السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشباب وفتنة الغناء :
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله ... أما بعد ..
إن هذا الموضوع في غاية الأهمية ونحن نعيش في زمن الفتن وما أكثر الفتن لذلك وأنا أتكلم عن فتنة الغناء وحال شبابنا ؛ فسيكون الموضوع على ثلاثة محاور: أولاً : حكم الغناء
ثانيا : الأدلة على تحريم الغناء من الكتاب والسنة وأقوال السلف و فتاواى العلماء وأقوالهم
ثالثا : كيف نحصن شبابنا من الفتن وفتنة الغناء .
المحور الأول : حكم الغناء
ما حكم استماع الموسيقى والأغاني :
الجواب : حكم ذلك التحريم والمنع لما في ذلك من الصد عن سبيل الله ومرض القلوب وخطر الوقوع فيما حرم الله - عز وجل - من الفواحش وإن استماع آلات اللهو والغناء من أسباب الضلال والإضلال ، واتخاذ آيات الله هزوا ، والاستكبار عن سماع آيات الله فالواجب الحذر من ذلك والله المستعان .
المحور الثاني : الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال السلف وفتاوى العلماء وأقوالهم على تحريم الغناء :
* قال تعالى : { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين ( ٦ ) وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم } [ لقمان : ٦ - ٧ ] .
* قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف ) . رواه البخاري .
* عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يمسخ الله قوما من هذه الأمة في آخر الزمان قردة وخنازير ، فقالوا يا رسول الله أليسوا يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ؟ قال : بلى ويصومون ويصلون ويحجون ، قيل : فما بالهم ؟ قال : اتخذوا المعازف والدفوف والقينات فباتوا على شربهم ولهوهم فأصبحوا وقد مسخوا قردة وخنازير ) إغاثة اللهفان من مصائد الشيطان ج ١ / ص ٢٦٢ .
* قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في تفسير الآية التي وردت في سورة لقمان وفيها { لهو الحديث } : ( والذي لا إله إلا غيره هو الغناء ) .
* قال العلامة الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي كتاب تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان : تفسير الآية ( ٦ - ٧ ) من سورة لقمان والتي ورد فيها { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ... الآية } : أي { ومن الناس } من هو محروم مخذول { يشتري } أي يختار ويرغب رغبة من يبذل الثمن في الشيء { لهو الحديث } أي : الأحاديث الملهية للقلوب ، الصادة لها عن أجل مطلوب . فدخل في هذا ، كل كلام محرم وكل لغو وباطل ، وهذيان من الأقوال المرغبة في الكفر والفسوق والعصيان ، ومن أقوال الرادين على الحق ، المجادلين بالباطل ليدحضوا به الحق ، ومن غيبة ، ونميمة ، وكذب ، وشتم ، وسب ، ومن غناء ومزامير شيطان ، ومن الماجريات الملهية ، التي لا نفع فيها في دين ولا دنيا . تفسير السعدي / ص ٦٤٧ .
* سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - بما يلي : ما حكم الأغاني هل هي حرام أم لا ؟ رغم الذي يسمعها بقصد التسلية فقط فأجاب : الإستماع الى الأغاني حرام ومنكر ومن أسباب مرض القلوب وقسوتها وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة وقد فسر أكثر أهل العلم الآية المذكورة في سورة لقمان { لهو الحديث } بالغناء ، وذكر بعض العلماء أن الغناء بآلة لهو محرم إجماعا وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقسم على ذلك ويقول : إن الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل ، فالواجب الحذر من ذلك ، وبهذا يعلم أن الذي أفتى ( إن صح النقل ) بمشروعية الغناء قد قال على الله بغير علم وأفتى فتوى باطلة سوف يسأل عنها يوم القيامة والله المستعان . ويوصي سماحته لشبابنا بالإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله عز وجل فإن ذلك فيه أجر عظيم وشغل شاغل عن سماع الأغاني وآلات الطرب .
