إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

منَّة رب الأرض وسمائها بفضل الحكمة وكيفية الاكتسابها، في ضوء الكتاب والسنة ( الحلقة الأولي)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • منَّة رب الأرض وسمائها بفضل الحكمة وكيفية الاكتسابها، في ضوء الكتاب والسنة ( الحلقة الأولي)

    الحمد لله و كفي و الصلاة و السلام علي النبي المصطفي، و بعد:
    إن الحكمة في الدعوة إلي الله أكبر من أن تكون أسلوبًا أو أن تعد وسيلة تحقق مقصودًا، بل هي علم وعمل، و خبرة و تجربة، و فطرة و وهبة، و روح تسري لبلوغ غاية تهدي، و كل كلام وافق الحق فهو حكمة قولية، وكل قول صائب رتب فعلًا صحيحًا فهو حكمة فعلية، وكل فعل صحيح أنشأ واقعًا مستقيمًا ومجتمعًا صالحًا فهو حكمة واقعية.

    فالحكمة علم يحصل، و تكليف ينفذ، قال عنها ابن عباس([1]): "الْمَعْرِفَة بِالْقُرْآنِ نَاسِخه وَمَنْسُوخه وَمُحْكَمه وَمُتَشَابِهه وَمُقَدَّمه وَمُؤَخَّره وَحَلَاله وَحَرَامه"([2])، وقتادة([3]) قال " الْحِكْمَةُ: الْقُرْآنُ , وَالْفِقْهُ فِي الْقُرْآنِ "([4]) ، والأصل أن الله أمر بها الدعاة إلي دينه، فقال تعالي:

    {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[5] } و إذا كانت الحكمة مطلوب من كل داعية تعلمها والعمل بها في كل زمان ومكان فإن حاجة الدعوة اليوم للحكمة أشد، و ضرورتها للدعاة ألزم، حيث اختلطت المفاهيم العلمية، واضطربت المواقف العملية، فلا شك أن المجتمعات التي يواجهها الدعاة اليوم تموج بتناقضات عديدة، وتعمل فيها آفات كثيرة، أفضت إلي كثير من الالتباس في المفاهيم والأفكار، وأدت إلي شيء من الاندثار في الشرائع و الأحكام، و أعان علي ذلك فتن الشهوات المدرية، وظلمات الشبهات المضلة، التي تتروى في وسائل الإعلام وآلاته المدمرة، ومع خفوت نور الربانية في الصدور، وضعف سطوع شمس الوحي في العقول، اختلط مفهوم الدعوة الحزبية بمصلحة الدين الكلية، والتبست المداراة الشرعية بالمداهنة غير المرضية، كما وقعت الحيرة لدي بعض الطوائف الدعوية في مسألة السرية والجهرية، والتبس فقه مرحلة الاستضعاف بفقه واقع الاستخلاف، وحدث الخلط بين الإسرار و التخفي من جهة، وبين السكوت عن الحق وقول الباطل من جهة أخري، ودق الفارق في حس البعض بين القوة المأمور بتحصيلها، وبين العنف والغلظة المأمور بنفيها، وعميت السبل لدا آخرين في التفريق بين النصيحة والتشهير، وبين الإنصاف و الإجحاف، وبين العدل والجور؛ بل منهم من أقدم تهورًا في مواطن التأني ظنًا منه أنها شجاعة، وأحجم غيره توانيًا وكسلًا في مواطن الإقدام ظنًا منه أنها حكمة،.. والكل يدعي وصلًا بليلي!! قد كنت قرأت مقالة لشيخ الإسلام ابن القيم([6])رحمه الله فحواها: "الله تعالي أورث الحكمة آدم و بنيه، فالرجل الكامل من له إرث كامل من أبيه، ونصف الرجل له نصف ميراث، والتفاوت في ذلك لا يحصيه إلا الله تعالي"([7])، فعزمت علي أن يكون لي إرث رجل كامل، وعلت همتي في تحصيل هذا الإرث العظيم (الحكمة)، وعلمت أنه مثل غيره من ميراث الأنبياء، أهم أسباب تحصيلها بعد فضل الله و منته، العلم بفضلها و أركانها و كيفية اكتسابها، فتلمست مواضعها (الحكمة)، فوجدت أصولها موجودة في بطون كتب أهل العلم الجهابذة، فشغلت الزمان الطويل بتحريرها، والبحث عن أصولها العلمية في بطون الكتب، و دونت كل ما تحصلت عليه، و جمعته في عدة ورقات، للرجوع إليه عند الحاجة، و لما كانت الحاجة ملحة للحكمة في الدعوة إلي الله في هذه الأيام العصيبة، لما أصاب العاملين في حقل الدعوة من خلط شديد بين الأضداد والأنداد في المفاهيم الدعوية، مما أصاب العمل الدعوي بما يشبه الشلل الكامل في بعض المناطق، والتنازع المزري في مناطق أخري، بل وصل الأمر إلي الشحناء والضغينة بين أفراد الدعوة في مناطق كثيرة، مما أدي إلي استخفاف العوام بالدعاة بل والدعوة أيضًا.
    فرأيت أنه من الممكن الانتفاع بما جمعته في ورقاتي تلك، فقمت بتهذيبهم و ترتيبهم و تنقيحهم،وقررت عرضها عليكم ليعم بها النفع، إن شاء الله وذلك يكون في حلقات أسبوعية إذا قدر الله لنا البقاء و يسر لنا سبل التواصل.

