حيا الله إخواني وأخواتي:
أكتب هذه الكلمات والحزن يعتصر قلبي وأشواك الآلامِ تحولُ بيني وبين أزهار الآمال.
ها هو العامُ يرحل ، وها هي الأيام تذهب ، وها هو العمرُ ينقَضِي.
عن قتادة ، قال : قال أبو الدرداء : « ابن آدم ، طأ الأرض بقدمك ، فإنها عن قليل تكون قبرك ، ابن آدم ، إنما أنت أيام ، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك ، ابن آدم ، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ ولدتك أمك »
وحالُ بني آدمَ مع مرور الأيام وكرِّ الأعوام حال عجيبة!!
: إنا لنفرحُ بالأيامِ نقعطُها...
وكلُّ يومٍ مضَى يُدْنِي منَ الأجلِ.
فاعمل لنفسك قبلَ الموتِ مجتهدًا...
فإنَّما الربحُ والخسرانُ في العملِ.
بينما يفرحُ الأطفال إذا أقبل عليهم عام جديد لأنهم يكبرون وتكبر أحلامهم وأفهامهم وآمالُهم الجميلة ، وبينما يفرحُ اللاهون والمُترَفون بمرور الأيام والسنون ، وهم لا يبالون ، ولحقيقةِ الأمر لا يفطِنون ، إذا بالكهلِ والشيخِ والشابِ ممن فهمَ حقيقةَ الدنيا يعصِرهُ الحزنُ كلما مضى عامٌ وأتاه عامٌ جدي. لأنه يعلم أن هذا العام الذي مضى لن يعود ولا اليوم ولا اللحظة التي ذهبت تعود ،
ويعلم أن كل لحظة تمر إنما تنقصُ من عمره وتقربهُ من قبرِه.
والشاعر يعبر عن هذا:
وما المرءُ إّلا راكبٌ ظهرَ عُمرهِ...
على سفَرٍ يَثنيهِ باليومِ والشهرِ.
يروحُ ويَغدو كُلَّ يومٍ وليلةٍ...
بعيدًا منَ الدُنيا قَريبًا منَ القبرِ.
وها هو العامُ يمضي وقد حملَ أثقالا ثِقالاً من أوزارِنا وذنوبنا ، ومن أحزانِنا وهمومِنا.
عامٌ مضى وها هو في ساعاتِ الاحتضار وكأني بهِ مطعونًا قد أثخنَتهُ الجراح من قسوة ما أصابهُ من بني آدم. وكأني بهِ فرحًا مسرورًا لأنه راحلٌ عن بني البشر. وكأني بهِ يدعو ربه أن لا يعود إلى الدنيا أبدا.
رحلَ العام: والمذنبون من أمثالنا غارقون في ذنوبهم.
رحلَ العام: والمهمومون غرقى بدموعهِم.
والمظلومون تكوي سياط الظُلمِ أكبادَهُم. والأُسارى معذبون في سجونهِم. والدُعاةُ إلى الله محرومون من منابرهم. والأُسارى معذبون في سجونهِم. والمُحرَّرون مسجونون حتى وهم في بيوتهِم.
رحلَ العام: والمسلمون مشتتون. مُستضعَفون ، مضطهَدون.
وفي كل عام تحدونا الآمال، وتَثِبُ في قلوبنا الأحلام بعام جديد طيِّب الحال:
ينتصر فيه المظلوم ، ويُعطَى فيه المحروم ، ويُداوَى فيه الجريح المكلوم ، ويفرحُ فيه المهموم ، ويتوب العاصي لتنزاح عنهُ الغموم ،وتنطفئُ نارُ الفُرقة فيصطلحُ الخصوم ، ويشرق فجر اللقاء بين الأحباب بعد ليل الغربة المحموم ، وتجتمع قلوب الصادقين على حبِ الحيِ القيوم ، ويبلغُ كل طالبٍ ومريدٍ ما يحلُمُ بهِ ويَروم.
فوداعا أيها العامُ الراحل إلى الأفقِ البعيد.
وتصبّر على ما تلقاهُ من بني البشَر أيها العامُ الجديد.
في "كلام الليالي والأيام" لابن أبي الدنيا: - حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني محمد بن إشكاب الصفار ، قال : حدثني رجل ، من أهله - يعني أهل داود الطائي ، قال : قلت له يوما : يا أبا سليمان ، قد عرفت الذي بيننا ، فأوصني . قال : فدمعت عيناه ثم قال : « يا أخي ، إنما الليل والنهار مراحل ، ينزلها الناس مرحلة مرحلة ، حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم ، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل ، فإن انقطاع السفر عن قريب ، ما هو والأمر أعجل من ذلك فتزود لسفرك ، واقض ما أنت قاض من أمرك ، فكأنك بالأمر قد بغتك ، إني أقول لك هذا وما أعلم أحدا أشد تضييعا مني لذلك » ثم قام.
أبقاكم الله على طاعته كّلَ عام.
والسلاااام.
عبد الله كامل.
كٌتب فى يوم الأربعاء الموافق 22-10-2014 28 ذى الحجة 1435
أكتب هذه الكلمات والحزن يعتصر قلبي وأشواك الآلامِ تحولُ بيني وبين أزهار الآمال.
