بعيداً عن الأحداث الدامية التي تمر بها مصرنا الحبيبة بصفة خاصة، والعالم الإسلامي وعلى رأسه سوريا الجريحة بصفة عامة، دعوني أحلق بكم في فضاء الثقة في الله تعالى، وأطل معكم من نافذة الأمل في نصره وتمكينه لهذا الدين، وهو القضاء الواقع لا محالة!!
فمنذ عهد قريب وبعد سقوط الخلافة الإسلامية تحديداً، لم يكن أحد يجرأ على التحدث باسم الإسلام، أو الدعوة إلى اتخاذه منهج حياة، وإلا اعتبره الناس مخبولاً يسبح في فضاء الخيالات والأحلام!!
ثم جاءت عهود من الظلم والطغيان؛ استشعر فيها حكامها بما لديهم من حاسة الشم التي فاقت حاسة الشم لدى الكلاب المدربة، كل من تسول له نفسه القيام بالدعوة لهذا الدين مجدداً، فاستفردوا بهم في غياهب السجون والمعتقلات، وأذاقوهم وذويهم سوء العذاب، وجعلوا منهم مضرب الأمثلة في التنكيل بهم تقتيلاً وتشريداً!! حتى ظن الناس أنه لم يعد على وجه الخليقة من ستأخذه الجرأة مجدداً للدعوة إلى هذا الدين!!
ولكن ظل دين الله راسخ في القلوب الصادقة لم يتزعزع، ولم تلن له قناة!!
ثم جاءت عهود أحيا الله فيها الدعوة لدينه من جديد على أيدي عباده المخلصين، وأقبل الناس عليهم بفطرهم السليمة، واستشعرت قوى البغي والظلام الخطر المحدق بكهوفها المظلمة من شدة بريق نور هذا الدين، فسارعت لطمسه، وشنت هجماتها الغوغائية؛ لتشويه صورة دعاته لدى القاصي والداني من الناس، لتحكي السجون والمعتقلات مجدداً صورا من المأسي والمعاناة!!
ولكن بقي دين الله راسخاً في القلوب كذلك، فلم تخفت أنواره، ولم تنتكس رايته!!
وتحولت تلك السجون والمعتقلات إلى مصانع للرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فألفوا الصدع بالحق، والثبات عليه في وجه أعتى الطغاة، بعدما انحصرت غايتهم في نيل الاصطفاء بالشهادة في سبيل نصرة هذا الدين!! فتغيرت لديهم أولويات الأهداف من هذه الحياة، وتبدلت معالمها؛ بما لا يجعل للمجرمين عليهم سبيلاً!!
وزحف المارد الإسلامي يجتاح قطراً بعد قطر، في ظاهرة واضحة تؤكد رغبة المسلمين في العودة لهذا الدين!! وبدلاً من أن يحاصر الطغاة الإسلاميين ليحولوا بينهم وبين الدعوة، إذا بمسيرة دعوتهم تتقدم خطوات بعيدة؛ أجبرت معها الطغاة على مفاوضنهم للدخول في قواعد اللعبة الديمقراطية؛ عساهم يظفروا من خلال اللعب بقواعدها الخبيثة في صرف الناس عنهم، بعدما يسقطونهم في فخاخها، وذلك بعدما استشعروا الزحف الصادق والجاد من تلك الشعوب، نحو العودة لهذا الدين، والعيش في ظلاله!!
لتسفر الأحداث الدامية عن زيف دعوتهم، ومسارعتهم قبل غيرهم إلى الكفر بديمقراطيتهم؛ حينما عاينوا بما لا يدع مجالاً للشك أنها ستكون مركب الإسلاميين للوصول إلى مقاليد الحكم في معظم البلدان!! لتسقط مبادئهم ويسقطون معها بإذن الله عما قريبٍ إلى غير رجعة في مزبلة التاريخ!!
أحبتي . . إن الله ينتصر لهذا الدين من فوق سبع سماوات، والمتابع لمسيرة الدعوة عبر الأزمنة الماضية لا ينتابه أدنى شك في أنها تكسب مع كل لحظة أرضاً جديدة ولله الحمد والمنة، وها نحن الآن على مشارف المرحلة الأخيرة؛ لسقوط شعارات الزيف والتضليل عن أعين وعقول الناس بإذن الله، لتعلو راية هذا الدين صافية نقية من كل شائبة وكدر!!
ولكن يبقى السؤال الذي لا ينبغي أن نغفل عنه بجال يتمثل في : (هل سيصطفينا الله بنصرة هذا الدين؛ ضمن عباده الصادقين الثابيتن على الطريق حتى نهايته؟!)
إن السعي للثبات على هذا الدين، ونيل ذلك الاصطفاء، ينبغي أن يكون همنا الشاغل صباح مساء، فدين الله منصورٌ لا محالة (بنا أو بغيرنا) ولكن من هؤلاء النفر الذين سينصر الله بهم هذا الدين؟!
قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ ) (142) آل عمران . . نسأل الله أن يعاملنا وإياكم بما هو أهله، ولا يعاملنا بما نحن أهله، وان يمن علينا بهذا الاصطفاء والثبات على الدين؛ حتى نلقاه وهو راضٍ عنَّا . ، إنه ولي ذلك والقادر عليه ، . وهو سبحانه أهل التقوى وأهل المغفرة.
تعليق