السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دعوها فإنها منتنة
من المسائل التي لا يزال كثير من الناس يتنازعون فيها بأهوائهم، ويردون فيها الحق بعد ما تبين مسألةُ العصبية الجاهلية، من قبلية وإقليمية وعرقية.
ليست هذه العصبيات من المسائل المشكلة التي اختلف فيها العلماء، وليست من المسائل التي يكون تركها من قبيل الورع والتحوط، فلا يلام من وقع في لوثتها؛ ولكنها كبيرة من الكبائر في كثير من صورها، وهي بكل صورها جاهليةٌ من لوثات الجاهلية الأولى.
وهذه العصبية الجاهلية لم يتوانَ الإسلام في محاربتها، ولم يداهنها في بادئ أمره، ولا في منتهاه، بل حاربها في أول ما حارب من مسائل الجاهلية؛ لأنها تناقض الولاء الذي دعا الناسَ إليه، والذي لا قيام لدولته بدونه، هذه العصبيات تناقض أصلَ الولاء أو كماله؛ لأنها تجعل للقبيلة أو للإقليم ولاءً خاصًّا يوالي عليه الناسُ ويعادون، وبه يفاخرون غيرهم ويستحقرون.
وبهذا الولاء البغيض يحابون أهله، ويفضلونهم على غيرهم، ويؤثرونهم على غيرهم فيما الناس شركاء فيه. ويجعلون هذا الولاء معقدًا للتناصر ولو بالباطل، ينصرون أبناء عشيرتهم أو إقليمهم، وإن كانوا هم الظالمين.
لقد جاء الإسلام والناس قبائلُ متناحرةٌ، يوالون على القبيلة ويعادون، فألف بين قلوبهم وأذهب عنهم رجس الشيطان، وشرع لهم ولاءً هو خير لهم في دنياهم وآخرتهم، فكان سلامًا وسلمًا على أنفسهم وأهليهم، وانتظمهم إخوةً متحابين متآلفين، فكانت نعمةً خُلد ذكرها في القرآن: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 103].
وقال سبحانه: (وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 62- 63].
إن الولاء الذي جاء به الإسلام وفرضه على أهله هو أرحم لهم من كل ولاء يتوالون عليه، وهو الولاء الذي يستحقون به الاستعلاء على غيرهم وإظهار العزة عليهم؛ لأنهم هم المسلمون وغيرهم الكافرون، وكل مسلم وإن لم يكن في قلبه إلا مثقال حبة من إيمان فهو أعز وأعلى وأشرف عند الله وعند عباده المؤمنين من ملء الأرض من أمثالهم من الكافرين.
لقد جاء الإسلام بعصبية جديدة نسخت كل عصبية، وهي عصبية مشروعة موافقة لصريح الشرع وصحيح العقل؛ لأنها عصبية مهذبة لا تشابه عصبيةً من العصبيات الجاهلية، ولأنها عصبية لا تتوجه إلا على أعداء الإسلام.
إنها عصبية أوسع للمسلمين من كل عصبية، فهي تسع المسلمين جميعًا، عربيّهم وأعجميهم، غنيّهم وفقيرهم، ذكرهم وأنثاهم، لا تفرق بين قبيلة وقبيلة، ولا بين عِرق وعرق.
هي عصبية يستطيع كل أحد أن ينضم إليها فتحوطه دائرتها، بخلاف عصبيات الجاهلية من قبلية وعرقية وإقليمية التي تفرّق الناس بما لا اختيار لهم فيه، وهل رأيتم أحدًا يختار قبيلته أو إقليمه أو عِرقَه؟!
عصبية الإسلام هي سلام لا تضر غير أهلها شيئًا ولو كان أكفر كافر؛ ذلك أنها عصبية هذبها الإسلام فمنع فيها النصرة بالظلم، فلا ينصر مسلم على كافر بالظلم من أجل أنه مسلم، بل تجب نصرة الكافر على المسلم ورد مظلمته إذا ناله المسلم بظلم وعدوان.
