إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

سلسلة : رقم (٢)" من أسباب استجابة الدعاء"(1-3)

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • سلسلة : رقم (٢)" من أسباب استجابة الدعاء"(1-3)

    كتاب" من أسباب استجابة الدعاء "
    إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،
    من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه ؛ وعلى آله ؛ وصحبه وسلم .
    :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ " {آل عمران : 102}
    :"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " {النساء :1}
    :"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" { الأحزاب : 70 -71}
    أما بعد :
    فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
    لما كان في دعاء العبد المسلم لربه كل خير في الدنيا والآخرة كما بينا في – الفصل السابق –(1) كان صلى الله عليه وسلم يحرص كل الحرص على أن يسأل ربه استجابة دعاؤه، ويستعيذ به سبحانه وتعالى أن لا يستجيب له ،وهو المستجاب الدعاء قطعًا ويقينًا ،وإنما بيان ذلك من لزوم العبوديه لله ، وتبليغ رسالته ، وتعليم أمته ، لقوله صلى الله عليه وسلم في دعاءه لربه : " رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتِي، وَأَجِبْ دَعْوَتِي، . . ." الحديث (2)
    ولقوله صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لا يَنْفَعُ ، وَمِنْ قَلْبٍ لا يَخْشَعُ ، وَمِنْ نَفْسٍ لا تَشْبَعُ ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لا يُسْتَجابُ لَهَا ".(3)
    ونذكر من أسباب استجابة الدعاء ما يلي :
    (1) الإخلاص لله تعالى :
    قال تعالى : " فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (14)"{ غافر : 14}
    قال الإمام بن كثير- رحمه الله-: " فأخلصوا لله وحده العبادة والدعاء ، وخالفوا المشركين في مسلكهم ومذهبهم " (4)
    وقال تعالى مُخبرًا عن محنة نبيه سيدنا يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز:" وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24) "{ يوسف : 24}
    وكذلك أيضًا نجا الله أصحاب الغار بأنهم توسلوا إلى الله تعالى بأعمال صالحة عملوها خالصة لوجه الله -تعالى – وسيأتي معنا الحديث بتمامه .
    ولقد نجا الله المشركين حين أخلصوا له الدعاء ، لقوله تعالى : " فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ (65) "{العنكبوت : 65}.
    وًعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ، مَالَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" لَا شَيْءَ لَهُ" فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :" لَا شَيْءَ لَهُ " ثُمَّ قَالَ:"إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنْ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا ، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ".(5)
    ويثاب العبد المسلم عن نيته الخالصة لوجه الله –تعالى – ولو حال القدر دون أن يقع هذا العمل ، فعَنْ أَبِي كَبْشَةَ الأنْمَارَيِّ رضي الله عنه أَنَّهُ : سَمِعَ رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ،يَقُولُ وفيه:" وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثاً فَاحْفَظُوهُ، قَالَ :" إِنَّمَا الدُّنْيَا لأرْبَعَةِ نَفَرٍ ، عَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ ، وَيَعْلَمُ للهِ فِيهِ حَقًّا ، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ ، وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقهُ مَالاً فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ ، يَقُولُ : لَوْ أَنَّ لِي مَالاً لَعَمِلْتُ بِعَمَلِ فُلاَنٍ فَهُوَ بِنِّيَتِهِ فَأَجْرُهُمَا سَوَاءٌ ، . . ."الحديث (6)
    وعن عبد الرحمن بن يزيد قال : كان الربيع يأتي عَلقَمة يَوم الجمعة فإِذا لَم أَكن ثَمة أرسلوا إليَّ . فَجاءَ مرةً ولَستُ ثَمة فَلقِيني عَلقمةُ وقَال لِي : أَلم تَر مَا جاء بِه الربيع ؟ قال : ألم تَر أَكثر مَا يدعو الناس ، وما أَقل إِجابَتهُم ، وذَلِك أن الله عز وجل لا يَقبَل إلا النَّاخِلةَ مِن الدعاء . قُلتُ : أَو لََيس قَال ذَلك عبد الله ؟ قال : وما قال ؟ قال : قال عبد الله رضي الله عنه: لا يَسمعُ الله مِن مُسمِّع ، ولا مِن مُراءٍ ، ولا لاعِبٍ ، إلا داعٍ دعَا يَثبُتُ مِن قَلبه . قال : فذكرَ عَلقمَة ؟ قال : نعم .(7)
    قال الإمام الشوكاني – رحمه الله - : أقول هذا الأدب هو أعظم الآداب في إجابة الدعاء ،لأن الإخلاص هو الذي تدور عليه دوائر الإجابة . وقد قال الله تعالى : " فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " ، فمن دعا غير مخلص فهو حقيق بأن لا يُجاب ، إلا أن يتفضل الله عليه ، والله ذو الفضل العظيم . اه (8)
    (2) الصدق مع الله :
    قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ (119) "{التوبة : 119}.
    وعَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ رضي الله عنه رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ :" مَنْ سَأَلَ اللهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ ، بَلَّغَهُ اللهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ".(9)
    صدق الغلام في قصة " أصحاب الأخدود " في إرادة الوصول إلى الحق والتضحية في سبيله واستجابة الله له :
    عن صهيب رضي الله عنه: أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : " كَانَ مَلِكٌ فيمَنْ كَانَ قَبلَكمْ وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ فَلَمَّا كَبِرَ قَالَ للمَلِكِ : إنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابْعَثْ إلَيَّ غُلامًا أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ ؛ فَبَعثَ إِلَيْهِ غُلامًا يُعَلِّمُهُ ، وَكانَ في طرِيقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ ، فَقَعدَ إِلَيْه وسَمِعَ كَلامَهُ فَأعْجَبَهُ ، وَكانَ إِذَا أتَى السَّاحِرَ ، مَرَّ بالرَّاهبِ وَقَعَدَ إِلَيْه ، فَإذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ ، فَشَكَا ذلِكَ إِلَى الرَّاهِب ، فَقَالَ : إِذَا خَشيتَ السَّاحِرَ ، فَقُلْ : حَبَسَنِي أَهْلِي ، وَإذَا خَشِيتَ أهلَكَ ، فَقُلْ : حَبَسَنِي السَّاحِرُ . فَبَيْنَما هُوَ عَلَى ذلِكَ إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّةٍ عَظِيمَةٍ قَدْ حَبَسَتِ النَّاسَ فَقَالَ : اليَوْمَ أعْلَمُ السَّاحرُ أفْضَلُ أم الرَّاهبُ أفْضَلُ ؟ فَأخَذَ حَجَرًا، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إنْ كَانَ أمْرُ الرَّاهِبِ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ أمْرِ السَّاحِرِ فَاقْتُلْ هذِهِ الدّابَّةَ حَتَّى يَمضِي النَّاسُ ، فَرَمَاهَا فَقَتَلَها ومَضَى النَّاسُ ، فَأتَى الرَّاهبَ فَأَخبَرَهُ . فَقَالَ لَهُ الرَّاهبُ : أَيْ بُنَيَّ أَنْتَ اليَومَ أفْضَل منِّي قَدْ بَلَغَ مِنْ أَمْرِكَ مَا أَرَى ، وَإنَّكَ سَتُبْتَلَى ، فَإن ابْتُلِيتَ فَلا تَدُلَّ عَلَيَّ ؛ وَكانَ الغُلامُ يُبْرئُ الأكْمَهَ وَالأَبْرصَ ، ويداوي النَّاسَ مِنْ سَائِرِ الأَدْوَاء . فَسَمِعَ جَليسٌ لِلملِكِ كَانَ قَدْ عَمِيَ ، فأتاه بَهَدَايا كَثيرَةٍ ، فَقَالَ : مَا ها هُنَا لَكَ أَجْمعُ إنْ أنتَ شَفَيتَنِي ، فَقَالَ : إنّي لا أشْفِي أحَدًا إِنَّمَا يَشفِي اللهُ تَعَالَى ، فَإنْ آمَنْتَ بالله تَعَالَى دَعَوتُ اللهَ فَشفَاكَ ، فَآمَنَ بالله تَعَالَى فَشفَاهُ اللهُ تَعَالَى ،فَجَلسَ إِلَيْهِ كَما كَانَ يَجلِسُ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : مَنْ رَدّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ ؟ قَالَ : رَبِّي ، قَالَ : وَلَكَ رَبٌّ غَيري ؟ قَالَ : رَبِّي وَرَبُّكَ اللهُ ، فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الغُلامِ ، فَجيء بالغُلاَمِ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : أيْ بُنَيَّ ، قَدْ بَلَغَ مِنْ سِحْرِكَ مَا تُبْرئ الأَكْمَهَ وَالأَبْرَصَ وتَفْعَلُ وتَفْعَلُ ! فَقَالَ : إنِّي لا أَشْفي أحَدًا ، إِنَّمَا يَشفِي الله تَعَالَى . فَأَخَذَهُ فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبُهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهبِ ؛ فَجِيء بالرَّاهبِ فَقيلَ لَهُ : ارجِعْ عَنْ دِينكَ ، فَأَبَى ، فَدَعَا بِالمِنْشَارِ فَوُضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرق رَأسِهِ ، فَشَقَّهُ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيءَ بِجَليسِ المَلِكِ فقيل لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينِكَ ، فَأَبَى ، فَوضِعَ المِنْشَارُ في مَفْرِق رَأسِهِ ، فَشَقَّهُ بِهِ حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ ، ثُمَّ جِيءَ بالغُلاَمِ فقيلَ لَهُ : ارْجِعْ عَنْ دِينكَ ، فَأَبَى ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أصْحَابهِ ، فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ إِلَى جَبَلِ كَذَا وَكَذَا فَاصْعَدُوا بِهِ الجَبَل ، فَإِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَتَهُ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينِهِ وَإلا فَاطْرَحُوهُ . فَذَهَبُوا بِهِ فَصَعِدُوا بِهِ الجَبَلَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أكْفنيهمْ بِمَا شِئْتَ ، فَرَجَفَ بهِمُ الجَبلُ فَسَقَطُوا ، وَجاءَ يَمشي إِلَى المَلِكِ ، فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : مَا فَعَلَ أصْحَابُكَ ؟ فَقَالَ : كَفَانِيهمُ الله تَعَالَى ، فَدَفَعَهُ إِلَى نَفَرٍ مِنْ أَصْحَابِهِ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهِ فاحْمِلُوهُ في قُرْقُورٍ وتَوَسَّطُوا بِهِ البَحْرَ ، فَإنْ رَجعَ عَنْ دِينِهِ وإِلا فَاقْذِفُوهُ . فَذَهَبُوا بِهِ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أكْفِنيهمْ بمَا شِئْتَ ، فانْكَفَأَتْ بِهمُ السَّفينةُ فَغَرِقُوا ، وَجَاء يَمْشي إِلَى المَلِكِ . فَقَالَ لَهُ المَلِكُ : مَا فعلَ أصْحَابُكَ ؟ فَقَالَ : كَفَانيهمُ الله تَعَالَى . فَقَالَ لِلمَلِكِ : إنَّكَ لَسْتَ بقَاتلي حَتَّى تَفْعَلَ مَا آمُرُكَ بِهِ . قَالَ : مَا هُوَ ؟ قَالَ : تَجْمَعُ النَّاسَ في صَعيدٍ وَاحدٍ وتَصْلُبُني عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ خُذْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتي ، ثُمَّ ضَعِ السَّهْمَ في كَبدِ القَوْسِ ثُمَّ قُلْ : بسْم الله ربِّ الغُلاَمِ ، ثُمَّ ارْمِني، فَإنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذلِكَ قَتَلتَني، فَجَمَعَ النَّاسَ في صَعيد واحدٍ ، وَصَلَبَهُ عَلَى جِذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ ، ثُمَّ وَضَعَ السَّهْمَ في كَبِدِ القَوْسِ ، ثُمَّ قَالَ : بِسمِ اللهِ ربِّ الغُلامِ ، ثُمَّ رَمَاهُ فَوقَعَ في صُدْغِهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ في صُدْغِهِ فَمَاتَ ، فَقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ الغُلامِ ، فَأُتِيَ المَلِكُ فقيلَ لَهُ : أَرَأَيْتَ مَا كُنْتَ تَحْذَرُ قَدْ والله نَزَلَ بكَ حَذَرُكَ . قَدْ آمَنَ النَّاسُ . فَأَمَرَ بِالأُخْدُودِ بأفْواهِ السِّكَكِ فَخُدَّتْ وأُضْرِمَ فيهَا النِّيرانُ وَقَالَ : مَنْ لَمْ يَرْجعْ عَنْ دِينهِ فَأقْحموهُ فيهَا ، أَوْ قيلَ لَهُ: اقتَحِمْ فَفَعَلُوا حَتَّى جَاءت امْرَأةٌ وَمَعَهَا صَبيٌّ لَهَا ، فَتَقَاعَسَتْ أنْ تَقَعَ فيهَا، فَقَالَ لَهَا الغُلامُ : يَا أُمهْ! اصْبِري فَإِنَّكِ عَلَى الحَقِّ ". (10)
    (3) حُسـنْ الظنِ بالله:
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : " يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى:" أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي،..."(11)
    وعَنْه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي". (12)
    وعَنْه رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالْإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ ".(13)
    وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، قَالَ: ضَافَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَزْوَاجِهِ يَبْتَغِي عِنْدَهُنَّ طَعَامًا، فَلَمْ يَجِدْ عِنْدَ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَقَالَ:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ، فَإِنَّهُ لا يَمْلِكُهَا إِلا أَنْتَ " فَأُهْدِيَتْ إِلَيْهِ شَاةٌ مَصْلِيَّةٌ، فَقَالَ:"هَذِهِ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَنَحْنُ نَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ". (14)
    وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه قَالَ : قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ : لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لأَبْصَرَنَا ، فَقَالَ : " مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا ".(15)
    وَعَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، إِلى أَبِي فِي مَنْزِلِهِ فَاشْتَرَى مِنْهُ رَحْلاً ، فَقَالَ لِعَازِبٍ: ابْعَثِ ابْنَكَ يَحْمِلُهُ مَعِي قَالَ: فَحَمَلْتُهُ مَعَهُ وَخَرَجَ أَبِي يَنْتَقِدُ ثَمَنَهُ ،فَقَالَ لَهُ أَبِي: يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا، وَمِنَ الْغَدِ، حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلاَ الطَّريقُ، لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ، لَهَا ظِلٌّ، لَمْ تَاتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً وَقُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ، فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بَغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ، يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي أَرَدْنَا فَقُلْتُ: لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ "أَوْ مَكَّةَ" قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ قَالَ: نَعَمْ قلْتُ: أَفَتَحْلُبُ قَالَ: نَعَمْ فَأَخَذَ شَاةً فَقُلْتُ: انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى. "قَالَ الرَّاوِي: فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ ، فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَرْتَوِي مِنْهَا، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ، حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ فَقُلْتُ: اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ: فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ ثُمَّ قَالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ قُلْتُ: بَلَى قَالَ: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ فَقُلْتُ: أُتِينَا يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ: لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَدَعَا عَلَيْهِ النَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا، أُرَى فِي جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ فَقَالَ: إِنِّي أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَجَاف، َجَعَلَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ قَالَ: كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا. فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ. قَالَ: وَوَفى لَنَا. (16)
    (4) الاستجابة لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيق الإيمان :
    لقوله تعالى : " وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) " { البقرة : 186}
    قال الإمام القرطبي - رحمه الله – في " تفسيره لقوله تعالى: " فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي " قال أبو رجاء الخراساني: فليدعوا لي.
    وقال ابن عطية: المعنى فليطلبوا أن أجيبهم. وهذا هو باب استفعل أي طلب الشيء إلا ما شذ مثل استغنى اللّه. وقال مجاهد وغيره: المعنى فليجيبوا إليّ فيما دعوتهم إليه من الإيمان، أي الطاعة والعمل ويقال: أجاب واستجاب بمعنى، ومنه قول الشاعر: فلم يستجبه عند ذاك مجيب
    أي لم يجبه والسين زائدة واللام لام الأمر. وكذا في قوله : " وَلْيُؤْمِنُوا " ، وجزمت لام الأمر لأنها تجعل الفعل مستقبلًا لا غير فأشبهت إن التي للشرط. وقيل: لأنها لا تقع إلا على الفعل.
    قوله تعالى: " وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ "... الرشاد خلاف الغي. وقد رشد يرشد رشدًا. ورشد بالكسر يرشد رشدًا، لغة فيه. وأرشده اللّه. والمراشد: مقاصد الطرق. والطريق الأرشد: نحو الأقصد ...
    وقال الهروي: الرُّشد والرَّشد والرشاد: الهدى والاستقامة، ومنه قوله: "لعلهم يرشدون".(17)
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى صَحَابَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ ، الصَّلاَةَ ، وَالصِّيَامَ ، وَالجِهَادَ ، وَالصَّدَقَةَ ، وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ نُطِيقُهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ : سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ؟ بَلْ قُولُوا : "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" فَقَالُوا : "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْمُ ، وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ ، أَنْزَلَ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، فِي إِثْرِهَا : "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ" قَالَ عَفَّانُ : قَرَأَهَا سَلاَّمٌ أَبُو الْمُنْذِرِ : يُفَرِّقُ ، وَقَالُوا : "سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ" فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِقَوْلِهِ : "لاَ يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ"
    فَصَارَ لَهُ مَا كَسَبَتْ مِنْ خَيْرٍ ، وَعَلَيْهِ مَا اكْتَسَبَتْ مِنْ شَرٍّ ، فَسَّرَ الْعَلاَءُ هَذَا ، " رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" قَالَ : نَعَمْ. " رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا" قَالَ : نَعَمْ " رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ" قَالَ : نَعَمْ "وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ".
    وفي رواية عند مسلم والترمذي عن ابن عباس نحوه ، وفيه : " قَدْ فَعَلْتُ " بدلاً من:" نَعَمْ ". (18)
    (5) التقرب إلى الله- تعالى- بالنوافل بعد الفرائض :
    قال تعالى عن أنبياءه ورسله: " إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)"{الأنبياء:90}
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ اللهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيَّاً فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَربِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إَلِىَّ عَبْدِي بِشْيءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتهُ ، كُنْتُ سَمّعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَ بي لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدّدتُ فِي شَيْءٍ أَنَا فَاعِلهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسْاءَتَهُ".(19)
    وفي رواية عند البزار في "مسنده:"ولئن سألني لأعطينه ، ولئن دعاني لأجيبنه، ولئن استعاذني لأعيذنه".(20)
    (6) تحري الحلال في المطعم والمشرب والملبس :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّ اللهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ ، فَقَالَ : " يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ " وَقَالَ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ " ، ثُمَّ ذَكَرَ : الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ(21) أَغْبَرَ ، ثُمَّ يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، يَا رَبِّ ، يَا رَبِّ ، وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ".(22)
    وذكر الإمام ابن رجب -رحمه الله تعالى - في معنى هذا الحديث: إن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما كان طيبًا طاهرًا من المفسدات كلها: كالرياء، والعجب، ولا من الأموال إلا ما كان طيبًا حلالاً، فإن الطيب تُوصف به الأعمال، والأقوال، والاعتقادات.
    والمراد بهذا أنَّ الرسل وأممهم مأمورون بالأكل من الطيبات التي هي الحلال ، وبالعمل الصالح ، فما دام الأكل حلالاً ، فالعملُ صالح مقبولٌ ، فإذا كان الأكلُ غير حلالٍ ، فكيف يكون العمل مقبولاً ؟ وما ذكره بعد ذَلِكَ من الدعاء ، وأنَّه كيف يتقبل مع الحرام ، فهوَ مثالٌ لاستبعاد قَبُولِ الأعمال مع التغذية بالحرام .(23)
    حرص رسول الله صلى الله عليه وسلم على تحرى الحلال :
    قال تعالى : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21"{الأحزاب:21}
    وعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَمْرَةٍ فِي الطَّرِيقِ قَالَ :" لَوْلَا لَ أَنِّي أَخَافُ أَنْ تَكُونَ مِنْ الصَّدَقَةِ لَأَكَلْتُهَا ".(24)
    وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ:" إِنِّي لأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةَ عَلَى فِرَاشِي فَأَرْفَعُهَا لآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً فَأُلْقِيَهَا ".(25)
    وعَنْه رضي الله عنه ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ: أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ ، فَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ :" كُلُوا "، وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ ، ضَرَبَ بِيَدِهِ صلى الله عليه وسلم فَأَكَلَ مَعَهُمْ ".(26)
    وعنه رضي الله عنه ، قَالَ : أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تَمْرَةً مِنْ تَمْر الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا في فِيهِ ، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَخْ كَخْ ، إرْمِ بِهَا ، أمَا عَلِمْتَ أنَّا لا نَأكُلُ الصَّدَقَةَ !؟ " .(27)
    وفي رواية : "أنَّا لا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ " .
    وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ لِأَبِي بَكْرٍ غُلَامٌ يُخْرِجُ لَهُ الْخَرَاجَ ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ فَجَاءَ يَوْمًا بِشَيْءٍ فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ الْغُلَامُ: أَتَدْرِي مَا هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ :وَمَا هُوَ؟ قَالَ:كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لِإِنْسَانٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا أُحْسِنُ الْكِهَانَةَ، إِلَّا أَنِّي خَدَعْتُهُ فَلَقِيَنِي فَأَعْطَانِي بِذَلِكَ ،فَهَذَا الَّذِي أَكَلْتَ مِنْهُ .فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَهُ فَقَاءَ كُلَّ شَيْءٍ فِي بَطْنِهِ.(28)
    ورُوي في رواية لأبي نُعيم في الحلية وأحمد في "الزهد " فَقِيلَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللهُ كُلُّ هَذَا مِنْ أَجْلِ هَذِهِ اللُّقْمَةِ , قَالَ: لَوْ لَمْ تَخْرُجْ إِلَّا مَعَ نَفْسِي لَأَخْرَجْتُهَا , سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "كُلُّ جَسَدٍ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ " , فَخَشِيتُ أَنْ يَنْبُتُ شَيْءٌ مِنْ جَسَدِي مِنْ هَذِهِ اللُّقْمَةِ ".(29)
    (7) كثرة الدعاء في الرخاء :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :"مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْتَجِيْبَ اللهُ لَهُ عِنْدَ الشَّدَائِدِ وَالْكُرَبِ، فَلْيُكْثِرِ الدُّعَاءَ فِي الرَخَاءِ".(30)
    ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" تَعرَّفْ إلى اللهِ في الرَّخاء ، يَعْرِفْك في الشِّدَّةِ "(31)
    ويقول الإمام ابن رجب -رحمه الله - : قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تعرَّف إلى الله في الرَّخاء ، يعرفكَ في الشِّدَّةِ " يعني : أنَّ العبدَ إذا اتَّقى الله ، وحَفِظَ حدودَه ، وراعى حقوقه في حال رخائه ، فقد تعرَّف بذلك إلى الله ، وصار بينه وبينَ ربه معرفةٌ خاصة ، فعرفه ربَّه في الشدَّة ، وروعي له تَعَرُّفَهُ إليه في الرَّخاء ، فنجَّاه من الشدائد بهذه المعرفة، وهذه معرفة خاصة تقتضي قربَ العبدِ من ربِّه ، ومحبته له، وإجابته لدعائه . فمعرفة العبد لربه نوعان :أحدُهما : المعرفةُ العامة ، وهي معرفةُ الإقرار به ،والتَّصديق، والإيمان ، وهذه عامةٌ للمؤمنين .
    والثاني : معرفة خاصة تقتضي ميلَ القلب إلى الله بالكلية ، والانقطاع إليه ، والأُنس به ، والطمأنينة بذكره ، والحياء منه ، والهيبة له ، وهذه المعرفة الخاصة هي التي يدور حولها العارفون ، كما قال بعضهم : مساكينُ أهلُ الدُّنيا ، خرجوا منها وما ذاقوا أطيبَ ما فيها ، قيل له : وما هو ؟ قال : معرفةُ الله - عز وجل - .
    وقال أحمدُ بنُ عاصم الأنطاكيُّ : أحبُّ أنْ لا أموتَ حتّى أعرفَ مولاي ، وليس معرفتُه الإقرار به ، ولكن المعرفة التي إذا عرفته استحييت منه .
    ومعرفة الله أيضًا لعبده نوعان : معرفة عامة وهي علمه سبحانه بعباده ، واطِّلاعه على ما أسرُّوه وما أعلنوه ، كما قال :" وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ " {ق:16} ، وقال : " هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ " {النجم:32} .
