السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله أيها الأحبة الأكارم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم ، واسأل الله أن يجعل عملنا كله خالصاً لوجهه الكريم وأن يتقبله منا
أهنئكم أولاً بعيد الفطر المبارك واسأل الله أن يجعله عيداً علينا وعلى جميع الأمة الإسلامية
هذه الحكاية الجميلة أو هذا المقال الهادف قرأته على أحد الصفحات فأعجبني كثيراً فنقلته إليكم من أجل نقل الفائدة ، والآن اترككم لتقرأوا
فتح عبد الله عينيه فجأة ليجد نفسه واقفاً فى مكان لا يعرفه
أرض واسعة إمتدت أطرافها إلى ما لا نهاية
تظللها سماء و لكن ليست كالتى يعرفها
كانت الغيوم تملأ المكان, تضفى فيه جواً من الغموض و باعثة فى نفسه شعوراً من الرهبة
لم يكن المكان ساكناً ..كان يسمع أصواتاً تأتى من بعيد و لا يعرف مصدرها
كان يلتفت حوله فى ترقب و دهشة و يجول بخاطره ألف سؤال و أولهم..ما هذا المكان
ماذا جاء بي الى هنا و ....
أقبل يا عبد الله.. جائت هذه الجملة بصوت رصين هادىء يأتى من خلفه
إلتفت عبد الله بغتة لينظر إلى صاحب الصوت
كان رجلاً شيخاً ذو لحية بيضاء يلبس جلباباً أبيض بهى ّ الطلعة و يتكىء علي عصا و يقف فى ثبات
تعلو وجهه ابتسامة هادئة و هو ينظر إليه فى ثبات
إقترب عبد الله فى خطوات حذرة و هو ينظر فى ترقب لذلك الشيخ الذى لم تتغير ابتسامته الهادئة..
تحركت شفتا عبد الله فى حذر و هو يسأل الشيخ.. من أنت؟ و ما هذا المكان؟
رد الشيخ بنفس الصوت الرصين ..أنت فى أرض الإختبار يا عبد الله..إقترب و لا تخف
إقترب عبد الله أكثر و قد بدا يشتم تلك الرائحة العطرة و التى كانت تنبعث من ذلك الشيخ, و قد بدأ يطمئن إليه
و سأل.. أى إختبار أيها الرجل الصالح؟
رد الشيخ بصوته الرصين.. لا يوجد إختبارُ غيره يا عبد الله
ثم تعلقت عينا الشيخ بشىء خلف عبد الله و أردف.. انظر خلفك
إلتفت عبد الله خلفه ليرى قصراً مهيباً شاهق الإرتفاع ضخماً مرصعاً بالياقوت و الألماس له بوابة من الذهب الخالص
لم يصدق عبد الله ما رأته عيناه ..
يا إلهى ما هذا القصر؟ كيف ظهر فجاة؟
جاء صوت الشيخ من خلفه قائلاً..
"دنيا"....إسمه "دنيا" يا عبد الله.. ثم تابع كلامه سائلاً
قل لى يا عبد الله.. هل تحب الذهب؟
إلتفت اليه عبد الله قائلاً..بالطبع و من لا يحبه؟
ابتسم الشيخ و هو يربت على كتف عبد الله قائلاً
اذهب لذلك القصر فهو ملىء بالذهب.. كله لك ..إغترف منه كما تشاء
و لكن انتبه.. سوف يقتصر وجودك بداخله على وقت محدد و سوف تخرج منه ثانياً
فلا تدع شىء يلهيك عن جمع الذهب.. فقط الذهب الذى تحبه يا عبد الله
ثم تابع مبتسماً.. و الآن اذهب قبل أن ينتهى وقتك
نظر عبد الله إلى القصر و بدأ فى الإقتراب من ذلك القصر المهيب.. "دنيا"
بدا يخطو فوق ذلك الممر الرخامى الممدود أمام البوابة الذهبية الضخمة و ما أن اقترب أكثر حتى انفتحت البوابة ببطىء كلما اقترب
و بدا يظهر ما بداخل القصر أمام عينيه
و خطا أول خطوة له بداخل القصر ثم وقف مشدوهاً مما رأى
كان القصر مضيئاً لدرجة الإبهار بحيث لا تعرف مصدر الضوء و لكنه يملء أركان المكان
كان القصر متسع الجنبات مرصعاً بالجواهر و تمتلىء أركانه بالزخارف
كانت تزين جدرانه رسومات و لوحات مبهرة وقد وقف يتأملها فى انبهار شديد
كلما خطى خطوة وقف يتأمل بكل انبهار غير مصدقاً لما تراه عيناه
كل تلك التحف التى تزين الأركان..
