السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عاقبة الظلم ومصارع الظالمين
عناصر الموضوع
عاقبة الظلم وبيان أنه من أسباب هلاك الأمم
تنزيه الله عن الظلم
صور الظلم
نهاية الظالمين أليمة
نماذج من الظلمة الذين أخذهم الله
عاقبة الظلم وبيان أنه من أسباب هلاك الأمم
فإن الظلم مرتعه وخيم وعاقبته وبيلة، هو منبع الرذائل ومصدر الشرور، يأكل الحسنات ويمحق البركة ويجلب الويلات، يورث العداوات ويسبب القطيعة والعقوق، متى فشا الظلم في أمة وشاع فيها أهلكها، ومتى حل في قرية دمرها، ولو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما، هناك ظلم عند الأفراد وظلم عند الأمم والجماعات.
الظلم عدوان على حق الغير ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي ومجاوزة حد الشارع، وكل ذنب عصي الله به فهو ظلم وعلى رأس ذلك الشرك بالله: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ سورة لقمان 13 قد يظلم الإنسان نفسه أو يظلم غيره، والله تعالى قد أمر بالعدل وحرم الظلم والبغي والعدوان كما قال في الآية الكريمة: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ سورة النحل90، وهكذا الشرع إذا أمر بشيء نهى عن ضده لتكميل القضية من جوانبها، وهذه الآية ما من عدل ولا فضل ولا استقامة إلا وتأمر به، وما من ظلم ولا عصيان ولا فساد إلا وتنهى عنه.
إن الظلم من أعظم الأسباب التي يهلك الله عز وجل بها القرى، قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].
وكم يحصل في بعض الأمم وفي بعض القرى من الظلم .. ظلم الناس لربهم جل وعلا، وظلم الناس بعضِهم بعضاً، تجد كثيراً من العمال والموظفين ومن الأجانب ومن المغتربين من يمكث عدة أشهر ولا يحصل من مسئوله ومديره وكفيله على دينارٍ واحد، وكم جاءنا ممن يبكي بين أيدينا ويشتكي من كفيله الذي حرمه لقمة العيش لأولاده!
يقول بعضهم: مكثت ستة أشهر ولم يعطنِي ديناراً واحداً، ولو اشتكيت عليه لهدَّدني بالسفر وبالرجوع والطرد إلى بلادي..
وكم هو الظلم الذي يحصل في بعض البلاد لصغار الناس والموظفين والعمال والمواطنين الذين لا يستطيعون أن يحصلوا على بعض حقوقهم فضلاً عنها كلها، إنه الظلم يا عباد الله!
ومن أعظم الظلم ما يكون على المؤمنين الموحدين، وعلى الدعاة إلى الله جل وعلا، وعلى أولياء الرحمن، وإن وقع الظلم على هؤلاء فاعلم أن هذه القرية تحارب الله جل وعلا، وهذه القرية تنتظر بعث الله تبارك وتعالى يأتيها صباحاً أو مساءً، بياتاً أو هم قائلون، واسمع إلى قوله تعالى: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً [الكهف:59].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله: "إن الدول تزول مع الظلم ولو كانت مسلمة"، ولو كان أهلها مسلمون، ولو كانوا مصلين، ولو كانوا راكعين، ولو كانوا ساجدين، فإنهم يزولون؛ لأن فيهم الظلم.
عباد الله: إياكم إياكم والظلم! فإن الله تعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً.
تنزيه الله عن الظلم
نزه الله نفسه عن الظلم : وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ سورة غافر31 وقال في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) ، كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه من هول ما فيه.
الله عز وجل يبغض الظالمين ويحب المقسطين أهل العدل: وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ سورة الحجرات9 وقال: وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ سورة آل عمران57، وذكر خيبتهم فقال: إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ سورة الأنعام21 فالظالم محروم من الفلاح في الدنيا والآخرة مصروف عن الهداية في أمور دينه ودنياه، توعده الله: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ سورة الزخرف65، وهددهم بسوء العاقبة: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ سورة الشعراء227، وطردهم عن رحمته: فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ سورة المؤمنون41، فأخبر سبحانه أن هؤلاء الظالمين بعيدون عن رحمته جزاء ما عملوه، وقال: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ سورة هود18 فكل ظالم له حظ من هذه اللعنة بقدر ظلمه فليستقل أو ليستكثر، والظلم ظلمات يوم القيامة، فلا يهتدي الظالم يوم القيامة بسبب ظلمه في الدنيا، فربما وقع في حفرة في النار.
صور الظلم
- ولظلم العباد ألوان وصور كثيرة: كمنعهم من حقوقهم والتفريط فيها وفعل ما يضر بهم، غير أن أقبح صوره البغي في الأرض بغير الحق والاستطالة على الخلق في دينهم أو أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم أو عقولهم بمختلف سبل العدوان، هذا ظلم العباد.