* خطر الفتن :
إن الفتن تحيط بشبابنا من كل ناحية ، في جانب الشهوات والشبهات ، والخطر أن الفتن تعرض على القلوب كما قال حبيب القلوب محمد صلى الله عليه وسلم ، فمسكين هذا الشاب الذي يرى فتنة شهوة تتمثل في امرأة متبرجة بصورة فاضحة في أغنية على فضائية من فضائيات الغناء ولا حول ولا قوة إلا بالله مسكين هذا الشاب الذي يتصور أنه إن أغلق التلفاز وزالت هذه المرأة من أمام عينيه ، يتصور هذا المسكين أن الفتنة قد زالت بإغلاق التلفاز - فإن أغلق عينيه يرى المرأة بصورتها تتحرك أمام عينيه مرة أخرى ، مع أنه في الحقيقة لا يراها بعينيه الآن ، مع أنه في الحقيقة لا يسمع بعض كلمات الأغنية التي استمع اليها من قبل لماذا ؟ أو إذا أغلق التلفاز زالت عنه الفتنة ، لا بل هو يغمض عينيه فيرى صور الفتنة تتوالى تترا ، يصم أذنيه فيسمع كلمات الفتنة تتقاذف على سمعه هنا وهناك ، لماذا ؟ لأن الفتن تعرض على القلوب ، كما قال المصطفى والحديث رواه مسلم من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : (( تعرض الفتن على القلوب كالحصير عودا عودا ، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى تصير على قلبين : على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر أسود مربادا كاكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه )) . أخرجه مسلم في الإيمان ( ١٤٤ / ٢٣١ ) ، وأحمد في المسند ( ٥ / ٣٨٦ ، ٤٠٥ ) .
فتن كقطع الليل المضلم ، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قال : (( بادروا بالأعمال - أي بالأعمال الصالحة - بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المضلم يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا )) هل تصدقون الصادق ؟ في يوم واحد (( يصبح الرجل مؤمنا ويمسي كافرا ، أويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا )) . أخرجه مسلم في الإيمان ( ١١٨ / ١٨٦ ) ، والترمذي في الفتن ( ٢١٩٥ ) وقال : ( حسن صحيح ) وأحمد في المسند ( ٢ / ٣٩٠ ، ٤٠٨ ) .
المحور الثالث : كيف نحصن شبابنا من الفتن :
* مكانة الشباب :
إن كان شيوخنا وآبائنا عقول الأمة التي تخطط وتفكر ، فإن شبابنا سواعد الأمة التي تبني وتعمر ، ولا يمكن أبدا لعقل أن يأتي مجردا دون أن يمشي على قدميه ، ودون أن يقوى بساعديه ، فالأمة لا تستغني إبدا عن شيوخها وشبابها أو عن شبابها وشيوخها ، وأمة تحتقر شبابها أمة خاسرة وأمة تحارب شبابها ولا توجه شبابها إلى الحق وإلى الإبداع للدين والدنيا أمة مخذولة ، وأسأل الله أن لا يجعل أمتنا كذلك ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
لقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم شديد الحفاوة بالشباب ، فالشباب هم الذين نصروا الإسلام منذ اللحظة الأولى ، الله سبحانه وتعالى حين أوحى إلى نبينا كان النبي صلى الله عليه وسلم في سن الأربعين وهو سن اكتمال الشباب . أما الصديق فكان في الثمانية والثلاثين من عمره ، أما عمر بن الخطاب فكان في السابعة والعشرين من عمره ، وأما علي بن أبي طالب فكان في العاشرة من عمره ، والزبير بن