الغراب والعنكبوت
يا مستفتحاً أبواب المعاش بغير مفتاح التقوى، كيف توسع طريق الخطايا وتشكو ضيق الرزق؟ لو اتقيتَ ما عَسُرَ عليك مطلوب، مفتاح التقوى يقع على كل باب، ما دام المُتقي على صفاء التُقى لا يلقى إذن أذى، فإذا انحرف عن التُقى التقى بالكدر.
فلما توليتم عنا تولينا لا تزال بحار النعم على الخلق في الزيادة (حَتى يُغيروا ما بأَنفُسِهِم).
ويحكَ: إنما خُلِقت الدنيا لك، أفيبخل عليك بما هو ملكك؟
إنما في طبعك شره، والحمية أرفق.
إنما في طبعك شره، والحمية أرفق.
يا أعز المخلوقات علينا: ارض بتدبيرنا، فالمحب لا يتهم، وإنعامنا على ما خلق لك لا يخفى عليك، فكيف ننساك وأنت الأصل؟.
ليس العجب تغذي المولود في حال الحمل بدم الحيض لاتصاله بالحي؛ إنما العجب أن البيضة إذا انفصلت من الدجاجة فمن البياض يخلق الفرخ، وبالمح يتغذى، قد أعُطي المخلوق زاده قبل سفر الوجود.
إذا اِنفقأت بيضة الغراب خرج الفرخ أبيض، فتنفر عنهُ الأم لمباينته لونها، فيبقى منفتح الفم، والقدر يسوقُ إلى فيهِ الذباب، فلا يزال يتغذى به حتى يَسودَ لونه فتعود إليه الأم.
فانظروا إلى نائب اللطف، وتلمحوا شفقة طير الرحمة..
ألهم النملة ادخار القوت، ثم ألهمها كسر الحب قبل ادخاره كيلا يُنبت، والكسرة وإن كُسرت قطعتين تنبت فهي تكسرها أربعاً.
ليس العجب تغذي المولود في حال الحمل بدم الحيض لاتصاله بالحي؛ إنما العجب أن البيضة إذا انفصلت من الدجاجة فمن البياض يخلق الفرخ، وبالمح يتغذى، قد أعُطي المخلوق زاده قبل سفر الوجود.
إذا اِنفقأت بيضة الغراب خرج الفرخ أبيض، فتنفر عنهُ الأم لمباينته لونها، فيبقى منفتح الفم، والقدر يسوقُ إلى فيهِ الذباب، فلا يزال يتغذى به حتى يَسودَ لونه فتعود إليه الأم.
فانظروا إلى نائب اللطف، وتلمحوا شفقة طير الرحمة..
ألهم النملة ادخار القوت، ثم ألهمها كسر الحب قبل ادخاره كيلا يُنبت، والكسرة وإن كُسرت قطعتين تنبت فهي تكسرها أربعاً.
وَفي كُلِ شَيءٍ لَهُ آَيَةٌ ... تَدُلُ عَلى أَنّهُ واحِدُ.
لو رأيت العنكبوت حين تبني بيتها لشاهدت صنعة تُعجز المهندس، إنما تطلب موضعين متقاربين، بينهما فرجة يمكنها مد الخيط إليها، ثم تُلقي لعابها على الجانبين، فإذا أحكمت المعاقد ورتبت القمط كالسداة اشتغلت باللحمة، فيظن الظان أن نسجها عبث، كلا، إنها شبكة للبق والذباب، وإنها إذا أتمت النسيج انزوت إلى زاوية ترصد رصد الصائد، فإذا وقع في الشبكة شيء قامت تجني ثمار كسبها، فإذا أعجزها الصيد طلبت لنفسها زاوية، ووصلت بين طرفيها بخيط آخر، وتنكست في الهواء تنتظر ذبابة تمر بها، فإذا دنت منها رمت نفسها إليها فأخذتها، واستعانت على قتلها بلف الخيط على رجليها!!
افتراها علمت هذه الصنعة بنفسها؟
أو قرأتها على أبناء جنسها؟
أفلا تنظر إلى حكمة من علمها؟ وصنعة من فهمها؟.
لقد نادت عجائب المخلوقات على نفسها ترشد الغافلين إلى باب الصانع، غير أنهم عن السمع لمعزولون.
افتراها علمت هذه الصنعة بنفسها؟
أو قرأتها على أبناء جنسها؟
أفلا تنظر إلى حكمة من علمها؟ وصنعة من فهمها؟.
لقد نادت عجائب المخلوقات على نفسها ترشد الغافلين إلى باب الصانع، غير أنهم عن السمع لمعزولون.
كتاب :اللطائف
المؤلف : ابن الجوزي
تعليق