الدرب وصحاب القلب
يعلم الله كم تشتاق النفس لخطابكم وكم ينشرح الصدر بلقياكم ولكنها دنيا ملهية مشغلة للإنسان عن كل ما يحب ..
إشتقنا لتلك الأيام .. الله أكبر الله أكبر .. لقد دخل وقت العشاء ..
بدأ الصيام بدأت المساجد يفوح منها عبير الموحدين تتزين فرحة بالقادمين فقد دخل شهر الصيام والقيام ..
يا لله كم تابت نفوس في رمضان وكم جُددت النوايا وكم من الصدقات قد أنفقت وكم من أرواح زكية طاهرة زحفت في رمضان إرتقاء للجنان وكم وكم وكم .. !
إن رمضان والذي هو من الرمض ويقصد به في الصيام شدة حر فم الصائم من العطش ..
نعم في رمضان نحتمل حر العطش وحر الجوع وتصبر الأجساد على ذلك ولكن هذا ليس سوى صيام الدرجة الأولى "صوم العوام"
وأما صيام الدرجة الثانية وهو "صوم الخواص" ففي هذا الصوم المبارك تصوم جوارحك عن كل ما يغضب الله تصوم عن كل منكر , وما تلك الجوارح إلا
عينيك التي كتب عليها حظها من الزنا لا تنظر بها إلا لما يرضى الله مبتغيا بذلك الأجر منه فقط ..
أنفك لا تشتم به إلا الطيب من الريح وتبعده عن كل محرم ..
فمك ومن لا يعلم ما بداخله نعم الذي أورد من قبلنا المهالك إنه اللسان الذي سأل عنه معاذ بن جبل النبي في الحديث الصحيح عند الإمام الترمذي "يا رسول الله: وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم" نعم يا أخي الحبيب وهل ينكر أحد شدة خطر اللسان على الأمة والمجتمع والإنسان نفسه فأحذر أن يوردك لسانك النار وأجعله لا يخرج إلا الطيب ..
يداك اللتان تبطش بهما وتظلم بهما وتكتب بهما أجعلهما تتسابقان في الإنفاق في سُبل الخير ..
قدماك اللتان تسير بهما إما إلى المساجد وطرق الخير وإما إلى أماكن اللهو والعبث .. فيا رعاك الله أمن صام جسده ولم تصم جوارحه أذاك هو المتحصل على التقوى ؟! أذاك هو الذي يريد أن يدخل الجنة من باب الريان ؟!
وأما صيام الدرجة الثالثة "خواص الخواص" الذي يصوم فيه قلبك عن الهوى وتصوم فيه نفس على طرق الغواية .. وإليك من الذين صاموا هذا الصيام فلقد قال ابن القيم في بدائع الفوائد (لَمَّا سَافَرَ مُوسى إِلَى الْخَضِرِ وَجَدَ فِي طَرِيقِهِ مَسَّ الْجُوعِ وَالنَّصَبِ ، فَقَالَ لِفَتَاهُ :" آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا "[ الْكَهْفَ : 62 ] فَإِنَّه سَفَرٌ إِلَى مَخْلُوقٍ ، وَلَمَّا وَاعَدَهُ رَبُّهُ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتَمَّهَا بِعَشْرٍ ، فَلَمْ يَأْكُلْ فِيهَا لَمْ يَجِدْ مَسَّ الْجُوعِ وَلَا النَّصَبِ ، فَإِنَّه سَفَرٌ إِلَى رَبِّهِ تَعَالَى ، وَهَكَذَا سَفَرُ الْقَلْبِ وَسَيْرُهُ إِلَى رَبِّهِ لَا يَجِدُ فِيه مِنَ الشَّقَاءِ وَالنَّصَبِ مَا يَجِدُهُ فِي سَفَرِهِ إِلَى بَعْضِ الْمَخْلُوقِينَ...)
نعم تطهر قلبك من أغلاله تحرره من أصفاده حينها تتحصل على التقوى التي قصدها رب العالمين في قوله "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"
وقد حبى الله هذه الأمة الموحدة الصابرة فالعديد العديد من المنح والعطايا فجعل الدين عليهم خفيف يتناسب مع طبيعة زمانهم ووقتهم فقد قال الله "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ "
فترى الأحكام الشرعية تتناسب مع الزمان والمكان الذي تنزل فيه وترى علمائنا جزاهم الله عنا كل خير لا يفتون للناس إلا بما يتناسب مع حالهم ومقالهم ..
ولكن كثرت في الفترة الماضية الحديث عن أن رمضان يأتي في وسط الصيف وفي كل عام يأتي في فترة أشد حرا مما قبلها ..
والأغرب من ذلك أنهم نسوا حديث رسول الله الذي ترويه أم المؤمنين عائشة (إِنَّ لَكِ مِنَ الْأَجْرِ عَلَى قَدْرِ نَصَبَكِ وَنَفَقَتَكِ ) وأن الله الذي خلق الحر والبرد وخلق الظلمات والنور وخلق الشمس والقمر وخلق الإنسان وسخر له ما في هذا الكون لخدمته لا ينساهم ولا يتعبهم .. ولكن أكثر الناس لا يشكرون
وأنظر إلى شدة حر الموقف العظيم على رب العالمين أو شدة حر جهنم ولولا ضيق المقام لتوسعنا في هذا ولكن بإطلالة بسيطة على حديث رسول الله عن الموقف العظيم الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه "تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق؛ حتى تكون منهم كمقدار ميل؛ فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً" وأشار رسول الله بيده إلى فيه"
يا له من مشهد ويا لشدته من مقام تقترب الشمس من الإنسان مقدار ميل فلا تحرقه ولكن كل على حسب عمله ومنهم من يستظل بظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله ومنهم من يغرق في سيئاته نعم تغرقه سيئاته وإساءته في الدنيا ..
فيا رعاك الله أأشد حر الدنيا وأشد حر الصيام والرمض كشدة حر هكذا موقف وهكذا مشهد .. !
وذاك سعيد بن جبير يحدثنا عن الصحابي المُقتدي "لَمَّا أُصِيبَ اِبْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللّه عَنْه قَالَ : مَا تَرَكْتُ خَلْفِي شيئًا مِنَ الدُّنْيا آسَى عَلَيه غَيْرَ ظَمَأِ الْهَوَاجِرِ وَغَيْرَ مَشْيٍ إِلَى الصَّلاَةِ."
نصبر على أذى الدنيا ونصبر على حرارتها ويبلغ فينا التعب والإرهاق كل تعب وكل مبلغ ليرزقنا الله في ذلك اليوم بذلك الظل المبارك والراحة بعد العناء .. فكما يقول بعض العارفين أن الدنيا دار ممر والآخرة دار مستقر فتزودوا من ممركم لمقركم وأستعدوا لعرضكم على ربكم ..
جدد نيتك وأعلن عزيمتك أن يكون رمضان لهذا العام بشكل مختلف على الأعوام السابقة .. وأن تجعل صيامك في الشمس الحارقة بوابة لك إلى الجنة .. وأن تجعل إنفاقك في شدة الضنك مفتاح عبورك للجنة .. وأن تجعل صلاتك في شدة الرمض تخلصك من وقفة المشهد العظيم .. !
ختاما أسأل الله أن يتقبل منا ومنكم وأن يبلغنا رمضان وهو راضٍ عنا غير غضبان
أخوكم المحب لكم في دين الله وشرعته .. مجاهد الشام
#أبوهادي
تعليق