- ومن صور ظلم العباد في دينهم: التسبب في صرف الناس عن الحق بإثارة الشبهات والشهوات التي توقعهم في الشرك أو البدعة أو الكفر، وكذلك توقعهم في الرذيلة والفسق والفجور، ومن يتولى كبر هذا النوع من الظلم هؤلاء عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ينشرون في صروحهم الإعلامية ويثيرون الشهوات في كتاباتهم وأقلامهم القذرة، وهكذا بالأصوات الخليعة التي تقتل الغيرة والفضيلة وتنشر الفجور والرذيلة، يحملون أوزارهم ومن أوزار الذين يضلونهم ويظلمونهم.
- ومن صور ظلم العباد: الاعتداء على نفوسهم بقتل أو ضرب أو سجن أو تعذيب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)،
الراوي: حكيم بن حزام المحدث: شعيب الأرناؤوط - المصدر: تخريج صحيح ابن حبان - الصفحة أو الرقم: 5613
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وكل من أعان على ذلك أو أشار به أو شمت بالمظلوم أو خذله داخل في الوعيد، وهناك ظلم للعباد في أعراضهم كإشاعة الفاحشة بينهم، وقذف المحصنين والمحصنات من المسلمين والمسلمات، وكذلك الذين يفتحون سبل الرذيلة: المتاجرة بالأزياء المحرمة التي تصف الجسد، نشر الأفلام، كذلك التجسس أو تتبع العورات التلصص على الحرمات، وأيضاً ما يقع من فضح الأسرار التي يجب كتمها، ويكون الاعتداء على العرض بالغيبة والنميمة والتنابز بالألقاب والسخرية والاستهزاء وغير ذلك، وأشده الاعتداء على أعراض أهل الخير من العلماء والدعاة.
- من صور ظلم العباد في أموالهم الاعتداء على أموال المعصومين بسرقة أو إتلاف أو غصب أو تحايل أو خداع أو نحو ذلك من وسائل أكل أموالهم والاستيلاء عليها.
وهذا عاقبته تكون في الدنيا أيضاً وليس في الآخرة فقط، يحكى أن وزيراً ظلم امرأة بأخذ مزرعتها وبيتها، فشكته إلى الله فأوصاها مستهزئاً بالدعاء في ثلث الليل الآخر، فأخذت تدعو عليه شهراً، فابتلاه الله بحاكم فوقه قطع يده وعزله وأهانه، فمرت عليه وهو يجلد فشكرته على وصيته، وقالت:
إذا جار الوزير وكاتباه *** وقاضي الأرض أجحف في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء
- ومن أشد أنواع الظلم تسلط الظلمة على رعيتهم كما تسلط فرعون على قومه وقال: مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ سورة غافر29 واليوم كثيرون يظلمون ويتسلطون ويستبدون سيراً على سيرة سلفهم فرعون الطاغية: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى سورة غافر26، وهكذا سفك للدماء، عدوان على الأحياء، بقر لبطون الحوامل، قلع لعيون الناس وأظفار الأطفال، هدم للبيوت، حصار للأعداء، تجويع، تسميم، إهانة، إذلال، استيلاء على الأموال، استعباد كامل، والله سبحانه وتعالى قال على لسان فرعون: سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ سورة الأعراف127 لا يستطيعون أن يخرجوا عن حكمنا وقدرتنا، وهذا غاية الجبروت والعدو والقسوة؛ ولذلك قال تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ سورة القصص 4 ويوجد اليوم من يحاصر بجيشه ويحاصر بقوته مدناً بأكملها وأحياء وقطاعات فيمنع الغذاء والدواء، لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يرعى ذمة ولا حرمة، فيعتدي على الأعراض، وكذلك يوقع الناس في العنت والمشقة والشدة، لا ماء لا كهرباء لا غاز لا طعام، لا يريدهم أن يعيشوا بكرامة، ويظن أن الإذلال هو طريق السيطرة والتحكم.
وتعرض الصور على الملأ وتنشر في القنوات، وهكذا تعرضها المواقع، والله تعالى ليس بغافل عما يعمل الظالمون أبداً، وما الله بغافل عما يعمل الظالمون، وما الله غافلاً عن هؤلاء وسيمنع عنهم فضله: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ سورة الأعراف50 والظلم لا يجوز.
نهاية الظالمين أليمة
من السنن الإلهية : أن الله تعالى لا بد أن يأخذ الظالم ولو بعد حين، جرت عادة الله في خلقه أنه سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، ونهاية الظالمين أليمة، والمتأمل في سيرهم في القرآن الكريم يجد في مصارعهم عبرة وعظة، ولا يبالي الله في أي واد يهلكون، ويخزيهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وقد جعل الله عقوبة الظلم والبغي معجلة في الدنيا قبل الآخرة لشناعة الظلم وكثرة أضراره: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)
الراوي: - المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 231/23
خلاصة حكم المحدث: صحيح
البغي والظلم، وعلى الباغي تدور الدوائر فيبوء بالخزي ويتجرع مرارة الذل والهزيمة وينقلب خاسئاً وهو حسير لم يبلغ ما أراد ولن يظفر بما رجا، أقرب الأشياء صرعت الظلوم وأنفذ السهام دعوة المظلوم.
