كتبه/ أحمد فريد
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبعد ؛
من التهم الزائفة التي توجه للإسلام أن الإسلام لا يقبل التعدد ، ولا يعترف بهوية الآخر ، والقرآن مليء بوصف المخالفين بأنهم كفار .
قال تعالى :" ( إن الدين عند الله الإسلام ( آل عمران : 19 ، (ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) آل عمران : 85 ، (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) .
يقولون إننا الآن في القرن الحادي والعشرين ، وقد اندثرت النظريات الأحادية وبدأ عمر النظريات التعددية ، فلماذا لا يحترم المسلمون وجهة نظر غيرهم من الناس ، ولماذا لا يسمون من عداهم "بالآخر" بدلاً من "الكافر" ليواكب الإسلام العصر وتطوراته ، والإسلام كما يزعم أصحابه أنه صالح لكل زمان ومكان .
وقبل أن نرد على هذه الشبهة ، فبإمكاننا أن نعيد الكرة إلى ملعب الآخر ، ونطلب منه أن يجيب عن نفس السؤال ، كيف ينظر النصارى إلى المسلمين واليهود ، وكيف ينظر اليهود إلى المسلمين والنصارى ؟
هل يطلق كل فريق على الآخر سوى اسم "الكافر" ؟
أما بالنسبة إلى المذاهب العلمانية فالأمر لا يتغير كثيراًَ ، فـ"أمريكا" كممثل للمذهب العلماني الذي ينادى بالحرية والليبرالية والتعددية ، لا يعترف عملياً بما سواه من المذاهب .
فمن الأهداف الإمبريالية في العالم بأسره تأتي الأهداف الثقافية والفكرية لها أيضاً ، انظر كيف تريد أمريكا فرض ثقافتها وأيديولوجيتها الفكرية وتسعى لإلزام العالم بالصورة التي رسمتها لمفهوم الحرية بالسياسة أحياناً وبالحرب أخرى كما حدث بالعراق . فأين اعترافها بالآخر مع العمل ليل نهار لإلزامه أفكارك ونظرياتك ؟
وهؤلاء أذناب الليبرالية الغربية في بلاد المسلمين يعدون مخالفيهم من التيار الإسلامي المحافظ ، ظلاميين ، ورجعيين ، وإرهابيين ، وتكفيريين ، إلى غير ذلك من النعوت والألفاظ الإقصائية فأين قبول الآخر عندهم ؟
بل هم يهادنون كل المذاهب والاتجاهات إلا الإسلاميين فإنهم لا يقبلونهم بحال ، ولا يمدحونهم بأقوال ولا أعمال ، فأين قبول الآخر ؟ رمتني بدائها وانسّلت ، فهم لا عذر لهم في عدم قبول الآخر بحسب نظرياتهم التعددية .
ولأن هويتهم إما دين سماوي محرف منسوخ العمل به ، أو فكر أرضي بشري قائم على استحسان العقل دون رجوع إلى شريعة السماء الباقية .
والإسلام لم يخترعه المسلمون ، ولكن الله ـ عز وجل ـ تعبدهم به ، وشرعه لهم ، ورضيه لهم دينا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، قال تعالى : ( ورضيت لكم الإسلام ديناً ) المائدة :3 .
وتصويب قول الآخر المخالف لشرع الله ـ عز وجل ـ معناه تصويب القول وضده ، وأن من قال : ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) ، ومن قال : ( إن الله ثالث ثلاثة ) صواب وهل يقول هذا عاقل ؟
على أن الإسلام يعترف بالآخر ألا يكون معه هذا التناقض ، فهو رسالة عالمية تدعو الأحمر والأسود واليهودي والنصراني والمجوسي إلى الدخول في الإسلام .
وقد أرسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس كافة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) الأنبياء : 107 ، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بما جئت به إلا دخل النار " .
الإسلام يمد يده للآخر حتى يدخل في الدين الحق ويسعد في الدنيا والآخرة ، الإسلام يعترف بالآخر فهو يقرّ بنبوة موسى وعيسى ( لا نفرق بين أحدٍ من رسله ) البقرة: 285 ، وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تخيروا بين الأنبياء " .
