إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

ابدأ وعينك على القمم !!

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • ابدأ وعينك على القمم !!

    الحمد لله رب العالمين


    ابدأ وعينك على القمم


    من فوائد ذكر الصالحين وضرب نماذج المتقين إبطال كيد الشيطان وإغاظته والنيل منه وغزوه في عقر داره ، والأمر كما قال الرافعي : " فإن أسماء الزُّهّاد والعُبَّاد والصالحين هي في تاريخ الشياطين كأسماء المواقع التي تنهزم فيها الجيوش " .

    ومن فوائدها كذلك معرفة قدر نفسك إن كان الغرور والعجب قد بدأ يتسلل إليك ، فتقطع الطريق على الشيطان من البداية وتبطل كيده والغواية.

    ومن فوائدها الارتقاء إلى سماوات القدوات إن كانت الدنيا قد أظلمت من قلة الصالحين وكثرة الرويبضات ، والتطلع إلى اللآلئ الغالية بدلا من التحديق في الأصداف الخاوية ، وعندها " يحق لمن رأى الراحلين إلى الحبيب وهو قاعد أن يبكي ، ولمن سمع بأخبار الواصلين وهو متباعد أن يقلق " .

    كُن كالصحابة في زهدٍ وفي ورع القوم هُم ما لهم في الناس أشباهُ
    عبَّاد ليل إذا جنَّ الظلام بهم كم عابدٍ دمعه في الخدِّ أجراه
    وأُسدُ غاب إذا نادى الجهاد بهم هبُّوا إلى الموت يستجدون رؤياه
    يا رب فابعث لنا من مثلهم نفرا يُشيِّدون لنا مجدا أضعـناه



    وانظروا كيف حرص كل صالح -مهما بلغ من صلاحه- على صحبة من هو أفضل منه ، وما لهذا المبدأ من أثر رائع لا يُتصوَّر ، فسفيان الثوري الذي كان يُشبَّه في زمانه بأبي بكر وعمر في زمانهما يقول : " إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة واحدة مثل عبد الله بن المبارك ، فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام " .

    لكن من هو عبد الله بن المبارك؟!

    عبد الله بن المبارك إمام من أئمة السلف ، ثري من أرباب الأموال ، لكنه مع هذا زاهد مجاهد ، عالم محدِّث حافظ ، فضائله لا تُحصى ، جمع خصائل الخير كلها وحاز من الفضل أعلاه ، ويكفيك أن تعلم أنه حين اجتمع جماعة مثل الفضل بن موسى ومخلد بن الحسين ومحمد بن النضر قالوا : تعالوا حتى نعُدَّ خصال ابن المبارك من أبواب الخير فقالوا : العلم ، والفقه ، والأدب ، والنحو ، واللغة ، والزهد ، والشعر ، والفصاحة ، وقيام الليل ، والعبادة ، والحج ، والغزو ، والشجاعة ، والفروسية ، والقوة ، وترك الكلام فيما لا يعنيه ، والإنصاف ، وقلة الخلاف على أصحابه " .

    لذا وجب على سفيان مع جلال قدره وعلو شأنه أن يقتدي بهذه المنظومة الشمولية النادرة المتفرِّدة ، لكن بمن كان يقتدي أمثال عبد الله بن المبارك إذا أصابهم الفتور وحلَّ عليه التعب من مواصلة السير؟!


    قال ابن المبارك يوما :

    " إذا نظرت إلى فضيل بن عياض جُدِّد لي الحزن ومقتُّ نفسي " ، ثم بكى .

    وكذلك كان الربيع بن خيثم يقارن نفسه دوما بمن هو أعلى وأتقى ، وهل هناك من هو أعلى من ذلك وأرقى؟! فيبكي حتى يبل لحيته من دموعه ويقول : " أدركنا قوما كنا في جنوبهم لصوصا " ، وإذا كان الربيع يرى نفسه لصا في جنب هؤلاء فماذا أكون أنا وأنت؟
يعمل...
X