    والثاني : معرفة خاصة : وهي تقتضي محبته لعبده وتقريبَه إليه ، وإجابةَ دعائه ، وإنجائه من الشدائد ، وهي المشار إليها بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما يحكى عن ربِّه : " وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا ، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ " ، وفي رواية : " ولئن دعاني لأجيبنّه "ولما هرب الحسنُ من الحجاج دخلَ إلى بيت حبيب أبي محمد ، فقال له حبيب :يا أبا سعيد ، أليس بينك وبينَ ربِّك ما تدعوه به فيَستركَ مِنْ هؤلاء ؟ ادخل البيتَ ، فدخلَ ، ودخل الشُّرَطُ على أثره ، فلم يرَوْهُ ، فذُكِرَ ذلك للحجاج ، فقال : بل كان في البيت ، إلا أنَّ الله طَمَسَ أعينهم فلم يروه . واجتمع الفضيلُ بنُ عياض بشعوانة العابدة ، فسألها الدُّعاءَ ، فقالت : يا فضيلُ ، وما بينَك وبينَه ، ما إنْ دعوته أجابك ، فغُشِيَ على الفضيل . وقيل لمعروف : ما الذي هيَّجك إلى الانقطاع والعبادة - وذكر له الموت والبرزخ والجنَّة والنار - ؟ فقال معروف : إنَّ ملكًا هذا كله بيده إنْ كانت بينك وبينه معرفةٌ كفاك جميع هذا .
    وفي الجملة : فمن عامل الله بالتقوى والطاعة في حال رخائه ، عامله الله باللطف والإعانة في حال شدَّته .(32)
    وَعَنِ الْحَسَنِ، أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه ، كَانَ يَقُولُ:" جِدُّوا بِالدُّعَاءِ، فَإِنَّهُ مَنْ يُكْثِرُ قَرْعَ الْبَابِ يُوشِكُ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ".(33)
    وقال سلمان الفارسي رضي الله عنه : إذا كان الرجلُ دَعَّاءً في السرَّاءِ ، فنزلت به ضرَّاءُ ، فدعا الله تعالى ، قالت الملائكة : صوتٌ معروف فشفعوا له ، وإذا كان ليس بدَعَّاءٍ في السَّرَّاء ، فنَزلت به ضرَّاءُ ، فدعا الله تعالى قالت الملائكة : صوتٌ ليس بمعروف ، فلا يشفعون له . (34)
    وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه: "ادْعُ اللَّهَ فِي يَوْمِ سَرَّائِكَ ، لَعَلَّهُ أَنْ يَسْتَجِيبَ فِي يَوْمِ ضَرَّائِكَ".(35)
    (8) كثرة ذكــــــر الله :
    قال تعالى :" وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35)"{الأحزاب : 35}
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ،عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :" ثَلاثَةٌ لا يَردُّ اللهُ دُعَاءَهُمْ : الذَّاكر الله كَثِيرًا ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَالإِمَامُ الْمُقْسِط".(36)
    وقال الضحاك بن قيس : اذكروا الله في الرَّخاء ، يذكركُم في الشِّدَّة ، وإنَّ يونس - عليه السلام - كان يذكُرُ الله تعالى ، فلمَّا وقعَ في بطن الحوت ، قال الله - عز وجل - : " فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) {الصافات:143-144}" ، وإنَّ فرعون كان طاغيًا ناسيًا لذكر الله ، فلما أدركه الغرق ، قال : آمنت ، فقال الله تعالى : " آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ "{ يونس : 91} .
    وعن رَاشِد بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه ، فَقَالَ: أَوْصِنِي. فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: اذْكُرِ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ يَذْكُرُكِ فِي الضَّرَّاءِ، ...".(37)
    وأعظمُ الشدائد التي تنْزل بالعبد في الدنيا الموتُ ، وما بَعده أشدُّ منه إنْ لم يكن مصيرُ العبد إلى خيرٍ ، فالواجبُ على المؤمن الاستعدادُ للموت وما بعده في حال الصحة بالتقوى والأعمال الصالحة ، قال الله - عز وجل - : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (19)" {الحشر:18-19}" فمن ذكر الله في حال صحته ورخائه ، واستعدَّ حينئذٍ للقاء الله بالموت وما بعده ، ذكره الله عندَ هذه الشدائد ، فكان معه فيها ، ولَطَفَ به ، وأعانه ، وتولاَّه ، وثبته على التوحيد ، فلقيه وهو عنه راضٍ ، ومن نسيَ الله في حال صحته ورخائه ، ولم يستعدَّ حينئذٍ للقائه ، نسيه الله في هذه الشدائد ، بمعنى أنَّه أعرض عنه ، وأهمله ، فإذا نزل الموتُ بالمؤمنِ المستعدِّ له ، أحسن الظنَّ بربه ، وجاءته البُشرى مِنَ اللهِ ، فأحبَّ لقاءَ الله ، وأحبَّ الله لقاءه ، والفاجرُ بعكس ذلك ، وحينئذٍ يفرحُ المؤمنُ ، ويستبشر بما قدمه مما هو قادمٌ عليه ، ويَنْدَمُ المفرطُ ، ويقول : " يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ " .(38)
    وسيأتى معنا استجابة الله لدعاء المجتمعين في مجالس الذكر .
    (9) الدعاء باسم الله الأعظم وأسمائه الحسنى وصفاته العلى :
    قال تعالى : " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا "{الأعراف:180}
    ونبي الله موسى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يدعو ربه فيقول : " فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) "
    {الأعراف: 155}
    ويعقوب عليه الصلاة السلام يقول لأبنائه : " قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ "{يوسف : 98} وسليمان عليه الصلاة السلام يقول :" قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35) { ص : 35}
    وعيسى عليه السلام يدعو ربه : " اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114)"{ المائدة : 114}
    وَعَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه ،قَالَ : أَنَّ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "سَمِعَ رَجُلاً يدعو وهو يقول : اللَّهمَّ إِني أسألُكَ بأني أَشْهَدُ أنَّكَ أنْتَ اللهُ ، لا إلهَ إلا أنتَ، الأحَدُ الصَّمَدُ ، الذي لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ، ولم يكن له كُفُوًا أحَدٌ ، فقال : فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ ". (39)
    وَعَنْ مِحْجَنِ بْنِ الْأَدْرَعِ الثقفي رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَإِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَدْ قَضَى صَلَاتَهُ وَهُوَ يَتَشَهَّدُ وَهُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاللَّهِ الْوَاحِدِ الْأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي إِنَّكَ أَنْتَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ قَالَ فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ r :"قَدْ غُفِرَ لَهُ ، قَدْ غُفِرَ لَهُ ، قَدْ غُفِرَ لَهُ" ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.(40)
    وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه : أَنَّهُ كانَ مَعَ رَسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا ، ورجُلٌ يُصَلِّي ، ثُمَّ دَعَا الرَّجُلُ فقال : اللَّهمَّ إني أَسأَلُكَ بِأنَّ لَكَ الحمدَ ، لا إِلهَ إِلا أنْتَ ، المَنَّانُ ، بَديعُ السَّمَواتِ والأرضِ ، ذو الجَلالِ والإِكْرَامِ ، يا حَيُّ يا قَيُّومُ ، فقال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحَابِهِ :" أتَدرونَ بمَ دَعَا ؟ قالوا : اللهُ ورسولُهُ أعلم ، قال :"وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَقَدْ دَعا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْأَعْظَمِ ، الذي إِذَا دُعِيَ به أَجَابَ، وإِذَا سُئِلَ بِهِ أعْطَى". (41)
    وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ- رضي الله عنها - : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ:" اسْمُ اللَّهِ الْأَعْظَمُ فِي هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ :"وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ"{البقرة 163} وَفَاتِحَةِ آلِ عِمْرَانَ"الم اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ "{آل عمران: 1، 2}. (42)
    وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلاَ حَزَنٌ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِى كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجِلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلاَّ أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا، قَالَ: فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلاَ نَتَعَلَّمُ هؤلاء الكلمات؟ قَالَ: أَجْل يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَن".[1]وفي رواية : "وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحًا "(43)
    وَعَنْ عُثْمَانَ رضي الله عنه ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ :" مَنْ قَالَ : بِاسْمِ اللهِ الَّذِي لاَ يَضُرُ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ ، فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاءِ ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم ثَلاَث مَرَّاتٍ ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حِتَّى يُصْبِحَ ، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَث مَرَّاتٍ ، لَمْ تُصِبْهُ فَجْأَةُ بَلاَءٍ حَتَّى يُمْسِي".(44)
    قال الإمام القرطبي – رحمه الله -: قوله تعالى : "فَادْعُوهُ بِهَا "أي اطلبوا منه بأسمائه، فيطلب بكل اسم ما يليق به، تقول: يا رحيم ارحمني، يا حكيم احكم لي، يا رازق ارزقني، يا هادي اهدني، يا فتاح افتح لي، يا تَّواب تُب عليّ، وهكذا. فإن دعوت باسم عام قلت: يا مالك ارحمني، يا عزيز احكم لي، يا لطيف ارزقني. وإن دعوت بالأعّمَّ الأعظم فقلت: يا الله، فهو متضمنٌ لكل اسم.
    ولا تقول: يا رزاق اهدني، إلا أن تريد يا رزاق ارزقني الخير. قال ابن العربي: وهكذا رتب دعاءك تكن من المخلصين.(45)
    ويقول العلامة ابن عثيمين – رحمه الله – في شأن أسماء الله الحسني : وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء في الكتاب والسنة ، فلا يزاد فيه ولا ينقص ، لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء ، فوجب الوقوف في ذلك على النص لقوله تعالى : " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36) " {الإسراء : 36} وقوله تعالى : " قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)"{الأعراف : 33}
    ولأن تسميته تعالى بما لم يسم به نفسه أو إنكار ما سمى به نفسه ، جناية في حقه تعالى ، فوجب سلوك الأدب في ذلك ، والاقتصار على ما جاء به النص . (46)
    ومن أمثلة سؤال الله تعالى بصفاته العلى وأفعاله :
    دعاء الملائكة عليهم السلام لأهل الإيمان : " رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (7) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " { غافر : 7، 8)
    و عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما،قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ " قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ " قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَعُوذُ بِوَجْهِكَ " ، فَقَالَ " أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَعُوذُ بِوَجْهِكَ "، قَالَ " أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا " فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَذَا أَيْسَرُ".(47)
    وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً مِنَ الْفِرَاشِ فَالْتَمَسْتُهُ فَوَقَعَتْ يَدِي عَلَى بَطْنِ قَدَمَيْهِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمَا مَنْصُوبَتَانِ وَهُوَ يَقُولُ: " اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ".(48)
    وعَنْ عَلِىِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ، أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ". (49)
    وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ".(50)
    وعَن ربيعَة بن عَامر رضي الله عنه :سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،يَقُول :" أَلظُّوا بِيَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام " .(51)
    وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ ، وَمُجْرِيَ السَّحَابِ ، وَهَازِمَ الأَحْزَابِ ، اهْزِمْهُمْ ،وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ".(52)
    وعن أنس رضي الله عنه، قال : كان النَّبيُ يُكثِرُ أنْ يَقول : " اللهُمَّ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ ".(53)
    سؤال الله تعالى بكلامه "القرآن " :
    عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه،أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَاصٍّ يَقْرَأُ ثُمَّ سَأَلَ،فَاسْتَرْجَعَ ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ، يَسْأَلُونَ بِهِ النَّاسَ ".(54)
    قال العلامة أبو العلا المباركفوري -رحمه الله – في شرح الحديث : قوله : " مر على قاص يقرأ " أي القرآن ، " ثم سأل " : أي طلب من الناس شيئاً من الرزق ، " فاسترجع " : أي قال عمران : إنا لله وإنا إليه راجعون ". لابتلاء القارىء بهذه المصيبة التي هي سؤال الناس بالقرآن ، أو لابتلاء عمران بمشاهدة هذه الحالة الشنيعة وهي مصيبة .
    " مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَلْيَسْأَلْ اللَّهَ بِهِ " : أي فليطلب من الله – تعالى – بالقرآن ما شاء الله من أمور الدنيا والآخرة ، أو المراد أنه إذا مر بآية رحمة فليسألها من الله –تعالى ، أو بآية عقوبة فليتعوذ إليه بها منها ، و أن يدعو الله عقب القراءة بالأدعية المأثورة ، وينبغي أن يكون الدعاء في أمر الآخرة وإصلاح المسلمين في معاشهم ومعادهم . (55)
    ومما جاء من فضل سؤال الله –تعالى - بالمعوذتين ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ:كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ :" يَا عُقْبَةُ! قُلْ" ، فَقُلْتُ : مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟! فَسَكَتَ عَنِّي ، ثُمَّ قَالَ :" يَا عُقْبَةُ! قُلْ" ، قُلْتُ : مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ فَسَكَتَ عَنِّي ، فَقُلْتُ : اللَّهُمَّ ارْدُدْهُ عَلَيَّ ، فَقَالَ :" يَا عُقْبَةُ! قُلْ" ، قُلْتُ : مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟! فَقَالَ : " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ " فَقَرَأْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا ، ثُمَّ قَالَ :" قُلْ" ،قُلْتُ : مَاذَا أَقُولُ يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : " قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ " فَقَرَأْتُهَا حَتَّى أَتَيْتُ عَلَى آخِرِهَا ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عِنْدَ ذَلِكَ : مَا سَأَلَ سَائِلٌ بِمِثْلِهِمَا ، وَلاَ اسْتَعَاذَ مُسْتَعِيذٌ بِمِثْلِهِمَا ".(56)
    هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في سؤال الله تعالى بالقرآن :
    عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه ، قَالَ:صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ ، فَافْتَتَحَ الْبَقَرَةَ. فَقُلْتُ : يَرْكَعُ عِنْدَ الْمِئَةِ ، ثُمَّ مَضَى. فَقُلْتُ : يُصَلِّي بِهَا فِي رَكْعَةٍ ، فَمَضَى. فَقُلْتُ : يَرْكَعُ بِهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ النِّسَاءَ فَقَرَأَهَا ، ثُمَّ افْتَتَحَ آلَ عِمْرَانَ فَقَرَأَهَا ، يَقْرَأُ مُتَرَسِّلاً ، إِذَا مَرَّ بِآيَةٍ فِيهَا تَسْبِيحٌ سَبَّحَ ، وَإِذَا مَرَّ بِسُؤَالٍ سَأَلَ ، وَإِذَا مَرَّ بِتَعَوُّذٍ تعَوَّذَ ، ثُمَّ رَكَعَ ،. . ."الحديث (57)
    وعَنْ عَمْرِو بن قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ، أَنَّهُ سَمِعَ عَاصِمَ بن حُمَيْدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَوْفَ بن مَالِكٍ tيَقُولُ: قُمْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً فَبَدَأَ فَاسْتَاكَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى فَقُمْتُ مَعَهُ فَبَدَأَ، فَاسْتَفْتَحَ مِنَ الْبَقَرَةِ لا يَمُرُّ بِآيَةِ رَحْمَةٍ إِلا وَقَفَ فَسَأَلَ، وَلا يَمُرُّ بِآيَةِ عَذَابٍ إِلا وَقَفَ يَتَعَوُّذُ، ثُمَّ رَكَعَ فَمَكَثَ رَاكِعًا بِقَدْرِ قِيَامِهِ، يَقُولُ فِي رُكُوعِهِ:"سُبْحَانَ ذِي الْجَبَرُوتِ وَالْمَلَكُوتِ وَالْكِبْرِيَاءِ وَالْعَظَمَةِ", ثُمَّ قَرَأَ: آلَ عِمْرَانَ، ثُمَّ سُورَةً سُورَةً يَفْعَلُ مِثْلَ ذَلِكَ .(58)
    قال الإمام النووي – رحمه الله - : فيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها ، ومذهبنا استحبابه للإمام والمأموم والمنفرد . اهـ .(59)
    وقال البهوتي : ولأنه دُعاء بخير ، فاسْتَوى فيه الفَرْض والنَّفْل . اهـ .(60)
    وعند أبي داود من طريق مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يُصَلِّي فَوْقَ بَيْتِهِ، وَكَانَ إِذَا قَرَأَ: " أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى" {القيامة: 40}، قَالَ: «سُبْحَانَكَ»، فَبَكَى، فَسَأَلُوهُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
    قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي فِي الْفَرِيضَةِ أَنْ يَدْعُوَ بِمَا فِي الْقُرْآنِ ".(61)
    وما ثَبَت في الفّرض ثَبَت في النفل إلاّ ما دَلّ الدليل على التفريق بينهما .
    (10) التوسل إلى الله تعالى بأنواع التوسل المشروعة:
    والوسيلة لغة: القربة، والطاعة، وما يتوصل به إلى الشيء ويتقرب به إليه.
    يقال: وسَّل فلان إلى الله تعالى توسيلاً: عمل عملاً تقرب به إليه. ويقال: وسَلَ فلان إلى الله تعالى بالعمل يَسِلُ وَسْلاً وتوسُّلاً وتوسيلاً: رغب وتقرب إليه. أي: عمل عملاً تقرب به إليه.(62)
    قال الراغب الأصفهاني: الوسيلة: التوصل إلى الشيء برغبة، وهي أخص من الوصيلة لتضمُّنها معنى الرغبة، قال تعالى: "وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ"{ المائدة :35 }. وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مراعاة سبيله بالعلم، والعبادة، وتحري مكارم الشريعة.وهي كالقربة، والواسِلُ: الراغب إلى الله تعالى.(63)
    ومعنى قوله تعالى: "وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ" أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.(64)
    1- التوسل إلى الله- سبحانه وتعالى - بالإيمان به ، وبوحيه ، والإيمان برسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واتباعه :
    قال تعالى عن المؤمنين : " رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53)"{آل عمران :53}
    وأيضًا : " رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193) " { آل عمران : 193}وقولهم كذلك : " رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ" { المؤمنون : 109}
    ومن أمثلة التوسل بالإيمان بالله ورسوله واليوم الآخر :
    قوله تعالى عن الراسخون في العلم : " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (8) رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9){آل عمران:8-9}
    وعَنْ فَضَالَةَ بن عُبَيْدٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"اللَّهُمَّ مَنْ آمَنَ بِكَ وَشَهِدَ أَنِّي رَسُولُكَ، فَحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَقْلِلْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِكَ وَيَشْهَدْ أَنِّي رَسُولُكَ، فَلا تُحَبِّبْ إِلَيْهِ لِقَاءَكَ، وَلا تُسَهِّلْ عَلَيْهِ قَضَاءَكَ، وَأَكْثِرْ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا". (65)
    وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ ،وَبِكَ خَاصَمْتُ ،وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَأَخَّرْتُ ، وَأَسْرَرْتُ وَأَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلَهِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ". (66)
    2-التوسل بأسماء الله تعالى وصفاته :
    لقوله تعالى : " وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا"{ الأعراف : 180}
    وقد سبق معنا في الفقرة السابقة من " أسباب إجابة الدعاء "
    وفيما يتعلق بالتوسل إلى الله تعالى بأسمائه وصفاته يقول ابن القيم – رحمه الله – عن فاتحة الكتاب : " ولما كان سؤال الهداية إلى الصراط المستقيم أجلُّ المطالب ، ونيله أشرف المواهب ، علَّم الله عباده كيفية سؤاله ، وأمرهم أن يقدموا بين يديه حمده ، والثناء عليه ، وتمجيده ، ثم ذكر عبوديتهم وتوحيدهم ، فهاتان وسيلتان إلى مطلوبهم : توسل إليه بأسمائه وصفاته ، وتوسل إليه بعبوديته ، وهاتان الوسيلتان لا يكاد يرد معهما دعاء .
    ويؤيد الوسيلتان المذكورتان في حديثي الاسم الأعظم ، اللذين رواهما ابن حبان في " صحيحه " والإمام أحمد والترمذي .
    أحدهما : حديث عبد الله بن بريدة رضي الله عنه ، عن أبيه رضي الله عنه ، قال : سمع رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلاً يدعو ويقول : وساق الحديث كما تقدم معنا،ثم قال : " ففيه توسل إلى الله بتوحيده ، وشهادة الداعي به بالوحدانية ، وثبوت صفاته المدلول عليها باسم " الصَّمَدُ " ، وهو كما قال ابن عباس : العالم الذي كمل علمه ، القادر الذي كملت قدرته ، وفي رواية عنه : هو السيد الذي كمل سؤدده . وقال سعيد بن جبير : هو الكامل في جميع صفاته ، وأقواله ، وأفعاله . وبنفي التشبيه والتمثيل ، بقوله : " وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ "{الصمد:4} ، وهذه عقيدة أهل السنة ، والتوسل بالإيمان بذلك والشهادة به هو اسم الله الأعظم .
    الثاني : حديث أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمع رَجُلاً يدعو : وساق الحديث كما تقدم ، ثم قال : وفيه توسل بأسمائه وصفاته .
    وقد جمعت فاتحة الكتاب الوسيلتين ، وهما : التوسل بالحمد والثناء عليه وتمجيده ، والتوسل إليه بعبوديته وتوحيده ، ثم جاء سؤال أهم المطالب ، وأنجع الرغائب – وهو الهداية – بعد الوسيلتين . فالداعي به حقيق بالإجاية .
    ونظير هذا دعاء النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كان يدعو به إذا قام يصلى من الليل ، عن ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَهَجَّدَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: اللهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ أَنْتَ الْحَقُّ، وَوَعْدُكَ الْحَقُّ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ، وَلِقَاؤكَ حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ،وَالسَّاعَةُ حَقٌّ؛ اللهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، أَنْتَ إِلهِي لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ ".
    فذكر التوسل إليه ، بحمده ، والثناء عليه ، وبعبوديته له ، ثم سأله المغفرة .أه (67)
    4- التوسل بدعاء الرجل الصالح أو المرأة الصالحة " الحاضر الحي " :
    قال تعالى عن أبناء يعقوب عليه السلام لأبيهم بعد ما فعلوه بيوسف عليه السلام : " قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ (97) قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98) قال سوف استغفر لكم ربي إنه هو الغفور الرحيم ". { يوسف : 97-98}
    وعَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ : كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه إِذَا أَتَى عَلَيْهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْيَمَنِ ، سَأَلَهُمْ : أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ؟ حَتَّى أَتَى عَلَى أُوَيْسٍ ، فَقَالَ : أَنْتَ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : مِنْ مُرَادٍ ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَكَانَ بِكَ بَرَصٌ ، فَبَرَأْتَ مِنْهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : لَكَ وَالِدَةٌ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ، مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، مِنْ مُرَادٍ ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ ، فَبَرَأَ مِنْهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ ، لَهُ وَالِدَةٌ ، هُوَ بِهَا بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ، فَاسْتَغْفِرْ لِي ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : أَيْنَ تُرِيدُ ؟ قَالَ : الْكُوفَةَ ، قَالَ : أَلاَ أَكْتُبُ لَكَ إِلَى عَامِلِهَا ؟ قَالَ : أَكُونُ فِي غَبْرَاءِ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيَّ.
    قَالَ : فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ ، حَجَّ رَجُلٌ مِنْ أَشْرَافِهِمْ ، فَوَافَقَ عُمَرَ ، فَسَأَلَهُ عَنْ أُوَيْسٍ ، قَالَ : تَرَكْتُهُ رَثَّ الْبَيْتِ ، قَلِيلَ الْمَتَاعِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " يَأْتِي عَلَيْكُمْ أُوَيْسُ بْنُ عَامِرٍ ، مَعَ أَمْدَادِ أَهْلِ الْيَمَنِ ، مِنْ مُرَادٍ ، ثُمَّ مِنْ قَرَنٍ ، كَانَ بِهِ بَرَصٌ ، فَبَرَأَ مِنْهُ ، إِلاَّ مَوْضِعَ دِرْهَمٍ لَهُ ، وَالِدَةٌ هُوَ بِهَا بَرٌّ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَسْتَغْفِرَ لَكَ فَافْعَلْ ، فَأَتَى أُوَيْسًا ، فَقَالَ : اسْتَغْفِرْ لِي ، قَالَ : أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ ، فَاسْتَغْفِرْ لِي ، قَالَ : اسْتَغْفِرْ لِى ، قَالَ : أَنْتَ أَحْدَثُ عَهْدًا بِسَفَرٍ صَالِحٍ ، فَاسْتَغْفِرْ لِي ، قَالَ : لَقِيتَ عُمَرَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَاسْتَغْفَرَ لَهُ ، فَفَطِنَ لَهُ النَّاسُ ، فَانْطَلَقَ عَلَى وَجْهِهِ. (69)
    وأيضًا طلب أم الدرداء من زوج ابنتها في حال سفره للحج بأن يدعو لها ولزوجها بخير ، ففي" صحيح مسلم " عَنْ صَفْوَانَ وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ، قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ أَجِدْهُ وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ: أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ، فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَادْعُ اللهَ لَنَا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: " دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ : آمِينَ ، وَلَكَ بِمِثْلٍ ".(70)
    وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قيلَ لَه إنَّ إخوانَك أَتوك مِن البَصرةِ - وهُو يَوْمَئِذٍ بِالزَّاوِيَةِ - لِتدعُو اللَّهَ لَهم قَالَ: اللهُمَّ اغفِر لَنا وارحمنَا وآتنَا فِي الدُنيا حَسنة وفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وقِنا عَذاب النَّار. فاستزادُوه فَقال مِثلها، فَقال: إِنْ أُوتِيتُم هَذا فَقد أُوتيتُم خَيرَ الدُنيا والآخِرة.(71)