رأى ذلك الدَرَج المؤدى للطابق الأعلى .. كانت درجات ذلك الدرج من اللؤلؤ الخالص
يلمع فى عنينه ببريق لما يره من قبل
رباه ..ما هذا
اقبل يا عبد الله.. تعالى نتجول فى القصر فانا أعرفه جيداً و سأريك ما لم تره من قبل
نظر عبد الله بغتة الى صاحب الصوت
فرأى رجلاً يرتدى ملابس أنيقة ينظر إليه مبتسماً و لكن كانت نظرته حادة بعض الشىء
رد عبد الله قائلاً.. معذرة.. لم أنتبه لوجودك..من أنت؟
إزدادت ابتسامة ذلك الرجل و هو يجيب فى ثقة..هذا بيتى يا عبد الله
قالها و هو يقترب من عبد الله ثم جذبه من يده قائلا.. هيا بنا سوف يعجبك ما سوف تراه
إستجاب عبد الله لدعوة ذلك الرجل الأنيق و بدا يمشى معه و يتجول فى جنبات القصر
و يزداد إنبهاراً بكل ما يرى بل و يشهق أحياناً من فرط الإعجاب
تذكر عبد الله, الذهب الذى جاء من أجله فتوجه بالسؤال إلى ذلك الرجل
أين أجد الذهب؟. .. نظر إليه الرجل مبتسماً تلك الابتسامة مع نظرته الحادة ثم قال
نعم الذهب سوف تراه.. و لكن لا داعى للإستعجال فأنت لم ترى بعد ما سوف يعجبك
ثم جذبه من ذراعه و فتح باباً كبيراً كانا يقفا بجوراه
كانت غرفة كبيرة متسعة يتدلى من سقفها فروع من ذهب و لؤلؤ
كانت الجدران من زجاج شفاف مرسوم عليه احلى ما رأت عيناه
لم يصدق عبد الله ما رأى ووقف مشدوهاً يـتأمل و فقد فتح فمه و لمعت عيناه من فرط الإعجاب و الإنبهار
جذب ذلك الرجل عبد الله من ذراعه مرة أخرى ليخرجا من الغرفة و هو يقول..
تعال يا عبد الله سوف ترى المزيد ..قالها و هو يضحك بصوت مرتفع
ظل عبد الله يتجول بجنبات القصر الذى لا نهاية له حتى بدأ يسيطر عليه الإرهاق
عندها وقف و سأل مرة أخرى.. أين أجد الذهب؟
رمقه ذلك الرجل بنظرة تحمل علامات الاستهزاء المستتر
قبل أن يجيب قائلاً.. نعم الذهب.. بالتأكيد .. تعالى معى
قالها بنبرة تحمل طابع السخرية و إن كان لم يبدو ذلك على قسمات وجهه
مشى عبد الله خلف ذلك الرجل و تبعه حتى فجأة وجد أمامه جبل شاهق من الذهب
و لكنه كان صلباً.. عندها علت الدهشة وجه عبد الله و هو يسأل
.. كيف آخذ الذهب و هو صلب هكذا ..لا أستطيع حمله؟
إرتسمت على وجه الرجل ملامح التعاطف و لكن بشكل تمثيلى مسرحى قبل أن يرد قائلاً
.. نعم يا عبد الله للأسف سوف تضطر لبذل الجهد .. ثم أشار إلى بلطة موضوعة على منضدة بالقرب منهم ..و تابع كلامه
سوف تضطر للأسف لحمل البلطة و تضرب فى الجبل حتى تستطيع الأخذ منه
نظر عبد الله إلى الرجل قائلاً و بدا منهكاً.. و لكنى مرهق و قد أنهكنى التجول فى القصر و جنباته
عندها علت وجه الرجل ابتسامة واثقة و هو يعقد حاجبيه لتزيد من حدة نظرته لعبد الله و قال.. حسناً ما رأيك لو أخذت شىء أقيم من الذهب و أسهل فى الحصول عليه و بلا جهد؟
سأل عبد الله و قد بدا على وجه اللهفة.. بالطبع أوافق.. أين أجد هذا الشىء؟
عندها أجابه الرجل... إختر ما تريد و دعك من الذهب .. أنا أعرض عليك هذه اللوحة البديعة .. أو انظر لتلك الألىء.. خذ منها ما
