أسس بناء الشخصية الإسلامية
كان الهدف الأساس من بعثة الأنبياء والرسل هو بناء الشخصية الإسلامية المحققة لغاية وجود الإنسان على الأرض ، وتنظيم تكوينها ، وتثبيت مقوماتها على قواعد الإيمان بالله تعالى ، والاستقامة على منهج الإسلام في الفكر والعمل ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد جاء القرآن الكريم مهيمناً على الكتب السابقة ، ليأمر خاتم الأنبياء والمرسلين والمؤمنين به بقول الله عز وجل : { فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا إنه بما تعملون بصير }[هود:112]. وحدد الحكيم العليم كيفية تنفيذ هذا الأمر فقال :
¯ { فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم ¯ وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تُسألون } [الزخرف:43-44].
¯ { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السّلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدوّ مبين } [البقرة:208].
¯ { ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك }[المائدة:49].
وبالرجوع إلى الوحي يتبين أن البشر تميزوا على شخصيتين :
1- الشخصية الإسلامية : وهي التي اتبعت الحق ، فكان لها رؤيتها وتصورها الواضح عن الكون والمخلوقات والخالق ، فهي التي اتبعت الهدى وسارت على نور ، فآمنت بالله تعالى وتحققت بالتقوى وهي المبشرة الفائزة مصداق قول الحق سبحانه : { الذين آمنوا وكانوا يتقون ¯ لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك الفوز العظيم }[يونس:63و64].
2- الشخصية غير الإسلامية : وهي التي اتبعت الهوى ، فلم تمتلك الرؤية الصحيحة ، وتاهت في الظلمات ، فاضطربت وأصبحت مذبذبة ، تتقاذفها الأمواج ، واستسلمت للشيطان ، فلم تعرف الاستقامة ولا الثبات ، وعاشت القلق والتردي في المساقط والمهاوي… وهي التي أخبر عنها الخالق تبارك وتعالى في مواضع كثيرة من القرآن ، نقتبس منها قوله تعالى :
{ إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ¯ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم }[البقرة:6-7].
{ ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون }[الأعراف:179].
{ إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا ¯ مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل اللهُ فلن تجد له سبيلاً }[النساء:142-143].
¯ ¯ ¯
تحديد المقصود بالشخصية ومكوناتها
سأنطلق في هذا البحث من اعتبار الشخصية هي : مجموعة من المقومات والخصائص الإنسانية التي يتقوم بها محتوى الذات ويتحدد اتجاهها ؛ فالشخصية هي الصورة الظاهرة للذات الإنسانية ؛ نعم ، الصورة التي تكشف عن كنه الذات ، وتعبر عن حقيقتها من خلال الاحتكاك والتفاعل مع الكون والمحيط الاجتماعي بكل ما فيه من محفزات ، ومثيرات ، وأسباب التفاعل ، واتخاذ المواقف والسلوك…
وبذلك لا يكون السلوك عنصراً من عناصر الشخصية ولكنه المظهر الخارجي ، والانعكاس الطبيعي للذات والتعبير عنها ، كما أن اللسان هو الناطق والمعبر المشهود عن الذات ، إذ أن السرائر غير مشهودة… وهذا الذي أرشد إليه الخالق سبحانه في قوله : { وقلِ اعملوا فسيرى اللهُ عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون }[التوبة:105].
وأهم عناصر تكوين الشخصية - وإن كان تأثير كل عنصر منها يختلف من شخصية لأخرى - هي :
1- الوراثة.
2- البيئة الثقافية.
3- التربية.
* وللحديث بقية تابعونا .
تعليق