    حكم التوسل بالأموات من الأنبياء عليهم السلام والصالحين وسؤال الله تعالى بجاه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو القسم عليه بأحد مخلوقاته :
    سُئل فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله- ما حكم التوسل بسيد الأنبياء وهل هناك أدلة على تحريمه ؟.
    فأجاب -رحمه الله- فقال :التوسل بالنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيه تفصيل ، فإن كان ذلك باتباعه، ومحبته، وطاعة أوامره، وترك نواهيه،والإخلاص لله في العبادة ؛ فهذا هو الإسلام ،وهو دين الله الذي بعث به أنبياءه ، وهو الواجب على كل مكلف. . وهو الوسيلة للسعادة في الدنيا والآخرة ، أما التوسل بدعائه ، والاستغاثة به ، وطلبه النصر على الأعداء ،والشفاء للمرضى ، فهذا هو الشرك الأكبر ، وهو دين أبي جهل وأشباهه من عبدة الأوثان ، وهكذا فعل ذلك مع غيره من الأنبياء ،أو الأولياء، أو الجن، أو الملائكة، أو الأشجار، أو الأحجار، أو الأصنام .
    وهناك نوع ثالث يسمى التوسل وهو التوسل بجاهه أو بحقه أو بذاته مثل أن يقول الإنسان : " أسألك يا الله بنبيك ، أو جاه نبيك ، أو حق نبيك ، أو جاه الأنبياء ، أو حق الأنبياء، أو حق الأولياء ، أو جاه الأولياء والصالحين وأمثال ذلك، فهذا بدعة ومن وسائل الشرك ، ولا يجوز فعله ، ولا مع غيره ، لأن الله سبحانه وتعالى لم يشرع ذلك ، والعبادات توقيفية لا يجوز منها إلا ما دل عليه الشرع المطهر.
    وأما توسل الأعمى به في حياته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فهو توسل به ) ليدعو له ويشفع له إلى الله في إعادة بصره إليه ، وليس توسلاً بالذات، أو الجاه.
    والحق كما يُعلم ذلك من سياق الحديث(72)، وكما أوضح ذلك علماء السنة في شرح الحديث .
    وقد بسط الكلام في ذلك شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية رحمه الله في كتبه الكثيرة المفيدة ، ومنها كتابه المسمى " القاعدة الجليلة في التوسل والوسيلة"، وهو كتاب مفيد جدير بالإطلاع عليه والاستفادة منه .
    وهذا الحكم جائز مع غيره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأحياء كأن تقول لأخيك أو أبيك أو من تظن فيه الخير : ادع الله لي أن يشفيني من مرضي، أو يرد عليَّ بصري ، أو يرزقني الذرية الصالحة أو نحو ذلك، بإجماع أهل العلم .والله ولي التوفيق.(73)
    وأقول : وهذا ما جاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: " اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا"، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ.(74)

    5- التوسل إلى الله بحال الداعي :
    قال تعالى عن نبيه زكريا عليه السلام : " إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) {مريم3: 7}
    يقول الإمام السعدي – رحمه الله – في تفسيره : " قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي "
    أي : وهى وضعف ، وإذا ضعف العظم ، الذي هو عماد البدن، ضعف غيره، " وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا " لأن الشيب دليل الضعف والكبر، ورسول الموت ورائده، ونذيره، فتوسل إلى الله تعالى بضعفه وعجزه، وهذا من أحب الوسائل إلى الله، لأنه يدل على التبري من الحول والقوة، وتعلق القلب بحول الله وقوته. (75)
    وقال تعالى عن نبيه موسى عليه السلام : " رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (القصص:24)
    يقول الإمام السعدي – رحمه الله – في تفسيره : { فَقَالَ } في تلك الحالة، مسترزقًا ربه " رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ " أي: إني مفتقر للخير الذي تسوقه إليَّ وتيسره لي. وهذا سؤال منه بحاله، والسؤال بالحال أبلغ من السؤال بلسان المقال، فلم يزل في هذه الحالة داعيًا ربه متملقًا. (76)
    وتوسل نبي الله يوسف عله السلام بالافتقار إلى الله ليصرف عنه كيد امرأة العزيز : " قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " {يوسف : 34}.
    يقول الإمام السعدي – رحمه الله – في تفسيره : وهذا يدل على أن النسوة جعلن يشرن على يوسف في مطاوعة سيدته، وجعلن يكدنه في ذلك.فاستحب السجن والعذاب الدنيوي على لذة حاضرة توجب العذاب الشديد، " وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ " أي: أمل إليهن، فإني ضعيف عاجز، إن لم تدفع عني السوء. (77)
    وتوسل سيدنا محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى ربه يوم بدر وغيره وسيأتي بيانه معنا .
    6- التوسل إلى الله تعالى بسابق إحسانه :
    قال تعالى عن نبيه زكريا عليه السلام : " كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) {مريم 1: 7}
    يقول الإمام السعدي – رحمه الله – في تفسيره :" وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا " أي: لم تكن
    يا رب تردني خائبًا ولا محرومًا من الإجابة، بل لم تزل بي حفيًا ولدعائي مجيبًا، ولم تزل ألطافك تتوالى عليَّ، وإحسانك واصلاً إليَّ، وهذا توسل إلى الله بإنعامه عليه، وإجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقًا، أن يتمم إحسانه لاحقًا.(78)
    وقوله تعالى عن نبيه يوسف عليه السلام : " رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) " {يوسف :101}
    يقول الإمام السعدي – رحمه الله – في تفسيره : لما أتم الله ليوسف ما أتم من التمكين في الأرض والملك ، وأقر عينه بأبويه وإخوته، وبعد العلم العظيم الذي أعطاه الله إياه، قال مقرًا بنعمة الله شاكرًا لها ، داعيًا بالثبات على الإسلام: " رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ " وذلك أنه كان على خزائن الأرض وتدبيرها ووزيراً كبيراً للملك " وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأحَادِيثِ " أي: من تأويل أحاديث الكتب المنزلة وتأويل الرؤيا وغير ذلك من العلم " فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا " أي: أدم عليّ الإسلام وثبتني عليه حتى توفاني عليه، ولم يكن هذا دعاء باستعجال الموت، " وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ " من الأنبياء الأبرار والأصفياء الأخيار.(79)
    ومن هذا أيضًا قوله تعالى عن أولي الألباب الراسخون في العلم : " رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ "{ الأعراف :8}
    يقول الشيخ سيد قطب –رحمه الله – في " ظلال القرآن :" ومن ثم يتجه المؤمنون إلى ربهم بذلك الدعاء الخاشع :" رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا". . وينادون رحمة الله التي أدركتهم مرة بالهدى بعد الضلال ، ووهبتهم هذا العطاء الذي لا يعدله عطاء :" وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ " .
    وهم بوحي إيمانهم يعرفون أنهم لا يقدرون على شيء إلا بفضل الله ورحمته . . وأنهم لا يملكون قلوبهم فهي في يد الله . . فيتجهون إليه بالدعاء أن يمدهم بالعون والنجاة .
    ومن أراد المزيد من البيان في مسألة "التوسل " وبيان حالات التوسل المشروع وفق الكتاب والسنة كما بينا بحمد الله تعالى ، والتوسل البدعي والشركي – أعاذنا الله بفضله علينا منه – فليراجع هذه المسألة في كتاب" التوسل " للإمام العلامة الألباني ، والعلامة ابن عثيمين – رحمهما الله تعالى.

    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ
    (1)وهو مقالة " أهمية الدعاء في الشدة والرخاء " وتم نشرها بالموقع .
    (2)-صحيح : رواه أحمد في " المسند"(1997) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله كلهم ثقات رجال الصحيح غير طليق بن قيس ، والبخاري في " الأدب المفرد"(665) ، وأبو داود (1510)، والترمذي (3551) ، وابن ماجة(3830)،وابن حبان في "صحيحه"( 947)عن ابن عباس رضي الله عنهما ، وصححه الألباني.
    (3)- مسلم(2722)واللفظ له ، وأحمد في " مسنده " (19308)،والنسائي (5458) ، عن زيد بن أرقم.
    (4)-"تفسير ابن كثير "(4/112)
    (5)- حسن صحيح: رواه النسائي (3140) ، وانظر " الصحيحة " (52) ،و" أحكام الجنائز (63) للألباني وقال : حسن صحيح.
    (6) -أخرجه أحمد (18031) قال شعيب الأرنؤوط : حديث حسن ، والترمذي (2325) ،وصححه الألباني في "صحيح الجامع(3024)،و "صحيح الترغيب"(14)
    (7)- صحيح : رواه البخاري في " الأدب المفرد " (606)، وابن أبي شيبة في " مصنفه(29270)، والبيهقي في " شعب الإيمان"(1096-1097) ، وهناد في "الزهد " (2/442) ، وأبو نعيم في " الحلية " (2/118)، وصححه الألباني في "صحيح الأدب المفرد " (474).
    (8)- "تحفة الذاكرين "للإمام الشوكاني (1/52 ) .
    (9)- مسلم(1909) ، وأبو داود (1520) ،والترمذي (1653)،وابن ماجة (2797)،وابن حبان في "صحيحه" (3192).
    10- مسلم (3005)، وأحمد في" المسند"(23931) ، وابن حبان (873).
    11-البخاري(7505)، ومسلم(2675)(2)،وأحمد في " المسند"(8178)،والترمذي(3603)
    12-مسلم (2675)(19)، وأحمد في"المسند"(9749) ، والترمذى(2388)،وابن حبان(812)عن أبي هريرة ، وأخرجه أحمد (13192) عن أنس ، تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم .
    13- حسن : أخرجه الترمذي(3479) ،والحاكم قي"المستدرك"(1817) ، وانظر " صحيح الجامع "(245) للألباني.
    14-صحيح :أخرجه الطبراني في " الكبير "انظر " صحيح الجامع " (1278) و" السلسلة الصحيحة (1543)عن أبو نعيم في "الحلية
    15- البخاري (3653)،ومسلم(2381)،والترمذي(3096).
    16-البخاري(3615)،ومسلم(2009)
    17- "الجامع لأحكام القرآن"(1/690-691)ط.دار الحديث -مصر.
    18- مسلم(125) ، وأحمد في "المسند" (9344) ، وابن حبان(139)،ومسلم(126) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t ،وأحمد في " المسند"(2070)،والترمذي(2992)عن أبن عباس رضي الله عنهما.
    19- البخاري (6502)،وابن حبان في " صحيحه"( 347) .
    20- رواه البزار في"مسنده"(8750).
    21- الأشعث: الملبد الشعر المغبر غير مدهون ولا مرجل.
    22- مسلم (1015) وأحمد في"المسند"(8347) ، والترمذي (2989) ، والدارمي (2757).
    23- "جامع العلوم والحكم "(1/99)ط.دار المنار "الأولى"وانظر" شروط الدعاء وموانع الإجابة "لفضيلة الشيخ سعيد بن علي القحطاني.
    24- البخاري ( 2431 ) واللفظ له ، ومسلم ( 1071 )،وأحمد في " المسند"( 12913).
    25- البخاري (2432) ، ومسلم (1070) وأحمد في" المسند" (8206).
    26- البخاري(2576) ، ومسلم(1077).
    27- البخاري(3072) ، ومسلم ( 1069)،وأحمد في " المسند"(9308).
    28- البخاري(3842)،والبيهقي في "شعب الإيمان"( 5386).
    الخراج: أي يأتيه بما يكسبه والخراج ما يقرره السيد على عبده من مال يحضره له من كسبه. الفتح( 7/154)
    29-البخاري(3842)،والبيهقي في "شعب الإيمان"( 5386).)
    30- صحيح: أخرجه الحسن بن سفيان،وأبو نعيم في " الحلية(1/31) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (5375) ، والدينوري في "المجالسة،و"كنز العمال "(35695) ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع "(4519) وأحمد(14481) عن جابر، تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده قوي على شرط مسلم رجاله ثقات غير ابن خثيم - وهو عبد الله بن عثمان - فصدوق لا بأس به ، والدارمي ، والحاكم
    31-حسن : أخرجه الترمذي(3382) ، و الحاكم في " المستدرك "( 1997) ، وانظر " صحيح الجامع " (6290).
    32- صحيح : انظر " رواه أحمد في " المسند"( 2803)،والطبراني في " المعجم الكبير"( 11560)،وأبو نعيم في " الحلية"(1/314) عن ابن عباس ،وانظر" صحيح الجامع " (2961).
    33- "جامع العلوم والحكم " لابن رجب الحنبلي – رحمه الله – ط0 دار المنار (ص 193-194).
    34- أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(29175)،والبيهقي في " شعب الإيمان"( 1103). [1] - أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"( 34664)، وابن أبي عاصم في " الزهد " (1/313)، والبيهقي في" شعب الإيمان"( 1100).
    35- أخرجه : معمر في " جامعه " ( 20267 ) ، وأحمد في " الزهد " ( 718 ) ، وابن أبي عاصم في " الزهد " 1/135 ،والبيهقي في " شعب الإيمان"( 1101) وأبو نعيم في " الحلية "( 1/225).
    36- حسن : أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان " (6973) ،وحسنه الألباني في "صحيح الجامع " (3064) و" السلسلة الصحيحة " (1211).
    37- أخرجه ابن الجوزي في " صفة الصفوة "( 1/278 )،وأبي داود في" الزهد"( 217)واللفظ له، وأبو نعيم في " الحلية "( 1/209).
    38- "جامع العلوم والحكم " لابن رجب الحنبلي – رحمه الله – ط. دار المنار (ص 194-195)بتصرف.
    39-صحيح: أخرجه أحمد (22952) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين ، وأبو داود (1493) ، والترمذي ( 3475) ، وابن ماجة (3857) ،وصححه الألباني.
    40- صحيح: أخرجه أحمد في"المسند"(18974)واللفظ له، تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الصحيح ، وأبو داود(985) ، والنسائي (1301) ، وصححه الألباني.
    41- صحيح : أخرجه أحمد (13570) تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح ، وهذا إسناد قوي، والبخاري في الأدب المفرد (705) ، وأبو داود (1495) ، والترمذي (3544)،والنسائي (1300) وابن ماجة (3858) ،وابن حبان في " صحيحه"( 893)وصححه الألباني في " صحيح أبي داود (1342) .
    42- حسن أخرجه أحمد(27611) وضعفه شعيب الأرنؤوط ، وأبو داود (1496) ، والترمذي(3478) ، وابن ماجة(3855) وحسنه الألباني في" صحيح الجامع " (980) ، و" مشكاة المصابيح " (2291)، والدارمي(3432)
    43- صحيح : أخرجه أحمد(3712) ، والحاكم في " المستدرك"(1877) ، والطبراني في " الكبير (10352)وابن حبان (972)وقال شعيب الأرنؤوط: إسناده صحيح ، رجاله رجال الصحيح ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (198،199).
    قال العلامة ابن عثيمين – رحمه الله - : أسماء الله غير محصورة بعدد معين لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المشهور :" أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك أو علمته أحدًا من خلقك ،أو أنزلته في كتابك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك" وما استأثر به الله في علم الغيب عنده لا يمكن حصره ولا الإحاطة به .
    والجمع بين هذا وبين قوله في الحديث الصحيح : " إن لله تسعة وتسعون اسمًا من أحصاها دخل الجنة " .
    إن معنى هذا الحديث : إن من أسماء الله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة وليس المراد حصر أسمائه بهذا العدد .ونظير هذا أن تقول : عندي مائة درهم أعددتها للصدقة فلا ينافي أن يكون عندك دراهم أخرى أعددتها لغير الصدقة .
    وقد نقل الإمام النووي – رحمه الله – اتفاق العلماء على هذا ، فقال : واتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى ، فليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين ، وإنما مقصود الحديث أن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة ، فالمراد الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها لا الإخبار بحصر الأسماء " اه ( شرح النووي لصحيح مسلم 17/5 دار الفكر )، وقال الإمام ابن تيمية – رحمه الله - : " إن هذا هو الذي عليه جمهور العلماء " اه " درء تعارض العقل والنقل" (3/332-333)، وخالف في القول بعدم الحصر " ابن حزم " حيث يرى أنها تسعة وتسعون فقط ، لظاهرالحديث 0 انظر: المحلى (1/36) / وانظر الرد عليه في " مجموع فتاوي شيخ الإسلام ابن تيمية (22/482- 486) ،وفتح الباري ( 11/ 224) ط. دار الريان " شرح لمعة الاعتقاد " للعلامة ابن عثيمين – رحمه الله – ط. دار البصيرة. (ص11 ).
    44- صحيح : أخرجه أحمد في "المسند"( 528) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ،وأبو داود (5088 ) ، وابن ماجة(3869)،والترمذي(3388) ،وابن حبان(852) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، والحاكم في " المستدرك "(1895) ،وانظر " صحيح الجامع " (6426)
    45- "تفسير القرطبي" (7/327).
    46- " القواعد المثلى " للعلامة ابن عثمين (ص 18).
    47- البخاري (7406)،وأحمد في " المسند"( 14316) والترمذي(3065)،وابن حبان في " صحيحه"( 7220).
    48-مسلم(486)،وأحمد في " المسند"( 25655)،وابن ماجة(3841)،وابن حبان في " صحيحه" (1932).
    49- صحيح : رواه أحمد في " المسند"( 751)، وأبو داود(1427)،والترمذي(3566)،وابن ماجة(1179)،والنسائي(1747)وصححه الألباني.
    50- مسلم (2708).
    51- صحيح : أخرجه أحمد(17596) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، والنسائي في " الكبرى"( 7669) ، والحاكم في " المستدرك"( 1836) والبخاري في " التاريخ الكبير ، وابن منده ، عن ريبعة بن عامر ، والترمذي(3524،3525) ، عن أنس رضي الله عنه ، انظر" صحيح الجامع " (1250 ) و"السلسلة الصحيحة " (1536)رواه ابن أبي شيبة عن أنس ، ، والحاكم في " مسنده "( 1837) عن أبي هريرة .
    52- البخاري(3024)،ومسلم(1742) ،وأحمد في " المسند"( 19107)،وأبو داود(2631)
    ،والترمذي(1678) عن عبد الله بن أوفي.
    53- صحيح : أخرجه أحمد(12107) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده قوي على شرط مسلم ،والبخاري في " الأدب المفرد"( 683)، والترمذي(2140) ، والحاكم في " المستدرك"( 1927) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (7987).
    54- حسن : أخرجه الترمذي(2917) ، والبيهقي في " شعب الإيمان"( 2387)، وانظر " صحيح الجامع " (6467) ، و" السلسلة الصحيحة "(257).
    55- "تحفة الأحوذي" (8/189).
    56- حسن صحيح : أخرجه أبو داود(1463) ، والنسائي (5438)واللفظ له ، وصححه الألباني.
    57- مسلم (772)،وأحمد في " المسند"( 23367)،وأبو داود (871) ، والترمذي (262) و (263) والنسائي(1664).
    58- صحيح : أخرجه أحمد في " مسنده "( 23980)، أبو داود (873)، والنسائي(1132)، وصححه الألباني.
    59- " النووي شرح مسلم "(3/123)
    60- "منتهى الإرادات " منصور بن يونس البهوتي الحنبلي (1/212).
    61- صحيح : رواه أبو داود (884) وصححه الألباني
    62- انظر: النهاية في غريب الحديث لابن الأثير (5/185)، والقاموس المحيط (ص:1379)، والمصباح المنير (ص: 660).
    63-"مفردات غريب ألفاظ القرآن" (ص871).
    64- "تفسير ابن كثير "(2/53)، وانظر: قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة لشيخ الإسلام ابن تيمية، والتوسل أنواعه وأحكامه للشيخ الألباني.
    65- صحيح : أخرجه ابن حبان في " صحيحه "(208) قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، والطبراني في " الكبير" (808) ، وانظر " صحيح الجامع " (1311)،و" الصحيحة"(1338).
    66- البخاري(1120) ،و مسلم (2717)واللفظ له ،وأحمد في " المسند"( 2812)عن ابن عباس رضي الله عنهما.
    67- "مدارج السالكين"للإمام ابن القيم –رحمه الله-(1/20-21)ط.دار التقوى-مصر
    68- البخاري (2215) ، ومسلم (2743)،وابن حبان في " صحيحه"( 897).
    69- مسلم ( 2542 ).
    70- مسلم ( 2733).
    71- صحيح. الإسناد: رواه ابن أبي شيبة(6/77)، والبخاري في الأدب المفرد (633 )، وقال الألباني: صحيح الإسناد.
    72- الحديث هو : عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ –فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي . قَالَ :" إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ لَكَ ، وَإِنْ شِئْتَ أَخَّرْتُ ذَاكَ فَهُوَ خَيْرٌ" فَقَالَ: ادْعُهُ ،فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ فَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ، وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ ، يَا مُحَمَّدُ إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ فَتَقْضِي لِي ، اللَّهُمَّ شَفِّعْهُ فِيَّ "
    73- "فتاوى علماء البلد الحرام " إعداد د. خالد بن عبد الرحمن الجريسي .الطبعة الأولى(ص: 29-30) .
    74- البخاري(1010).
    75- "تفسير الكريم المنان " للإمام السعدي (1/489) ط .أولي النهى " الأولى.
    76-"تفسير الكريم الرحمان " للإمام السعدي (1/614).
    77-"تفسير الكريم الرحمان " للإمام السعدي (1/397).
    78- "تفسير الكريم الرحمان " للإمام السعدي (1/489).
    79-"تفسير الكريم الرحمان " للإمام السعدي (1/406).
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    التعديل الأخير تم بواسطة مهاجر إلى الله ورسوله; الساعة 23-02-2019, 11:03 PM. سبب آخر: تعديل العنوان