فقد فتح الإسلام ذراعيه للآخر باعترافه بنبوة نبيه وكتابه ، والقرآن مصدق للكتب السابقة في الجملة مهيمنٌ عليها ، فما خالف القرآن فهو محرفٌ لأن الله ـ عز وجل ـ تكفل بحفظ القرآن ، فقال ـ عز وجل ـ : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) الحجر: 9 ، ووكل الكتب السابقة لأحبارهم فقال : (بما استحفظوا من كتاب الله ) بل هذه الآفة تشهد للرسل السابقين ـ عليهم الصلاة والتسليم ـ كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " يدعى نوح يوم القيامة فيقول الله تعالى له ، هل بلغت ؟ فيقول نعم ، فيقول لقومه هل بلغكم ؟ فيقولون ما أتانا من نذير ، فيقول ـ عز وجل ـ لنوح عليه السلام من يشهد لك فيقول ، محمد وأمته ، فيشهدون ، ويكون الرسول عليهم شهيداً " ثم تلا قوله ـ عز وجل ـ : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ) البقرة: 143 .
وقد صرح القرآن بكفر أهل الكتاب كما قال تعالى : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ) البينة: 1 ، وقال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) المائدة: 17 ، وقال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة )المائدة : 73 .
وهذا من البيان الواضح المبين ، ولو قلت للآخر أنت على صواب وحق وأنت من أهل الجنة وكان الأمر على خلاف ذلك ، لا يكون هذا من الإحسان والنصيحة ، لأنه إذا عرف أنه على باطل وأن الله ـ عز وجل ـ حكم عليه بالكفر ، وبأنه لو مات على ذلك دخل النار ، فلعله أن يراجع نفسه ، ويدرس الأمر ، ومن يتحرى الخير يجده ، ومن يتوق الشر يوقه ، فإذا صدق في طلب الوصول إلى الحق ، وبذل جهده للوصول إليه ، فإن الله ـ عز وجل ـ يوفقه ويهديه إلى الحق ، فلو أن الإسلام قبل الآخر بإطلاق ، ولم يسمه بالكفر لفوت على الكافرين فرصة البحث عن الحق والوصول إليه .
ومن أسماء القرآن الفرقان ، لأنه يفرق بين الحق والباطل ، وبين الهدى والضلال ، وبين الكفر والإيمان ، وهو القرآن المبين كذلك لأنه يبين الحق من الباطل ، نسأل الله تعالى أن يهدينا إلى الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين غير المغضوب عليهم من اليهود ، والضالين من النصارى .
لعل إجابة السؤال ، هل يقبل الإسلام هوية الآخر قد اتضحت بعد هذا البيان ، والله المستعان .
الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ وبعد ؛
من التهم الزائفة التي توجه للإسلام أن الإسلام لا يقبل التعدد ، ولا يعترف بهوية الآخر ، والقرآن مليء بوصف المخالفين بأنهم كفار .
قال تعالى :" ( إن الدين عند الله الإسلام ( آل عمران : 19 ، (ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين) آل عمران : 85 ، (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ) .
يقولون إننا الآن في القرن الحادي والعشرين ، وقد اندثرت النظريات الأحادية وبدأ عمر النظريات التعددية ، فلماذا لا يحترم المسلمون وجهة نظر غيرهم من الناس ، ولماذا لا يسمون من عداهم "بالآخر" بدلاً من "الكافر" ليواكب الإسلام العصر وتطوراته ، والإسلام كما يزعم أصحابه أنه صالح لكل زمان ومكان .
وقبل أن نرد على هذه الشبهة ، فبإمكاننا أن نعيد الكرة إلى ملعب الآخر ، ونطلب منه أن يجيب عن نفس السؤال ، كيف ينظر النصارى إلى المسلمين واليهود ، وكيف ينظر اليهود إلى المسلمين والنصارى ؟
هل يطلق كل فريق على الآخر سوى اسم "الكافر" ؟
أما بالنسبة إلى المذاهب العلمانية فالأمر لا يتغير كثيراًَ ، فـ"أمريكا" كممثل للمذهب العلماني الذي ينادى بالحرية والليبرالية والتعددية ، لا يعترف عملياً بما سواه من المذاهب .
فمن الأهداف الإمبريالية في العالم بأسره تأتي الأهداف الثقافية والفكرية لها أيضاً ، انظر كيف تريد أمريكا فرض ثقافتها وأيديولوجيتها الفكرية وتسعى لإلزام العالم بالصورة التي رسمتها لمفهوم الحرية بالسياسة أحياناً وبالحرب أخرى كما حدث بالعراق . فأين اعترافها بالآخر مع العمل ليل نهار لإلزامه أفكارك ونظرياتك ؟
وهؤلاء أذناب الليبرالية الغربية في بلاد المسلمين يعدون مخالفيهم من التيار الإسلامي المحافظ ، ظلاميين ، ورجعيين ، وإرهابيين ، وتكفيريين ، إلى غير ذلك من النعوت والألفاظ الإقصائية فأين قبول الآخر عندهم ؟
بل هم يهادنون كل المذاهب والاتجاهات إلا الإسلاميين فإنهم لا يقبلونهم بحال ، ولا يمدحونهم بأقوال ولا أعمال ، فأين قبول الآخر ؟ رمتني بدائها وانسّلت ، فهم لا عذر لهم في عدم قبول الآخر بحسب نظرياتهم التعددية .