تشاء..انها سهلة الحمل و ثمينة جداً
نظر عبد الله إلى الأرض و انتبه لوجود كرات اللؤلؤ منثورة حوله فهمّ بإلتقاطها و انشغل يملأ جيبوبه بسرعة حتى امتلأت عن آخرها ..و فجأة
بدأت تنطفى أنوار القصر تدريجياً ..التفت عبد الله حوله فى قلق فلم يجد ذلك الرجل الذى كان يرافقه.. عندها تذكر أنه حتى لا يعرف اسمه.. فقط
شغله الانبهار عن السؤال
لاحظ عبد الله أن القصر يظلم شيئاً فشيئاً
فجأة انتبه لوجود أناس يقتربون منه و لكن كان المكان مظلما فلم يتمكن من رؤية وجوههم
و كانوا يقولون فى صوت واحد.. انتهى الوقت عليك بالخروج الآن
فجأة وجد عبد الله نفسه محمولاً على أعناقهم متجهون به ناحية بوابة القصر.. كان يتلفت حوله و قد هاله ذلك الظلام الذى حلّ فجأة
على المكان
ما أن خرجوا به من بوابة القصر الذهبية.. أنزلوه .. ثم عادوا لداخل القصر الذى أغلقت أبوابه فور دخولهم مرة أخرى
نظر عبد الله إلى القصر الذى قد أظلم فجأة و هو واقف فى مكانه بخارجه
و هو يرجع الى الخلف فى حذر غير مصدقاً كل ما كان يحدث منذ قليل ..توالت الاحداث
سريعاً ثم كانت نهاية الجولة فجاة و فى دقائق كان خارج القصر و ...
كم حملت من الذهب يا عبد الله؟
جاء السؤال مباغتاً بذلك الصوت الرصين فنظر عبد الله خلفه ليجد ذلك الشيخ واقفاً فى مكانه متكئاً على عصاه مبتسماً و هو ينظر
إليه فى ثبات
رد عبد الله فى حماسة.. لقد أتيت بما هو أثمن من الذهب.. ثم مد يده فى جيبه ليخرج منها ما كان يعبئه منذ قليل و ... ما هذا؟؟
نظر عبد الله فى يديه غير مصدقاً وهو يكاد يبكى
من أين أتى هذا التراب؟؟ .. لقد كانت لألىء.. كرات لؤلؤ.. أين ذهبت؟؟
زالت الإبتسامة من على وجه الشيخ و هو يخاطب عبد الله .. ألم اقل لك خذ من الذهب ما شئت؟ لماذا لما تأخذ؟
قال عبد الله فى حسرة ..كنت منهكاً من التجول فى جنبات القصر .. ثم أكمل و قد دمعت عيناه من الحزن .. و اقترح علىّ ذلك
الرجل الذى كان يرافقنى أن آخذ اللؤلؤ بدلاً من الذهب بلا مجهود
عندها نظر الشيخ الى عبد الله نظرة تحمل الكثير من الشفقة
قائلاً لم يكن هذا لؤلؤاً يا عبد الله.. كان تراباً و تخيلته لؤلؤ
لم يكن فى القصر شىء حقيقى غير ذلك الذهب الذى أخبرتك عنه
دخلت القصر لتأخذ الذهب... لكنك بكل أسف أضعت وقتك و أنهكت نفسك فيما لم ينفعك
و خرجت من القصر بتراب لا نفع لك فيه... أرى أنك انخدعت بسهولة بكلام ساكن القصر و صدقت كلامه المعسول
ألم أحذرك ألا تدع شىء يلهيك عن جمع الذهب؟
ألم أحذرك أنك داخل القصر لوقت محدد تجمع فيه ما شئت من الذهب ثم تخرج؟
دخلت لتجلب الذهب و خرجت حاملاً تراب
أضعت فرصتك.. قالها الشيخ و هو يلتفت و يخطو خطواته مبتعداً عن عبد الله تاركاً إياه يقف وحيداً
سالت الدموع من عيني عبد الله و هو غير مصدق انه قد أضاع الفرصة بهذه السهولة
فصرخ مخاطباً الشيخ .. و هو يحاول اللحاق به..
