السبت 5 شعبان 1436 هـ
طريق الثبات
أ. قـلـم الـتحـرير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمر بالإنسان - أحيانًا كثيرة - لحظات تخور معها عزيمة الرجال الأشداء ؛ فلا يثبتون في مواقف الشدة ، حتى إن من كان يُنظَر إليه على أنه من الثابتين الذين يُثبِّتون الناس ويدفعونهم في طريق الرِّباط قد خارت قواه ؛ فلم يقوَ على مواصلة السير ، ولم يقتصر أمره على الوقوف وإنما تراجع القهقرى ، في مسلك يُحيِّر العقلاء والمتابعين .
ولو بحثنا عن أسباب الثبات في مواقف الشِّدة ، لم نجدها في قوة البدن أو كثرة العلم أو كثرة الدروس والمحاضرات ، ولكنها في تثبيت الله للمؤمن ، حتى إنك لَتَجِد بعض من تظنه من العوام وأنه غير حَريٍّ بالثبات عند المحن ، فإذا جاءت المحنة كان أثبت من الجبال الراسيات .
وتثبيت الله لمن يثبِّته إنما هو بسبب رصيده الإيماني الذي يلازمه في كل أحيانه .
قال الله - تعالى - : {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } ( إبراهيم : 27 ) ؛ فالتثبيت للمؤمنين ، وهو شامل لحال المؤمن في الدنيا كما في الآخرة ، والقول الثابت هو قول الحق فلا يُغيَّر ولا يُبدَّل تحت طغيان الإغراء بالشهوات أو التهديد بالعقوبات ، وقد ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عجيب التثبيت ما ذكره عمَّن كان قبلنا ، فقال : « كان الرجل فيمن قبلكم يُحفَر له في الأرض ، فَيُجْعل فيه ، فيُجاء بالمنشار ، فيوضع على رأسه فَيُشق باثنتين ، وما يصده ذلك عن دينه ، ويُمْشَط بأمشاط الحديد ، ما دون لحمه من عظم أو عصب ، وما يصده ذلك عن دينه » ، ثم أردف قائلاً : « والله لَيُتمَّن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون » مبَيِّنًا أن هذا الدين منصور وظاهر ، وأن على المسلم التمسك به والثبات عليه ولا يستعجل ؛ فإن العاقبة للمؤمنين .
ومن عجيب التثبيت للمؤمن أن يقيض الله من العوام مَنْ يُثبِّت العلماء .
قال أحمد بن حنبل في محنة خَلْق القرآن : « ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلَّمَني بها في رحبة طوق .
قال : يا أحمد ! إن يقتلك الحق مُتَّ شهيدًا ، وإن عشت عشت حميدًا ، فقوي قلبي » .
وفي ظل غربة الإسلام ؛ فإن الدعاة إلى الله مِنْ أكثر مَنْ يحتاجون للتثبيت لتعرُّضهم للمحن الشديدة ، وليس وراء الإيمان والعمل الصالح طريق آخر إلى الثبات .المصدر :
مجلة البيان
طريق الثبات
أ. قـلـم الـتحـرير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تمر بالإنسان - أحيانًا كثيرة - لحظات تخور معها عزيمة الرجال الأشداء ؛ فلا يثبتون في مواقف الشدة ، حتى إن من كان يُنظَر إليه على أنه من الثابتين الذين يُثبِّتون الناس ويدفعونهم في طريق الرِّباط قد خارت قواه ؛ فلم يقوَ على مواصلة السير ، ولم يقتصر أمره على الوقوف وإنما تراجع القهقرى ، في مسلك يُحيِّر العقلاء والمتابعين .
ولو بحثنا عن أسباب الثبات في مواقف الشِّدة ، لم نجدها في قوة البدن أو كثرة العلم أو كثرة الدروس والمحاضرات ، ولكنها في تثبيت الله للمؤمن ، حتى إنك لَتَجِد بعض من تظنه من العوام وأنه غير حَريٍّ بالثبات عند المحن ، فإذا جاءت المحنة كان أثبت من الجبال الراسيات .
وتثبيت الله لمن يثبِّته إنما هو بسبب رصيده الإيماني الذي يلازمه في كل أحيانه .
قال الله - تعالى - : {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ } ( إبراهيم : 27 ) ؛ فالتثبيت للمؤمنين ، وهو شامل لحال المؤمن في الدنيا كما في الآخرة ، والقول الثابت هو قول الحق فلا يُغيَّر ولا يُبدَّل تحت طغيان الإغراء بالشهوات أو التهديد بالعقوبات ، وقد ذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عجيب التثبيت ما ذكره عمَّن كان قبلنا ، فقال : « كان الرجل فيمن قبلكم يُحفَر له في الأرض ، فَيُجْعل فيه ، فيُجاء بالمنشار ، فيوضع على رأسه فَيُشق باثنتين ، وما يصده ذلك عن دينه ، ويُمْشَط بأمشاط الحديد ، ما دون لحمه من عظم أو عصب ، وما يصده ذلك عن دينه » ، ثم أردف قائلاً : « والله لَيُتمَّن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون » مبَيِّنًا أن هذا الدين منصور وظاهر ، وأن على المسلم التمسك به والثبات عليه ولا يستعجل ؛ فإن العاقبة للمؤمنين .
ومن عجيب التثبيت للمؤمن أن يقيض الله من العوام مَنْ يُثبِّت العلماء .
قال أحمد بن حنبل في محنة خَلْق القرآن : « ما سمعت كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابي كلَّمَني بها في رحبة طوق .
قال : يا أحمد ! إن يقتلك الحق مُتَّ شهيدًا ، وإن عشت عشت حميدًا ، فقوي قلبي » .
وفي ظل غربة الإسلام ؛ فإن الدعاة إلى الله مِنْ أكثر مَنْ يحتاجون للتثبيت لتعرُّضهم للمحن الشديدة ، وليس وراء الإيمان والعمل الصالح طريق آخر إلى الثبات .المصدر :
مجلة البيان
تعليق