الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
أخوتي فى الله .. كيف حالكم مع الله
أسأله سبحانه أن يجعلني وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
بين يديكم موضوع حملتنا عن الدعوة الى الله سنحاول جاهدين أن نناقش الأمر من جميع جوانبه ونسأل الله النيسير والأعانة
الدعوة إلى لله خير وسيلة لإنقاذ البشر " مفيش بديل
أسلوب الدعوة
منقول عن الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى
أما أسلوب الدعوة فبينه الرب جل وعلا وهو الدعوة بالحكمة أي بالعلم والبصيرة ، بالرفق واللين لا بالشدة والغلظة هذا هو الأسلوب الشرعي في الدعوة إلا من ظلم ، فمن ظلم يعامل بما يستحق لكن من يتقبل الدعوة ويصغي إليها أو ترجو أن يتقبلها لأنه لم يعارضك ولم يظلمك فارفق به.
يقول جل وعلا في كتابه العظيم : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[24] فالحكمة هي العلم ، قال الله قال رسوله ، والموعظة الحسنة الترغيب والترهيب تبين ما في طاعة الله من الخير العظيم وما في الدخول في الإسلام من الخير العظيم وما عليه إذا استكبر ولم يقبل الحق إلى غير ذلك ، أما الجدال بالتي هي أحسن فمعناه بيان الأدلة من غير عنف عند وجود الشبهة لإزالتها وكشفها ، فعند المجادلة تجادل بالتي هي أحسن وتصبر وتتحمل كما في الآية الأخرى يقول سبحانه : وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ[25] فالظالمون لهم شأن آخر ، لكن ما دمت تستطيع الجدال بالتي هي أحسن وهو يتقبل أو ينصت أو يتكلم بأمر لا يعد فيه ظالما ولا معتديا فاصبر وتحمل بالموعظة والأدلة الشرعية والجدال الحسن ، يقول الله سبحانه : وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا[26] وقول النبي صلى الله عليه وسلم : ((البر حسن الخلق)) وقد أثنى الله على النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الدعوة فقال جل وعلا : فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ[27] ونبينا أكمل الناس في دعوته وأكمل الناس في إيمانه لو كان فظا غليظ القلب لانفض الناس من حوله وتركوه فكيف أنت ، فعليك أن تصبر وعليك أن تتحمل ولا تعجل بسب أو كلام سيئ أو غلظة ، وعليك باللين والرحمة والرفق. ولما بعث الله موسى وهارون لفرعون ماذا قال لهما ، قال سبحانه : فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى[28] فأنت كذلك لعل صاحبك يتذكر أو يخشى وفي الصحيح عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ((اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه)) وهذا وعد عظيم في الرفق ووعيد عظيم في المشقة ويقول عليه الصلاة والسلام : ((من يحرم الرفق يحرم الخير كله)) ويقول صلى الله عليه وسلم : ((عليكم بالرفق فإنه لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه))
فالواجب على الداعي إلى الله أن يتحمل وأن يستعمل الأسلوب الحسن الرفيق اللين في دعوته للمسلمين والكفار جميعا ، لا بد من الرفق مع المسلم ومع الكافر ومع الأمير وغيره ولا سيما الأمراء والرؤساء والأعيان فإنهم يحتاجون إلى المزيد من الرفق والأسلوب الحسن لعلهم يقبلون الحق ويؤثرونه على ما سواه ، وهكذا من تأصلت في نفسه البدعة أو المعصية ومضى عليه فيها السنون يحتاج إلى صبر حتى تقتلع البدعة وحتى تزال بالأدلة ، وحتى يتبين له شر المعصية وعواقبها الوخيمة فيقبل منك الحق ويدع المعصية .