ألا أستطيع الدخول مرة اخرى و سوف أحرص ألا يشغلنى شىء؟
لم يتوقف الشيخ و أجابه و هو فى طريقه مبتعداً.. أضعت فرصتك يا عبد الله
ثم كرر نفس الجملة التى قالها منذ قيل
دخلت لتجلب الذهب و خرجت حاملاً تراب
عندها جثا عبد الله على ركبتيه و هو يبكى و هو يعض على يديه.. قائلا..يا ويلتى ليتنى لم أتخذ ذلك الرجل خليلاً
لقد أضلنى عن مهمتى و أضاع وقتى و شغلنى بما لا ينفعنى ,
وأغمض عينيه و ظل يبكى وحيداً و....عبد الله
جاء ذلك الصوت يقطع الصمت الميحط به
فتح عبد الله عيناه بغتة ليجد نفسه ممداً فى فراشه و قد وقفت زوجته تناديه ليستيقظ قبل أن يتاخر
عن صلاة الفجر
انتفض عبد الله من الفراش و هو يضحك لزوجته قائلاً.. من اليوم.. الذهب فقط هو ما أجنيه
لم تفهم زوجته ما يقصد.. و لكنه لم يهتم كثيراً و همّ من فراشه فى نشاط متجهاً الى الحمام ليتوضأ و هو يقول فى طريقه.. لا وقت
للشرح الآن.. إنه نداء الذهب
و هنا أتوجه إليكم بسؤال... هل أدركتم ما هو الذهب؟
و هل تريدون الذهب أم سترضون بالتراب عنه بديلاً ؟
أترك الإجابة لكم
بقلم أخوكم احمد يسرى
حياكم الله أيها الأحبة الأكارم وجعل الجنة مثوانا ومثواكم ، واسأل الله أن يجعل عملنا كله خالصاً لوجهه الكريم وأن يتقبله منا
أهنئكم أولاً بعيد الفطر المبارك واسأل الله أن يجعله عيداً علينا وعلى جميع الأمة الإسلامية
هذه الحكاية الجميلة أو هذا المقال الهادف قرأته على أحد الصفحات فأعجبني كثيراً فنقلته إليكم من أجل نقل الفائدة ، والآن اترككم لتقرأوا
فتح عبد الله عينيه فجأة ليجد نفسه واقفاً فى مكان لا يعرفه
أرض واسعة إمتدت أطرافها إلى ما لا نهاية
تظللها سماء و لكن ليست كالتى يعرفها
كانت الغيوم تملأ المكان, تضفى فيه جواً من الغموض و باعثة فى نفسه شعوراً من الرهبة
لم يكن المكان ساكناً ..كان يسمع أصواتاً تأتى من بعيد و لا يعرف مصدرها
كان يلتفت حوله فى ترقب و دهشة و يجول بخاطره ألف سؤال و أولهم..ما هذا المكان
ماذا جاء بي الى هنا و ....
أقبل يا عبد الله.. جائت هذه الجملة بصوت رصين هادىء يأتى من خلفه
إلتفت عبد الله بغتة لينظر إلى صاحب الصوت
كان رجلاً شيخاً ذو لحية بيضاء يلبس جلباباً أبيض بهى ّ الطلعة و يتكىء علي عصا و يقف فى ثبات
تعلو وجهه ابتسامة هادئة و هو ينظر إليه فى ثبات
إقترب عبد الله فى خطوات حذرة و هو ينظر فى ترقب لذلك الشيخ الذى لم تتغير ابتسامته الهادئة..