ولأن هويتهم إما دين سماوي محرف منسوخ العمل به ، أو فكر أرضي بشري قائم على استحسان العقل دون رجوع إلى شريعة السماء الباقية .
والإسلام لم يخترعه المسلمون ، ولكن الله ـ عز وجل ـ تعبدهم به ، وشرعه لهم ، ورضيه لهم دينا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، قال تعالى : ( ورضيت لكم الإسلام ديناً ) المائدة :3 .
وتصويب قول الآخر المخالف لشرع الله ـ عز وجل ـ معناه تصويب القول وضده ، وأن من قال : ( قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) ، ومن قال : ( إن الله ثالث ثلاثة ) صواب وهل يقول هذا عاقل ؟
على أن الإسلام يعترف بالآخر ألا يكون معه هذا التناقض ، فهو رسالة عالمية تدعو الأحمر والأسود واليهودي والنصراني والمجوسي إلى الدخول في الإسلام .
وقد أرسل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى الناس كافة ( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) الأنبياء : 107 ، وقال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد يهودي ولا نصراني ثم لم يؤمن بما جئت به إلا دخل النار " .
الإسلام يمد يده للآخر حتى يدخل في الدين الحق ويسعد في الدنيا والآخرة ، الإسلام يعترف بالآخر فهو يقرّ بنبوة موسى وعيسى ( لا نفرق بين أحدٍ من رسله ) البقرة: 285 ، وقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا تخيروا بين الأنبياء " .
فقد فتح الإسلام ذراعيه للآخر باعترافه بنبوة نبيه وكتابه ، والقرآن مصدق للكتب السابقة في الجملة مهيمنٌ عليها ، فما خالف القرآن فهو محرفٌ لأن الله ـ عز وجل ـ تكفل بحفظ القرآن ، فقال ـ عز وجل ـ : (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) الحجر: 9 ، ووكل الكتب السابقة لأحبارهم فقال : (بما استحفظوا من كتاب الله ) بل هذه الآفة تشهد للرسل السابقين ـ عليهم الصلاة والتسليم ـ كما قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " يدعى نوح يوم القيامة فيقول الله تعالى له ، هل بلغت ؟ فيقول نعم ، فيقول لقومه هل بلغكم ؟ فيقولون ما أتانا من نذير ، فيقول ـ عز وجل ـ لنوح عليه السلام من يشهد لك فيقول ، محمد وأمته ، فيشهدون ، ويكون الرسول عليهم شهيداً " ثم تلا قوله ـ عز وجل ـ : ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً ) البقرة: 143 .
وقد صرح القرآن بكفر أهل الكتاب كما قال تعالى : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة ) البينة: 1 ، وقال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم ) المائدة: 17 ، وقال تعالى : ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة )المائدة : 73 .
وهذا من البيان الواضح المبين ، ولو قلت للآخر أنت على صواب وحق وأنت من أهل الجنة وكان الأمر على خلاف ذلك ، لا يكون هذا من الإحسان والنصيحة ، لأنه إذا عرف أنه على باطل وأن الله ـ عز وجل ـ حكم عليه بالكفر ، وبأنه لو مات على ذلك دخل النار ، فلعله أن يراجع نفسه ، ويدرس الأمر ، ومن يتحرى الخير يجده ، ومن يتوق الشر يوقه ، فإذا صدق في طلب الوصول إلى الحق ، وبذل جهده للوصول إليه ، فإن الله ـ عز وجل ـ يوفقه ويهديه إلى الحق ، فلو أن الإسلام قبل الآخر بإطلاق ، ولم يسمه بالكفر لفوت على الكافرين فرصة البحث عن الحق والوصول إليه .
ومن أسماء القرآن الفرقان ، لأنه يفرق بين الحق والباطل ، وبين الهدى والضلال ، وبين الكفر والإيمان ، وهو القرآن المبين كذلك لأنه يبين الحق من الباطل ، نسأل الله تعالى أن يهدينا إلى الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين غير المغضوب عليهم من اليهود ، والضالين من النصارى .
لعل إجابة السؤال ، هل يقبل الإسلام هوية الآخر قد اتضحت بعد هذا البيان ، والله المستعان .
تعليق