اقتضت سنة الله تعالى وهو الحكم العدل هلاك الظالمين ومحق المعتدين وقطع دابر المفسدين، سواء كان الظالم فرداً أو جماعة، حزباً أو طائفة، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "الغالب أن الظالم تعجل له العقوبة في الدنيا وإن أمهل فإن الله يملي له حتى إذا أخذه لم يفلته"، وقد قال بعض أكابر التابعين لرجل: "يا مفلس فابتلي القائل بالدين والحبس بعد أربعين سنة"، وضرب رجل أباه وسحبه إلى مكان فقال الذي رآه بعد ذلك: إلى هاهنا رأيت هذا المضروب قد ضرب أباه وسحبه إليه، فسبحان من هو قائم على كل نفس بما كسبت، وسبحان من هو بالمرصاد، وسبحان الحكم العدل الذي لا يجور، وسبحان من بيده موازين ومقاليد الأمور، يفعل ما يشاء ويحصي على العباد مثاقيل الذر، وكما تدين تدان.
فجانب الظلم لا تسلك مسالكه *** عواقب الظلم تخشى وهي تنتظر
وكل نفس ستجزى بالذي عملت *** وليس للخلق من ديانهم وطر
نماذج من الظلمة اللذين أخذهم الله
وإن من أكبر الطغاة الظلمة الذين عجل الله لهم العذاب فرعون الذي جعله نموذجاً سبحانه وتعالى لغيره من الطغاة: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ سورة القصص4 استطال تعدى الحد بلغ به السفه أن قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى سورة النازعات24، مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي سورة القصص 38 فماذا كانت العاقبة؟ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى سورة النازعات25 وقال تعالى: فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ سورة القصص40، فوضع الله تعالى حداً للبغي والفساد، والله للظالمين بالمرصاد.
من الظلمة الذين مروا في التاريخ قارون الذي بغى على قومه لما آتاه الله من الكنوز ما تنوء بثقله العصبة أولو القوة، كما بغى عليهم بجبروت الخبرة كما ظن والذكاء والعلم الذي عنده فماذا كانت النتيجة؟ فَخَ سَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ سورة القصص81.
وأبرهة صاحب الفيل الذي بنى كنيسة بصنعاء ليصرف الناس للحج إليها ويجعل العرب يأتونها بدلاً من الكعبة ماذا حصل؟ صرف الله عنها الناس وهيأ من يوقد فيها حريقاً ويلطخها بالنجاسة، فأراد أن يأتي البيت ويهدمه حجراً حجراً، فماذا فعل الله به؟ أرسل طيراً أبابيل جماعات جماعات تحمل الحجارة وترمي أبرهة وجنوده بها، حتى رجع صنعاء وهو مثل الفرخ فرخ الطائر فمات هناك وقد هلك أكثر جيشه وانتهى،
إلى أي منتهى كان أمر أبي جهل فرعون هذه الأمة وأمية بن خلف رأس الضلال؟ وكذلك الملأ والكبراء من قريش الذين بغوا في الأرض فاشتدت وطأتهم على المسلمين الأولين والمؤمنين الصادقين ساموهم سوء العذاب، أخرجهم الله في بدر ليذوقوا وبال أمرهم، خرجوا متطاولين على الله مغترين بأنفسهم، معهم القينات والخمور وسنضرب ونضرب بعد الانتصار، فأسفرت المعركة عن هلاك الظالمين وقطع دابرهم وانتهت بالنصر والتمكين للمؤمنين، ورميت جثث هؤلاء الكفرة في قليب منتن، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يري الصحابة مصارع هؤلاء الكفرة قبل أن يقتلوا، "فوالذي بعثه بالحق ما أخطئوا الحدود التي حد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا في بئر بعضهم على بعض".
الجزاء من جنس العمل، دعوة المظلوم تسري بالليل والظالم غافل والله ليس بغافل، كان أحد الظلمة أميراً على بلد ظلوماً متجبراً سفاكاً للدماء مصادراً للأموال خبيث العقيدة، عج الخلق فيه إلى الله، وكثر ابتهال أهل دمشق من هذا الذي سمي جيش ابن محمد بن صمصامة، يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء: ابتلي بما لا مزيد عليه، ضربه الله بالجذام، حتى ألقى ما في بطنه، وكان يقول لأصحابه: اقتلوني ويلكم أريحوني من الحياة، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ سورة الأعراف103.
وفي التاريخ المعاصر عبر في مصارع الظالمين: كيف كانت نهاية هتلر وموسيليني وذلك الطاغية الذي كان في بلاد الصرب وعاث فساداً في بلاد المسلمين، وغيره وغيره من الطغاة الذين ذهبوا أذلهم الله أخزاهم.