تحركت شفتا عبد الله فى حذر و هو يسأل الشيخ.. من أنت؟ و ما هذا المكان؟
رد الشيخ بنفس الصوت الرصين ..أنت فى أرض الإختبار يا عبد الله..إقترب و لا تخف
إقترب عبد الله أكثر و قد بدا يشتم تلك الرائحة العطرة و التى كانت تنبعث من ذلك الشيخ, و قد بدأ يطمئن إليه
و سأل.. أى إختبار أيها الرجل الصالح؟
رد الشيخ بصوته الرصين.. لا يوجد إختبارُ غيره يا عبد الله
ثم تعلقت عينا الشيخ بشىء خلف عبد الله و أردف.. انظر خلفك
إلتفت عبد الله خلفه ليرى قصراً مهيباً شاهق الإرتفاع ضخماً مرصعاً بالياقوت و الألماس له بوابة من الذهب الخالص
لم يصدق عبد الله ما رأته عيناه ..
يا إلهى ما هذا القصر؟ كيف ظهر فجاة؟
جاء صوت الشيخ من خلفه قائلاً..
"دنيا"....إسمه "دنيا" يا عبد الله.. ثم تابع كلامه سائلاً
قل لى يا عبد الله.. هل تحب الذهب؟
إلتفت اليه عبد الله قائلاً..بالطبع و من لا يحبه؟
ابتسم الشيخ و هو يربت على كتف عبد الله قائلاً
اذهب لذلك القصر فهو ملىء بالذهب.. كله لك ..إغترف منه كما تشاء
و لكن انتبه.. سوف يقتصر وجودك بداخله على وقت محدد و سوف تخرج منه ثانياً
فلا تدع شىء يلهيك عن جمع الذهب.. فقط الذهب الذى تحبه يا عبد الله
ثم تابع مبتسماً.. و الآن اذهب قبل أن ينتهى وقتك
نظر عبد الله إلى القصر و بدأ فى الإقتراب من ذلك القصر المهيب.. "دنيا"
بدا يخطو فوق ذلك الممر الرخامى الممدود أمام البوابة الذهبية الضخمة و ما أن اقترب أكثر حتى انفتحت البوابة ببطىء كلما اقترب
و بدا يظهر ما بداخل القصر أمام عينيه
و خطا أول خطوة له بداخل القصر ثم وقف مشدوهاً مما رأى
كان القصر مضيئاً لدرجة الإبهار بحيث لا تعرف مصدر الضوء و لكنه يملء أركان المكان
كان القصر متسع الجنبات مرصعاً بالجواهر و تمتلىء أركانه بالزخارف
كانت تزين جدرانه رسومات و لوحات مبهرة وقد وقف يتأملها فى انبهار شديد
كلما خطى خطوة وقف يتأمل بكل انبهار غير مصدقاً لما تراه عيناه
كل تلك التحف التى تزين الأركان..
رأى ذلك الدَرَج المؤدى للطابق الأعلى .. كانت درجات ذلك الدرج من اللؤلؤ الخالص
يلمع فى عنينه ببريق لما يره من قبل
رباه ..ما هذا
اقبل يا عبد الله.. تعالى نتجول فى القصر فانا أعرفه جيداً و سأريك ما لم تره من قبل
نظر عبد الله بغتة الى صاحب الصوت
فرأى رجلاً يرتدى ملابس أنيقة ينظر إليه مبتسماً و لكن كانت نظرته حادة بعض الشىء
رد عبد الله قائلاً.. معذرة.. لم أنتبه لوجودك..من أنت؟
إزدادت ابتسامة ذلك الرجل و هو يجيب فى ثقة..هذا بيتى يا عبد الله
قالها و هو يقترب من عبد الله ثم جذبه من يده قائلا.. هيا بنا سوف يعجبك ما سوف تراه
إستجاب عبد الله لدعوة ذلك الرجل الأنيق و بدا يمشى معه و يتجول فى جنبات القصر
و يزداد إنبهاراً بكل ما يرى بل و يشهق أحياناً من فرط الإعجاب
تذكر عبد الله, الذهب الذى جاء من أجله فتوجه بالسؤال إلى ذلك الرجل
أين أجد الذهب؟. .. نظر إليه الرجل مبتسماً تلك الابتسامة مع نظرته الحادة ثم قال
نعم الذهب سوف تراه.. و لكن لا داعى للإستعجال فأنت لم ترى بعد ما سوف يعجبك
ثم جذبه من ذراعه و فتح باباً كبيراً كانا يقفا بجوراه
كانت غرفة كبيرة متسعة يتدلى من سقفها فروع من ذهب و لؤلؤ
كانت الجدران من زجاج شفاف مرسوم عليه احلى ما رأت عيناه
لم يصدق عبد الله ما رأى ووقف مشدوهاً يـتأمل و فقد فتح فمه و لمعت عيناه من فرط الإعجاب و الإنبهار
جذب ذلك الرجل عبد الله من ذراعه مرة أخرى ليخرجا من الغرفة و هو يقول..