  • #2
    رد: سلسلة : " من أسباب استجابة الدعاء"(1-3)

    "من أسباب استجابة الدعاء" (2)
    المبحث الثاني
    (11) دعاء الضعفاء وصلاتهم وإخلاصهم والإحسان إليهم :
    عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ: رَأَى سَعْدٌ رضي الله عنه ، أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ".(80)
    وفي رواية النسائي : أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّ لَهُ فَضْلًا عَلَى مَنْ دُونَهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا، بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ".(81)
    وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه ، قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " أَبْغُونِي ضُعَفَاءَكُمْ ، فَإِنَّكُمْ إِنَّمَا تُرْزَقُونَ وَتُنْصَرُونَ بِضُعَفَائِكُمْ "(82)
    قال الإمام ابن حجر –رحمه الله - قَوْلُهُ : " هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ " في رواية النسائي" إِنَّمَا يَنْصُرُ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِضَعِيفِهَا، بِدَعْوَتِهِمْ وَصَلَاتِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ"قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ : تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ : أَنَّ الضُّعَفَاءَ أَشَدُّ إخْلاصًا فِي الدُّعَاءِ ، وَأَكْثَرُ خُشُوعًا فِي الْعِبَادَةِ ،لِخَلاءِ قُلُوبِهِمْ عَنْ التَّعَلُّقِ بِزُخْرُفِ الدُّنْيَا .(83)
    وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، قَالَ: كَسَرَتِ الرُّبَيِّعُ وَهْيَ عَمَّةُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَلَبَ القَوْمُ القِصَاصَ، فَأَتَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالقِصَاصِ، فَقَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: لاَ وَاللَّهِ، لاَ تُكْسَرُ سِنُّهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَنَسُ كِتَابُ اللَّهِ القِصَاصُ " فَرَضِيَ القَوْمُ وَقَبِلُوا الأَرْشَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ ". (84)
    وعنه رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَمْ مِنْ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ ذِي طِمْرَيْنِ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّ قَسَمَهُ مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ، فَإِنَّ الْبَرَاءَ لَقِيَ زَحْفًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَوْجَعَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ " ، فَقَالُوا: يَا بَرَاءُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ:" إِنَّكَ لَوْ أَقْسَمْتَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّكَ، فَأَقْسِمْ عَلَى رَبِّكَ " ، فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ لِمَا مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ، ثُمَّ الْتَقَوْا عَلَى قَنْطَرَةِ السُّوسِ، فَأَوْجَعُوا فِي الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا لَهُ: يَا بَرَاءُ، أَقْسِمْ عَلَى رَبِّكَ، فَقَالَ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ لِمَا مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ، وَأَلْحَقْتَنِي بِنَبِيِّكَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمُنِحُوا أَكْتَافَهُمْ، وَقُتِلَ الْبَرَاءُ شَهِيدًا.
    وعند الترمذي: كَمْ مِنْ أَشْعَثَ أَغْبَرَ ذِي طِمْرَيْنِ لاَ يُؤْبَهُ لَهُ ، لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللهِ لأَبَرَّهُ مِنْهُمُ البَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ. (85)
    وأقول سائلاً الله التوفيق : لا يخفي علينا أيضًا أن من أسباب النصر الاهتمام بأحوال الفقراء والضعفاء والمحتاجين من المسلمين ؛ بالإحسان إليهم ومساعدتهم وقضاء حوائجهم ، وهذا ما فطنت إليه السيدة خديجة رضي الله عنها عندما أُنزل على رسول الله الوحي لأول مرة ورجع إلي بيته وأخبرها الخبر ؛ وقال لها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي " فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا، إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ ، . . ."الحديث(86)
    وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتُحِبُّ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ، وَتُدْرَكَ حَاجَتُكَ ؟ ارْحَمِ الْيَتِيمَ ، وَامْسَحْ رَأْسَهُ، وَأَطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِكَ، يَلِنْ قَلْبُكَ ، وَتُدْرِكْ حَاجَتَكَ ". (87)
    ومعلوم أن اليتيم من جملة الضعفاء الذين أوصي برعايتهم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كما معنا في هذا الحديث وغيره، وتحذيره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إضاعة حقوقهم أو الاساءة إليهم ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَيْنِ: الْيَتِيمِ، وَالْمَرْأَةِ ".(88)
    ويقول ابن القيم –رحمه الله – وقد دل العقل والنقل والفطرة وتجارب الأمم – على اختلاف أجناسها ومللها ونحلها – على أن التقرب إلى رب العالمين ، وطلب مرضاته ، والبر والإحسان إلى خلقه من أعظم الأسباب الجالبة لكل خير ، وأضدادها من أكبر الأسباب الجالبة لكل شر ، فما استجلبت نعم الله تعالى واستدفعت نقمه بمثل طاعته ، والتقرب إليه ، والإحسان إلى خلقه .(89)
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه , قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ: " خَرَجَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِالنَّاسِ يَسْتَسْقِي ، فَإِذَا هُوَ بِنَمْلَةٍ رَافِعَةٍ بَعْضَ قَوَائِمِهَا إِلَى السَّمَاءِ , فَقَالَ: ارْجِعُوا فَقَدِ اسْتُجِيبَ لَكُمْ مِنْ أَجْلِ شَأْنِ هَذِهِ النَّمْلَةِ "(90)

    (12)في حالة اضطرار العبد واستغاثته بالله وإقباله بكليته على الله :
    قال تعالى :" أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62)"{النمل:62}
    وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبي جُرَيَ رضي الله عنه : " أَدْعُو إِلَى اللهِ وَحْدَهُ، الَّذِي إِنْ مَسَّكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ، كَشَفَ عَنْكَ، وَالَّذِي إِنْ ضَلَلْتَ بِأَرْضٍ قَفْرٍ دَعَوْتَهُ، رَدَّ عَلَيْكَ، وَالَّذِي إِنْ أَصَابَتْكَ سَنَةٌ فَدَعَوْتَهُ، أَنْبَتَ عَلَيْكَ ".(91)
    وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِالنَّاسِ لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ نَزَلَتْ بِهِ فَاقَةٌ فَأَنْزَلَهَا بِاللَّهِ، فَيُوشِكُ اللَّهُ لَهُ بِرِزْقٍ عَاجِلٍ أَوْ آجِلٍ" .(92)
    ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ– لابنته فاطمة رضي الله عنها : "مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ بِهِ ؟ أَنْ تَقُولِي إِذَا أَصْبَحْتِ وَإِذَا أَمْسَيْتِ : "يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ ، بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ ، أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ ، وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ ".(93)
    استغاثة رسول الله r بالله –تعالى – يوم بدر واستجابة الله تعالى له :
    عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ ، وَأَصْحَابُهُ ثَلاَثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلاً ، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ ، لاَ تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ ، مَادًّا يَدَيْهِ ، مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ ، وَقَالَ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، كَذَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، فَأَنْزَلَ اللهُ ، عَزَّ وَجَلَّ : "إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ مُرْدِفِينَ" فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلاَئِكَةِ.(94)
    وَعَنْ حُمَيْدٍ يَعْنِي ابْنَ هِلَالٍ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الطُّفَاوَةِ طَرِيقُهُ عَلَيْنَا، فَأَتَى عَلَى الْحَيِّ، فَحَدَّثَهُمْ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي عِيرٍ لَنَا، فَبِعْنَا بِيَاعَتَنَا، ثُمَّ قُلْتُ: لَأَنْطَلِقَنَّ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَلَآتِيَنَّ مَنْ بَعْدِي بِخَبَرِهِ، قَالَ: فَانْتَهَيْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَإِذَا هُوَ يُرِينِي بَيْتًا، قَالَ: " إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ فِيهِ فَخَرَجَتْ فِي سَرِيَّةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَتَرَكَتْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ عَنْزًا لَهَا، وَصِيصِيَتَهَا كَانَتْ تَنْسِجُ بِهَا "، قَالَ: " فَفَقَدَتْ عَنْزًا مِنْ غَنَمِهَا، وَصِيصِيَتَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَبِّ إِنَّكَ قَدْ ضَمِنْتَ لِمَنْ خَرَجَ فِي سَبِيلِكَ أَنْ تَحْفَظَ عَلَيْهِ، وَإِنِّي قَدْ فَقَدْتُ عَنْزًا مِنْ غَنَمِي، وَصِيصِيَتِي، وَإِنِّي أَنْشُدُكَ عَنْزِي، وَصِيصِيَتِي "، قَالَ: فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ شِدَّةَ مُنَاشَدَتِهَا لِرَبِّهَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فَأَصْبَحَتْ عَنْزُهَا وَمِثْلُهَا، وَصِيصِيَتُهَا وَمِثْلُهَا، وَهَاتِيكَ فَأْتِهَا فَاسْأَلْهَا إِنْ شِئْتَ "، قَالَ: قُلْتُ: بَلْ أُصَدِّقُكَ "(95)
    وفي " الصحيحين " من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ يَوْمَ جُمُعَةٍ مِنْ بَابٍ كَانَ نَحْوَ دَارِ الْقَضَاءِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمٌ يَخْطُبُ فَاسْتَقْبَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكَتْ الأمْوَالُ وَانْقَطَعْتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ يُغِيثُنَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
    يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ :اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا ،قَالَ أَنَسٌ :وَلَا وَاللَّهِ مَا نَرَى فِي السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَلَا قَزَعَةً ،وَمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ سَلْعٍ مِنْ بَيْتٍ وَلَا دَارٍ، قَالَ: فَطَلَعَتْ مِنْ وَرَائِهِ سَحَابَةٌ مِثْلُ التُّرْسِ، فَلَمَّا تَوَسَّطَتْ السَّمَاءَ انْتَشَرَتْ، ثُمَّ أَمْطَرَتْ، فَلَا وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا . . . "الحديث(96)
    وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْمُجَابِينَ، وَفِي الدُّعَاءِ عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَنْصَارِ يُكَنَّى أَبَا مُعَلَّقٍ وَكَانَ تَاجِرًا يَتَّجِرُ بِمَالٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، يَضْرِبُ بِهِ فِي الْآفَاقِ، وَكَانَ نَاسِكًا وَرِعًا، فَخَرَجَ مَرَّةً فَلَقِيَهُ لِصٌّ مُقَنَّعٌ فِي السِّلَاحِ، فَقَالَ لَهُ: ضَعْ مَا مَعَكَ فَإِنِّي قَاتِلُكَ، قَالَ: فَمَا تُرِيدُهُ مِنْ دَمِي؟ شَأْنُكَ بِالْمَالِ، قَالَ: أَمَّا الْمَالُ فَلِي، وَلَسْتُ أُرِيدُ إِلَّا دَمَكَ، قَالَ: أَمَّا إِذَا أَبَيْتَ فَذَرْنِي أُصَلِّي أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، قَالَ صَلِّ مَا بَدَا لَكَ، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، فَكَانَ مِنْ دُعَائِهِ فِي آخِرِ سُجُودِهِ أَنْ قَالَ: يَا وَدُودُ يَا وَدُودُ، يَا ذَا الْعَرْشِ الْمَجِيدِ، يَا فَعَّالًا لِمَا تُرِيدُ، أَسْأَلُكَ بِعِزِّكَ الَّذِي لَا يُرَامُ، وَبِمُلْكِكَ الَّذِي لَا يُضَامُ، وَبِنُورِكَ الَّذِي مَلَأَ أَرْكَانَ عَرْشِكَ أَنْ تَكْفِيَنِي شَرَّ هَذَا اللِّصِّ، يَا مُغِيثُ أَغِثْنِي، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ أَقْبَلَ بِيَدِهِ حَرْبَةٌ قَدْ وَضَعَهَا بَيْنَ أُذُنَيْ فَرَسِهِ، فَلَمَّا بَصُرَ بِهِ اللِّصُّ أَقْبَلَ نَحْوَهُ، فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: قُمْ، فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ فَقَدْ أَغَاثَنِي اللَّهُ بِكَ الْيَوْمَ، فَقَالَ: أَنَا مَلَكٌ مِنْ أَهْلِ السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الْأَوَّلِ فَسَمِعْتُ لِأَبْوَابِ السَّمَاءِ قَعْقَعَةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الثَّانِي، فَسَمِعْتُ لِأَهْلِ السَّمَاءِ ضَجَّةً، ثُمَّ دَعَوْتَ بِدُعَائِكَ الثَّالِثِ، فَقِيلَ لِي: دُعَاءُ مَكْرُوبٍ فَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُوَلِّيَنِي قَتْلَهُ، قَالَ الْحَسَنُ: فَمَنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ، اسْتُجِيبَ لَهُ، مَكْرُوبًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَكْرُوبٍ.(97)
    وقالَ مُوَرِّقٌ العِجْلِيُّ- رحِمَهُ اللهُ تعالَى-:"ما وَجَدْتُ للمؤمنِ مَثَلاً إلا كمَثَلِ رَجُلٍ في البحرِ علَى خَشَبةٍ، فهوَ يدعو: يا ربِّ يا ربِّ، لعلَّ اللهَ يُنجِيه". (98)
    وعَنْ عُمَرَ بْنِ حَجَّاجٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبَى صَالِحٍ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيَّ طَاوُسٌ يَعُودُنِي، فَقُلْتُ لَهُ: ادْعُ اللَّهَ لِي يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ:"ادْعُ لِنَفْسِكَ ، فَإِنَّهُ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ". (99)
    وَجَاءَ رَجُلٌ إِلَى مَالِكِ بن دينار ، فقال: أنا أسألك بالله أَنْ تَدْعُوَ لِي فَأَنَا مُضْطَرٌّ، قَالَ: إِذًا فَاسْأَلْهُ ، فَإِنَّهُ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ. (100)
    إن الاضطرار الذي يرد صاحبه إلى خالقه إذا انقطعت الأسباب دون كشف ما به ، يوقف صاحبه على أن الذي جعل الأمور تصرف بأسبابها ، قادر على أن يرفع تأثير هده الأشياء ، فيصرف الأمر بلا سبب ، فكثير من الناس لانشغاله بالأسباب التي رتب الله تعالى عليها نتائجها ، ربما ينسيه انشغاله رب الأسباب سبحانه ، حتى يظن أن الأمور تنصرف بأسبابها ، حتى إذا اشتد عليه الأمر ، وانقطعت أسباب النجاة ، عاد فلجأ إلى من بيده تصريف الأمور سبحانه ، فأخلص في العود إليه ، وصدق في اللجأ بين يديه ، فدعا بذلة وانكسار ومسكنة ، عندها يجد أثر دعائه ، فالله جل وعلا هو الذي يجيب المضطر إذا دعاه .
    قال الإمام القرطبي – رحمه الله – وقد ضمن الله تعالى إجابة المضطر إذا دعاه ، وأخبر بذلك عن نفسه ، والسبب في ذلك أن الضرورة إليه باللجأ ينشأ عن الإخلاص ، وقطع القلب عما سواه ، وللإخلاص عنده سبحانه موقع وذمة ، وجد من مؤمن أو كافر ، طائع أو فاجر . اه (101)
    وقال الواحدي -رحمه الله - أنشدنا الأستاذ أبو إسحاق الثعلبي - رحمه الله - :
    وَإِنِّي لأَدْعُو اللهَ وَالأمْرُ ضَيِّقٌ ... عَلَيَّ فَمَا يَنْفَكُّ أَنْ يَتَفَرَّجَا
    وَرُبَّ فَتًى سُدَّتْ عَلَيْهِ وُجُوهُهُ ... أَصَابَ لَهُ فِي دَعْوَةِ اللهِ مَخْرَجَا. (102)
    ويقول ابن القيم -رحمه الله - :وكثيرًا ما نجد أدعية دعا بها قوم فاستجيب لهم ، فيكون قد اقترن بالدعاء ضرورة صاحبه وإقباله على الله . أو حسنة تقدمت منه ، جعل الله سبحانه إجابة دعوته شكرًا لحسنته . أو صادف الدعاء وقت إجابة ، ونحو ذلك ، فأجيبت دعوته ، فيظن الظانّ أن السر في لفظ ذلك الدعاء ، فيأخذه مجردًا عن تلك الأمور التي قارنته من ذلك الداعي ، وهذا كما إذا استعمل رجل دواء نافعًا ، في الوقت الذي ينبغي ، على الوجه الذي ينبغي ، فانتفع به ، فظن غيره أن استعمال هذا الدواء بمجرده ، كاف في حصول المطلوب، كان غالطًا . وهذا موضع يغلط فيه كثير من الناس ، ومن هذا قد يتفق دعاؤه باضطرار عند قبر فيجاب ، فيظن الجاهل أن السر للقبر ، ولم يعلم أن السر للاضطرار وصدق اللجأ إلى الله ، فإذا حصل ذلك
    في بيت من بيوت الله ، كان أفضل وأحب إلى الله . انتهى .(103)
    وقال الإمام ابن تيمية-رحمه الله- في" مجموع الفتاوي :"فَحَرَّمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُتَّخَذَ قُبُورُهُمْ مَسَاجِدَ-الأنبياء والصالحين-بِقَصْدِ الصَّلَوَاتِ فِيهَا، كَمَا تُقْصَدُ الْمَسَاجِدُ ،وَإِنْ كَانَ الْقَاصِدُ لِذَلِكَ إنَّمَا يَقْصِدُ عِبَادَةَ اللَّهِ وَحْدَهُ ،لِأَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إلى أَنْ يَقْصِدُوا الْمَسْجِدَ لِأَجْلِ صَاحِبِ الْقَبْرِ ،وَدُعَائِهِ ،وَالدُّعَاءِ بِهِ ،وَالدُّعَاءِ عِنْدَهُ ،فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ اتِّخَاذِ هَذَا الْمَكَانِ لِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَرِيعَةً إلَى الشِّرْكِ بِاَللَّهِ . وَالْفِعْلُ إذَا كَانَ يُفْضِي إلَى مَفْسَدَةٍ وَلَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ يُنْهَى عَنْهُ ؛ كَمَا نَهَى عَنْ الصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمَفْسَدَةِ الرَّاجِحَةِ : وَهُوَ التَّشَبُّهُ بِالْمُشْرِكِينَ الَّذِي يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ . (104)
    (13)الافتقار إلى الله- تعالى- بأن يصف العبد حالة ضعفه وعجزه بين يدي الدعاء :
    إنَّ العبدَ محتاجٌ إلى الله في كلِّ شؤونِه، ومفتقرٌ إليه في جميعِ حاجاتِه، لا يستغني عن ربِّه ومولاه طرفة عين ولا أقلَّ من ذلك ، وأما الربُّ سبحانه فإنَّه غنيٌّ حميدٌ، لا حاجة له بطاعات العباد ودعواتهم، ولا يعود نفعُها إليه، وإنَّما هم الذين ينتفعون بها، ولا يتضرَّرُ بمعاصيهم وإنَّما هم الذين يتضرَّرون بها، ولهذا قال سبحانه:" يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (16) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (17) "{فاطر: 15-17}
    وقد سبق معنا بفضل الله وتوفيقه بيان ذلك في { التوسل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة} " النوع الخامس"وفيه الكفاية والحمد لله.
    ومما لم يسبق لنا ذكره نبين ما جاء من افتقار نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لربه يوم بدر ، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي ثَلَاثِ مِائَةٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ حُفَاةٌ فَاحْمِلْهُمْ ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ عُرَاةٌ فَاكْسُهُمْ، اللَّهُمَّ إِنَّهُمْ جِيَاعٌ فَأَشْبِعْهُمْ ". فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَانْقَلَبُوا حِينَ انْقَلَبُوا، وَمَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إِلَّا وَقَدْ رَجَعَ بِجَمَلٍ أَوْ جَمَلَيْنِ وَاكْتَسَوْا وَشَبِعُوا.(105)

