ما يجب على الداعية العلم به!!
الغارقون في أودية الغفلة والبعد عن الله تعالى؛ مغترفون للعديد من ألوان المعاصي والموبقات بل وإن شئت فقل المهلكات!! منها ما يتعلق بالعقيدة ومنها ما يمس حقوق الوالدين والتفنن في عقوقهما قبل مفارقتهما الحياة، ومنها ما يتعلق بالأموال المحرمة، ومنها ما يتعلق بالأعراض، ومنها ما يتعلق بالدماء وهي الأعظم إثماً بعد الشرك بالله تعالى وعقوق الوالدين!!
من أجل ذلك؛ وجب على الداعية إلى الله الإحاطة بالأحكام الشرعية المتعلقة بكيفية التوبة من كل ما سبق ذكره من تلك الموبقات؛ ليكون مؤهلاً لدعوة الناس على اختلاف ألوان المعاصي التي ارتكبوها؛ فيكون بمثابة الطبيب الذي يقدم لهم العلاج الناجع، من خلال التوجيه الشرعي اللازم لصحة توبتهم!!
فما يتعلق بالعقيدة؛ تجبه التوبة الصادقة بعد تعلم التوحيد الصافي النقي والاعتقاد الجازم له، وما يتعلق بحقوق الوالدين؛ فبالمسارعة إلى برهما بعد طلب العفو منهما إن كانا من الأحياء، أو بالتوبة إلى الله والدعاء لهما، وبرهما بالوسائل الشرعية المتاحة إن كانا من الأموات.
أما فيما يتعلق بالأعراض والأموال والدماء، فيجب التعامل مع كل حالة بانفراد، بسؤال أهل العلم الشرعي الثقات، الذين عرف عنهم (التخصص في هذا الباب من العلم) وليس عموم أهل العلم، وذلك بسؤالهم عن تفاصيل كل حالة على حدا؛ وذلك لأن المسائل الشرعية تزداد فروعها؛ بزيادة الفتن مع تقدم الزمن؛ وذلك لكيلا نضيق على الراغبين في التوبة ما وسعه شرع ربنا، ولا نوسع عليهم ما ليس فيه من الناحية الشرعية سعة؛ حتى تكون دعوتنا إلى الله على علم وبصيرة.
وأضرب هنا مثالاً برجل لديه ثروة من المال الحرام، أتيحت له الفرصة لعقد صفقات تجارية بتلك الأموال؛ لبيع أنواع من البضائع المباحة؛ ومن ثم تكاثرت على إثرها أرباحه؛ غير أن القنوط قد قطع به كل سبيل إلى التوبة؛ ليقينه بمصدر أمواله المحرمة في الأصل؛ فما التوجيه الذي يجب على الداعية بذله في مثل هذا حالة؛ حال قيامه بدعوة هذا الرجل إلى التوبة؟!
هل يأمره بالخروج من جميع أمواله ؟ أم من بعضها؟ أم يتصدق بقيمة ما بدأ به تجارته من أموال حرام، أم يبحث عن أصحاب الحقوق ويرد إليهم أموالهم إن كانت مغتصبة،أم يتصالح معهم على أرباحها بطيب الخواطر؟ أم ماذا يفعل بالتحديد؟!
هذا السؤال الذي أتعمد تركه هنا دون إجابة؛ لحث القارئ على البحث عن إجابته الشرعية من أهل العلم، ومن ثم التعليق بما توصل إليه مدعوماً بالأدلة الشرعية؛ كي أدلل بذلك على أمرين :
· أهمية سؤال أهل الاختصاص؛ حتى نتعلم تعظيم أمر الدين، وعدم التهاون في معرفة الأحكام الشرعية بسؤال أقرب العامة من أهل العلم؛ حتى ولو لم نتوصل إلى الحكم الشرعي الصحيح!!
· حاجة الداعية إلى العلم الشرعي دوماً في مواجهة مختلف الحالات التي يقوم بدعوتها؛ لتكون دعوته إلى الله على علم وبصيرة، وحتى لا يتسبب جهله في حجب الناس عن التوبة!!
وبانتظار مشاركتكم الكريمة
تعليق