لماذا تقسو قلوبنا بعد "الالتزام"؟!
كم من واحد منا يقول في نفسه:
يوم التزمتُ، وجدَتْ روحي أفراحها، لامَسَتْ شعلةُ الوحي زيتَ الفطرة النقي، فكان النورُ الذي أضاء قلبي. أول دمعة مع تلاوة القرآن، أول رحلة عمرة، أول ليلة أقوم فيها لله...وجدتُ فيها نفسي التي لطالما بحثت عنها في أعماقي! فكانت هذه الأشياء تعني لي الكثير. لقد كانت خارطتي هي: "أنا"، وكانت "أنا" تشرب من معين الحياة كل يوم بعد ظمأ سنين الغفلة، فتحس بالرِيِّ، والأنس والأشواق...
ثم...أدركَتْ "أنا" أنها جزء من الأمة الإسلامية، فتفتحت عيناها على مآسي الأمة!
هنا، بلغت العاطفة وحياة القلب ذروتها! أصبحتُ أحس بكل إخواني وأخواتي على وجه الأرض، كلي حب وإشفاق على إخوتي الأسرى والمعذَّبين، وغيرة على حرمات أخواتي المغتصبات، وحنان على الأطفال المشردين. أصبحت خارطتي هي "الأمة"...طموحاتي: إنقاذ الأمة...لن يروي ظمأي غير ذلك!
وعلى رغم الألم، كنتُ في تلك الأيام في ذروة حياة القلب ورقَّتِه وعلو همته واتِّقادِ أمله.
لكن، رويداً رويدا...حصل التحول الخطير! لم أجد خارطة الطريق للهدف العظيم (إنقاذ الأمة)..أو ربما وجدتها لكن نفسي لم تكن مستعدة بعدُ للسير فيها.
هنا...علِقْتُ في المنتصف! فلا أنا أنقذتُ الأمة، ولا أنا بقيت على حال الطمأنينة والسعادة التي ذقتها أول التزامي!
ما كان يعني الكثير لي بالأمس ما عاد يعني لي شيئا! لأنه لا يؤدي إلى الهدف العظيم (إنقاذ الأمة) في نظري...طيب، ألا يصب في صالح نفسي وتزكيتها؟ بلى، لكن خارطتي لم تَعُدْ نفسي، بل خارطتي الآن هي "الأمة".
أصبح شعاري: (so what?)! "إيش يعني؟"، "كل هذا لا يفيد"...لأن كل ما كان يبهجني بالأمس لا يؤدي إلى "إنقاذ الأمة".
تكاد عيني تبكي مع القرآن أو مع قصة أسمعها، أكاد أفرح لأنني –أخيرا- سأبكي من جديد!...لكن يهجم علي صوت: "إيش يعني؟!" ولو بكيت...حررت فلسطين! فتنحبس دمعتي.
في صلاتي، أريد أن أستجمع قوتي لأخشع...أخشع؟! ثم ماذا إذا خشعت؟
-أؤدي صلاتي على أكمل وجه!
- يعني هل سيقبل الله منك وأنت قد قصرت في نصرة الأمة؟ تتهرب من واجبك الحقيقي وتريد أن تقنع نفسك أن المطلوب منك الخشوع في الصلاة! وبماذا سينفع خشوعُك إخوانَك الذين تحت القصف في غزة؟!
- فأستسلم، وأشعر أني "مزور"، وتضيع محاولة الخشوع.
- حتى في مباهج الحياة اليومية...ابنتي جاءتني مبتسمة وفي عينيها بريق الطفولة، فرحة لأنها حصلت على علامة كاملة في مادة كانت تتصعب منها...أشجعها بفتور بينما أقول لنفسي: so what?!، وماذا تفيد هذه العلامة وأطفال المسلمين في بورما يقتلون ويعذبون؟!
بل وأصبحتُ أحقر جهود الآخرين! داعية يروي قصة مؤثرة فيتفاعل الناس معها في التعليقات، فأعلق أنا: (جزاك الله خيرا يا شيخ، لكن أنتم في واد والمسلمون في واد!...
تتكلم عن مكارم الأخلاق بينما النساء في سوريا يغتصبن؟!)...
آخر يعالج شبهة ليَلْقى الناس ربهم بقلب سليم لشريعته سبحانه فأعلق: (كل هذا لا يفيد! ما لم يكن للإسلام قوة وحكم فستبقى الشبهات تُثار ومعاول الأعداء تهدم ما نبنيه)! كأنني أصبحت أنا نفسي معول هدم وأنا لا أشعر؟!
باختصار، لقد فقدت "نفسي"، ولم أنقذ "الأمة"!
طيب ما الحل؟ أعود إلى نفسي وأنسى أمتي؟ وهل يجوز لي ذلك؟
كان هذا تشخيصا لما يحدث مع كثير منا...بوحا بالصوت الداخلي الذي نسمعه من أعماقنا.