    (14)إقرار العبد بذنوبه وبنعم الله عليه وسؤاله الله أن يغفر له :
    عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رضي الله عنه : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :" سَيّدُ الاسْتِغْفَارِ أنْ تَقُولُ : اللَّهُمَّ! أَنْتَ رِبِّي لاَ إِلَهَ إِلاًّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ». قَالَ :" وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِي ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجنة ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهُوَ مُوْقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ".(106)
    وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَحْكِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وُجَلَّ قَالَ :" أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ! اغْفِر لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : عَبْدِي أذْنَبَ ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، ثُمَّ عَادَ فَأَذْنَبَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ : اغْفِرْ لِي ذَنْبِي ، فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : أذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِالذَّنْبِ ، اعْمَلْ مَا شِئْتَ فَقَدْ غَفَرتُ لَكَ ". (107)
    وقال الذهبي – رحمه الله - في " السير " : قَالَ الأَوْزَاعِيُّ: خَرَجُوا يَسْتَسْقُوْنَ بِدِمَشْقَ، وَفِيْهِم بِلاَلُ بنُ سَعْدٍ، فَقَامَ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ حَضَرَ، أَلَسْتُم مُقِرِّيْنَ بِالإِسَاءةِ؟قُلْنَا: نَعَمْ.
    قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ قُلْتَ: " مَا عَلَى المُحْسِنِيْنَ مِنْ سَبِيْلٍ" {التَّوْبَةُ: 91}وَقَدْ أَقْرَرْنَا بِالإِسَاءةِ، فَاعْفُ عَنَّا، وَاسْقِنَا.قَالَ: فَسُقِيْنَا يَوْمَئِذٍ. (108)
    (15) أن يتجنب العبد الدعاء بإثم أو قطيعة رحم وعليه بمواصلة الدعاء وعدم استعجال الإجابة:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قال:" لا يَزالُ يُسْتَجَابُ لِلعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بإثْمٍ ، أَوْ قَطيعَةِ رحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ " قيل : يَا رسولَ اللهِ: مَا الاستعجال ؟ قَالَ : " يقول : قَدْ دَعوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أرَ يسْتَجِيبُ لي ، فَيَسْتحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ " . (109)
    والإثم : الذنب والمعصية . والمراد هنا أن يدعو بما لا يحل له . فكل دعاء احتوى على محرم حري أن لا يستجاب لصاحبه ، وكيف يستجاب لمن يتجرأ فيطلب حرامًا ؟!.
    وقطيعة الرحم : الإساءة إليها ، أو ترك الإحسان إليها . والدعاء الذي فيه إساءة للرحم من موانع الإجابة ، لقد توعد الله قاطع رحمه بالقطع ، ومن يقطعه الله لا يستجيب دعاءه .
    وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :"إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ ، قَالَتِ الرَّحِمُ : هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ ؟ قَالَتْ : بَلَى يَا رَبِّ ، قَالَ : فَذَلِكَ لَكِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" اقْرَؤُوا : " فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ". (110)
    فقاطع الرحم منقطع من رحمة الله تعالى . وفي حديث أبي هريرة t المتقدم علق النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استجابة الدعاء – على النحو الذي ذكره – على عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم .
    فظهرا بذلك أنهما من شروط استجابة الدعاء .
    قال ابن علان – رحمه الله- ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم " أي فلا تجاب تلك الدعوة المقترنة لشيء من ذلك لأن الإجابة تنتفي عن سائر الدعوات غيرها إذا دعا بهما . اه (111)
    أما ما يتعلق بإجابة الدعاء ما لم يستعجل العبد ، يقول الإمام الجوزي – رحمه الله - : تأملت حالة عجيبة ، وهي أن المؤمن تنزل به النازلة ، فيدعو ويبالغ ، فلا يرى أثرًا للإجابة ، فإذا قارب اليأس نظر حينئذ إلى قلبه ، فإن كان راضيًا بالأقدار ، غير قنوط من فضل الله عز وجل ، فالغالب تعجيل الإجابة حينئذ ، لأن هناك يصلح الإيمان ، ويندحر الشيطان ، وهناك تبين مقادير الرجال . وقد أشير إلى هذا في قوله تعالى : " حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ "{ البقرة : 214} ، وكذلك جرى ليعقوب – عليه السلام – فإنه لما فقد ولده ، وطال الأمر عليه ، لم ييأس من الفرج فأخذ ولده الآخر ، ولم ينقطع أمله من فضل ربه : " عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا "{يوسف : 3} . وكذلك قال زكريا عليه السلام : " وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا " {مريم : 4} فإياك أن تستطيل مدة الإجابة ، وكن ناظرًا إلى أنه المالك المدبر وإلى أنه الحكيم في التدبير والعالم بالمصالح ، وإلى أنه يريد اختبارك ليبلوا أسرارك ، وإلى أنه يريد أن يرى تضرعك ، وإلى أنه يريد أن يأجرك بصبرك إلى غير دلك ، وإلى أنه يبتليك بالتأخير لتحارب وسوسة إبليس ، وكل واحدة من هذه الأشياء تقوى الظن في فضله وتوجب الشكر له ، إذ أهلّك بالبلاء للالتفات إلى سؤاله ، والفقر المضطر إلى اللجأ إليه غنيّ كله. (112)
    (16) رفع العبد يديه إلى السماء :
    عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ:" إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ ،يَسْتَحْيِي إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ " . (113)
    وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ . . . "
    (17) الحمد لله والثناء عليه بما هو أهله والصلاة على النبي r :
    عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه ، قال: بَيْنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدًا ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ ، فَاحْمَدِ اللهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، وَصَلِّ عَلَيَّ ، ثمَّ ادْعُهُ ، قَالَ : ثُمً صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ ، فَحَمِدَ اللهَ ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، ادْعُ تُجَبْ ". (114)
    وقد ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى- أن للصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عند الدعاء ثلاث مراتب:
    المرتبة الأولى: أن يصلي عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل الدعاء وبعد حمد الله تعالى.
    المرتبة الثانية: أن يصلي عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أول الدعاء، وفي أوسطه، وفي آخره.
    المرتبة الثالثة: أن يصلي عليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أوله، وآخره، ويجعل حاجته متوسطة بينهما.(115)
    وذكر- رحمه الله- الأدلة على تلك المراتب الثلاثة ، فمن أراد أن يتتبعها فليراجعها .
    (18) موافقة ساعات وحالات ومواضع استجابة الدعاء:
    ونذكر من هذه الساعات والمواضع والحالات ما يلي :
    النوم على طهارة :
    عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :" مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيْتُ عَلَى ذِكْرٍ طَاهِرًا، فَيَتَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَيَسْأَلَ الله عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً مِنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَاه".(116)
    حين يتعار المسلم من الليل :
    عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: " مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ،الْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ ،وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ،ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي -أَوْ دَعَا - اسْتُجِيبَ لَهُ ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ". (117)
    قال ابن بطال– رحمه الله - : وعد الله على لسان نبيهصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن من استيقظ من نومه لهجًا بتوحيد ربه ، والإذعان له بالملك ، والاعتراف بنعمه وبحمده عليها ، وينزهه عما لا يليق به ، بتسبيحه والخضوع له بالتكبير ، والتسليم له بالعجز عن القدرة إلا بعونه ، أنه إذا دعاه أجابه ، وإذا صلى قبلت صلاته ، فينبغي لمن بلغه هدا الحديث أن يغتنم العمل به ، ويخلص نيته لربه سبحانه وتعالى . انتهى(118)
    منتصف الليل :
    عَنْ عُثْمَانَ بن أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ نِصْفَ اللَّيْلِ، فَيُنَادِي مُنَادٍ: هَلْ مِنْ دَاعٍ فَيُسْتَجَابَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَيُعْطَى؟ هَلْ مِنْ مَكْرُوبٍ فَيُفَرَّجَ عَنْهُ؟ فَلا يَبْقَى مُسْلِمٌ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ إِلا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ،إِلا زَانِيَةٌ تَسْعَى بِفَرْجِهَا،أَوْ عَشَّارٌ".(119)
    الثلث الآخر من الليل :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" يَتَنَزَّلُ رَبُناَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةِ إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا ، حِيْنَ يَبْقَي ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ يَقُولُ : مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيْبَ لَهُ ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَةُ ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ".(120)
    وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ :سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً ، لاَ يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ،إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ".(121)
    يقول الإمام ابن حجر رحمه الله : بيان فضل الدعاء في ذلك الوقت على غيره إلى طلوع الفجر ، قال ابن بطال : هو وقت شريف ، خصه الله بالتنزيل فيه ، فيتفضل على عباده بإجابة دعائهم ، وإعطائهم سؤلهم ، وغفران ذنوبهم ، وهو وقت غفلة وخلوة واستغراق في النوم واستلذاذ له ، ومفارقة اللذة والدعة صعب ، لاسيما أهل الرفاهية وفي زمن البرد ، وكذا أهل التعب ولاسيما في قصر الليل ، فمن آثر القيام لمناجاة ربه والتضرع إليه مع ذلك ، دل على خلوص نيته ،وصحة رغبته فيما عند ربه ، فلذلك نبه الله عباده على الدعاء في هذا الوقت، الذي تخلو فيه النفس من خواطر الدنيا وعلقها، ليستشعر العبد الجدّ والإخلاص لربه .(122)
    ولله در الإمام الشافعي –رحمه الله – قال :
    أتهزأ بالدعاء وتزدريه وما تدري بما صنع الدعاء
    سهام الليل لا تخطئ ولكن لها أمد ، وللأمد انقضاء .(123)
    بعد الوضوء :
    عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ فَيُبْلِغُ أَوْ فَيُسْبِغُ الْوضُوءَ ثُمَّ يَقُولُ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُه ، إِلاَّ فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَة ، يْدَخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ».(124)
    زَادَ التِّرْمِذِيّ بَعدَ ذِكْر الشَّهَادَة :" اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ ، وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ". (125)
    وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" مَنْ تَوَضَّأَ فَقَالَ : سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ،أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ، اسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ، كُتِبَ فِي رِقٍّ ،ثُمَّ طُبِعَ بِطَابِعٍ فَلَمْ يُكْسَر إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة ". (126)
    حين الأذان :
    عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :" إِذَا نُودِيَ بِالصَّلاَة ، فُتِحَت أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَاسْتُجِيبَ الدُّعَاء". (127)
    وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " سَاعَتان تُفتَحُ لَهُمَا أَبوابَ السَماء ، وَقَلَّ دَاعٍ تُردُ عَليهِ دَعوتُه : حِينَ يَحضُرُ النِّدَاء ، والصَف فِي سَبيلِ الله ". (128)
    فضل الترديد خلف المؤذن والصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وسؤال الله تعالى له الوسيلة :
    بيان ما يقوله المسلم إذا سمع المؤذن :
    عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ : اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ، فَقَالَ أَحَدُكُمْ : اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ، ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، قَالَ : أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، ثُمَّ قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، قَالَ : أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ ، ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الصَّلاَةِ ، قَالَ : لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ، ثُمَّ قَالَ : حَيَّ عَلَى الْفَلاَحِ ، قَالَ : لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ، ثُمَّ قَالَ : اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ، قَالَ : اللهُ أَكْبَرُ ، اللهُ أَكْبَرُ ، ثُمَّ قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، قَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ ، مِنْ قَلْبِهِ ، دَخَلَ الْجَنَّةَ.(129)
    وَعَنْ سعد بن أَبي وقاص رضي الله عنه ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أنه قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ : وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا ، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ، وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا ، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ. (130)
    وَعَنْ عَمْرِو بْنِ الْعاَصِ رضي الله عنه ، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :"إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُول ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَىَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَىَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ، ثُمَّ سَلُوا اللهَ لِي الْوَسِيلَةَ ، فَإِنَّهاَ مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إِلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَناَ هُوَ ، فَمَنْ سَأَلَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ".(131)
    وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ :" اللَّهُمَّ رَبَّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ ، وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ ، آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ ، حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ". (132)
    وفي روايات النَّسَائِي ، وابن خُزَيْمَة ، ".. وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ".
    دعاءه r للأئمة والمؤذنين :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " الإِمَامُ ضَامِنٌ ، وَالْمُؤَذِّنُ مُؤْتَمَنٌ ، اللَّهُمَّ أَرْشِدِ الأَئِمَّةَ ، وَاغْفِرْ لِلْمُؤَذِّنِينَ".(133)
    الدعاء مستجاب بين الأذان والإقامة :
    لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الدُّعاءُ بَيْنَ الأَذانِ والإِقامَةِ مُسْتَجابٌ، فادْعُوا ".(134)
    دعاء الملائكة الكرام – عليهم السلام – لمن ينتظر الصلاة من أهل الإسلام :
    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي جَمَاعَةٍ تَزِيدُ عَلَى صَلاَتِهِ فِي بَيْتِهِ وَصَلاَتِهِ فِى سُوقِهِ بِضْعًا وَعِشْرِينَ دَرَجَةً ،وَذَلِكَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ، ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ لاَ يَنْهَزُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ- لاَ يُرِيدُ إِلاَّ الصَّلاَةَ-، فَلَمْ يَخْطُ خَطْوَةً إِلاَّ رُفِعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةٌ ،وَحُطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةٌ حَتَّى يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ ، فَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ كَانَ فِي الصَّلاَةِ مَا كَانَتِ الصَّلاَةُ هِيَ تَحْبِسُهُ ، وَالْمَلاَئِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ يَقُولُونَ :اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللَّهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ ".(135)
    صلاة الله تعالى وملائكته عليهم السلام على الصف الأول :
    عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه : أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :" إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الصَّفّ الْمُقَدَّمِ ، وَالْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ بِمَدِّ صَوْتِهِ ، وَيُصَدِّقُهُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ رَطْبٍ وَيَابِسٍ ، وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ". (136)
    استغفار النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للصف المقدم والثاني :
    عَنِ الْعِرْبَاضِ بن سَارِيَةَ رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَغْفِرُ لِلصَّفِّ الْمُقَدَّمِ ثَلاثًا، وَلِلثَّانِي مَرَّةً ". (137)
    أدعيــــــة الصـلاة وفضـلها ومواضع استجابتها :
    عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكُونُ عَنْ يَمِينِهِ، فَيُقْبِلُ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:" رَبِّ قِنِي عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبَادَكَ ".(138)
    من دعاء الاستفتاح في الصلاة وبيان فضله :
    عِنْ أَنَسٍ رضي الله عنه : أّنَّ رَجُلاً جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ فَقَالَ : الْحَمْدُ للهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيَّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فِلَمَّا قَضَى رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَتَهُ قَالَ :" أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ؟". فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقَالَ :" أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ، فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا ". فَقَالَ رَجُلٌ : جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا فَقَالَ :" لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَىْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَرفَعُهَا".(139)
    وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - : قال : "بينما نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ للهِ كَثِيرًا ، َسُبْحَانَ اللهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" مَنِ الْقَائِلُ كَلِمَةَ كَذَا وَكَذَا؟ ".قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ : أَنَا يَا رَسُوْلَ اللهِ! قَالَ :" عَجِبْتُ لَهَا ، فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ". قَالَ ابْنُ عُمَرَ : فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ذَلِكَ.(140)
    استجابة الله تعالى لعبده لما سأله في فاتحة الكتاب في الصلاة :
    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ " مَنْ صَلَّى صَلاَةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهْيَ خِدَاجٌ - ثَلاَثًا - غَيْرُ تَمَامٍ". فَقِيلَ لأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الإِمَامِ. فَقَالَ اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :قَسَمْتُ الصَّلاَةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ :" الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ". قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :حَمِدَنِي عَبْدِي وَإِذَا قَالَ: " الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ". قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي. وَإِذَا قَالَ: " مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ". قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي ، وَقَالَ مَرَّةً: فَوَّضَ إِلَىَّ عَبْدِي، فَإِذَا قَالَ:" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ". قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ. فَإِذَا قَالَ :" اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ". قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ".(141)
    فائدة مهمة بشأن سؤال العبد لربه الهداية إلى الصراط المستقيم في كل ركعة :
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : يقول بعضهم في قوله:" اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ "، فيقولون : المؤمن قد هدى إلى الصراط المستقيم ، فأي فائدة في طلب الهدى؟ ثم يجيب بعضهم بأن المراد : ثبتنا على الهدى ، كما تقول العرب للنائم : نم حتى آتيك .
    أو يقول بعضهم: ألزم قلوبنا الهدى ، فحذف الملزوم .ويقول بعضهم : زدني هدى . وإنما يوردون هذا السؤال لعدم تصورهم الصراط المستقيم الذي يطلب العبد الهداية إليه ، فإن المراد به العمل بما أمر الله به ، وترك ما نهى الله عنه ،في جميع الأمور. والإنسان وإن كان أقر بأن محمدًا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأن القرآن حق على سبيل الإجمال ، فأكثر ما يحتاج إليه من العلم بما ينفعه ويضره ، وما أمر به وما نهى عنه في تفاصيل الأمور وجزئياتها لم يعرفه، وما عرفه فكثير منه لم يعمله ،ولو قدر أنه بلغه كل أمر ونهى في القرآن والسنة، فالقرآن والسنة إنما تذكر فيهما الأمور العامة الكلية لا يمكن غير ذلك، لا يذكر ما يخص به كل عبد . ولهذا أُمر الإنسان في مثل ذلك بسؤال الهدى إلى الصراط المستقيم ، والهدى إلى الصراط المستقيم يتناول هذا كله: يتناول التعريف بما جاء به الرسول مفصلاً ، ويتناول التعريف بما يدخل في أوامره الكليات ، ويتناول إلهام العمل بعلمه ، فإن مجرد العلم بالحق لا يحصل به الاهتداء إن لم يعمل بعلمه ، ولهذا قال لنبيه بعد صلح الحديبية أول سورة الفتح : " إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (1) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (2)"{الفتح:1-2}وقال في حق موسى وهارون : "وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم " والمسلمون قد تنازعوا فيما شاء الله من الأمور الخبرية ، والعلمية الاعتقادية، والعملية ،مع أنهم كلهم متفقون على أن محمدًا حق ، والقرآن حق، فلو حصل لكل منهم الهدى إلى الصراط المستقيم فيما اختلفوا فيه لم يختلفوا. ثم الذين علموا ما أمر الله به أكثرهم يعصونه، و لا يحتذون حذوه ، فلو هدوا إلى الصراط المستقيم في تلك الأعمال لفعلوا ما أمروا به ، وتركوا ما نهوا عنه ، والذين هداهم الله من هذه الأمة حتى صاروا من أولياء الله المتقين ، كان من أعظم أسباب ذلك دعاؤهم الله بهذا الدعاء في كل صلاة ، مع علمهم بحاجتهم وفاقتهم إلى الله دائمًا في أن يهديهم الصراط المستقيم .فبدوام هذا الدعاء والافتقار صاروا من أولياء الله المتقين ، قال سهل بن عبد الله التستري : ليس بين العبد وبين ربه طريق أقرب إليه من الافتقار.
    وما حصل فيه الهدى في الماضي فهو محتاج إلى حصول الهدى فيه في المستقبل . وهذا حقيقة قول من يقول:
    ثبتنا واهدنا لزوم الصراط . وقول من قال : زدنا هدى يتناول ما تقدم ،لكن هذا كله هدى منه في المستقبل إلى الصراط المستقيم ، فإن العمل في المستقبل بالعلم لم يحصل بعد ، ولا يكون مهتديًا حتى يعمل في المستقبل بالعلم وقد لا يحصل العلم في المستقبل ، بل يزول عن القلب وإن حصل فقد لا يحصل العمل ، فالناس كلهم مضطرون إلى هذا الدعاء ،ولهذا فرضه الله عليهم في كل صلاة ، فليسوا إلى شيء من الدعاء أحوج منهم إليه ، وإذا حصل الهدى إلى الصراط المستقيم ، حصل النصر والرزق وسائر ما تطلب النفوس من السعادة ، والله أعلم.اه(142)
    فضل التأمين خلف الإمام وبيان دعاء سجود التلاوة في الصلاة وخارجها :
    عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" إِذَا أَمَّنَ الإِمَامُ فَأَمِّنُوا ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ تَأْمِينُهُ تَأْمِينَ الْمَلاَئِكَةِ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ ". قَالَ ابْنُ شِهَابٍ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ " آمِينَ ".(143)
    عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ: أَمَا تَعْلَمُونَ كَيْفَ تَقُولُونَ فِي صََلاتِكُمْ؟ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَنَا، فَبَيَّنَ لَنَا سُنَّتَنَا، وَعَلَّمَنَا صََلاتَنَا. فَقَالَ:" إِذَا صَلَّيْتُمْ فَأَقِيمُوا صُفُوفَكُمْ، ثُمَّ لْيَؤُمَّكُمْ أَحَدُكُمْ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذْ قَالَ: " غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وََلا الضَّالِّينَ " {الفاتحة: 7}، فَقُولُوا: آمِينَ، يُجِبْكُمُ اللَّهُ، فَإِذَا كَبَّرَ وَرَكَعَ، فَكَبِّرُوا وَارْكَعُوا، فَإِنَّ اْلأمَامَ يَرْكَعُ قَبْلَكُمْ، وَيَرْفَعُ قَبْلَكُمْ" فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" فَتِلْكَ بِتِلْكَ، وَإِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، يَسْمَعُ اللَّهُ لَكُمْ..."الحديث (144)
    الدعاء في سجود التلاوة في الصلاة وغيرها :
    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما ،قَالَ : كُنْتُ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ : إنِّي رَأَيْت الْبَارِحَةَ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنِّي أُصَلِّي إلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ ، فَقَرَأْتُ السَّجْدَةَ ، فَسَجَدَتْ الشَّجَرَةُ لِسُجُودِي ، فَسَمِعْتُهَا تَقُولُ : اللَّهُمَّ اُحْطُطْ عَنِّي بِهَا وِزْرًا ، وَاكْتُبْ لِي بِهَا أَجْرًا وَاجْعَلْهَا لِي عِنْدَكَ ذُخْرًا . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : فَرَأَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ السَّجْدَةَ فَسَجَدَ . فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ فِي سُجُودِهِ مِثْلَ الَّذِي أَخْبَرَهُ الرَّجُلُ عَنْ قَوْلِ الشَّجَرَةِ . (145)
    دعاء الرفع من الركوع في الصلاة وبيان فضله :
    عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ:" إِذَا قَالَ الإِمَامُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، فَقُولُوا : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ".(146)
    وفي رواية للبخاري ومسلم : فقولوا : ربنا ولك الحمد " .بالواو.
    وعَنِ أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ ، قَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ مِلْءَ السَّمَوَاتِ ، وَمِلْءَ الأَرْضِ وَمِلْءَ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ، أَحَقُّ مَا قَالَ العَبدُ ، وكُلُّنا لَك عَبدٌ ، لاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ،وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ وَلاَ يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ".(147)
    وعَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافَعٍ الزُّرَقِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ ، قَالَ : سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ ، قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ؟ قَالَ : أَنَا ، قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلَ".(148)
    الدعاء في قنوت الوتر :
    عَنْ أَبِي الْحَوْرَاءِ، قَالَ: قَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ رَضِيَ الله ُعَنْهُمَا: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي الْوِتْرِ، - قَالَ ابْنُ جَوَّاسٍ: فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ: " اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْكَ، وَإِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ".(149)
    وعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ وِتْرِهِ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سُخْطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ، لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ".(150)
    وسيأتي معنا الدعاء في الوتر في حال النوازل في " الفصل السابع "
    ـــــــــــــــــــــــ
    80-البخاري(2896).
    81- صحيح : رواه النسائي (3178) ، وانظر " صحيح الجامع " (2388)، و " صحيح الترغيب " (5) للألباني.
    82- صحيح : رواه أحمد في "المسند"(21731) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ،والترمذي(1702)، والنسائي(3179) ،وابن حبان(4767) ، والحاكم في " المستدرك "( 2641) وصححه الألباني في "صحيح الجامع "(41)، و "الصحيحة "(779)
    83-"فتح الباري"للإمام ابن حجر(6/99).
    84- البخاري (4611)، ومسلم(1675)،وأحمد في " المسند"( 12704)،وأبو داود(4595)،وابن ماجة(2649) ،والنسائي(4755)
    85- حسن صحيح: رواه الترمذي( 3854) ، وقال حسن صحيح ، وصححه الألباني في" صحيح الترمذي"(2)لا يؤبه له : أي لا يبالي به
    86- البخاري (3)،ومسلم(160)
    87- صحيح : أخرجه الطبراني في " الكبير " عن أبي الدرداء ، انظر : " صحيح الجامع "للألباني (80)
    88- حسن : أخرجه أحمد في " المسند " (9664) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده قوي من أجل محمد بن عجلان وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين ، والنسائي (9150) ، وابن ماجة ( 3678)، وحسنه الألباني في "السلسلة الصحيحه " (1015) ،و"صحيح ابن ماجة "( 2967 )
    في الزوائد: المعنى أحرج عن هذا الإثم . بمعنى: أن يضيع حقهما . واحذر من ذلك تحذيرًا بليغًا . وأزجر عنه زجرًا أكيدًا . قاله النووي .
    89- " الجواب الكافي " لابن القيم 0 ط0 دار الريان " الطبعة الأولى " (ص 16) .
    90- رواه الدارقطني (1797)، والحاكم في " المستدرك"(1215)،و" مشكاة المصابيح"(1510).
    91- صحيح : أخرجه أحمد (20636) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، وأبو داود ، والبيهقي في " سننه " عن أبي جُري ، انظر " صحيح الجامع للألباني (244)
    92-صحيح : أخرجه أحمد(4219) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده حسن ، وأبو داود(1645) ، والترمذي(2326)واللفظ له ،والطبراني في " الكبير " والحاكم في "المستدرك " (1482)وأبو نعيم في " الحلية ، وانظر "صحيح الجامع "للألباني (6566) ، و" صحيح الترغيب والترهيب " (273، 831).
    93-حسن : رواه النَّسَائِي في "عمل اليوم والليلة"(570) ، والحاكم في "المستدرك"(2000) ،عن أنس ،انظر " صحيح الجامع " للألباني(5820)، " الصحيحة (2457) .،و" صحيح الترغيب " 657)
    93-حسن : رواه النَّسَائِي في "عمل اليوم والليلة"(570) ، والحاكم في "المستدرك"(2000) ،عن أنس ،انظر " صحيح الجامع " للألباني(5820)، " الصحيحة (2457) .،و" صحيح الترغيب " 657)
    94- مسلم (1763)،وأحمد في " المسند"( 221)،والترمذي(3081)،وابن حبان في " صحيحه"( 4793) .
    95-رواه أحمد في " مسنده "(20664) ، وصححه الألباني في " السلسلة الصحيحة " (6/1047) ، وقال شعيب الأرنؤوط : رجاله إلى حميد بن هلال ثقات رجال الصحيح وليس في النص ما يصرح بسماع حميد من الرجل الطفاوي . وهذا الحديث تفرد به الإمام أحمد0ذكره الهيثمي في" المجمع "(5/ 277 )وقال : رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
    * قال السندي : (بياعتنا ) : البياعة بالكسر : السلعة. ، و ( صيصيتها ) : بكسر صادين مهملتين : هي الصنارة التي يغزل بها وينسج. ،[ فأصبحت عنزها ومثلها ] : أي معها.
    96-البخاري (1013)،ومسلم(897)، وأحمد في " المسند"( 13743)وأبو داود (1175) والنسائي(1518).
    97-" الجواب الكافي " لابن القيم 0 ط0 دار الريان للتراث " الطبعة الأولى " (ص ) .
    وقال الألباني – رحمه الله – في " سلسلة الأحاديث الضعيفة " (5737) (12/530) : موضوع ، لوائح الوضع والصنع عليه ظاهرة . أخرجه ابن أبي الدنيا في" مجابي الدعوة " ( 38 / 23 ) ومن الغرائب أيضاً : أن يذكر هذه القصةَ ابنُ القيم في أول كتابه " الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي " من رواية ابن أبي الدنيا هذه ، مُعَلِّقأ إياها على الحسن ، ساكتًا عن إسنادها ! .
    98-رواه أحمد في " الزهد " (371) ،والبيهقي في " شعب الإيمان "( 1074).
    99-رواه البيهقي في " شعب الإيمان"( 9556)،و" حلية الأولياء"(4/10).
    100-" تفسير القرطبي " (13/223) .
    101-" تفسير القرطبي " (13/223) ، انظر " فقه الدعاء للشيخ أبي عبد الرحمن بن أبي عطية 0 ط0 مكتبة البلد الأمين بالقاهرة0 (360 -361) .
    102-نفسير القرطبي (13/223) .
    103-" الجواب الكافي " لابن القيم 0 ط 0دارالريان للتراث (ص12-13)
    104-"مجموع الفتاوي " لابن تيمية (1/163)، وقاعدة جليلة في التوسل والوسيلة" الفصل الثاني ( 2/31 ) .
    105-حسن: رواه أبو داود (2747)،والحاكم في" المستدرك"(2596)وصححه على شرط الشيخين ، ووافقه الذهبي ، و"مشكاة المصابيح" 5929 – (62) و " الصحيحة " (1003) وحسنه الألباني.
    106-البخاري (6306)
    107-البخاري (7507) ، ومسلم (2758) ، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
    108-"سير أعلام النبلاء" (5/92)، و" تاريخ دمشق".
    109-البخاري(6340)، ومسلم (2735).
    110-البخاري (4830 ، 5987، 7502) ، ومسلم (2554)،و أحمد في "المسند"(8349).
    111-دليل الفالحين (4/ 313) ، نقلاً عن " فقه الدعاء " لفضيلة الشيخ / أبي عبد الرحمن بن إبراهيم عطية. ط. مكتبة البلد الأمين (ص 174- 175) .
    112-" صيد الخاطر " للإمام ابن الجوزي – رحمه الله –ط0 المكتبة التوفيقية ص (116-117) .
    113-صحيح : رواه أحمد (23765) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ،وأبو داود(1488) ، والترمذي(3556) ،وابن ماجة(3865)،وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (1757).
    114-صحيح : رواه أحمد (23982) وقال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، وأبو داود (1481) ، والترمذي(3477) ،والنسائي(1284) ، وابن حبان(1960) ، والحاكم في"المستدرك(840) هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه ،ووافقه الذهبي في التلخيص ، وصححه الألباني في"صحيح سنن أبي داود"( 1331)،و"صحيح الترمذي" (2765) و" صحيح الجامع " (648)
    115-"جلاء الأفهام " لابن القيم – رحمه الله – دار الحديث (ص:219).
    116-صحيح :رواه أحمد(22101،22102) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، وأبودواد(5042) ، وابن ماجة ،وانظر " صحيح الجامع " (5754)، "مشكاة المصابيح ".
    117-البخاري(1154) ، وأحمد (22725) ، وأبو داود(5060) ، والترمذي(3414) ، وابن ماجة(3878) ، وانظر " صحيح الجامع " (6156) .
    118-فتح الباري " (3/50)ط.دار الريان للتراث .
    119-صحيح : رواه الطبراني في " الأوسط " انظر" صحيح الجامع "(2971) .
    العشار : - هو الذي يأخذ من أموال الناس ضريبة باسم العشر على عادة الجاهلية.
    120-البخاري(1145) ،ومسلم( 758 )وأحمد(7582).
    121-مسلم (757) ، وأحمد في"المسند"(14394) ، وانظر " صحيح الجامع " (2130).
    122-" فتح الباري بشرح صحيح البخاري "لابن حجر –رحمه الله – (11/140-141) ط. دار التقوى.
    123-"فيض القدير" للمناوي المجلد الأول.
    124-مسلم (234)،والحميدي في " أفراد مسلم " وكذا ابن الأثير في " جامع الأصول ".
    125-صحيح :أخرجه الترمذي (55) وقال الإمام الألباني في "المشكاة "(289): وهي زيادة صحيحة كما حققته في " إرواء الغليل ".
    126-صحيح: أخرجه النَّسَائِي ، في "عمل اليوم والليلة"(81)، والحاكم في " المستدرك "(2072) ، وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (6170)
    127-صحيح : رواه الطيالسي ، وأبو يعلى ، والضياء "انظر صحيح الجامع " (818 ) عن أنس رضي الله عنه.
    128-صحيح : أخرجه الطبراني في " الكبير " ، وانظر " صحيح الجامع " (3587)، " صحيح الترغيب (262) وانظر " صحيح أبي داود" (2290).
    129-مسلم(385) ، و أبو داود "(527)وصححه الألبانى.
    130-مسلم (386)، و أبو داود (525)وصححه الألباني.
    131-مسلم (384)، وأحمد (6568) ، وأبو داود (523) ،والنسائي (678)وصححه الألباني .
    132-البخارِي (614 ، 4719) وأحمد (14859) ، وأبو داود (529)، والتِّرْمِذِيّ" (211)،و"ابن ماجة"( 722) ، و"النَّسائي" (680).
    133-صحيح : أخرجه أحمد(7169) ، وأبو داود(517) ، والترمذي(207) وصححه الألباني في "الإرواء " (217)، و"المشكاة " (663) وقال حديث صحيح ،و " صحيح الترغيب " (237) .
    134-صحيح : رواه أحمد في" المسند"(12584، 13668)، وأبو يعلى(3680) ، وابن خزيمة (425) ، وابن حبان (1696) عن أنس رضي الله عنه ، انظر " صحيح الجامع " (3405) .
    135-البخاري(647)،ومسلم(649) ،وأحمد(7424) ،وأبو داود(559).
    136-صحيح : رواه أحمد(18529،18530) تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح ، وابن ماجة ( 997 ) والنسائي(646) ،وصححه الألباني في"صحيح الترغيب والترهيب".
    137-صحيح : رواه أحمد(17181) ، وابن ماجة(996) ، والحاكم في " المستدرك "(776) ، انظر : " صحيح الجامع " (4952) .
    138-مسلم (709) ،وأحمد في " المسند(18553)،وأبو داود (615) وابن ماجه (1006) .
    139-مسلم(600) ، وأبو عوانة ،و " مشكاة المصابيح "(814) .
    140-مسلم(601)، وأبو عوانة.
    141-مسلم (395) .
    142-"أمراض القلوب وشفاؤها " (1/14-15)ط. مكتبة حميدو –الأسكندرية.
    143-البخاري (780،782) ،ومسلم (410).
    144-مسلم(404) ،و" مشكاة المصابيح "(826) .
    145-حسن:رواه الترمذي(579) ،وابن ماجة(1053) ،و " مشكاة المصابيح"(1036)وحسنه الألباني
    146-البخاري(782)،ومسلم(409).
    147-مسلم(477) ،و"مشكاة المصابيح" (876).
    148-البخاري(799) ،و "المشكاة " (877).
    149-صحيح : رواه أحمد في " المسند"( 1718)،وأبو داود(1425)،والترمذي(464)،وابن ماجة(1178)
    ،والنسائي(1745)،وابن خزيمة(1095)،وابن حبان في" صحيحه"( 945).