فالأسلوب الحسن من أعظم الوسائل لقبول الحق ، والأسلوب السيئ العنيف من أخطر الوسائل في رد الحق وعدم قبوله وإثارة القلاقل والظلم والعدوان والمضاربات . ويلحق بهذا الباب ما قد يفعله بعض الناس من المظاهرات التي قد تسبب شرا عظيما على الدعاة فالمسيرات في الشوارع والهتافات والمظاهرات ليست هي الطريق للإصلاح والدعوة ، فالطريق الصحيح بالزيارة والمكاتبة التي هي أحسن ، فتنصح الرئيس والأمير وشيخ القبيلة بهذا الطريق لا بالعنف والمظاهرة ، فالنبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة لم يستعمل المظاهرات ولا المسيرات ولم يُهدد الناس بتخريب أموالهم واغتيالهم ، ولا شك أن هذا الأسلوب يضر الدعوة والدعاة ويمنع انتشارها ويحمل الرؤساء والكبار على معاداتها ومضادتها بكل ممكن فهم يريدون الخير بهذا الأسلوب لكن يحصل به ضده ، فكون الداعي إلى الله يسلك مسلك الرسل وأتباعهم ولو طالت المدة أولى به من عمل يضر الدعوة ويضايقها أو يقضي عليها ولا حول ولا قوة إلا بالله ، فالنصيحة مني لكل داع إلى الله أن يستعمل الرفق في كلامه وفي خطبته وفي مكاتباته وفي جميع تصرفاته حول الدعوة ، يحرص على الرفق مع كل أحد إلا من ظلم ، وليس هناك طريق أصلح للدعوة من طريق الرسل فهم القدوة وهم الأئمة وقد صبروا ، صبر نوح على قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، وصبر هود ، وصبر صالح ، وصبر شعيب ، وصبر إبراهيم ، وصبر لوط ، وهكذا غيرهم من الرسل ثم أهلك الله أقوامهم بذنوبهم وأنجى الله الأنبياء وأتباعهم.
فلك أيها الداعية أسوة في هؤلاء الأنبياء والأخيار ، ولك أسوة بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي صبر في مكة وصبر في المدينة على وجود اليهود عنده والمنافقين ومن لم يُسلم من الأوس والخزرج حتى هداهم الله وحتى يسر الله إخراج اليهود وحتى مات المنافقون بغيظهم ، فأنت لك أسوة بهؤلاء الأخيار فاصبر وصابر واستعمل الرفق ودع عنك العنف ودع كل سبب يضيق على الدعوة ويضرها ويضر أهلها . واذكر قوله تعالى يخاطب نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم : فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ[29] الآية .
وأسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح وحسن الدعوة إليه ، وأن يوفق علماءنا جميعا في كل مكان ودعاة الحق في كل مكان للعلم النافع والبصيرة ، والسير على المنهج الذي سار عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام في الدعوة إليه وإبلاغ الناس دينه ، إنه جل وعلا جواد كريم ، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبين يديكم نقاط سريعة أيضاً عن أساليب الدعوة الى الله
ومصدرها بهجة الناظرين فيما يصلح الدنيا والدين للشيخ عبد الله ن جار الله آل جار الله ـ رحمه الله ـ ص 198
قال الله تعالى: }ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ{ [النحل: 125].
1- فالدعوة بالحكمة بحسب حال المدعو وفهمه وقبوله:
ومن الحكمة: العلم و الحلم والرفق واللين والصبر على ذلك.
2- بالموعظة الحسنة: وهي الأمر والنهي المقرون بالترغيب والترهيب والوعد والوعيد.
3- المجادلة بالتي هي أحسن: وهي الطرق التي تكون أدعى لاستجابته عقلاً ونقلاً ولغة وعرفا.
مراتب تغيير المنكر
1- يجب إزالة المنكر باليد إذا قدر.
2- ثم باللسان.
3- ثم بالقلب: وهو أضعف الإيمان قال r: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم، فمن لم يبغض المعاصي والعصاة بقلبه فليس عنده من الإيمان شيء.
من فضائل الدعوة
قال الله تعالى: }وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ{ [فصلت: 33] وقال r: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» رواه مسلم.
2- «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» رواه مسلم.
3- «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه» متفق عليه.
4- «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه» رواه مسلم.
5- «لأن يهدي الله بك رجلا واحد خير لك من حمر النعم» متفق عليه.
من فوائد الدعوة
1- القيام بالواجب.
2- إقامة الحجة.
3- الخروج من العهدة.
4- براءة الذمة.
5- حصول الأجر العظيم والثواب الجسيم.
6- حصول المعذرة إلى الله ولعلهم يتقون.
7- النجاة من العذاب قال تعالى: }فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ{ [الأعراف: 165] وبالله التوفيق وصلى الله على محمد([1]).
تعليق