Tweet
فن تدنيس القلوب!!!!!
تغشى النفس في بعض الأحيان مشاعر إيمانية صافية، على إثر موعظة مؤثرة، أو مجالسة صحبة طيبة، أو تفاعلاً مع حدث إيماني مفاجئ؛ فتسكن النفس إلى داعي الله والدار الآخرة، وتسيطر عليها مشاعر الطمأنينة، وتسمو فيها همم الخير التي طالما خمدت طويلاً؛ بسبب أثقال من الران الكئيب الذي تراكم عليها!!
فإذا ما تحررت النفس من تلك الأثقال؛ لم تجد وساوس الشيطان متسعاً لها؛ حين يعلو صوت الحق مجلجلاً بصداه في جنباتها؛ فتتباين أمام عينه على الفور حقائق ما اقترفت يداه في السابق من الأعمال!! فيندم على ما كان من أفعال السوء، ويتذلل إلى الله رغبة ورهبة؛ رجاء أن يتقبل منه ما يسره له من أفعال الخير!!
وجدير بعبد ارتقي لتلك الحالة من المشاعر الإيمانية الصادقة؛ أن يسارع باستثمارها في فعل المزيد من الخيرات، اغتناماً لما عُرف من أن (جزاء الحسنة الحسنة تتبعها)!!
إلا أن البعض قد يعتبر تلك المشاعر مسوغاً للدعة والتراخي؛ اعتماداً على رصيد الطاعات، وما كان من فعل الخيرات!! ثم لا يلبث القلب طويلاً حتى يتقلب بمخالطة أهل الغفلة؛ ويفقد قدراً من تلك الشفافية شيئاً فشيئاً، غير أن صاحبه لا يزال يمني نفسه بأنه مازال متمتعاً بنفس المستوى من الصدق والصفاء مع الله تعالى!! وعليه فلن تؤثر فيه المكروهات، بل ولن تضره الصغائر بأنواعها!!
فإذا ما باعدت الغفلة بينه وبين منابع الوحي، من قراءة القرآن وتعلم السنة، ومخالطة الصالحين وكثرة الذكر؛ صار استمراء المعاصي لديه؛ ممهداً لفتح ثغرات كبيرة للشيطان كمنافذ إلى النفس؛ كي يتسلل منها لينبت فيها خبيئة السوء!! فإذا ما رأى صاحبها يؤتى من الشهوة أنبت في قلبه بذرتها، وإن رأى جهله مهيئاً للوقوع في مستنقع الشبهة؛ غرس في عقله نبتتها؛ ثم أتبع ذلك بحتمية تعلق قلبه بأسبابها؛ لكي يضمن دوام سقايتها!!
فجعل من استمراء المواقع الإباحية لدى أهل الشهوة أكبر غذاء مسموم لدوام تدنيس قلوبهم، وسقي بذرة خبيئة السوء فيها!! وجعل من الأهواء والاعتزاز بالرأي، واعتماد العقل وحده كمعيار للقياسات، مهما كان فساد رأيه؛ مادة تغذية أهل الشبهة، فحبب إليهم الجدال بالباطل، واتخذ منه غذاء لنبتة خبيئة السوء فيها!!
ومع مرور الزمن وترعرع نبتة خبيئة السوء في تلك القلوب؛ تزداد بعداً عن ربها، وقرباً من شقائها في الدنيا وعذابها في الآخرة!! وكل ذلك بسبب غفلتها عن الأخذ بأسباب قربها من ربها، وصيانة ما كان من هدايتها، وما يسره الله لها من أسباب رحماتها!!
إن الغفلة عن الله والدار الآخرة ليست درباً من دروب النسيان أو السهو؛ وإنما هي وباء يجتاح النفس؛ فيطمس خيرها ويثير شرورها؛ حتى يجد الشيطان أمامه الكثير من الثغرات للنفوذ إليها!!
لذا؛ ينبغي على كل مخلص، قد صدق الله في طلب مرضاته والدار الآخرة، أن يعمل على صيانة قلبه من الدنس؛ بالتشبث بأسباب حياة ذلك القلب؛ بالذكر والمسابقة إلى فعل الطاعات وترك المنكرات، والبعد كل البعد عن جميع أسباب الغفلة؛ لأنها الآفة الوحيدة الجامعة لكل فنون ( وإن شئت فقل) . . لكل رزايا تدنيس القلوب!!
تعليق