Tweet
الشعرة التي باعدت بين السماء والأرض!!
هذا الدين لديه قوة كامنة عجيبة، تتجلى في إمكانية تحويل أفجر الناس إلى أصلحهم، وأقسى القلوب تحجراً؛ إلى أرقها وألينها!! فهو نبع لا ينضب فيه وهج الحياة، لأن فيه الخير كله، وبالحياة حسب منهجه تحصل السعادة كلها، وبالدعوة إليه يكون الصلاح كله!!
فمن أقبل على هذا الدين بشفافية ونقاء، ليستقى من نبعه بكل شغف وصدق وتجرد، أورثه ذلك حالة من الإخلاص، تكون بينه وبين الله على هيئة خبيئة من الخشية والمراقبة، يعيش على إثرها بالدين وللدين!!
أما من تناوله بقشورية وسطحية، مهتماً بالهدي الظاهر، ومتغافلاً عن تطهير الباطن، لاسيما في الخلوات التي تعتبر (أخطر مواطن ضعف النفس) لأنها بمثابة ساحات لمعارك طاحنة، تدور بينه وبين وساوس نفسه وشيطانه؛ فإن أغفل حال قلبه فيها؛ فقد فتح المنافذ أمام سهام الازدواجية المقيتة بين الظاهر والباطن على نفسه، لتؤول به في نهاية المطاف (إلم يتدارك نفسه بالتوبة الصادقة) لصريح معانى النفاق عياذاً بالله!!
فإذا ما أردت التمييز بين الصادق والمنافق في تناوله لهذا الدين، لاسيما ممن يوحي إليك مظهرهما الخارجي بالحرص على التدين، واتباع السنة؛ فسوف تجد الصادق يتقولب بقولبة الدين، ويسير مع الدليل حيثما سار، غير مبالٍ بمخالفة ذلك الدليل لهواه ورأيه أو موافقته له، بل وحتى ولو كان في تراجعه عن رأيه، واتباعه للحق حرجاً أمام الناس!!
أما المنافق فيبذل وسعه محاولاً قولبة الدين وفق أهوائه، أو ما كان من آرائه، أو ما صدر عنه من تصرفات، حتى تستشعر من جداله التعنت الشديد في تشبثه برأيه، حتى لو خالف في بعض الأحيان صريح الدين والعقيدة!! وما المداخلة وحزب الزور منا ببعيد!!
والمصيبة في الأمر أن كلاهما يتحدث أمام العامة باسم الدين!!
إلا أن الشعرة التي ترفع منزلة أحدهما في سماءالعزة والكرامة، وتهوي بالآخر في أرض الذلة والمهانة، هي تلك التي تفرق بين من يستدل على الحق بهدي الدين؛ ليتبعه مُتجرداً ومُسالماً، وبين من يدلل على أفعاله بالدين مُضلِّلاً ومُدلِّساً!!
إنها شعرة من دقائق خفايا القلوب التي لا يغفل عنها إلا منافق عليم النفاق، أما المخلص الصادق، فهي تمثل بالنسبة له حاجزاً وسداً منيعاً لا يجوز تجاوزه بحال؛ لأن ما ترسخ في قلبه من إخلاص؛ يأبى عليه التضحية بما يجده من لذة حلاوة الإيمان!!
فاللهم ارزقنا الصدق والإخلاص لك في القول والعمل، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماماً
تعليق