ها هو العامُ يرحل ، وها هي الأيام تذهب ، وها هو العمرُ ينقَضِي.
عن قتادة ، قال : قال أبو الدرداء : « ابن آدم ، طأ الأرض بقدمك ، فإنها عن قليل تكون قبرك ، ابن آدم ، إنما أنت أيام ، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك ، ابن آدم ، إنك لم تزل في هدم عمرك منذ ولدتك أمك »
وحالُ بني آدمَ مع مرور الأيام وكرِّ الأعوام حال عجيبة!!
: إنا لنفرحُ بالأيامِ نقعطُها...
وكلُّ يومٍ مضَى يُدْنِي منَ الأجلِ.
فاعمل لنفسك قبلَ الموتِ مجتهدًا...
فإنَّما الربحُ والخسرانُ في العملِ.
بينما يفرحُ الأطفال إذا أقبل عليهم عام جديد لأنهم يكبرون وتكبر أحلامهم وأفهامهم وآمالُهم الجميلة ، وبينما يفرحُ اللاهون والمُترَفون بمرور الأيام والسنون ، وهم لا يبالون ، ولحقيقةِ الأمر لا يفطِنون ، إذا بالكهلِ والشيخِ والشابِ ممن فهمَ حقيقةَ الدنيا يعصِرهُ الحزنُ كلما مضى عامٌ وأتاه عامٌ جدي. لأنه يعلم أن هذا العام الذي مضى لن يعود ولا اليوم ولا اللحظة التي ذهبت تعود ،
ويعلم أن كل لحظة تمر إنما تنقصُ من عمره وتقربهُ من قبرِه.
والشاعر يعبر عن هذا:
وما المرءُ إّلا راكبٌ ظهرَ عُمرهِ...
على سفَرٍ يَثنيهِ باليومِ والشهرِ.
يروحُ ويَغدو كُلَّ يومٍ وليلةٍ...
بعيدًا منَ الدُنيا قَريبًا منَ القبرِ.
وها هو العامُ يمضي وقد حملَ أثقالا ثِقالاً من أوزارِنا وذنوبنا ، ومن أحزانِنا وهمومِنا.
عامٌ مضى وها هو في ساعاتِ الاحتضار وكأني بهِ مطعونًا قد أثخنَتهُ الجراح من قسوة ما أصابهُ من بني آدم. وكأني بهِ فرحًا مسرورًا لأنه راحلٌ عن بني البشر. وكأني بهِ يدعو ربه أن لا يعود إلى الدنيا أبدا.
رحلَ العام: والمذنبون من أمثالنا غارقون في ذنوبهم.
رحلَ العام: والمهمومون غرقى بدموعهِم.
والمظلومون تكوي سياط الظُلمِ أكبادَهُم. والأُسارى معذبون في سجونهِم. والدُعاةُ إلى الله محرومون من منابرهم. والأُسارى معذبون في سجونهِم. والمُحرَّرون مسجونون حتى وهم في بيوتهِم.
رحلَ العام: والمسلمون مشتتون. مُستضعَفون ، مضطهَدون.
وفي كل عام تحدونا الآمال، وتَثِبُ في قلوبنا الأحلام بعام جديد طيِّب الحال:
ينتصر فيه المظلوم ، ويُعطَى فيه المحروم ، ويُداوَى فيه الجريح المكلوم ، ويفرحُ فيه المهموم ، ويتوب العاصي لتنزاح عنهُ الغموم ،وتنطفئُ نارُ الفُرقة فيصطلحُ الخصوم ، ويشرق فجر اللقاء بين الأحباب بعد ليل الغربة المحموم ، وتجتمع قلوب الصادقين على حبِ الحيِ القيوم ، ويبلغُ كل طالبٍ ومريدٍ ما يحلُمُ بهِ ويَروم.
فوداعا أيها العامُ الراحل إلى الأفقِ البعيد.
وتصبّر على ما تلقاهُ من بني البشَر أيها العامُ الجديد.
في "كلام الليالي والأيام" لابن أبي الدنيا: - حدثني محمد بن الحسين ، قال : حدثني محمد بن إشكاب الصفار ، قال : حدثني رجل ، من أهله - يعني أهل داود الطائي ، قال : قلت له يوما : يا أبا سليمان ، قد عرفت الذي بيننا ، فأوصني . قال : فدمعت عيناه ثم قال : « يا أخي ، إنما الليل والنهار مراحل ، ينزلها الناس مرحلة مرحلة ، حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم ، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادا لما بين يديها فافعل ، فإن انقطاع السفر عن قريب ، ما هو والأمر أعجل من ذلك فتزود لسفرك ، واقض ما أنت قاض من أمرك ، فكأنك بالأمر قد بغتك ، إني أقول لك هذا وما أعلم أحدا أشد تضييعا مني لذلك » ثم قام.
أبقاكم الله على طاعته كّلَ عام.
والسلاااام.
عبد الله كامل.
كٌتب فى يوم الأربعاء الموافق 22-10-2014 28 ذى الحجة 1435
تعليق