    150-صحيح: رواه أحمد في " المسند"(571)وقال شعيب الأرنؤوط" إسناده قوي ،وأبو داود(1427) والترمذي (3566)، والنسائي(1747)وصححه الألباني.



    تعليق


    • #3
      رد: سلسلة : " من أسباب استجابة الدعاء"(1-3)

      " من أسباب استجابة الدعاء"(3)
      المبحث الثالث
      استجابة الدعاء في موضع سجود العبد لربه :
      عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما ،قَالَ: كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّتَارَةَ، وَالنَّاسُ صُفُوفٌ خَلْفَ أَبِى بَكْرٍ، فَقَالَ :" أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ، يَرَاهَا الْمُسْلِمُ ،أَوْ تُرَى لَهُ ، أَلاَ وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا ،فَأَمَّا الرُّكُوعُ: فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ ،وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ ".(151)
      وَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ: " أقْرَبُ مَا يَكُونُ العَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ " . (152)
      قال الإمام النووي – رحمه الله – وهو موافق لقوله تعالى : " وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ " ، ولأن السجود غاية التواضع والعبودية لله تعالى ،وفيه تمكين أعز أعضاء الإنسان وأعلاها – وهو وجهه – من التراب الذي يداس ويمتهن .والله أعلم . اه (153)
      الإجابة بإصابة السلام لكل عبد صالح في السماء والأرض في التشهد :
      عنْ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه ، قَالَ: كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قُلْنَا السَّلَامُ عَلَى اللَّهِ قَبْلَ عِبَادِهِ، السَّلَامُ عَلَى جِبْرِيلَ ،السَّلَامُ عَلَى مِيكَائِيلَ، السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ . فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ فَقَالَ:" إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ ،فَإِذَا جَلَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلْ:" التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ ،وَالصَّلَوَاتُ ،وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ - فَإِنَّهُ إِذَا قَالَ ذَلِكَ أَصَابَ كُلَّ عَبْدٍ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ - أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ثُمَّ يَتَخَيَّرْ بَعْدُ مِنْ الْكَلَامِ مَا شَاءَ" .(154)
      الدعاء بعد التشهد في الصلاة :
      عَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِذَا تَشَهَّدَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنْ أَرْبَعٍ، يَقُولُ :اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ جَهَنَّمَ ،وَمِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ،وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ،وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ". (155)
      وَعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ ،وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ،وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ ،اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ فَقَالَ إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ وَعَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِيذُ فِي صَلَاتِهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ".(156)
      الدعاء الذي أوصى به رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معاذ رضي الله عنه دبر كل صلاة :
      عَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ رضي الله عنه ، قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِي، فَقَالَ:"إِنِّي لأُحِبُّكَ يَا مُعَاذُ!"، قُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ!، قَالَ:" أُوصِيكَ بِكَلِمَاتٍ تَقُولُهُنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاةٍ: رَبِّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ" . (157)
      تحري الإجابة في الأربع ركعات قبل الظهر :
      عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِبِ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي أَرْبعاً بَعدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قَبْلَ الظُّهْرِ ، وَقَالَ :" إِنَّهَا سَاعَةٌ تُفْتَحُ فِيهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَأُحِبُّ أَنْ يَصْعَدَ لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ". (158)
      بين صلاة الظهر والعصر من يوم الأربعاء :
      عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَانِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما ، حَدَّثَنِي جَابِرٌ رضي الله عنه ، يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللهِ ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا فِي مَسْجِدِ الْفَتْحِ ثَلاَثًا ، يَوْمَ الاِثْنَيْنِ ، وَيَوْمَ الثُّلاَثَاءِ ، وَيَوْمَ الأَرْبِعَاءِ ، فَاسْتُجِيبَ لَهُ يَوْمَ الأَرْبِعَاءِ ، بَيْنَ الصَّلاَتَيْنِ ، فَعُرِفَ الْبِشْرُ فِي وَجْهِهِ. قَالَ جَابِرٌ رضي الله عنه: فَلَمْ يَنْزِلْ بِي أَمْرٌ مُهِمٌّ ، غَلِيظٌ ، إِلاَّ تَوَخَّيْتُ تِلْكَ السَّاعَةَ ، فَأَدْعُو فِيهَا ، فَأَعْرِفُ الإِجَابَةَ. (159)
      آخر ساعة من يوم الجمعة :
      عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَال:َ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ فِي الْجُمُعَةِ لَسَاعَةً ، لاَ يُوَافِقُهَا مُسْلِمٌ قَائِمٌ يُصَلِّى يَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرًا ،إِلاَّ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ". وَقَالَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا يُزَهِّدُهَا. (160)
      وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه ، عَنْ النّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :" يَوْمُ الْجُمُعَةِ اثْنَا عَشَرَ سَاعَةً ، فِيهَا سَاعَةٌ لَا يُوجَدُ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ اللّهَ فِيهَا شَيْئًا إلّا أَعْطَاهُ ، فَالْتَمِسُوهَا آخِرَ سَاعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ" . (161)
      وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ رضي الله عنه ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلاَمٍ رضي الله عنه ، قَالَ: قُلْتُ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ إِنَّا لَنَجِدُ فِي كِتَابِ اللَّهِ-يعني التوراة - فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ لاَ يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُؤْمِنٌ يُصَلِّى يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا شَيْئًا إِلاَّ قَضَى لَهُ حَاجَتَهُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَأَشَارَ إِلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ" فَقُلْتُ: صَدَقْتَ أَوْ بَعْضُ سَاعَةٍ، قُلْتُ :أَيُّ سَاعَةٍ هِيَ؟ قَالَ:" هِيَ آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ النَّهَارِ" قُلْتُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ سَاعَةَ صَلاَةٍ .قَالَ: بَلَى ،إِنَّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ إِذَا صَلَّى ،ثُمَّ جَلَسَ لاَ يَحْبِسُهُ إِلاَّ الصَّلاَةُ، فَهُوَ فِي صَلاَةٍ.(162)
      وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رضي الله عنه: أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اجْتَمَعُوا فَتَذَاكَرُوا السَّاعَةَ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، فَتَفَرَّقُوا وَلَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهَا آخِرُ سَاعَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ . (163)
      وأما ما ورد في شأنها أنها مابين أن يجلس الإمام إلى أن تنقضي الصلاة :
      عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَسَمِعْتَ أَبَاكَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ سَاعَةِ الْجُمُعَةِ؟ قَالَ :قُلْتُ: نَعَمْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:" هِيَ مَا بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ الْإِمَامُ إِلَى أَنْ تُقْضَى الصَّلَاةُ".(164)
      وَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ ،عَنْ أَبِيهِ ،عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ:" فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ سَاعَةٌ مِنْ النَّهَارِ ،لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا الْعَبْدُ شَيْئًا ،إِلَّا أُعْطِيَ سُؤْلَهُ، قِيلَ أَيُّ سَاعَةٍ؟ قَالَ: حِينَ تُقَامُ الصَّلَاةُ إِلَى الِانْصِرَافِ مِنْهَا " . (165)
      الدعاء يوم العيدين بعد الصلاة في المصلى :
      عَنْ حَفْصَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: كُنَّا نَمْنَعُ عَوَاتِقَنَا أَنْ يَخْرُجْنَ فِي العِيدَيْنِ، فَقَدِمَتِ امْرَأَةٌ، فَنَزَلَتْ قَصْرَ بَنِي خَلَفٍ، فَحَدَّثَتْ عَنْ أُخْتِهَا، وَكَانَ زَوْجُ أُخْتِهَا غَزَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ غَزْوَةً، وَكَانَتْ أُخْتِي مَعَهُ فِي سِتٍّ، قَالَتْ: كُنَّا نُدَاوِي الكَلْمَى، وَنَقُومُ عَلَى المَرْضَى، فَسَأَلَتْ أُخْتِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَعَلَى إِحْدَانَا بَأْسٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا جِلْبَابٌ أَنْ لاَ تَخْرُجَ؟ قَالَ: «لِتُلْبِسْهَا صَاحِبَتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا وَلْتَشْهَدِ الخَيْرَ وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ"، فَلَمَّا قَدِمَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ، سَأَلْتُهَا أَسَمِعْتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَتْ: بِأَبِي، نَعَمْ، وَكَانَتْ لاَ تَذْكُرُهُ إِلَّا قَالَتْ: بِأَبِي، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " يَخْرُجُ العَوَاتِقُ وَذَوَاتُ الخُدُورِ، أَوِ العَوَاتِقُ ذَوَاتُ الخُدُورِ، وَالحُيَّضُ، وَلْيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُؤْمِنِينَ، وَيَعْتَزِلُ الحُيَّضُ المُصَلَّى"، قَالَتْ حَفْصَةُ: فَقُلْتُ الحُيَّضُ، فَقَالَتْ: أَلَيْسَ تَشْهَدُ عَرَفَةَ، وَكَذَا وَكَذَا.(166)
      مواطن الدعاء في مناسك الحج والعمرة :
      الدعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة:
      عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ِ :" مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامْ " يَعْنِي الْعَشْر ، قَالوُا : يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ :" وَلاَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ ، إِلاَّ رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ ، فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشْيءٍ". (167)
      الغازي والحاج والمعتمر وفد الله :
      عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ،يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَفْدُ اللهِ ثَلاَثَةٌ : الْغَازِي ، وَالْحَاجُّ ، وَالْمُعْتَمِرُ". (168)
      استجابة الله لدعاء الحاج والمعتمر :
      عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ ،وَالْحَاجُّ ، وَالْمُعْتَمِرُ، وَفْدُ اللَّهِ ،دَعَاهُمْ فَأَجَابُوهُ ،وَسَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ". (169)
      الدعاء يوم عرفة :
      عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قَالَ:" خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ ،وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " . (170)
      وعن عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:" مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ : "مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ" .(171)
      الدعاء عند الطواف بالبيت الحرام في الحج والعمرة وغيرهما :
      ينبغي للمسلم الذي وفقه الله تعالى لأداء الحج، أو العمرة، أو الطواف حول البيت الحرام بأي وقت من أوقات السنة، أن يكثر حال طوافه من ذكر الله تعالى، وقراءة القرآن ،والدعاء بما يحتاجه وأمته من خيري الدنيا والآخرة، وأن لا يخصص لكل شوط من الأشواط دعاءًا راتبًا، فإن ذلك لم يكن من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،وهذا من الابتداع في الدين، لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ "
      وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدّ ".
      وكذلك أيضًا الدعاء الجماعي الذي يقوم به كثير من الطائفين حول بيت الله الحرام ، ويترتب على ذلك ابتداعهم لهذا الأمر، فليس هناك دليل من القرآن أو السنة أو الإجماع على هذا الأمر البتة ، ومما يؤدى أيضًا إلى التشويش على إخوانهم من المسلمين، أثناء قراءتهم لكتاب الله ،أو ذكرهم لله سبحانه وتعالى ،أو دعاءهم بخيري الدنيا والآخرة . فعلى المسلم أن يتقى الله عز وجل ويلزم سنة نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،وإن كان لا يعلم من الأدعية المأثورة شيئًا ،فيكفيه أن يسأل الله المغفرة ،والعفو، والرحمة، والجنة ، وأن يستعيذ بالله من النار ،وأن يدعو أن يتقبل الله أعماله ، وأن يجمع بين دعاءه لنفسه ،ولأهله ،ولأمته ،كالنصر على الأعداء، ونجاة المسلمين المستضعفين في كل مكان ، وأن يكثر من ذكر الله بتسبيحه، وتحميده ،وتهليله ،وتكبيره.
      والله أسال أن يوفقني والمسلمين جميعًا إلى كل خير
      والدعاء المأثور عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دعاءه بين الركن اليماني والحجر الأسود : قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" . (172)
      الدعاء على الصفا والمروة للمعتمر والحاج:
      في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما الطويل عن حجة الوداع للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قَالَ : ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْبَابِ إِلَى الصَّفَا حَتَّى إِذَا دَنَا مِنَ الصَّفَا قَرَأَ "ِإنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ" أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ ، فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقِيَ عَلَيْهِ ،حَتَّى إِذَا رَأَى الْبَيْتَ فَكَبَّرَ اللَّهَ، وَهَلَّلَهُ ، وَقَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ،وَلَهُ الْحَمْدُ ،وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، أَنْجَزَ وَعْدَهُ ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ ، وَهَزَمَ الأَحْزَابَ وَحْدَهُ" ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ . وفيه: ففعل على المروة كما فعل على الصفا. (173)
      الدعاء عند المشعر الحرام يوم النحر للحاج:
      في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن حجة الوداع :"ثُمَّ اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ
      حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلَّى الْفَجْرَ - حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ - بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ، فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ، فَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ ". الحديث
      عند رمي الجمرة الصغرى والوسطى أيام التشريق:
      عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، : أَنَّهُ كَانَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ الدُّنْيَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ، يُكَبِّرُ عَلَى إِثْرِ كُلِّ حَصَاةٍ ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ حَتَّى يُسْهِلَ ، فَيَقُومَ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، فَيَقُومُ طَوِيلًا وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ، ثُمَّ يَرْمِي الْوُسْطَى ، ثُمَّ يَأْخُذُ ذَاتَ الشِّمَالِ فَيَسْتَهِلُ ، وَيَقُومُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ ، فَيَقُومُ طَوِيلًا وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ، وَيَقُومُ طَوِيلًا ثُمَّ يَرْمِي جَمْرَةَ ذَاتِ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِي وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ ، فَيَقُولُ : هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ.(174)
      دعاءه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمغفرة والرحمة للمحلقين والمقصرين :
      عَنِ ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما : أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ :"رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ". قَالُوا وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ :" رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ". قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُوْلَ اللهِ قَال :" رَحِمَ اللهُ الْمُحَلِّقِينَ". قَالُوا : وَالْمُقَصِّرِينَ يَا رَسُوْلَ اللهِ قَالَ :" وَالْمُقَصِّرِينَ". (175)
      وعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ " .قَالُوا: وَلِلْمُقَصِّرِينَ .قَالَ:" اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُحَلِّقِينَ " قَالُوا : وَلِلْمُقَصِّرِينَ. قَالَهَا ثَلَاثًا قَالَ:" وَلِلْمُقَصِّرِينَ" .(176)
      الدعاء داخل الكعبة أو داخل الحجر:
      عَنْ عَطَاءٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما، قَالَ :لَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْتَ دَعَا فِي نَوَاحِيهِ كُلِّهَا ،وَلَمْ يُصَلِّ حَتَّى خَرَجَ مِنْهُ ، فَلَمَّا خَرَجَ رَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فِي قُبُلِ الْكَعْبَةِ، وَقَالَ: هَذِهِ الْقِبْلَةُ".(177)
      حين الشرب من ماء زمزم :
      عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :" مَاءُ زَمْزَم لِمَا شُرِبَ لَهُ".(178)
      قال شيخ الإسلام في " مجموع الفتاوى" (26/144) : وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ وَيَتَضَلَّعَ مِنْهُ ،وَيَدْعُوَ عِنْدَ شُرْبِهِ بِمَا شَاءَ مِنْ الأَدْعِيَةِ الشَّرْعِيَّةِ . اهـ .
      وقال النووي في "المجموع" :قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالأَصْحَابُ وَغَيْرُهُمْ : يُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ ، وَأَنْ يُكْثِرَ مِنْهُ ، وَأَنْ يَتَضَلَّعَ مِنْهُ - أَيْ يَتَمَلَّى - وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَشْرَبَهُ لِمَطْلُوبَاتِهِ مِن أُمُورِ الآخِرَةِ وَالدُّنْيَا , فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَشْرَبَهُ لِلْمَغْفِرَةِ، أَوْ الشِّفَاءِ مِنْ مَرَضٍ وَنَحْوِهِ، اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ إنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَك صلى الله عليه وسلم قَالَ : " مَاءُ زَمْزَمَ لِمَا شُرِبَ لَهُ "اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ لِتَغْفِرَ لِي ، اللَّهُمَّ فَاغْفِرْ لِي، أَوْ اللَّهُمَّ إنِّي أَشْرَبُهُ مُسْتَشْفِيًا بِهِ مِنْ مَرَضٍ ، اللَّهُمَّ فَاشْفِنِي . وَنَحْوَ هَذَا ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَنَفَّسَ ثَلاثًا، كَمَا فِي كُلِّ شُرْبٍ ، فَإِذَا فَرَغَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى. اهـ .
      دعاء الصائم والمسافر:
      عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" ثلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ ، وَدَعْوَةُ المُظْلُومِ ، ودَعْوَةُ المُسافِرِ " . (179)