تعال يا عبد الله سوف ترى المزيد ..قالها و هو يضحك بصوت مرتفع
ظل عبد الله يتجول بجنبات القصر الذى لا نهاية له حتى بدأ يسيطر عليه الإرهاق
عندها وقف و سأل مرة أخرى.. أين أجد الذهب؟
رمقه ذلك الرجل بنظرة تحمل علامات الاستهزاء المستتر
قبل أن يجيب قائلاً.. نعم الذهب.. بالتأكيد .. تعالى معى
قالها بنبرة تحمل طابع السخرية و إن كان لم يبدو ذلك على قسمات وجهه
مشى عبد الله خلف ذلك الرجل و تبعه حتى فجأة وجد أمامه جبل شاهق من الذهب
و لكنه كان صلباً.. عندها علت الدهشة وجه عبد الله و هو يسأل
.. كيف آخذ الذهب و هو صلب هكذا ..لا أستطيع حمله؟
إرتسمت على وجه الرجل ملامح التعاطف و لكن بشكل تمثيلى مسرحى قبل أن يرد قائلاً
.. نعم يا عبد الله للأسف سوف تضطر لبذل الجهد .. ثم أشار إلى بلطة موضوعة على منضدة بالقرب منهم ..و تابع كلامه
سوف تضطر للأسف لحمل البلطة و تضرب فى الجبل حتى تستطيع الأخذ منه
نظر عبد الله إلى الرجل قائلاً و بدا منهكاً.. و لكنى مرهق و قد أنهكنى التجول فى القصر و جنباته
عندها علت وجه الرجل ابتسامة واثقة و هو يعقد حاجبيه لتزيد من حدة نظرته لعبد الله و قال.. حسناً ما رأيك لو أخذت شىء أقيم من الذهب و أسهل فى الحصول عليه و بلا جهد؟
سأل عبد الله و قد بدا على وجه اللهفة.. بالطبع أوافق.. أين أجد هذا الشىء؟
عندها أجابه الرجل... إختر ما تريد و دعك من الذهب .. أنا أعرض عليك هذه اللوحة البديعة .. أو انظر لتلك الألىء.. خذ منها ما
تشاء..انها سهلة الحمل و ثمينة جداً
نظر عبد الله إلى الأرض و انتبه لوجود كرات اللؤلؤ منثورة حوله فهمّ بإلتقاطها و انشغل يملأ جيبوبه بسرعة حتى امتلأت عن آخرها ..و فجأة
بدأت تنطفى أنوار القصر تدريجياً ..التفت عبد الله حوله فى قلق فلم يجد ذلك الرجل الذى كان يرافقه.. عندها تذكر أنه حتى لا يعرف اسمه.. فقط
شغله الانبهار عن السؤال
لاحظ عبد الله أن القصر يظلم شيئاً فشيئاً
فجأة انتبه لوجود أناس يقتربون منه و لكن كان المكان مظلما فلم يتمكن من رؤية وجوههم
و كانوا يقولون فى صوت واحد.. انتهى الوقت عليك بالخروج الآن
فجأة وجد عبد الله نفسه محمولاً على أعناقهم متجهون به ناحية بوابة القصر.. كان يتلفت حوله و قد هاله ذلك الظلام الذى حلّ فجأة
على المكان
ما أن خرجوا به من بوابة القصر الذهبية.. أنزلوه .. ثم عادوا لداخل القصر الذى أغلقت أبوابه فور دخولهم مرة أخرى
نظر عبد الله إلى القصر الذى قد أظلم فجأة و هو واقف فى مكانه بخارجه
و هو يرجع الى الخلف فى حذر غير مصدقاً كل ما كان يحدث منذ قليل ..توالت الاحداث
سريعاً ثم كانت نهاية الجولة فجاة و فى دقائق كان خارج القصر و ...
