أحـــوال النــاس عند ذكر المــوت
وهو المنهمك في الدنيا، المُنْكَب على غرورها، والمحب لشهواتها، فهذا يغفل قلبه لا محالة عن ذكر الموت فلا يذكره، وإذا ذُكِّر به كرهه ونفر منه، واشتغل بمذمته وتأسَّف على دنياه. يقول الحافظ زكريا بن عدي حين حضرته الوفاة: "اللهم إني إليك مشتاق"
قال بشر: "ليس أحد يحب الدنيا إلا لم يحب الموت، ومَن زهد فيها أحبَّ لقاء مولاه" الصنف الثاني: يذكر الموت تارة ويكرهه تارة:
وهو التائب؛ فإنه يكثر من ذكر الموت؛ لينبعث من قلبه الخوف والخشية فيفي بتمام التوبة، ويكرهه تارة أخرى خيفة أن يتخطفه الموت قبل تمام التوبة، وقبل إصلاح الزاد؛ وهو معذور في كرهه الموت، فهو كالذي يحب تأخر لقاء الحبيب حتى يستعد للقائه، وعلامة هذا التائب ان يكون دائم الاستعداد للقاء قال أبو سليمان الداراني: "قلت لأم هارون العابدة: أتحبين أن تموتي؟ قالت: لا. قلت: ولِمَ؟ قالت: والله لو عصيت مخلوقاً لكرهت لقاءه، فكيف بالخالق جل جلاله؟
الصنف الثالث: وهو الذي يذكر الموت دائماً ويأنس بذكره:
كان السلف الصالح يُحبُّون ذكر الموت ولا يغفلون عنه، ويدلك على هذا قول معاذ بن جبل لما حضره الموت قال: "حبيب جاء على فاقة" ، وهذا الصنف في الغالب يستبطيء مجيء الموت، ويحب مجيئه ليتخلَّص من دار العاصين، وينتقل إلى جوار رب العالمين
تعليق