    [1])) هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، قرشي هاشمي، حبر الأمة، وترجمان القرآن، أسلم صغيرًا ولازم النبي r بعد الفتح وروى عنه، كف بصره في آخر عمره، توفي بالطائف، سنة 68هـ.
    ينظر:الأعلامللزركلي ) (4/95), .

    [2])) تفسير ابن كثير (المتوفى: 774هـ)(2/ 471) تحقق: سامي سلامة, ط: دار طيبة للنشر والتوزيع, الطبعة: الثانية 1420هـ.

    [3])) هو قتادة بن دعامة، حافظ العصر، قدوة المفسرين والمحدثين، أبو الخطاب السدوسي البصري الضرير الأكمه، ولد سنة 60هـ،. توفي سنة 118 هـ. ينظر: شذرات الذهب ل (1/ 153), .

    [4])) تفسير عبد الرزاق(1/ 373).


    [5])) سورة النحل من الآية:125

    [6])) هو محمد بن أبي بكر بن أيوب، المعروف بابن قيم الجوزية، الإمام شمس الدين، أبو عبد الله الدمشقي، الحنبلي، المولود سنة 691هـ، فقيه، أصولي، مجتهد، مفسر، تصانيفه كثيرة قيمة, وتوفي سنة 751 هـ. ينظر: هدية العارفين (2/ 158) .

    [7])) مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين (2/ 450).
    التعديل الأخير تم بواسطة -لطفي-; الساعة 24-02-2014, 07:44 PM. سبب آخر: تعديلات إملائية

  • #2
    رد: منَّة رب الأرض وسمائها بفضل الحكمة وكيفية الاكتسابها، في ضوء الكتاب والسنة ( الحلقة الأولي)

    جزاك الله خيراً أخي الحبيب
    اللهمّ صلّ على محمد
    عدد ما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون
    اللهم اغفر لي ولأبي ولأمي ولجميع المسلمين والمسلمات


    تعليق


    • #3
      رد: منَّة رب الأرض وسمائها بفضل الحكمة وكيفية الاكتسابها، في ضوء الكتاب والسنة ( الحلقة الأولي)

      السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
      جزاكم الله خيرا أخونا الكريم و فقنا الله و إياكم لما يحبه و يرضاه
      بانتظاركم أخونا الفاضل

      تعليق

      يعمل...
      X