      وعنه رضي الله عنه أَوْ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ هُوَ شَكَّ يَعْنِي الْأَعْمَشَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :" إِنَّ لِلَّهِ عُتَقَاءَ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ عَبْدٍ مِنْهُمْ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ".(180)
      الدعاء ليلة القدر :
      عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: يَا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَدْعُو؟ قَالَ :"تَقُولِينَ :"اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي ".(181)
      قال العلامة صديق خان -رحمه الله- : وشرفها مستلزم لقبول دعاء الداعين فيها، ولهذا أمرهم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالتماسها ،وحرص الصحابة رضي الله عنهم على ذلك غاية الحرص، وكرروا السؤال عنها ، وتلاحوا في شأنها .(182)
      عند اجتماع المسلمين في مجالس الذكر :
      عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مَلَائِكَةً سَيَّارَةً ، فُضُلًا يَتَتَبَّعُونَ مَجَالِسَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا مَجْلِسًا فِيهِ ذِكْرٌ قَعَدُوا مَعَهُمْ ، وَحَفَّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِأَجْنِحَتِهِمْ ، حَتَّى يَمْلَئُوا مَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَإِذَا تَفَرَّقُوا عَرَجُوا وَصَعِدُوا إِلَى السَّمَاءِ ، قَالَ : فَيَسْأَلُهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ : مِنْ أَيْنَ جِئْتُمْ ؟ فَيَقُولُونَ : جِئْنَا مِنْ عِنْدِ عِبَادٍ لَكَ فِي الْأَرْضِ ، يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيُهَلِّلُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيَسْأَلُونَكَ ، قَالَ : وَمَاذَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالُوا : يَسْأَلُونَكَ جَنَّتَكَ ، قَالَ : وَهَلْ رَأَوْا جَنَّتِي ؟ قَالُوا : لَا ، أَيْ رَبِّ قَالَ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا جَنَّتِي ؟ قَالُوا : وَيَسْتَجِيرُونَكَ ، قَالَ : وَمِمَّ يَسْتَجِيرُونَنِي ؟ قَالُوا : مِنْ نَارِكَ يَا رَبِّ ، قَالَ : وَهَلْ رَأَوْا نَارِي ؟ قَالُوا : لَا ، قَالَ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْا نَارِي ؟ قَالُوا : وَيَسْتَغْفِرُونَكَ ، قَالَ : فَيَقُولُ : قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ فَأَعْطَيْتُهُمْ مَا سَأَلُوا ، وَأَجَرْتُهُمْ مِمَّا اسْتَجَارُوا ، قَالَ : فَيَقُولُونَ : رَبِّ فِيهِمْ فُلَانٌ عَبْدٌ خَطَّاءٌ ، إِنَّمَا مَرَّ فَجَلَسَ مَعَهُمْ ، قَالَ : فَيَقُولُ : وَلَهُ غَفَرْتُ هُمُ الْقَوْمُ لَا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ ".(183)
      استجابة الله- تعالى - لتوبة عبده بالليل والنهار :
      عن أبي موسَى عبدِ اللهِ بنِ قَيسٍ الأشْعريِّ رضي الله عنه ، عن النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بالليلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ ، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها " .(184)
      وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ".(185)
      وعن أبي عبد الرحمن عبد الله بنِ عمَرَ بنِ الخطابِ رضيَ اللهُ عنهما عن النَّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " إِنَّ الله - عز وجل - يَقْبَلُ تَوبَةَ العَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ " .(186)
      وعن عليّ رضي الله عنه ، قال : حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرٍ وَصَدَقَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه، أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ " مَا مِنْ عَبْدٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، فَيَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ،ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ إِلاَّ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ". ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ " وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ" إِلَى آخِرِ الآيَةِ. (187)
      استرجاع العبد حين المصيبة وسؤاله ربه أن يخلف له خيرًا منها :
      عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ : سَمِعْتُ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،يقول : " مَا مِنْ عَبْدٍ تُصيبُهُ مُصِيبَةٌ ، فَيَقُولُ : إنّا للهِ وَإنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، اللَّهُمَّ أُجِرْنِي في مُصِيبَتي، وَاخْلفْ لِي خَيرًا مِنْهَا ، إِلا أَجَرَهُ اللهُ تَعَالَى في مُصِيبَتِهِ، وَأخْلَفَ لَهُ خَيْرًا مِنْهَا " قالت : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَة قلتُ كَمَا أمَرَني رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأخْلَفَ اللهُ لِي خَيْرًا مِنْهُ رسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. (188)
      حين التحام جيوش الإيمان بجيوش الكفر والطغيان :
      عن سهل بن سعد رضي الله عنه: قال : قال رسولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ثِنْتَانِ لا تُرَدَّانِ - أو قَلَّمَا تُرَدَّانِ - عِنْدَ النِّدَاءِ ، وعند البَأْسِ ، حين يُلْحِمُ بعضُهم بعْضًا" .(189)
      دعـاء المظـوم :
      قال تعالى :" إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ " { يوسف : 23}.
      وعَنْ أَبِي بَكْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :" مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجَّلَ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يُدَّخَرُ لَهُ فِي الآخِرَةِ ، مِنَ الْبَغِيِّ ،وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ ". (190)
      ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن ليدعوهم إلى الإسلام : ". . . وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ".(191)
      وعَنْ خُزَيْمَةَ بن ثَابِتٍ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اتَّقُوا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا تُحْمَلُ عَلَى الْغَمَامِ ، يَقُولُ اللَّهُ جَلَّ جَلالُهُ : وَعِزَّتِي وَجَلالِي لأَنْصُرَنَّكَ وَلَوْ بَعْدَ حِينٍ ".(192)
      ولقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اتَّقوا دَعْوَةَ المَظْلُومِ ،فإنَّها تَصْعَدُ إلى السَّمَاءِ كأنَّها شَرَارَة " . (193)
      وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" اتَّقَوُا دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ وَإِنْ كَانَ كَافِرًا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ دُوْنَهَا حِجَابٌ".(194)
      دعاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على من ظلمه واستجابة الله له :
      لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اللَّهُمَّ أمْتِعْنِي بِسَمْعي وَبَصَرِي ،حَتَّى تَجْعَلَهُما الوَارِثَ مِنِّي، وَعافِنِي في دِيني وفي جَسَدِي ، وانْصُرْنِي مِمَّنْ ظَلَمَنِي ،حَتَّى تُرِيَنِي فِيهِ ثأْرِي. . ".الحديث(195)
      وعن عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه ، أَنَّ النَبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ، وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ؛ إِذْ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يَجِىءُ بِسَلَى جَزُورِ بَنِي فُلاَنٍ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ. فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ، فَجَاءَ بِهِ، فَنَظَرَ حَتَّى سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا، لَوْ كَانَ لِي مَنَعَةٌ قَالَ: فَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ وَيُحِيلُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ لاَ يَرْفَعُ رأْسَهُ، حَتَّى جَاءَتهُ فَاطِمَةُ، فَطَرَحَتْ عَنْ ظَهْرِهِ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ثُمَّ قَالَ:" اللهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ" ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ إِذْ دَعَا عَلَيْهِمْ قَالَ: وَكَانُوا يُرَوْنَ أَنَّ الدَّعْوَةَ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ مُسْتَجَابَةٌ، ثُمَّ سَمَّى: "اللهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ، وَعَلَيْكَ بِعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَعُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَعَدَّ السَّابِعَ فَلَمْ يَحْفَظْهُ قَالَ: فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِين عَدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَرْعَى فِي الْقَلِيبِ، قَلِيبِ بَدْرٍ . (196)
      وعَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: شَكَا أَهْلُ الْكُوفَةِ سَعْدًا إِلَى عُمَرَ رضي الله عنه ، فَعَزَلَهُ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ عَمَّارًا، فَشَكَوْا حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُ لاَ يُحْسِنُ يُصَلِّي، فَأَرْسَلَ إِلَيْه، فَقَالَ: يَا أَبَا إِسْحقَ إِنَّ هؤُلاَءِ يَزْعُمُونَ أَنَّكَ لاَ تُحْسِن تُصَلِّي. قَالَ أَبُو إِسْحقَ: أَمَّا أَنَا وَاللهِ فَإِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي بِهِمْ صَلاَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، مَا أَخْرِمُ عَنْهَا، أُصَلِّي صَلاَةَ الْعِشَاءِ فَأَرْكُدُ فِي الأُولَيَيْنِ، وَأُخِفُّ فِي الأُخْرَيينِ قَالَ: ذَاكَ الظَّنُّ بِكَ يَا أَبَا إِسْحقَ ، فَأَرْسَلَ مَعَهُ رَجُلاً -أَوْ رِجَالاً- إِلَى الْكُوفَةِ فَسَأَلَ عَنْهُ أَهْلَ الْكُوفَةِ، وَلَمْ يَدَعْ مَسْجِدًا إِلاَّ سَأَلَ عَنْهُ، وَيُثْنُونَ مَعْرُوفًا، حَتَّى دَخَلَ مَسْجِدًا لِبَنِي عَبْسٍ؛ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَامَةُ بْنُ قَتَادَةَ، يُكْنَى أَبَا سَعْدَةَ؛ فَقَالَ: اَمَّا إِذْ نَشَدْتَنَا ،فَإِنَّ سَعْدًا كَانَ لاَ يَسِيرُ بِالسَّرِيَّةِ، وَلاَ يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ، وَلاَ يَعْدِلُ فِي الْقَضِيَّة، قَالَ سَعْدٌ: أَمَا وَاللهِ لأَدْعُوَنَّ بِثَلاَثٍ: اللهُمَّ إِنْ كَانَ عَبْدُكَ هذَا كَاذِبًا قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً ، فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَأَطِلْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ بِالْفِتَنِ، فَكَانَ بَعْدُ إِذَا سُئِلَ يَقُولُ: شَيْخٌ كَبيرٌ مَفْتُونٌ، أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْد .
      قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ -أَحَدُ رُوَاةِ هذَا الْحَدِيثَ-: فَأَنَا رَأَيْتُهُ بَعْدُ، قَدْ سَقَطَ حَاجِبَاهُ عَلَى عَيْنَيْهِ مِنَ الْكِبَرِ، وَإِنَّهُ لَيَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي فِي الطُّرُقِ يَغْمِزُهُنَّ .(197)
      وعن عروة بن الزبير : أنَّ سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيلٍ رضي الله عنه خَاصَمَتْهُ أَرْوَى بِنْتُ أوْسٍ إِلَى مَرْوَانَ بْنِ الحَكَمِ ، وادَّعَتْ أنَّهُ أخَذَ شَيْئًا مِنْ أرْضِهَا ، فَقَالَ سعيدٌ : أنا كُنْتُ آخُذُ شَيئًا مِنْ أرْضِهَا بَعْدَ الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟! قَالَ : مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ : سَمِعْتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول : " مَنْ أخَذَ شِبْرًا مِنَ الأرْضِ ظُلْمًا ، طُوِّقَهُ إِلَى سَبْعِ أرْضِينَ " فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ : لا أسْألُكَ بَيِّنَةً بَعْدَ هَذَا ، فَقَالَ سعيد : اللَّهُمَّ إنْ كَانَتْ كاذِبَةً ، فَأعْمِ بَصَرَها ، وَاقْتُلْهَا في أرْضِها ، قَالَ : فَما ماتَتْ حَتَّى ذَهَبَ بَصَرُهَا ، وَبَيْنَما هِيَ تَمْشِي في أرْضِهَا إذ وَقَعَتْ في حُفْرَةٍ فَماتَتْ . (198)
      انتقام الله من أحد أعوان الظلمة على غصبه السمكة من أحد الصيادين الضعفة :
      قال الإمام الذهبي – رحمه الله – في " كتاب الكبائر " : و مما حكي وَقَالَ بَعْضُهُمْ : رَأَيْت رَجُلًا مَقْطُوعَ الْيَدِ مِنْ الْكَتِفِ وَهُوَ يُنَادِي مَنْ رَآنِي فَلَا يَظْلِمَنَّ أَحَدًا ، فَتَقَدَّمْت إلَيْهِ وَقُلْت لَهُ : يَا أَخِي مَا قِصَّتُك ؟ فَقَالَ يَا أَخِي قِصَّتِي عَجِيبَةٌ ، وَذَلِكَ أَنِّي كُنْت مِنْ أَعْوَانِ الظَّلَمَةِ ، فَرَأَيْت يَوْمًا صَيَّادًا قَدْ اصْطَادَ سَمَكَةً كَبِيرَةً فَأَعْجَبَتْنِي ، فَجِئْت إلَيْهِ فَقُلْت : أَعْطِنِي هَذِهِ السَّمَكَةَ ، فَقَالَ لَا أُعْطِيكَهَا أَنَا آخُذُ بِثَمَنِهَا قُوتًا لِعِيَالِي ، فَضَرَبْته وَأَخَذْتهَا مِنْهُ قَهْرًا وَمَضَيْت بِهَا ، قَالَ : فَبَيْنَمَا أَنَا مَاشٍ بِهَا حَامِلَهَا إذْ عَضَّتْ عَلَى إبْهَامِي عَضَّةً قَوِيَّةً فَلَمَّا جِئْت بِهَا إلَى بَيْتِي وَأَلْقَيْتهَا مِنْ يَدِي ضَرَبَتْ عَلَيَّ إبْهَامِي وَآلَمَتْنِي أَلَمًا شَدِيدًا حَتَّى لَمْ أَنَمْ مِنْ شِدَّةِ الْوَجَعِ وَوَرِمَتْ يَدِي فَلَمَّا أَصْبَحْت أَتَيْت الطَّبِيبَ وَشَكَوْت إلَيْهِ الْأَلَمَ فَقَالَ : هَذِهِ بُدُوُّ أَكَلَةٍ اقْطَعْهَا وَإِلَّا تَلِفَتْ يَدُك كُلُّهَا فَقَطَعْت إبْهَامِي ثُمَّ ضَرَبَتْ يَدِي فَلَمْ أُطِقْ النَّوْمَ وَلَا الْقَرَارَ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ ، فَقِيلَ لِي اقْطَعْ كَفَّك فَقَطَعْتهَا وَانْتَشَرَ الْأَلَمُ إلَى السَّاعِدِ وَآلَمَنِي أَلَمًا شَدِيدًا وَلَمْ أُطِقْ النَّوْمَ وَلَا الْقَرَارَ وَجَعَلْت أَسْتَغِيثُ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ ، فَقِيلَ لِي : اقْطَعْهَا مِنْ الْمِرْفَقِ فَانْتَشَرَ الْأَلَمُ إلَى الْعَضُدِ وَضَرَبَتْ عَلَيَّ عَضُدِي أَشَدَّ مِنْ الْأَلَمِ فَقِيلَ لِي : اقْطَعْ يَدَك مِنْ كَتِفِك وَإِلَّا سَرَى إلَى جَسَدِك كُلِّهِ فَقَطَعْتهَا فَقَالَ لِي بَعْضُ النَّاسِ : مَا سَبَبُ أَلَمِك فَذَكَرْت لَهُ قِصَّةَ السَّمَكَةِ ، فَقَالَ لِي : لَوْ كُنْت رَجَعْت مِنْ أَوَّلِ مَا أَصَابَك الْأَلَمُ إلَى صَاحِبِ السَّمَكَةِ فَاسْتَحْلَلْت مِنْهُ وَاسْتَرْضَيْته وَلَا قَطَعْت يَدَك ، فَاذْهَبْ الْآنَ إلَيْهِ وَاطْلُبْ رِضَاهُ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ الْأَلَمُ إلَى بَدَنِك .قَالَ : فَلَمْ أَزَلْ أَطْلُبُهُ فِي الْبَلَدِ حَتَّى وَجَدْته فَوَقَعْت عَلَى رِجْلَيْهِ أُقَبِّلُهُمَا وَأَبْكِي وَقُلْت : يَا سَيِّدِي سَأَلْتُك بِاَللَّهِ إلَّا مَا عَفَوْت عَنِّي ، فَقَالَ لِي : وَمَنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْت أَنَا الَّذِي أَخَذْت مِنْك السَّمَكَةَ غَصْبًا ، وَذَكَرْت لَهُ مَا جَرَى وَأَرَيْته يَدِي فَبَكَى حِينَ رَآهَا ثُمَّ قَالَ : يَا أَخِي قَدْ حَالَلْتُكَ مِنْهَا لِمَا قَدْ رَأَيْت بِك مِنْ هَذَا الْبَلَاءِ ، فَقُلْت لَهُ : بِاَللَّهِ يَا سَيِّدِي هَلْ كُنْت دَعَوْت عَلَيَّ لَمَّا أَخَذْتهَا مِنْك ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْت : اللَّهُمَّ هَذَا تَقَوَّى عَلَيَّ بِقُوَّتِهِ عَلَى ضَعْفِي، وَأَخَذَ مِنِّي مَا رَزَقْتَنِي ظُلْمًا، فَأَرِنِي فِيهِ قُدْرَتَك ، فَقُلْت لَهُ : يَا سَيِّدِي قَدْ أَرَاك اللَّهُ قُدْرَتَهُ فِي ،وَأَنَا تَائِبٌ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَمَّا كُنْت عَلَيْهِ مِنْ خِدْمَةِ الظَّلَمَةِ، وَلَا عُدْت أَقِفُ لَهُمْ عَلَى بَابٍ ،وَلَا أَكُونُ مِنْ أَعْوَانِهِمْ مَا دُمْت حَيًّا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.(199)
      ولهذا يبين الإمام ابن الجوزي- رحمه الله – حقيقة الظلم فيقول : الظلم يشتمل على معصيتين: أخذ حق الغير بغير حق، ومبارزة الرب بالمخالفة ، والمعصية فيه أشد من غيرها ، لأنه لا يقع غالبًا إلا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار، وإنما ينشأ من ظلمة القلب ،لأنه لو استنار القلب بنور الهدى لاعتبر. اه (200)
      ولله در من قال :
      لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرًا فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
      تنام عيناك والمظلوم منتبهًا يدعو عليك وعين الله لم تنم
      أمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لصحابته وأمته من بعده بنصرة المظلوم :
      عن الْبَرَاءِ رضي الله عنه ، قَالَ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، بِسَبْعٍ وَنَهَانَا عَنْ سَبْعِ: أَمَرَنَا بِعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَإِفْشَاءِ السَّلاَمِ، وَنَصْرِ الْمَظْلُومِ، وَإِبْرَارِ الْمُقْسِمِ؛ وَنَهَانَا عَنْ خَوَاتِيمِ الذَّهَبِ، وَعَنِ الشُّرْبِ فِي الْفِضَّةِ، أَوْ قَالَ: آنِيَةِ الْفِضَّةِ، وَعَنِ الْمَيَاثِرِ وَالْقَسِّيِّ، وَعَنْ لُبْسِ الْحَرِيرِ وَالدِّيبَاجِ وَالإِسْتَبْرَقِ" .(201)
      دعاء المسلم لأخيه المسلم بظهر الغيب :
      قال تعالى : " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10 { الحشر : 10} ، وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : " وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ (19) " { محمد :19} ، وقال تعالى إخبارًا عن نبيه إبراهيم عليه السلام : " رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ (41) " { إبراهيم : 41}
      وعن أبي الدرداء رضي الله عنه: أنَّ رسُولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقول : " دَعْوَةُ المَرْءِ المُسْلِمِ لأَخيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ ، عِنْدَ رَأسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ المَلَكُ المُوَكَّلُ بِهِ : آمِينَ ، وَلَكَ بِمِثْلٍ " . (202)
      وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :"مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ، كَتَبَ اللهُ لَهُ بِكُلِّ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنَهٍ حَسَنَةً".(203)
      دعاء الإمام العادل :
      عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،قَالَ :"ثَلاثَةٌ لا يَردُّ اللهُ دُعَاءَهُمْ : الذَّاكر الله كَثِيرًا ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَالإِمَامُ الْمُقْسِط". (204)
      دعـاء الوالد لولده :
      عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :" ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ،دَعْوَةُ الْوَالِدِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ". (205)
      دعاء الوالدين على ولدهما :
      عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، يَقُولُ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ثَلاَثُ دَعَوَاتٍ مُسْتَجَابَاتٌ لاَ شَكَّ فِيهِنَّ : دَعْوَةُ الْمَظْلُومِ ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الْوَالِدِين عَلَى وَلَدِهِما".(206)
      من أمثلة استجابة الله دعاء الوالدة على ولدها :
      عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّهُ قَالَ: كَانَ جُرَيْجٌ يَتَعَبَّدُ فِي صَوْمَعَةٍ فَجَاءَتْ أُمُّهُ. قَالَ حُمَيْدٌ فَوَصَفَ لَنَا أَبُو رَافِعٍ صِفَةَ أَبِى هُرَيْرَةَ لِصِفَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّهُ حِينَ دَعَتْهُ كَيْفَ جَعَلَتْ كَفَّهَا فَوْقَ حَاجِبِهَا ثُمَّ رَفَعَتْ رَأْسَهَا إِلَيْهِ تَدْعُوهُ فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ كَلِّمْنِي. فَصَادَفَتْهُ يُصَلِّى فَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاَتِي. فَاخْتَارَ صَلاَتَهُ فَرَجَعَتْ ثُمَّ عَادَتْ فِي الثَّانِيَةِ فَقَالَتْ يَا جُرَيْجُ أَنَا أُمُّكَ فَكَلِّمْنِي. قَالَ اللَّهُمَّ أُمِّي وَصَلاَتِي. فَاخْتَارَ صَلاَتَهُ فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا جُرَيْجٌ وَهُوَ ابْنِي وَإِنِّي كَلَّمْتُهُ فَأَبَى أَنْ يُكَلِّمَنِي اللَّهُمَّ فَلاَ تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ.قَالَ: وَلَوْ دَعَتْ عَلَيْهِ أَنْ يُفْتَنَ لَفُتِنَ. قَالَ وَكَانَ رَاعِى ضَأْنٍ يَأْوِي إِلَى دَيْرِهِ - قَالَ - فَخَرَجَتِ امْرَأَةٌ مِنَ الْقَرْيَةِ فَوَقَعَ عَلَيْهَا الرَّاعِي، فَحَمَلَتْ فَوَلَدَتْ غُلاَمًا فَقِيلَ لَهَا: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: مِنْ صَاحِبِ هَذَا الدَّيْرِ. قَالَ:فَجَاءُوا بِفُئُوسِهِمْ وَمَسَاحِيهِمْ، فَنَادَوْهُ فَصَادَفُوهُ يُصَلِّى فَلَمْ يُكَلِّمْهُمْ - قَالَ - فَأَخَذُوا يَهْدِمُونَ دَيْرَهُ فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ نَزَلَ إِلَيْهِمْ، فَقَالُوا لَهُ: سَلْ هَذِهِ - قَالَ - فَتَبَسَّمَ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَ الصَّبِيَّ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ؟ قَالَ: أَبِى رَاعِى الضَّأْنِ.فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ قَالُوا نَبْنِى مَا هَدَمْنَا مِنْ دَيْرِكَ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ. قَالَ: لاَ ، وَلَكِنْ أَعِيدُوهُ تُرَابًا كَمَا كَانَ، ثُمَّ عَلاَهُ. (207)
      وذكر ابن قدامة – رحمه الله – في " كتاب التوابين " عن الْحَسَن بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: بَيْنَا أَنَا أَطُوفُ مَعَ أَبِي حَوْلَ الْبَيْتِ فِي لَيْلَةٍ ظَلْمَاءَ ،وَقَدْ رَقَدَتِ الْعُيُونُ وَهَدَأَتِ الأَصْوَاتُ؛ إِذْ سَمِعَ أَبِي هَاتِفًا يَهْتِفُ بِصَوْتٍ حَزِينٍ شَجِيٍّ ،وَهُوَ يَقُولُ:
      يَا مَنْ يُجِيبُ دُعَا الْمُضْطَرِّ فِي الظُّلَمِ ... يَا كَاشِفَ الضُّرَّ وَالْبَلْوَى مَعَ السَّقَمِ
      قَدْ نَامَ وَفْدُكَ حَوْلَ الْبَيْتِ وَانْتَبَهُوا ... وَأَنْتَ عَيْنُكَ يَا قَيُّومُ لَمْ تَنَمِ
      هَبْ لِي بِجُودِكَ فَضْلَ الْعَفْوِ عَنْ جُرْمِي ... يَا مَنْ إِلَيْهِ أَشَارَ الْخَلْقُ فِي الْحَرَمِ
      إِنْ كَانَ عَفْوُكَ لا يدركه ذو سرف ... فمن يَجُودُ عَلَى الْعَاصِينَ بِالْكَرَمِ
      قَالَ: فَقَالَ أَبِي: يَا بُنَيَّ! أَمَا تَسْمَعُ صَوْتَ النَّادِبِ لِذَنْبِهِ الْمُسْتَقِيلِ لِرَبِّهِ؟ الْحَقْهُ فَلَعَلَّ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ.
      فَخَرَجْتُ أَسْعَى حَوْلَ الْبَيْتِ أَطْلُبُهُ فَلَمْ أَجِدْهُ ، حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى الْمَقَامِ وَإِذَا هُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي ،فَقُلْتُ: أَجِبِ ابْنَ عَمِّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَوْجَزَ فِي صَلاتِهِ وَاتَّبَعَنِي.
      فَأَتَيْتُ أَبِي ،فَقُلْتُ: هَذَا الرَّجُلُ يَا أَبَتِ.
      فَقَالَ لَهُ أَبِي: مِمَّنِ الرَّجُلِ؟ قَالَ: مِنَ الْعَرَبِ قَالَ: وَمَا اسْمُكَ؟ قَالَ: مُنَازِلُ بْنُ لاحِقٍ.
      قَالَ: وَمَا شَأْنُكَ وَمَا قِصَّتُكَ؟ قَالَ: وَمَا قِصَّةُ مَنْ أَسْلَمَتْهُ ذُنُوبُهُ وَأَوْبَقَتْهُ عُيُوبُهُ(208) ، فَهُوَ مُرْتَطِمٌ فِي بَحْرِ الْخَطَايَا.
      فَقَالَ لَهُ أَبِي: عَلَيَّ ذَلِكَ فَاشْرَحْ لِي خَبَرَكَ.
      قَالَ: كُنْتُ شَابًّا عَلَى اللَّهْوِ وَالطَّرَبِ لا أُفِيقُ عَنْهُ ،وَكَانَ لِي وَالِدٌ يَعِظُنِي كَثِيرًا ،وَيَقُولُ: يَا بُنَيَّ! احْذَرْ هَفَوَاتِ الشَّبَابِ وَعَثَرَاتِهِ ، فَإِنَّ لِلَّهِ سَطَوَاتٍ وَنَقَمَاتٍ ، مَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ، وَكَانَ إِذَا أَلَحَّ عَلَيَّ بِالْمَوْعِظَةِ أَلْحَحْتُ عَلَيْهِ بِالضَّرْبِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمٌ مِنَ الأَيَّامِ أَلَحَّ عَلَيَّ بِالْمَوْعِظَةِ فَأَوْجَعْتُهُ ضَرْبًا ، فَحَلَفَ بِاللَّهِ مُجْتَهِدًا لَيَأْتِيَنَّ بَيْتَ اللَّهِ الْحَرَامِ فَيَتَعَلَّقُ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ وَيَدْعُو عَلَيَّ ،فَخَرَجَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْبَيْتِ فَتَعَلَّقَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، وَأَنْشَأَ يَقُولُ:
      يَا مَنْ إِلَيْهِ أَتَى الْحُجَّاجُ قَدْ قَطَعُوا ... عُرْضَ الْمَهَامِهِ(209) مِنْ قُرْبٍ وَمِنْ بُعْدِ
      إِنِّي أَتَيْتُكَ يَا مَنْ لا يُخَيِّبُ مَنْ ... يَدْعُوهُ مُبْتَهِلا بِالْوَاحِدِ الصَّمَدِ
      هَذَا مُنَازِلٌ لا يَرْتَدُّ عَنْ عُقَقِي ... فَخُذْ بِحَقِّي يَا رَحْمَانُ مِنْ وَلَدِي
      وشِلَّ مِنْهُ بِحَوْلٍ مِنْكَ جَانِبَهُ ... يَا مَنْ تَقَدَّسَ لَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَلِدِ
      قَالَ: فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَتَمَّ كَلامَهُ حَتَّى نَزَلَ بِي مَا تَرَى ، ثُمَّ كَشَفَ عَنْ شِقِّهِ الأَيْمَنِ فَإِذَا هُوَ يَابِسٌ.
      قَالَ: فَأُبْتُ وَرَجَعْتُ ، وَلَمْ أَزَلْ أَتَرَضَّاهُ وَأَخْضَعُ لَهُ وَأَسْأَلُهُ الْعَفْوَ عَنِّي، إِلَى أَنْ أَجَابَنِي أَنْ يَدْعُوَ لِي فِي الْمَكَانِ الَّذِي دَعَا عَلَيَّ.
      قَالَ: فَحَمَلْتُهُ عَلَى نَاقَةٍ عُشَرَاءَ ، وَخَرَجْتُ أَقْفُو أَثَرَهُ ، حَتَّى إِذَا صِرْنَا بِوَادِي الأَرَاكِ ، طَارَ طَائِرٌ مِنْ شَجَرَةٍ ، فَنَفَرَتِ النَّاقَةُ فَرَمَتْ بِهِ بَيْنَ أَحْجَارٍ ،فَرَضَخَتْ رأسه فمات، فدفتنه هُنَاكَ وَأَقْبَلْتُ آيِسًا ، وَأَعْظَمُ مَا بِي مَا أَلْقَاهُ مِنَ التَّعْيِيرِ ، أَنِّي لا أُعْرَفُ إِلا بِالْمَأْخُوذِ بِعُقُوقِ وَالِدَيْهِ.
      فَقَالَ لَهُ أَبِي: أَبْشِرْ فَقَدْ أَتَاكَ الْغَوْثُ ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ أَمَرَهُ فَكَشَفَ عَنْ شِقِّهِ بِيَدِهِ ، وَدَعَا لَهُ مَرَّاتٍ يُرَدِّدُهُنَّ ، فَعَادَ صَحِيحًا كَمَا كَانَ.
      وَقَالَ لَهُ أَبِي: لَوْلا أَنَّهُ قَدْ كَانَ سَبَقْتَ إِلَيْكَ مِنْ أَبِيكَ فِي الدُّعَاءِ لَكَ بِحَيْثُ دَعَا عَلَيْكَ ، لَمَا دَعَوْتُ لَكَ.
      قَالَ الْحَسَنُ: وَكَانَ أَبِي يَقُولُ لَنَا: احْذَرُوا دُعَاءَ الْوَالِدَيْنِ! فَإِنَّ فِي دُعَائِهِمَا النَّمَاءُ وَالانْجِبَارُ ، وَالاسْتِئْصَالُ وَالْبَوَارُ. (210)
      النهي عن الدعاء على الأبناء :
      عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما ،قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ، لاَ تُوَافِقُوا مِنَ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ ؛ فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ ".(211)
      وفي رواية عند أبي داود: "لاَ تَدْعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَوْلاَدِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى خَدَمِكُمْ، وَلاَ تَدْعُوا عَلَى أَمْوَالِكُمْ".(212)
      دعاء الولد لوالديه :
      قال تعالى: " وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا" وقال تعالى عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام:"رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ"{إبراهيم:41}
      وقال تعالى إخبارًا عن نوح عليه الصلاة والسلام: "رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَارًا" ({نوح:28}
      وعَن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : "إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثَةِ أَشْيَاءَ : مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ".(213)
      وعَنْهُ رضي الله عنه ، قَالَ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِح فِي الْجَنَّةِ ، فَيَقُولُ : يَا رَبِّ! أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ : بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ". (214)
      عند حضور المريض أو الميت :
      عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" إِذَا حَضَرْتُمُ الْمَرِيضَ أَوْ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْراً، فَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ". (215)
      عند صياح الديكة :
      عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ :" إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ ، فَاسْأَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ ، فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ نَهِيقَ الْحِمَارِ ، فَتَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ ، فَإِنَّهَ رَأَى شَيْطَانًا".(216)
      وفي رواية : "إِذَا سَمِعْتُمْ أَصْوَاتَ الدِّيَكَةِ فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا فَاسْأَلُوا اللهَ وَارْغَبُوا إِلَيْهِ ،. . "الحديث
      حين نزول المطر
      لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثِنْتانِ ما تُرَدَّانِ: الدُّعاءُ عَنْدَ النِّدَاءِ ، وتَحْتَ المَطَرِ ".(217)
      (19)التأمين على الدعاء :
      قال الإمام الشوكاني – رحمه الله – في " التحفة " : والتأمين : طلب الإجابة من الرب سبحانه واستنجازها ، فهو تأكيد لما تقدم من الدعاء ، وتكرير له ، وقد ورد في " الصحيح " ما يرشد إليه. أه (218)
      وفي قوله تعالى : "وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88){يونس:88}
      يقول الإمام السعدي : -رحمه الله -: قَالَ الله تعالى " قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا " هذا دليل على أن موسى كان يدعو ، وهارون يؤمن على دعائه، وأن الذي يؤمن؛ يكون شريكًا للداعي في ذلك الدعاء.
      حسد اليهود اللئام للمسلمين على التأمين والسلام :
      لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إنّ اليَهُودَ لَيحْسُدُونَكمْ على السَّلامِ والتَّأْمِينِ ". (219)
      ــــــــــــــــــــ
      151-مسلم (479) ،و أحمد (1900) ،وأبو داود (876)وغيرهم .
      152-مسلم(482)، و"مشكاة المصابيح" (894).
      153-"النووي بشرح مسلم" .
      154-البخاري(6230) ،ومسلم (402)وانظر " مشكاة المصابيح (909).
      155-مسلم(588)،وأحمد في"المسند"(7236،10183)وأبو داود(983) وابن ماجة(909)والنسائي(1310).
      156-البخاري(832)،ومسلم(589).
      157-صحيح :رواه أحمد في" المسند "(22172) ؛ وأبو داود(1522) ؛ والنسائي(1303) ؛وقال الألباني في "مشكاة المصابيح "(949): وسنده صحيح 0 إلا أن أبا داود لم يذكر : قال معاذ : وأنا أحبك.
      158-صحيح : أخرجه أحمد في " مسنده "(23597) وقال العلامة أحمد شاكر : حديث صحيح متصل الإسناد ،والترمذي (478) ، وفي " الشمائل (280)، وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " و" المشكاة "( 1169).
      159-أخرجه أحمد (14603) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف كثير بن زيد ليس بذاك القوي،
      ، وابن عبد البر في " التمهيد " (19/201) ، وحسنه الألباني في" الأدب المفرد "(704).
      160-البخاري (935) ، ومسلم (852)، النسائي (1432) ،و ابن ماجة (1137)
      161-صحيح : أخرجه أبو داود (1048)، والنسائي (1389) ؛ والحاكم في "المستدرك" وانظر "صحيح الجامع"
      (8190).
      162-حسن صحيح : أخرجه أحمد (23832)،وابن ماجة (1139)، وقال الألباني في " صحيح سنن ابن ماجة " : حسن صحيح.
      163-ذكره الحافظ ابن حجر في " الفتح "(2/489) وقال : إسناده صحيح.
      164-أخرجه مسلم (853) ، وأبو داود ( 1049) ، وقال الألباني ": ضعيف والمحفوظ موقوف.وقال في المشكاة (1358) : وقد أعل بالوقف ؛ وسائر الأحاديث في الباب تخالفه ؛وقد أشار إلى هذا الإمام أحمد بقوله : أكثر الأحاديث في الساعة التي ترجى فيها إجابة الدعوة أنها بعد العصر وترجى بعد زوال الشمس ، وذكره الترمذي (2/361) ومن شاء التفصيل حول الحديث فليراجع "فتح الباري " (2/351).
      165-ضعيف جدًا :أخرجه الترمذي(490 )،وابن ماجة (1138)،و"ضعيف سنن الترمذي" للألباني وقال :ضعيف جدًا ولا يفوتنا بإذن الله – تعالى - أن ننبه على أمر الاهتمام بأمر دعاء الخطيب على المنبر وتأمين الحضور على ذلك سرًّا ، وإن ضعف العلماء لهذا الحديث ، من حيث تحرى الإخلاص ،و الدعاء بالمأثور من القرآن والسنة ، والاهتمام بالدعاء بما يوافق حاجة الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، من النصر على الأعداء ،ونجاة المستضعفين من المسلمين والمؤمنين من كيد أعداء الدين ، إلى غير ذلك من الملمات ، وذلك لأنه يوافق ساعة إجابة بين الأذان والإقامة ، ومن حال المصلين لاجتماعهم على ذكر الله ، وبالله التوفيق
      166-البخاري(324)واللفظ له،ومسلم(890)،وأحمد في " المسند"(20789).
      167-البخاري (969).
      168-صحيح : أخرجه النسائي(2625) ، وابن حبان في"صحيحه"(3692) قال شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح ، والحاكم في " المستدرك "(1611)، ،وانظر " صحيح الجامع " (7112) .
      169-صحيح : أخرجه ابن ماجة(2893) ، وابن حبان في"صحيحه"(4614) ، وانظر " صحيح الجامع "(4171) ، و" الصحيحة "(1820)
      170-حسن لغيره : أخرجه الترمذي(3585) وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه و حماد بن أبي حميد هو محمد بن أبي حميد وهو أبو إبراهيم الأنصاري المديني وليس بالقوي عند أهل الحديث ، وانظر " صحيح الجامع " (3274) ، و" المشكاة " (2598)،و" الصحيحة " (1503) ،و" صحيح الترغيب " (2/242) ،وحسنه الألباني لوجود شاهد مرسل صحيح له عند مالك عن طلحة ابن عبيد الله بن كريز به . (1/214، 215، 422، 423)
      171-مسلم( 1348)، وابن ماجة(3014)، والنسائي(3003) ، وانظر " صحيح الجامع "(5796)
      172حسن : رواه أحمد (15399) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده محتمل للتحسين ، وأبو داود (1892) ،وابن خزيمة (2721) ، وابن حبان (3826) عن عبد الله بن السائب0وحسنه الألباني .
      173-مسلم (1218)، ، وأبو داود (1905) و ابن ماجة(3074) ،والإرواء (1120) .
      174-البخاري(1751-1753)وأبو عوانه في "مستخرجه"( 3577)، والبيهقي في" الكبرى"( 9663)،و" الصغرى"( 1725).
      175-البخاري (1727) ،وأحمد في " المسند "( 6269).
      176-البخاري (1728) ،ومسلم (1302) .
      177-البخاري(398) ، مسلم (1330) .
      178-صحيح : أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ، وأحمد(14996) تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث محتمل للتحسين عبد الله بن المؤمل ضعيف لكنه متابع ، وابن ماجة(3062) ، والبيهقي في " سننه " ، عن جابر رضي الله عنه ، ورواه البيهقي في " شعب الإيمان "(3832) عن ابن عمرو ، انظر " صحيح الجامع (5502 ) .
      179-صحيح :"الضعفاء"للعقيلي، والبيهقي في"شعب الإيمان"( 7059،7060) وصححه الألباني في "صحيح الجامع " (3030) ،و " السلسلة الصحيحة (1797).
      180-صحيح :رواه أحمد(7450)تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط الشيخين،والبيهقي في " الدعوات الكبير"( 666)
      181-صحيح:رواه أحمد في " المسند (25423) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين ، والترمذي (3558) ، وابن ماجة (3850)، البيهقي في " السنن" (2/371)،وصححه الألباني في "صحيح الجامع "( 4423) ، و" المشكاة " (2091) ، و" الصحيحة " (3337) .
      182-نزل الأبرار (40) .
      183-البخاري (6408) ،ومسلم (2689)،و أحمد (7418) ، والترمذي (3609)
      184-مسلم (2759)،و"مشكاة المصابيح "(1871) .
      185-مسلم (2703)،وانظر "صحيح الجامع"(6133)
      186-حسن : أخرجه الترمذي(3537) ، وقال حدبث حسن غريب ،وابن ماجة "( 4253 )،" صحيح الترمذي "(2802)وانظر " صحيح الترغيب " للألباني (3143) مشكاة المصابيح " ( 2343) .
      187-صحيح : رواه أحمد (2،47،56) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ، وأبو داود (1521) ، والترمذي ( 406 ، 3006 ) ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(7538) .
      188-مسلم(918)،وابن ماجة(1598) عن أم سلمة ، وأحمد عن أم سلمة عن أبي سلمة ، انظر " صحيح الجامع " (5764)
      189-صحيح : أخرجه أبو داود (2540)، وابن حبان في " صحيحه " والحاكم في " المستدرك "(712) ، وانظر " صحيح الجامع (3079)، و" الكلم الطيب (75) ، " صحيح الترغيب " (262).
      190-صحيح : رواه أحمد (19861، 19885) ، وأبو داود (4902) ،والترمذي (2511) ،وابن ماجة (4211) ، والحاكم (3359) ، وانظر" صحيح الجامع " (5704)، " الصحيحة " (918).
      191-البخاري (2448) ، ومسلم (19).
      192-صحيح : أخرجه الطبراني في " الكبير " والضياء ، عن خزيمة بنت ثابت ،وانظر " صحيح الجامع " (117) ، و" الصحيحة " (868).
      193-صحيح : أخرجه الحاكم في " المستدرك "(81) عن أبن عمر رضي الله عنهما .، وانظر " صحيح الجامع (118) ، " الصحيحة (871).
      194-أخرجه أحمد(12571) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده ضعيف ، وأبو يعلى ، والضياء ، عن أنس رضي الله عنه ،وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " (119) ، " الصحيحة " (767).
      195-صحيح : أخرجه الحاكم في "المستدرك "(1933) عن عليّ رضي الله عنه ورواه الطبراني في "الصغير"، انظر "صحيح الجامع " (1269) ، والروض النضير " (690)
      196-البخاري (240) ، ومسلم (1794).
      197-البخاري (755) ، ومسلم (453) .
      198-البخاري : (3198) ، وأصله عند مسلم (1611) .
      199-" الكبائر " للإمام الذهبي – رحمه الله – " الكبيرة السادسة والعشرون " (124،125)
      200-"فتح الباري " لابن حجر –رحمه الله –ط. الريان للتراث (5/121).
      201-البخاري(1239)،ومسلم (2066).
      202-مسلم (2733) ،و أحمد في "المسند" (21715) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم
      ،والبخاري في "الأدب المفرد" (625).
      203-حسن : أخرجه الطبراني في " الكبير "،و" مسند الشاميين"( 2155) ، وحسنه الألباني في " صحيح الجامع " للألباني (6026).
      204حسن : أخرجه البيهقي في " شعب الإيمان "( 6973) ،والطبراني في " الدعاء " (1316)، وانظر "صحيح الجامع " (3064).
      205-حسن : رواه أبو داود (1536)، ،وابن ماجة(3862) وانظر " صحيح الجامع " للألباني (3033).
      206-حسن : أخرجه أحمد (7510) تعليق شعيب الأرنؤوط : حسن لغيره ، والبخاري في " الأدب المفرد " (32،481) ، والترمذي(1905، 3448) ، وابن حبان في "صحيحه" (2699) ،و انظر " الصحيحة " (596) ،و" صحيح الأدب المفرد (24).
      207-البخاري(1206،2482)، ومسلم (2550)واللفظ له.
      208-أوبقته : أهلكته.
      209-المهامة : جمع مهمه وهي المفازة البعيد القفر.
      210-"التوابين " لابن قدامة 0(1/142-144)ط.دار ابن حزم –الطبعة الأولى.
      211-مسلم(3009)،وابن حبان في"صحيحه"(5742).
      212-صحيح:رواه أبو داود(1532)وصححه الألباني.
      213-مسلم (1631) ، وأحمد (8831) تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح ،البخاري في "الأدب المفرد(38) ، وأبو دواد (2880).
      214-أحمد في المسند (8540) ،وابن ماجة (3660) ، الدارمي (3464) ، والبيهقي في " سننه " وحسنه الألباني في " صحيح ابن ماجة " (2953) ،"صحيح الجامع " (1617) ،" السلسلة الصحيحة" (1598).
      215-مسلم (919)،وأبو داود(3115)،والترمذي(977)،وابن ماجة(1447)،والنسائي(1825) .
      216-البخاري (3303) ، ومسلم (2729) ، وأحمد (8050) ، وأبو داود( 5102) ، والترمذي (3468) .
      217-صحيح : أخرجه الحاكم في " المستدرك " عن سهل بن سعد ، انظر "صحيح الجامع " ( 3079)
      وقال الألباني مُعلقًا عليه ، قلت : ولفظه "ووقت المطر " وهو الأثبت الموافق لشواهده .
      218-" تحفة الذاكرين (ص38-39).
      219-صحيح :رواه الخطيب البغدادي ، والضياء ، عن أنس رضي الله عنه ، ورواه ابن خزيمة ، وأبو نعيم عن عائشة رضي الله عنها ، وصححه الألباني في "صحيح الجامع " (1997) ، و" السلسلة الصحيحة " (691- 692). هذا الكتاب هو الفصل الثاني من كتابي " أهمية الدعاء في الشدة والرخاء" ط.دار الإيمان –الأسكندرية.
      تم بحمد الله وتوفيقه
      وحقوق الطبع والنشر مكفولة لكل مسلم مع الالتزام بنصه وذكر مصدره.



      تعليق


      • #4
        رد: سلسلة : " من أسباب استجابة الدعاء"(1-3)

        صلوا على رسول الله صلوا على خير الخلق محمد
        التعديل الأخير تم بواسطة أبوالدرداء إبراهيم; الساعة 08-12-2013, 04:59 PM.

        تعليق

        يعمل...
        X