العوام ، وعبد الرحمن بن عوف ، ومصعب بن عمير ، وخباب بن الأرت ، والأرقم بن أبي الأرقم ، ومعاذ بن جبل ، وهؤلاء ، وغير هؤلاء كانوا شبابا في ريعان الشباب ، استطاع نبينا بفضل الله ثم بفضل هذا الشباب الطاهر أن يقيم للإسلام دولة من بتات متناثر وسط صحراء تموج بالكفر موجا ، كان شابا في ريعان الشباب لم يتجاوز العشرين من عمره ، إنه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وأول داعية يخرج خارج حدود مكة ليبلغ دين الله ، كان شابا لم يتجاوز العشرين من عمره ، إنه لؤلؤة ندوات قريش ، وزهرة شبابها ، وقطب الرحا بين شبابها : إنه مصعب الخير مصعب بن عمير ، هذا قائد آخر ينصبه النبي صلى الله عليه وسلم قائدا للجيش ، وتحت قيادته أكبر الصحابة كأبي بكر ، وعثمان ، وعلي ، يخرج هذا الجيش بقيادة هذا الشاب المبارك لمناطحة الصخور الصماء في حدود أو على حدود الروم لتأديب القبائل التي اعتدت على حدود الدولة الإسلامية ، هذا الشاب هو اسامة بن زيد - رضي الله عنهما - هؤلاء وغير هؤلاء كانوا شبابا في ريعان الشباب استطاعوا بفضل الله جل وعلا أن يدمدموا على العالم القديم كله بصولجانه وجبروته ، وأن يحيلوه ركاما في ركام وترابا في تراب .
لذا كان الحبيب صلى الله عليه وسلم شديد الحفاوة والعناية بالشباب ، فالشمس لا تملأ النهار في آخره كما تملأ النهار في وسطه وأوله ؛ إنها مرحلة الشباب ، فشباب الأمة هم شمسها ، شباب الأمة هم قمرها ، شباب الأمة هم المستقبل بعد فضل الله جل وعلا ؛ لذا يحاول أعداء الإسلام بكل سبيل أن يحطموا هذا الشباب ، وأن يغرقوه في بحور الشهوات ، وأن يسقطوه في شباك الشبهات حتى لا يستفيق هذا الشاب أبدا .
* علاج تحصين الشباب من فتنة الغناء :
أولا : التوبة إلى الله تبارك وتعالى .
ثانيا : الحرص على الصحبة الطيبة .
ثالثا : الحرص على مشاهدة مجلس علم من المحاضرات المرئية أو سماع المحاضرات الصوتية .
رابعا : الحرص على العبادة وتلاوة القرآن وسماعه والإستماع إلى الأناشيد الهادفة والمشروعة والتي لا تحتوي على آلات الطرب والمعازف والله المستعان .
وأخيرا أقول لشبابنا أن الإستماع إلى الغناء سبب من أسباب سوء الخاتمة أذكر قصة من الواقع حدثت في مصر يحدث أحد شبابنا الشيخ محمد حسان
يقول وهو يقسم بالله يا شيخ مات اليوم شاب كان جارا لي في الشقة التي أسكن فيها وكان هذا الجار يؤذيني فكان يسمع الغناء ويرفع صوت المسجل بصوت مرتفع فكنت أذهب إليه وأقول له لو سمحت صوت الغناء مرتفع وأنا لا أريد أن أسمعه فهل أخفضت صوت المسجل فإنك تؤذيني فكان لا يرد وفي يوم من الأيام لم أسمع صوت الغناء فذهبت لكي اراه وجدته وهو يحتضر فدخلت عليه وهو في سكرات الموت رأيت صوت الغناء لازال مشغل في الغرفة فقلت لأهله أسمعوه القرآن إنه في سكرات الموت قالوا لا نملك شريط للقرآن فأحظرت لهم شريطا وشغلته فانتبه الشاب وقال لا لا أريد سماع القرآن أريد سماع الغناء فهو الذي يرح قلبي ومات على ذلك وهو يسمع الغناء ولا حول ولا قوة إلا بالله .
نسأل الله أن يحصن شبابنا من الفتن ومن فتنة الغناء وأن يرزقنا حسن الخاتمة إنه ولي ذلك ومولاه .
تعليق