دعوها فإنها منتنة
من المسائل التي لا يزال كثير من الناس يتنازعون فيها بأهوائهم، ويردون فيها الحق بعد ما تبين مسألةُ العصبية الجاهلية، من قبلية وإقليمية وعرقية.
ليست هذه العصبيات من المسائل المشكلة التي اختلف فيها العلماء، وليست من المسائل التي يكون تركها من قبيل الورع والتحوط، فلا يلام من وقع في لوثتها؛ ولكنها كبيرة من الكبائر في كثير من صورها، وهي بكل صورها جاهليةٌ من لوثات الجاهلية الأولى.
وهذه العصبية الجاهلية لم يتوانَ الإسلام في محاربتها، ولم يداهنها في بادئ أمره، ولا في منتهاه، بل حاربها في أول ما حارب من مسائل الجاهلية؛ لأنها تناقض الولاء الذي دعا الناسَ إليه، والذي لا قيام لدولته بدونه، هذه العصبيات تناقض أصلَ الولاء أو كماله؛ لأنها تجعل للقبيلة أو للإقليم ولاءً خاصًّا يوالي عليه الناسُ ويعادون، وبه يفاخرون غيرهم ويستحقرون.
وبهذا الولاء البغيض يحابون أهله، ويفضلونهم على غيرهم، ويؤثرونهم على غيرهم فيما الناس شركاء فيه. ويجعلون هذا الولاء معقدًا للتناصر ولو بالباطل، ينصرون أبناء عشيرتهم أو إقليمهم، وإن كانوا هم الظالمين.
لقد جاء الإسلام والناس قبائلُ متناحرةٌ، يوالون على القبيلة ويعادون، فألف بين قلوبهم وأذهب عنهم رجس الشيطان، وشرع لهم ولاءً هو خير لهم في دنياهم وآخرتهم، فكان سلامًا وسلمًا على أنفسهم وأهليهم، وانتظمهم إخوةً متحابين متآلفين، فكانت نعمةً خُلد ذكرها في القرآن: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) [آل عمران: 103].
وقال سبحانه: (وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 62- 63].
إن الولاء الذي جاء به الإسلام وفرضه على أهله هو أرحم لهم من كل ولاء يتوالون عليه، وهو الولاء الذي يستحقون به الاستعلاء على غيرهم وإظهار العزة عليهم؛ لأنهم هم المسلمون وغيرهم الكافرون، وكل مسلم وإن لم يكن في قلبه إلا مثقال حبة من إيمان فهو أعز وأعلى وأشرف عند الله وعند عباده المؤمنين من ملء الأرض من أمثالهم من الكافرين.
لقد جاء الإسلام بعصبية جديدة نسخت كل عصبية، وهي عصبية مشروعة موافقة لصريح الشرع وصحيح العقل؛ لأنها عصبية مهذبة لا تشابه عصبيةً من العصبيات الجاهلية، ولأنها عصبية لا تتوجه إلا على أعداء الإسلام.
إنها عصبية أوسع للمسلمين من كل عصبية، فهي تسع المسلمين جميعًا، عربيّهم وأعجميهم، غنيّهم وفقيرهم، ذكرهم وأنثاهم، لا تفرق بين قبيلة وقبيلة، ولا بين عِرق وعرق.
هي عصبية يستطيع كل أحد أن ينضم إليها فتحوطه دائرتها، بخلاف عصبيات الجاهلية من قبلية وعرقية وإقليمية التي تفرّق الناس بما لا اختيار لهم فيه، وهل رأيتم أحدًا يختار قبيلته أو إقليمه أو عِرقَه؟!
عصبية الإسلام هي سلام لا تضر غير أهلها شيئًا ولو كان أكفر كافر؛ ذلك أنها عصبية هذبها الإسلام فمنع فيها النصرة بالظلم، فلا ينصر مسلم على كافر بالظلم من أجل أنه مسلم، بل تجب نصرة الكافر على المسلم ورد مظلمته إذا ناله المسلم بظلم وعدوان.
تعليق