الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبعد ؛
الاختلاف سنة كونية وقضية حتمية ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) وعندما يحدث الاختلاف بين المسلمين فإن هذا أيضاً محتمل ولكن لا ينبغي أن يحملنا الاختلاف في المواقف والتحليلات أو الاجتهادات إلى فساد ذات البين وضياع المودة والمحبة والإخوة والألفة وجميع الروابط التي تربطنا " ألا أنبئكم بدرجة أفضل من الصلاة والصدقة ؟ قالوا : بلى قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " صلاح ذات البين ،وفساد ذات البين هي الحالقة " وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين " .
أخي الحبيب : لا بأس أن نختلف ، ولكن ألا يستقيم أن نكون إخوة وإن لم نتفق في المسألة كما قال الشافعي ، أو نعرف الفضل لبعضنا كما قال الإمام أحمد : لم يعبر الجسر إلى خُرسان مثل إسحاق ، وإن كان يخالفنا في أشياء فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً ) ، ولو أن كل خلاف أو اختلاف قطعنا من اجله الحبال التي بيننا لعاش كل واحد منا منفرداً تمزقه الأفكار والأوهام وسوء الظن .
أخي الحبيب :
لا بأس أن نختلف ، ولكن لماذا لا نقدم حسن الظن بالمخالف وخصوصاً إذا كان قد اجتهد أو أنه في دائرة الخلاف السائغ ؟
وهل معنى اختلافنا أن نضيع الحقوق التي بيننا ولا نرعاها ؟
وهل معنى اختلافنا أن لا ينصح بعضنا بعضا ً ويتجاهل بعضنا بعضا ؟
وهل معنى اختلافنا أن نتطاول على من اختلفنا معه ونسُبه ونقذفه وننال من عرضه ونحتسب فيه كلما رأيناه أو سمعنا صوته وندعو عليه ؟
أخي الحبيب :
هل معنى اختلافنا أن نقطع أرحامنا و تكُثر نزاعاتنا و تسوء أخلاقنا ؟
هل معنى اختلافنا أن نصبح أحزابا متناحرة ؟
هل معنى اختلافنا أن تضيع بيننا هيبة العلماء و حرمتهم ؟
هل معنى اختلافنا أن تضيع الأمانة بيننا ؟
هل معنى اختلافنا أن نخوض في الجدال و الاتهام و قد قال الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " ما ضلَّ قوم بعد هدىً كانوا عليه إلا أُوتوا الجدل " ، وقال الأحنف بن قيس : كثرة الخصومة تنبت النفاق في القلب .
أخي الحبيب :
ليكن همّك الوصول للحق وأنت مخلصاً متجرداً تتجافى عن الهوى و تبتعد عن التعصب .
قال الحويني ـ حفظه الله ـ : إذا استباح المسلم ديانة أخيه فأثبت على الحرمة وأعلم أن الفتن تذهب بدين الرجل فكن على الثوابت قابضاً وعلى المبدأ راسخاً فإياك أن تموج بك الفتن أو تلسعك نار الجمرة فتسأم القبض عليها فالله لم يحاسبك لِمَ لَمْ تُحلل الموقف الفلاني وإنما سيحاسبك عن عرضٍ طعنته أو أخٍ اغتبته أو دين استبحته ولا يغرنك كثرة الهالكين المتساقطين فالناس كالجراد إلى حتفهم يتسابقون .
اللهم حسّن أخلاقنا وأصلح ذات بيننا وألف على الحق قلوبنا .
وصلِ اللهم على محمد و على آله وصحبه وسلم ..
كتبه/ مصطفى دياب
تعليق