المـداومـة عـلى الطاعـة
قال الله تعالى ] وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأَتِيَكَ الْيَقِينُ [
أي: داوم على عبادة ربك حتى يأتيك الموت ، فإن طاعة الله تعالى ، بامتثال أمره ، واجتناب نهيه لا منتهى لها دون الموت.
والعبد إن فُتِح له باب من أبواب العمل الصالح فإنه ينبغي عليه أن لا يدعه ،
بل يداوم عليه ،لأنّ باب الخير نعمة ،
شكرها المداومة عليها،
وقد كان هذا دأب النبي صلّى الله عليه وسلّم ، في جميع أعماله الصالحة،
تصفه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فتقول: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إذا عمل عملاً أثبته. رواه مسلم. وروت عنه صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: (( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قَلَّ )) متفق عليه.
بل كان صلّى الله عليه وسلّم لشدة مداومته على العبادات إذا عمل عملاً
– ولو كان من المستحبات –
لا يتركه،
ولو حصل له عارض منعه من أدائه، قضاه بعد زوال المانع،
قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: كان نبي الله صلّى الله عليه وسلّم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها،
وكان إذا غلبه نوم أو وجع عن قيام الليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة. رواه مسلم.
وأمر صلّى الله عليه وسلّم من فاته شيء من عمل صالح أن يقضيه، فقال: (( من فاته شيء من ورده )) أو قال: (( من جزئه من الليل، فقرأه مابين صلاة الفجر إلى الظهر فكأنما قرأه من ليله)) رواه مسلم.
وللمداومة على الطاعة ثمرات جليلة، فمنها:
امتثال أمر الله تعالى ،
والقيام بحقه ،
الذي من أجله خلق الخلق ،
والبعد عن الغفلة ،
التي بسببها يترك الإنسان المأمور ، ويقع في المحظور ،
والمداومة سبب محبة الله عبده ، وسبب حفظ الله العبد :
(( احفظ الله يحفظك )) ،
وهي من أعظم أسباب حسن الختام ،
نسأل الله حسنه ،
قال الله تعالى –في حق المداومين على طاعته -
] يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء 27 [ سورة ابراهيم.ومن أعظم أسباب استمرار العبد على العمل الصالح:
إخلاص التوجه في عبادته لله تعالى ،
وقوة عزيمته على عدم الانقطاع ،
واتباع السنة في التوسط ، بعيداً عن التفريط والإفراط .
وها أنت – يا أُخي – قد وفقك الله تعالى لفعل الطاعات في شهر رمضان ، فلا تحرمن نفسك الأجر بالانقطاع عنها بعد رمضان ، فإن ربّ رمضان هو ربّ شوال ، وربّ كل الشهور ، فاتق الله حيثما كنت .
والله الموفق .
د. أحمد بن عبدالعزيز الحمدان
تعليق