أما الحل ففي الكلمة التالية:
الخروج من دائرة الإحباط وقسوة القلب
كم من واحد منا يقول في نفسه:
يوم التزمتُ، وجدَتْ روحي أفراحها، لامَسَتْ شعلةُ الوحي زيتَ الفطرة النقي، فكان النورُ الذي أضاء قلبي. أول دمعة مع تلاوة القرآن، أول رحلة عمرة، أول ليلة أقوم فيها لله...وجدتُ فيها نفسي التي لطالما بحثت عنها في أعماقي! فكانت هذه الأشياء تعني لي الكثير. لقد كانت خارطتي هي: "أنا"، وكانت "أنا" تشرب من معين الحياة كل يوم بعد ظمأ سنين الغفلة، فتحس بالرِيِّ، والأنس والأشواق...
ثم...أدركَتْ "أنا" أنها جزء من الأمة الإسلامية، فتفتحت عيناها على مآسي الأمة!
هنا، بلغت العاطفة وحياة القلب ذروتها! أصبحتُ أحس بكل إخواني وأخواتي على وجه الأرض، كلي حب وإشفاق على إخوتي الأسرى والمعذَّبين، وغيرة على حرمات أخواتي المغتصبات، وحنان على الأطفال المشردين. أصبحت خارطتي هي "الأمة"...طموحاتي: إنقاذ الأمة...لن يروي ظمأي غير ذلك!
وعلى رغم الألم، كنتُ في تلك الأيام في ذروة حياة القلب ورقَّتِه وعلو همته واتِّقادِ أمله.
لكن، رويداً رويدا...حصل التحول الخطير! لم أجد خارطة الطريق للهدف العظيم (إنقاذ الأمة)..أو ربما وجدتها لكن نفسي لم تكن مستعدة بعدُ للسير فيها.
هنا...علِقْتُ في المنتصف! فلا أنا أنقذتُ الأمة، ولا أنا بقيت على حال الطمأنينة والسعادة التي ذقتها أول التزامي!
ما كان يعني الكثير لي بالأمس ما عاد يعني لي شيئا! لأنه لا يؤدي إلى الهدف العظيم (إنقاذ الأمة) في نظري...طيب، ألا يصب في صالح نفسي وتزكيتها؟ بلى، لكن خارطتي لم تَعُدْ نفسي، بل خارطتي الآن هي "الأمة".
أصبح شعاري: (so what?)! "إيش يعني؟"، "كل هذا لا يفيد"...لأن كل ما كان يبهجني بالأمس لا يؤدي إلى "إنقاذ الأمة".
تكاد عيني تبكي مع القرآن أو مع قصة أسمعها، أكاد أفرح لأنني –أخيرا- سأبكي من جديد!...لكن يهجم علي صوت: "إيش يعني؟!" ولو بكيت...حررت فلسطين! فتنحبس دمعتي.
في صلاتي، أريد أن أستجمع قوتي لأخشع...أخشع؟! ثم ماذا إذا خشعت؟
-أؤدي صلاتي على أكمل وجه!
- يعني هل سيقبل الله منك وأنت قد قصرت في نصرة الأمة؟ تتهرب من واجبك الحقيقي وتريد أن تقنع نفسك أن المطلوب منك الخشوع في الصلاة! وبماذا سينفع خشوعُك إخوانَك الذين تحت القصف في غزة؟!
- فأستسلم، وأشعر أني "مزور"، وتضيع محاولة الخشوع.
- حتى في مباهج الحياة اليومية...ابنتي جاءتني مبتسمة وفي عينيها بريق الطفولة، فرحة لأنها حصلت على علامة كاملة في مادة كانت تتصعب منها...أشجعها بفتور بينما أقول لنفسي: so what?!، وماذا تفيد هذه العلامة وأطفال المسلمين في بورما يقتلون ويعذبون؟!
بل وأصبحتُ أحقر جهود الآخرين! داعية يروي قصة مؤثرة فيتفاعل الناس معها في التعليقات، فأعلق أنا: (جزاك الله خيرا يا شيخ، لكن أنتم في واد والمسلمون في واد!...
تتكلم عن مكارم الأخلاق بينما النساء في سوريا يغتصبن؟!)...
آخر يعالج شبهة ليَلْقى الناس ربهم بقلب سليم لشريعته سبحانه فأعلق: (كل هذا لا يفيد! ما لم يكن للإسلام قوة وحكم فستبقى الشبهات تُثار ومعاول الأعداء تهدم ما نبنيه)! كأنني أصبحت أنا نفسي معول هدم وأنا لا أشعر؟!
باختصار، لقد فقدت "نفسي"، ولم أنقذ "الأمة"!
طيب ما الحل؟ أعود إلى نفسي وأنسى أمتي؟ وهل يجوز لي ذلك؟
كان هذا تشخيصا لما يحدث مع كثير منا...بوحا بالصوت الداخلي الذي نسمعه من أعماقنا.
أما الحل ففي الكلمة التالية:
الخروج من دائرة الإحباط وقسوة القلب
الدكتور إياد قنيبى