وما من يد إلا يد الله فوقها *** ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم
ولذلك من سنن الله: وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا سورة الأنعام129 ، يسلط ظالماً على ظالم:
نهاية ظالم كان أن وضع مسدساً في فمه وأطلق رصاصة على نفسه فتهشم وجهه تماماً، وضع حارسه جثته في حفرة عميقة وصب الزيت عليها وأشعل فيها النار.
كمال أتان الترك الذي ألغى الخلافة العثمانية، وكان معادياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه، ومنع أعياد الفطر والحج والأذان واللغة العربية، وأصدر أمراً بتحويل مسجد أياصوفيا إلى متحف، وكان سكيراً عربيداً ماجناً فاحشاً، ابتلاه الله بكائنات دقيقة لا ترى بالعين، أصيب بتليف في الكبد فذاق مر العذاب ثلاث سنوات حتى قبض جاحداً ظالماً ملحداً، هكذا في ظاهر الأمر.
وتسلط ظلمة بعده على عباد الله المسلمين وساموهم سوء العذاب وألوان النكال التي لا تخطر ببال، وكان فيهم من الفرعنة والقسوة والكفر، حتى في عباراتهم، حتى قال قائل لهم: لو نزل ربكم من السماء لأسجننه معكم في الزنزانة، فماذا فعل الله به؟ اصطدمت سيارته بسيارة محملة بالحديد فدخلت أسياخ الحديد في رقبته وجسده وجعل يخور كالثور، فما استطاعوا أن يخلصوا جسده من أسياخ الحديد التي نشبت به إلا بتقطيع لحمه وتمزيقه ليذهب هالكاً، إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا.
ومن فراعنة العصر من لا يزال يئن يتمنى الموت ولا يجده، يتكبرون على الله، يقتلون خلقه، يغتصبون البلاد، يعذبون البلاد، يشردون الآمنين، ويعيثون في الأرض الفساد، والله يصب عليهم العذاب صباً في الدنيا قبل الآخرة: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ سورة هود18، وعذاب الآخرة أشد قال تعالى: لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ سورة الرعد34 .
وقال: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ سورة الشعراء227 ، كان صفوان بن محرز رحمه الله إذا قرأ هذه الآية بكى بكاء شديداً، هذا على مستوى الأفراد، والقصص في هذا كثيرة، وإذا كان الظلم على مستوى الأفراد والعقوبة النازلة عليهم يشهدها بعض الناس كما نسمع فإن العقوبة تنزل أيضاً على الأمم المكذبة الظالمة، وسنة الله جارية في عموم الظلمة.
وأخبار الظالمين وما جرى لهم في الأمم المعتدية كثيرة، قال تعالى: وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ سورة الأنبياء11، وقال: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا سورة الكهف59، وقال: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ سورة الحـج48، وقد عاقب الله أمم بأنواع من العقوبات: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ سورة العنكبوت40، عاقب الله أقواماً بالصاعقة بصوت شديد من الجو ونار تنزل عليهم من السماء : وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ سورة البقرة55، قوم شعيب ظلة مثل الغيم فوقهم سحب تقصفهم بالصواعق، عذاب يوم الظلة، عاقب الله بعض الأمم بالرجز بالعذاب بالغضب بالطاعون: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ سورة البقرة59 ، عاقب قوماً بالرجس والسخط قال: قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ سورة الأعراف71، عاقب قوماً بالمسخ وتشويه الخلقة، لما جاهر بعض بني إسرائيل بالمعاصي: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ تحايلوا على شرع الله، فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ سورة البقرة65، عذب قوماً بريح صرصر باردة شديدة الهبوب، عاد استكبروا وطغوا: وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً سورة فصلت15، فأرسل عليهم إعصاراً: وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ *سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا يعني: متتابعات فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ سورة الحاقة 6-7، أرسل على أهل سبأ سيل العرم مزق ملكهم وأزال نعمتهم وأغرقهم بماء سدهم وجعلهم عبرة: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ سورة سبأ16، وقال: فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ سورة سبأ19، قوم شعيب لما ظلموا بأنواع من الظلم عاقبهم الله بأنواع من العذاب: عذاب يوم الظلة، سحابة أظلتهم فاجتمعوا تحت فأحرقتهم في يوم شديد الهول، وبالصيحة فقال: وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ سورة هود94 ، وبالرجفة والزلزلة قال: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ سورة الأعراف78 الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ سورة الأعراف92، وقال سبحانه بعدما ذكر عاقبة الظالمين ومصارعهم: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سورة الأنعام45.
فإن الظلم مرتعه وخيم وعاقبته وبيلة، هو منبع الرذائل ومصدر الشرور، يأكل الحسنات ويمحق البركة ويجلب الويلات، يورث العداوات ويسبب القطيعة والعقوق، متى فشا الظلم في أمة وشاع فيها أهلكها، ومتى حل في قرية دمرها، ولو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما، هناك ظلم عند الأفراد وظلم عند الأمم والجماعات.
