بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؛
أما بعد..
فَـيـَــــا عِـبـَــادَ اللهِ سَــارِعُــــواْ...
يقول الله جلَّ جلاله:
{ وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } [آل عمران: 133]،
وفي الآية الكريمة يأمرنا الله تعالى بالإسراع لنيل المغفرة، والحصول على الجائزة الثمينة، والسلعة الغالية وهي الجنة بإذن الله.
والإسراع في عمل الصالحات هو دأب الصالحين ونهج المتقين وسيرة الصالحين للقرب من الله تعالى وليّ المؤمنين.
المسلم يعلم يقيناً أن الزاد النافع هو الأعمال الصالحة؛ فلتحرص أخي الكريم على الاستزادة من الخيرات والتقرب لله تعالى بكل أنواع الطاعات،
ولتجعل نهجك وشعارك المنافسة في عمل الخير، يقول الله تعالى:
{ خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ } [المطففين: 26]،
فهنيئاً لمن تسابق في الخير، وكل البشرى لمن اغتنم الأوقات وعَمِلَ الصالحات.
سبل الإسراع للفوز برضا الله تعالى:
ومن سبل الإسراع لمغفرة الله تعالى استثمار كل ما يملكه المسلم من وقت ومال وجهد لتزيد أعماله من حسناته،
والمسلم الفطن هو الذي يستغل أوقاته الثمينة في ذكر الله ومشاركة المسلمين في كل أبواب الخير،
فيشترك في بناء المساجد ويتصدَّق ويكون له نصيب أيضاً في الدعوة إلى الله تعالى، ومن تلك السبل للإسراع لنيل مغفرة الله تصحيح النية وإخلاصها لله،
فكل أعمال الخير التي يحتسب المسلم أجرها تصبح في ميزانه؛ كزواجه وإنفاقه على أهل بيته، تعليمه لأولاده، التبسم في وجوه المسلمين،
وفك كربة عن مسلم أو مساعدته، فاحتساب الأجر هو الأساس الراسخ لقبول الأعمال الصالحة.
فلنَسْعَ بجَدٍّ ونُســارِع لمـغفـــرةِ الله والفــــوز بجنتــه.
الـدُّنْـيـَــــا كُلُّـهـَـــــا تَمْـضِــــي...
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:
" إن هذه الدنيا كلها تمضي، وكل شيءٍ فيها فإنه عبرة،
إن نظرت إلى الشمس تخرج في أول النهار ثم تأفل في آخر النهار وتزول، هكذا وجود الإنسان في الدنيا يخرج ثم يزول.
إن نظرنا إلى القمر كذلك يبدو أول الشهر هلالاً صغيرًا، ثم لا يزال ينمو ويكبر فإذا تكامل؛
بدأ بالنقص {حَتَّىٰ عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ} [يس:39].
كذلك؛ إذا نظرنا إلى الشهور تجد الإنسان يتطلع إلى الشهر المقبل تطلع البعيد، فمثلاً يقول:
نحن الآن في الشهر الثاني عشر بقي على رمضان ثمانية أشهر فما أبعدها!
وإذا به يمرُّ عليها بسرعة، وكأنها ساعة من نهار!
هكذا العمر أيضًا -عمر الإنسان- تجده يتطلع إلى الموت تطلعًا بعيدًا ويؤمِّل وإذا بحبل الأمل قد انصرم، وقد فات كل شيء!
تجده يحمل غيره على النعش ويواريه في التراب ويفكر: متى يكون هذا شأني؟ متى أصل إلى هذه الحال؟
وإذا به يصل إليها وكأنه لم يلبث إلا عشية أو ضحاها!
أقول هذا من أجل أن أحمل نفسي وأحمل إخواني على المبادرة باغتنام الوقت، وألا نُضيِّع ساعة ولا لحظة إلا ونحن نعرف حسابنا فيها،
هل تقرَّبنا إلى الله بشيء؟
هل نحن ما زِلنا في مكاننا؟
ماذا يكون شأننا؟
علينا أن نتدارك الأمور قبل فوات الأوان، وما أقرب الآخرة من الدنيا!
وكان أبو بكر رضي الله عنه يتمثَّل كثيرًا بقول الشاعر:
كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ *** وَالمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ
اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الأخرة حسنة وقِنا عذاب النار.
أسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة، وأن يجعل مستقبل أمرنا خيرًا من ماضيه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته ".
*********************
مصــدر النقــل: طريق الإسلام
رحم الله الإمام بن عثيمين رحمة واسعة من عنده وأدخله برحمته الفردوس الأعلى من الجنة
تعليق