الخطوة الأيسر!!
لستَ بحاجة لتسليم زمام خواطرك وأفكارك للشيطان؛ فيسرح بها في شعاب بعيدة ذات اليمين وذات الشمال؛ طامساً من قلبك نوره، ومثيراً في نفسك نوازغ شرورها!! وإنما كان يكفيك أن تخطو (الخطوة الأيسر) فعلاً؛ والمتمثلة في قطع الطريق عليه؛ من خلال تحويل وجهة أفكارك وخواطرك بعيداً عن مستنقع المعاصي الذي يريد إيقاعك فيه؛ وذلك بشغل حيز تفكيرك - ليس بالمباحات فحسب - وإنما بالسعي إلى الأعمال الصالحات!! حتى يتحول داعي الشيطان في النفس مع مرور الأيام؛ إلى حافز مناعة تلقائي؛ يحثها على فعل الخيرات؛ وينفرها من الموبقات!! حيينها فقط؛ سوف يفكر الشيطان ملياً؛ قبل أن يحاول تكرار الوسوسة؛ خشية أن تؤول في نهاية المطاف إلى وقوع ما يخشاه من فعل الخيرات وترك المنكرات وليس العكس!!
وعليه يتضح أن (الخطوة الأيسر) في هذا المقام، قد تمثلت في عدم التمادي مع وساوس الشيطان، وإحجام زمام الخواطر والأفكار منذ البداية عن التمادي معه في شعابها، بل وتحويل وجهتها إلى ما هو خير!!
تماماً كما أن (الخطوة الأيسر) للابتعاد بالنفس عن مثيرات الشهوة المحرمة؛ قد تمثلت في غض البصر، الذي يعافي الله به عبده من سموم سهام الشيطان، ويبدله نوراً يجد حلاوته في قلبه إلى يوم يلقاه!!
وكذا فإن (الخطوة الأيسر) في الوصول إلى السلامة من الوقوع في أعراض الناس؛ قد تمثلت في كثرة الذكر، والابتعاد عن اللغو، والإنكار الفوري دون هوادة؛ لمن يتجرأ على أكل لحوم الناس، وتذكيره بفحش قوله!!
أما فيما يخص المعاملات المادية والعلاقات الاجتماعية؛ فإن (الخطوة الأيسر)؛ تتمثل في مراقبة الله تعالى، واستحضار سلامة الصدر مع الناس، وتمني الخير لهم، وجعل الفيصل في تلك المعاملات وهذه العلاقات، تقوى الله تعالى، والحرص على نيل مرضاته؛ من خلال التعالي عن حظوظ النفس، شوقاً لنعيم الآخرة؛ مستحضراً قول السلف الصالح : (من نافسك في الآخرة فنافسه، ومن نافسك على الدنيا فألقها في نحره)!!
أما في وقوع البلاء والشدة ( نسأل الله العافية)؛ فإن (الخطوة الأيسر)؛ تتمثل في تذكر هوان الدنيا على الله تعالى وسرعة زوالها، وأن الآخرة هي دار القرار والاستقرار؛ فيهون ذلك من شدة البلاء، وتسكن النفس من اللأواء!!
وللعون على فعل الخيرات، والاستزادة من الطاعات؛ فإن (الخطوة الأيسر)، تتمثل في عدم منح النفس أي فرصة للتردد في القيام بأي سانحة من الطاعات، وبذل أقصى الجهد؛ لمقاومة ركودها بالمغالبة، وشرورها بالتزكية؛ حتى يحدث لها الأنس بالطاعات التي ييسرها الله لها برحمته؛ كجزاء على قيامها بالطاعات، وتسعد بالمزيد من فعل الخيرات التي تتبع بفضل الله فعلها الخيرات!!
وختاماً . . فإن القليل من التفكير في سلامة النفس من الولوج في متاهات الشرور، والسقوط في مستنقعات المعاصي؛ سوف يدفعنا حتما إلى اتخاذ آلية (الخطوة الأيسر) كمنهج رباني راسخ منذ القدم؛ بقوله تعالى : (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) فهل لنا أن نخطو دائماً في طريقنا نحو الله والجنة (الخطوة الأيسر)؟!
تعليق