الظلم عدوان على حق الغير ووضع الشيء في غير موضعه الشرعي ومجاوزة حد الشارع، وكل ذنب عصي الله به فهو ظلم وعلى رأس ذلك الشرك بالله: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ سورة لقمان 13 قد يظلم الإنسان نفسه أو يظلم غيره، والله تعالى قد أمر بالعدل وحرم الظلم والبغي والعدوان كما قال في الآية الكريمة: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ سورة النحل90، وهكذا الشرع إذا أمر بشيء نهى عن ضده لتكميل القضية من جوانبها، وهذه الآية ما من عدل ولا فضل ولا استقامة إلا وتأمر به، وما من ظلم ولا عصيان ولا فساد إلا وتنهى عنه.
إن الظلم من أعظم الأسباب التي يهلك الله عز وجل بها القرى، قال الله تعالى: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].
وكم يحصل في بعض الأمم وفي بعض القرى من الظلم .. ظلم الناس لربهم جل وعلا، وظلم الناس بعضِهم بعضاً، تجد كثيراً من العمال والموظفين ومن الأجانب ومن المغتربين من يمكث عدة أشهر ولا يحصل من مسئوله ومديره وكفيله على دينارٍ واحد، وكم جاءنا ممن يبكي بين أيدينا ويشتكي من كفيله الذي حرمه لقمة العيش لأولاده!
يقول بعضهم: مكثت ستة أشهر ولم يعطنِي ديناراً واحداً، ولو اشتكيت عليه لهدَّدني بالسفر وبالرجوع والطرد إلى بلادي..
وكم هو الظلم الذي يحصل في بعض البلاد لصغار الناس والموظفين والعمال والمواطنين الذين لا يستطيعون أن يحصلوا على بعض حقوقهم فضلاً عنها كلها، إنه الظلم يا عباد الله!
ومن أعظم الظلم ما يكون على المؤمنين الموحدين، وعلى الدعاة إلى الله جل وعلا، وعلى أولياء الرحمن، وإن وقع الظلم على هؤلاء فاعلم أن هذه القرية تحارب الله جل وعلا، وهذه القرية تنتظر بعث الله تبارك وتعالى يأتيها صباحاً أو مساءً، بياتاً أو هم قائلون، واسمع إلى قوله تعالى: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً [الكهف:59].
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عليه رحمة الله: "إن الدول تزول مع الظلم ولو كانت مسلمة"، ولو كان أهلها مسلمون، ولو كانوا مصلين، ولو كانوا راكعين، ولو كانوا ساجدين، فإنهم يزولون؛ لأن فيهم الظلم.
عباد الله: إياكم إياكم والظلم! فإن الله تعالى حرم الظلم على نفسه وجعله بين عباده محرماً.
تنزيه الله عن الظلم
نزه الله نفسه عن الظلم : وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ سورة غافر31 وقال في الحديث القدسي: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) ، كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه من هول ما فيه.
الله عز وجل يبغض الظالمين ويحب المقسطين أهل العدل: وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ سورة الحجرات9 وقال: وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ سورة آل عمران57، وذكر خيبتهم فقال: إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ سورة الأنعام21 فالظالم محروم من الفلاح في الدنيا والآخرة مصروف عن الهداية في أمور دينه ودنياه، توعده الله: فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ سورة الزخرف65، وهددهم بسوء العاقبة: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ سورة الشعراء227، وطردهم عن رحمته: فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ سورة المؤمنون41، فأخبر سبحانه أن هؤلاء الظالمين بعيدون عن رحمته جزاء ما عملوه، وقال: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ سورة هود18 فكل ظالم له حظ من هذه اللعنة بقدر ظلمه فليستقل أو ليستكثر، والظلم ظلمات يوم القيامة، فلا يهتدي الظالم يوم القيامة بسبب ظلمه في الدنيا، فربما وقع في حفرة في النار.
صور الظلم
- ولظلم العباد ألوان وصور كثيرة: كمنعهم من حقوقهم والتفريط فيها وفعل ما يضر بهم، غير أن أقبح صوره البغي في الأرض بغير الحق والاستطالة على الخلق في دينهم أو أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم أو عقولهم بمختلف سبل العدوان، هذا ظلم العباد.
- ومن صور ظلم العباد في دينهم: التسبب في صرف الناس عن الحق بإثارة الشبهات والشهوات التي توقعهم في الشرك أو البدعة أو الكفر، وكذلك توقعهم في الرذيلة والفسق والفجور، ومن يتولى كبر هذا النوع من الظلم هؤلاء عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ينشرون في صروحهم الإعلامية ويثيرون الشهوات في كتاباتهم وأقلامهم القذرة، وهكذا بالأصوات الخليعة التي تقتل الغيرة والفضيلة وتنشر الفجور والرذيلة، يحملون أوزارهم ومن أوزار الذين يضلونهم ويظلمونهم.
