السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه
الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه
إن الإنسان إجتماعي بطبعه و الإنسان مأخوذ من الأنس و الألفة ،فهو لا يستطيع العيش وحيدا بل يحتاج في حياته إلى الإختلاط بالآخرين من بني جنسه و مصاحبتهم و الإستعانة بهم في امور كثيرة فكرية و إعتقادية أو عملية و دنيوية.
لذلك كان إرتباط طبيعة الإنسان و خصاله إرتباطا مباشرا مع بيئته و وسطه الذي يعيش فيه و لا شك أن الصفات و المعتقدات السائدة في جماعة أو فئة من الناس يقتسمها كل فرد منها .
فالإنسان مجبول على الإقتداء بجليسه و صاحبه و الطباع و الأرواح جنود مجندة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((الأرواح جنودٌ مجندةٌ، فما تعارف فيها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)) رواه البخاري
فالصالح الخير الخير يحب مثله و يميل إليه و الشقي الفاجر يألف شكله و يميل إليه و كل ينفر عن ضده.
عن المرأ لا تسأل و سل عن قرينه ....... فكل قرين بالمقارن يقتدي
و لذلك كان لزوما على اللبيب المحافظ على دينه و الذي يرجو السعادة في دنياه و آخرته أن يختار أخلائه و أصحابه و جلسائه بحكمة حتى ينتفع بهم و ينفعهم و إن لم ينفعوه فانهم لن يضروه .
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
((مَثَلُ الجليس الصالح وجليس السوء؛ كحامل المسك ونافخ الكِير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافح الكِير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)) متفقٌ عليه.
قال تعالى :
<وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً> الكهف 28
و علينا من جهة أخرى إجتناب جلساء السوء و مصاحبتهم فخطرهم عظيم و فسادهم على دين و عقيدة المصاحب أخطر من السم في الفتك و الإهلاك .
عن وديعة الأنصاري قال : سمعت عمر بن الخطاب قال : "لا تتكلم فيما لا يعنيك و اعتزل عدوك ، و احذر صديقك ، إلا الأمين و لا أمين إلا من يخشى الله عز و جل و يطيعه ، و لا تمش مع الفاجر فيعلمك من فجوره ، و لا تطلعه على سرك ، و لا تشاور في أمرك إلا الذين يخشون الله سبحانه "
و جليس السوء هو ذلك الفاجر الفاسق أو المنافق الذي جل حديثه كذب و نميمة و أخلاقه حسد لأصحاب الخير و بغض لأهل الإيمان ، دائم الشكوى و كثير البلوى ، يأتيك بوجه أبى بكر و قلب أبي لهب لا تزيدك مصاحبته إلا خبالا و ضياعا للأوقات ، فالحذر كل الحذر من مثل هؤلاء .
و قد أمرنا ربنا جل و علا بالنفور من أمثالهم لئلا نكون منهم ، قال سبحانه : (وَقَدْ نزلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا) النساء 140 .
و إن كان القصد من مجالستهم تأليف قلوبهم و دعوتهم إلى الله تعالى و إرشادهم و أمرهم بالمعروف و نهيهم عن المنكر فهذا من الأخلاق الفاضلة و قد حث عليه ديننا الحنيف ، لكن علينا أن نحذر الأنس بهم و التأثر بأشكالهم و أفكارهم الهدامة .
فهل يستوي بعد هذا الجليس الصالح و جليس السوء ؟ أبدا لا يستوون و لا يقع النحل إلا على كل طيب فكان عسله بركة و شفاءا لكل داء ، أما القاذورات و الفضلات فلا يقع عليها إلا الحقير من الذباب ، نسأل الله العافية .
قال الشاعر:
و ما أكثر الإخوان حين تعدهم....... و لكنهم في النائبات قليل
نسأل الله أن يصلح أنفسنا و أحوالنا و نياتنا و أن يأخذ بنواصينا إلى البر و التقوى و الحمد لله رب العالمين
تعليق