ولد وقضى 30 عاما من حياته
أعمى........ ومع تطور الطب أتيحت
له فرصة أن يقوم بعملية تجعله
يبصر...
ذهب إلى المستشفى وأجرى
العملية... وجاءه الطبيب ليزيل
الشال من على عينيه.....
فتح عينيه ليرى النور ﻷول مرة في
حياته ....!!
هي حالة لم تتكرر سوى مرات قليلة
جدا في العالم كله )أن يبصر رجل
بعد أن يولد أعمى.
(ردة الفعل كانت مفجعة له...
فلم يستطع أن يميز أي شيء يراه....
قد قضى طوال حياته منذ أن ولد
يتعرف على اﻷشياء عن طريق
اللمس...
فهو ﻻ يعرف ما هي التفاحة إﻻ
باللمس وﻻ يعرف معنى اﻷلوان وﻻ
حتى شكل اﻹنسان..
لدرجة أنه ﻻ يعرف معنى اقتراب
الشيء منه وبعده عنه..
فهذه كلها أمور ﻻ يفهمها وﻻ
يترجمها إﻻ من استخدم عينيه من
قبل.....
عقله ارتبط طوال حياته باللمس...
ولم توجد أي صلة بين عينيه
وعقله.....
قضى اﻷسابيع اﻷولى بعد العملية
وهو كاﻷعمى...
فهو يبصر ولكنه ﻻ يفهم ما يبصره....
ثم بدأ يتعرف على اﻷشياء تدريجيا...
يرى التفاحة فﻼ يعرفها ثم يلمسها
فيتعرف عليها، فيربط بين ما رآه
بعينه وما تعرف عليه بلمسه فيفهم
عقله.....
مضى على هذا الحال أشهرا...
وﻷنه لم يعتد على النظر من قبل
فقد بدأ يﻼحظ أمورا ﻻ يﻼحظها
اﻹنسان العادي..
فبدأ يرى تعابير الوجه البسيطة
ويتعرف عليها...
فأصبح يلاحظ تعابير النفاق والكذب
واﻻرتباك، وهي أمور ﻻ يﻼحظها
اﻹنسان العادي )إﻻ من أعطي
الفراسة...( ومن هنا فهمت معنى
الفراسة.... فالفراسة هي القدرة
على مﻼحظة دقائق تعابير الوجه،
فترى أمورا ﻻ يراها غيرك... وقد كان
بعض السلف يرى أثر الذنب على
وجه الشخص إذا دخل عليه ...!!
نعود إلى صاحبنا الذي أصبح يستمتع
بأمور ﻻ يلقي لها اﻹنسان العادي
باﻻ...
يستمتع بشروق الشمس وغروبها...
يستمتع بمنظر الطفل البريء وهو
يبكي...
يستمتع بمنظر الطيور وهي تحلق
في السماء...
بعد عدة أشهر حدث له أمر ﻷول
مرة...
وهو أنه جاءته حالة ظﻼم مفاجئ
لثوان معدودة... ثم عاد بصره مرة
أخرى...
تكررت الحالة عدة مرات.. وبدأت
تزداد.. فذهب إلى الطبيب الذي أجرى
عليه بعض الفحوصات وقال له :
يؤسفني ابﻼغك أن المشكلة في
عينيك عادت مرة أخرى وأنك ستفقد
بصرك خﻼل أيام ...!!
يا الله ...!!
شعور رهيب شعر به ذلك الرجل
بعد أن قضى أشهرا وهو يرى
بعينيه....
وبالفعل بدأت الحالة تزداد سوءا وما
هي إﻻ أيام وفقد بصره مرة
أخرى ...!!
وقد عبر الرجل عن ما استفاده من
تلك التجربة بقوله )بما معناه:(
ليس اﻷعمى من ﻻ يرى... وإنما
اﻷعمى هو الذي ﻻ يشعر بما يراه
وﻻ يتدبر فيه...
فكم من بصير يرى بعينيه ولكن
قلبه ﻻ يرى شيئا ، وكم من أعمى
البصر ولكن قلبه يرى !
وتلخيص ذلك قوله تعالى) :فإنها ﻻ
تعمى اﻷبصار ولكن تعمى القلوب
التي في الصدور(
نعمة البصر ...من أعظم النعم ،
فلنحمد الله عليها في سجودنا
اليوم
محمد غازي
تعليق