- ومن صور ظلم العباد: الاعتداء على نفوسهم بقتل أو ضرب أو سجن أو تعذيب، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا)،
الراوي: حكيم بن حزام المحدث: شعيب الأرناؤوط - المصدر: تخريج صحيح ابن حبان - الصفحة أو الرقم: 5613
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وكل من أعان على ذلك أو أشار به أو شمت بالمظلوم أو خذله داخل في الوعيد، وهناك ظلم للعباد في أعراضهم كإشاعة الفاحشة بينهم، وقذف المحصنين والمحصنات من المسلمين والمسلمات، وكذلك الذين يفتحون سبل الرذيلة: المتاجرة بالأزياء المحرمة التي تصف الجسد، نشر الأفلام، كذلك التجسس أو تتبع العورات التلصص على الحرمات، وأيضاً ما يقع من فضح الأسرار التي يجب كتمها، ويكون الاعتداء على العرض بالغيبة والنميمة والتنابز بالألقاب والسخرية والاستهزاء وغير ذلك، وأشده الاعتداء على أعراض أهل الخير من العلماء والدعاة.
- من صور ظلم العباد في أموالهم الاعتداء على أموال المعصومين بسرقة أو إتلاف أو غصب أو تحايل أو خداع أو نحو ذلك من وسائل أكل أموالهم والاستيلاء عليها.
وهذا عاقبته تكون في الدنيا أيضاً وليس في الآخرة فقط، يحكى أن وزيراً ظلم امرأة بأخذ مزرعتها وبيتها، فشكته إلى الله فأوصاها مستهزئاً بالدعاء في ثلث الليل الآخر، فأخذت تدعو عليه شهراً، فابتلاه الله بحاكم فوقه قطع يده وعزله وأهانه، فمرت عليه وهو يجلد فشكرته على وصيته، وقالت:
إذا جار الوزير وكاتباه *** وقاضي الأرض أجحف في القضاء
فويل ثم ويل ثم ويل *** لقاضي الأرض من قاضي السماء
- ومن أشد أنواع الظلم تسلط الظلمة على رعيتهم كما تسلط فرعون على قومه وقال: مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ سورة غافر29 واليوم كثيرون يظلمون ويتسلطون ويستبدون سيراً على سيرة سلفهم فرعون الطاغية: ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى سورة غافر26، وهكذا سفك للدماء، عدوان على الأحياء، بقر لبطون الحوامل، قلع لعيون الناس وأظفار الأطفال، هدم للبيوت، حصار للأعداء، تجويع، تسميم، إهانة، إذلال، استيلاء على الأموال، استعباد كامل، والله سبحانه وتعالى قال على لسان فرعون: سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ سورة الأعراف127 لا يستطيعون أن يخرجوا عن حكمنا وقدرتنا، وهذا غاية الجبروت والعدو والقسوة؛ ولذلك قال تعالى: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ سورة القصص 4 ويوجد اليوم من يحاصر بجيشه ويحاصر بقوته مدناً بأكملها وأحياء وقطاعات فيمنع الغذاء والدواء، لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، ولا يرعى ذمة ولا حرمة، فيعتدي على الأعراض، وكذلك يوقع الناس في العنت والمشقة والشدة، لا ماء لا كهرباء لا غاز لا طعام، لا يريدهم أن يعيشوا بكرامة، ويظن أن الإذلال هو طريق السيطرة والتحكم.
وتعرض الصور على الملأ وتنشر في القنوات، وهكذا تعرضها المواقع، والله تعالى ليس بغافل عما يعمل الظالمون أبداً، وما الله بغافل عما يعمل الظالمون، وما الله غافلاً عن هؤلاء وسيمنع عنهم فضله: وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ الْمَاء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللّهُ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ سورة الأعراف50 والظلم لا يجوز.
نهاية الظالمين أليمة
من السنن الإلهية : أن الله تعالى لا بد أن يأخذ الظالم ولو بعد حين، جرت عادة الله في خلقه أنه سبحانه وتعالى يمهل ولا يهمل، ونهاية الظالمين أليمة، والمتأمل في سيرهم في القرآن الكريم يجد في مصارعهم عبرة وعظة، ولا يبالي الله في أي واد يهلكون، ويخزيهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وقد جعل الله عقوبة الظلم والبغي معجلة في الدنيا قبل الآخرة لشناعة الظلم وكثرة أضراره: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم)
الراوي: - المحدث: ابن باز - المصدر: مجموع فتاوى ابن باز - الصفحة أو الرقم: 231/23
خلاصة حكم المحدث: صحيح
البغي والظلم، وعلى الباغي تدور الدوائر فيبوء بالخزي ويتجرع مرارة الذل والهزيمة وينقلب خاسئاً وهو حسير لم يبلغ ما أراد ولن يظفر بما رجا، أقرب الأشياء صرعت الظلوم وأنفذ السهام دعوة المظلوم.
اقتضت سنة الله تعالى وهو الحكم العدل هلاك الظالمين ومحق المعتدين وقطع دابر المفسدين، سواء كان الظالم فرداً أو جماعة، حزباً أو طائفة، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: "الغالب أن الظالم تعجل له العقوبة في الدنيا وإن أمهل فإن الله يملي له حتى إذا أخذه لم يفلته"، وقد قال بعض أكابر التابعين لرجل: "يا مفلس فابتلي القائل بالدين والحبس بعد أربعين سنة"، وضرب رجل أباه وسحبه إلى مكان فقال الذي رآه بعد ذلك: إلى هاهنا رأيت هذا المضروب قد ضرب أباه وسحبه إليه، فسبحان من هو قائم على كل نفس بما كسبت، وسبحان من هو بالمرصاد، وسبحان الحكم العدل الذي لا يجور، وسبحان من بيده موازين ومقاليد الأمور، يفعل ما يشاء ويحصي على العباد مثاقيل الذر، وكما تدين تدان.
فجانب الظلم لا تسلك مسالكه *** عواقب الظلم تخشى وهي تنتظر
وكل نفس ستجزى بالذي عملت *** وليس للخلق من ديانهم وطر
نماذج من الظلمة اللذين أخذهم الله
وإن من أكبر الطغاة الظلمة الذين عجل الله لهم العذاب فرعون الذي جعله نموذجاً سبحانه وتعالى لغيره من الطغاة: إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ سورة القصص4 استطال تعدى الحد بلغ به السفه أن قال: أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى سورة النازعات24، مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي سورة القصص 38 فماذا كانت العاقبة؟ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى سورة النازعات25 وقال تعالى: فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ سورة القصص40، فوضع الله تعالى حداً للبغي والفساد، والله للظالمين بالمرصاد.
من الظلمة الذين مروا في التاريخ قارون الذي بغى على قومه لما آتاه الله من الكنوز ما تنوء بثقله العصبة أولو القوة، كما بغى عليهم بجبروت الخبرة كما ظن والذكاء والعلم الذي عنده فماذا كانت النتيجة؟ فَخَ سَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ سورة القصص81.
وأبرهة صاحب الفيل الذي بنى كنيسة بصنعاء ليصرف الناس للحج إليها ويجعل العرب يأتونها بدلاً من الكعبة ماذا حصل؟ صرف الله عنها الناس وهيأ من يوقد فيها حريقاً ويلطخها بالنجاسة، فأراد أن يأتي البيت ويهدمه حجراً حجراً، فماذا فعل الله به؟ أرسل طيراً أبابيل جماعات جماعات تحمل الحجارة وترمي أبرهة وجنوده بها، حتى رجع صنعاء وهو مثل الفرخ فرخ الطائر فمات هناك وقد هلك أكثر جيشه وانتهى،
إلى أي منتهى كان أمر أبي جهل فرعون هذه الأمة وأمية بن خلف رأس الضلال؟ وكذلك الملأ والكبراء من قريش الذين بغوا في الأرض فاشتدت وطأتهم على المسلمين الأولين والمؤمنين الصادقين ساموهم سوء العذاب، أخرجهم الله في بدر ليذوقوا وبال أمرهم، خرجوا متطاولين على الله مغترين بأنفسهم، معهم القينات والخمور وسنضرب ونضرب بعد الانتصار، فأسفرت المعركة عن هلاك الظالمين وقطع دابرهم وانتهت بالنصر والتمكين للمؤمنين، ورميت جثث هؤلاء الكفرة في قليب منتن، والنبي عليه الصلاة والسلام كان يري الصحابة مصارع هؤلاء الكفرة قبل أن يقتلوا، "فوالذي بعثه بالحق ما أخطئوا الحدود التي حد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا في بئر بعضهم على بعض".
الجزاء من جنس العمل، دعوة المظلوم تسري بالليل والظالم غافل والله ليس بغافل، كان أحد الظلمة أميراً على بلد ظلوماً متجبراً سفاكاً للدماء مصادراً للأموال خبيث العقيدة، عج الخلق فيه إلى الله، وكثر ابتهال أهل دمشق من هذا الذي سمي جيش ابن محمد بن صمصامة، يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء: ابتلي بما لا مزيد عليه، ضربه الله بالجذام، حتى ألقى ما في بطنه، وكان يقول لأصحابه: اقتلوني ويلكم أريحوني من الحياة، فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ سورة الأعراف103.
وفي التاريخ المعاصر عبر في مصارع الظالمين: كيف كانت نهاية هتلر وموسيليني وذلك الطاغية الذي كان في بلاد الصرب وعاث فساداً في بلاد المسلمين، وغيره وغيره من الطغاة الذين ذهبوا أذلهم الله أخزاهم.
وما من يد إلا يد الله فوقها *** ولا ظالم إلا سيبلى بأظلم
ولذلك من سنن الله: وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا سورة الأنعام129 ، يسلط ظالماً على ظالم:
نهاية ظالم كان أن وضع مسدساً في فمه وأطلق رصاصة على نفسه فتهشم وجهه تماماً، وضع حارسه جثته في حفرة عميقة وصب الزيت عليها وأشعل فيها النار.
كمال أتان الترك الذي ألغى الخلافة العثمانية، وكان معادياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه، ومنع أعياد الفطر والحج والأذان واللغة العربية، وأصدر أمراً بتحويل مسجد أياصوفيا إلى متحف، وكان سكيراً عربيداً ماجناً فاحشاً، ابتلاه الله بكائنات دقيقة لا ترى بالعين، أصيب بتليف في الكبد فذاق مر العذاب ثلاث سنوات حتى قبض جاحداً ظالماً ملحداً، هكذا في ظاهر الأمر.
وتسلط ظلمة بعده على عباد الله المسلمين وساموهم سوء العذاب وألوان النكال التي لا تخطر ببال، وكان فيهم من الفرعنة والقسوة والكفر، حتى في عباراتهم، حتى قال قائل لهم: لو نزل ربكم من السماء لأسجننه معكم في الزنزانة، فماذا فعل الله به؟ اصطدمت سيارته بسيارة محملة بالحديد فدخلت أسياخ الحديد في رقبته وجسده وجعل يخور كالثور، فما استطاعوا أن يخلصوا جسده من أسياخ الحديد التي نشبت به إلا بتقطيع لحمه وتمزيقه ليذهب هالكاً، إن الله يعذب الذين يعذبون الناس في الدنيا.
ومن فراعنة العصر من لا يزال يئن يتمنى الموت ولا يجده، يتكبرون على الله، يقتلون خلقه، يغتصبون البلاد، يعذبون البلاد، يشردون الآمنين، ويعيثون في الأرض الفساد، والله يصب عليهم العذاب صباً في الدنيا قبل الآخرة: أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ سورة هود18، وعذاب الآخرة أشد قال تعالى: لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللّهِ مِن وَاقٍ سورة الرعد34 .
وقال: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ سورة الشعراء227 ، كان صفوان بن محرز رحمه الله إذا قرأ هذه الآية بكى بكاء شديداً، هذا على مستوى الأفراد، والقصص في هذا كثيرة، وإذا كان الظلم على مستوى الأفراد والعقوبة النازلة عليهم يشهدها بعض الناس كما نسمع فإن العقوبة تنزل أيضاً على الأمم المكذبة الظالمة، وسنة الله جارية في عموم الظلمة.
وأخبار الظالمين وما جرى لهم في الأمم المعتدية كثيرة، قال تعالى: وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ سورة الأنبياء11، وقال: وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا سورة الكهف59، وقال: وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ سورة الحـج48، وقد عاقب الله أمم بأنواع من العقوبات: فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ سورة العنكبوت40، عاقب الله أقواماً بالصاعقة بصوت شديد من الجو ونار تنزل عليهم من السماء : وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ سورة البقرة55، قوم شعيب ظلة مثل الغيم فوقهم سحب تقصفهم بالصواعق، عذاب يوم الظلة، عاقب الله بعض الأمم بالرجز بالعذاب بالغضب بالطاعون: فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ رِجْزاً مِّنَ السَّمَاء بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ سورة البقرة59 ، عاقب قوماً بالرجس والسخط قال: قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ سورة الأعراف71، عاقب قوماً بالمسخ وتشويه الخلقة، لما جاهر بعض بني إسرائيل بالمعاصي: وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ تحايلوا على شرع الله، فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ سورة البقرة65، عذب قوماً بريح صرصر باردة شديدة الهبوب، عاد استكبروا وطغوا: وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً سورة فصلت15، فأرسل عليهم إعصاراً: وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ *سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا يعني: متتابعات فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ سورة الحاقة 6-7، أرسل على أهل سبأ سيل العرم مزق ملكهم وأزال نعمتهم وأغرقهم بماء سدهم وجعلهم عبرة: فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ سورة سبأ16، وقال: فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ سورة سبأ19، قوم شعيب لما ظلموا بأنواع من الظلم عاقبهم الله بأنواع من العذاب: عذاب يوم الظلة، سحابة أظلتهم فاجتمعوا تحت فأحرقتهم في يوم شديد الهول، وبالصيحة فقال: وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ سورة هود94 ، وبالرجفة والزلزلة قال: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ سورة الأعراف78 الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا الَّذِينَ كَذَّبُواْ شُعَيْبًا كَانُواْ هُمُ الْخَاسِرِينَ سورة الأعراف92، وقال سبحانه بعدما ذكر عاقبة الظالمين ومصارعهم: فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ سورة الأنعام45.
تعليق