كم حملت من الذهب يا عبد الله؟
جاء السؤال مباغتاً بذلك الصوت الرصين فنظر عبد الله خلفه ليجد ذلك الشيخ واقفاً فى مكانه متكئاً على عصاه مبتسماً و هو ينظر
إليه فى ثبات
رد عبد الله فى حماسة.. لقد أتيت بما هو أثمن من الذهب.. ثم مد يده فى جيبه ليخرج منها ما كان يعبئه منذ قليل و ... ما هذا؟؟
نظر عبد الله فى يديه غير مصدقاً وهو يكاد يبكى
من أين أتى هذا التراب؟؟ .. لقد كانت لألىء.. كرات لؤلؤ.. أين ذهبت؟؟
زالت الإبتسامة من على وجه الشيخ و هو يخاطب عبد الله .. ألم اقل لك خذ من الذهب ما شئت؟ لماذا لما تأخذ؟
قال عبد الله فى حسرة ..كنت منهكاً من التجول فى جنبات القصر .. ثم أكمل و قد دمعت عيناه من الحزن .. و اقترح علىّ ذلك
الرجل الذى كان يرافقنى أن آخذ اللؤلؤ بدلاً من الذهب بلا مجهود
عندها نظر الشيخ الى عبد الله نظرة تحمل الكثير من الشفقة
قائلاً لم يكن هذا لؤلؤاً يا عبد الله.. كان تراباً و تخيلته لؤلؤ
لم يكن فى القصر شىء حقيقى غير ذلك الذهب الذى أخبرتك عنه
دخلت القصر لتأخذ الذهب... لكنك بكل أسف أضعت وقتك و أنهكت نفسك فيما لم ينفعك
و خرجت من القصر بتراب لا نفع لك فيه... أرى أنك انخدعت بسهولة بكلام ساكن القصر و صدقت كلامه المعسول
ألم أحذرك ألا تدع شىء يلهيك عن جمع الذهب؟
ألم أحذرك أنك داخل القصر لوقت محدد تجمع فيه ما شئت من الذهب ثم تخرج؟
دخلت لتجلب الذهب و خرجت حاملاً تراب
أضعت فرصتك.. قالها الشيخ و هو يلتفت و يخطو خطواته مبتعداً عن عبد الله تاركاً إياه يقف وحيداً
سالت الدموع من عيني عبد الله و هو غير مصدق انه قد أضاع الفرصة بهذه السهولة
فصرخ مخاطباً الشيخ .. و هو يحاول اللحاق به..
ألا أستطيع الدخول مرة اخرى و سوف أحرص ألا يشغلنى شىء؟
لم يتوقف الشيخ و أجابه و هو فى طريقه مبتعداً.. أضعت فرصتك يا عبد الله
ثم كرر نفس الجملة التى قالها منذ قيل
دخلت لتجلب الذهب و خرجت حاملاً تراب
عندها جثا عبد الله على ركبتيه و هو يبكى و هو يعض على يديه.. قائلا..يا ويلتى ليتنى لم أتخذ ذلك الرجل خليلاً
لقد أضلنى عن مهمتى و أضاع وقتى و شغلنى بما لا ينفعنى ,
وأغمض عينيه و ظل يبكى وحيداً و....عبد الله
جاء ذلك الصوت يقطع الصمت الميحط به
فتح عبد الله عيناه بغتة ليجد نفسه ممداً فى فراشه و قد وقفت زوجته تناديه ليستيقظ قبل أن يتاخر
عن صلاة الفجر
انتفض عبد الله من الفراش و هو يضحك لزوجته قائلاً.. من اليوم.. الذهب فقط هو ما أجنيه
لم تفهم زوجته ما يقصد.. و لكنه لم يهتم كثيراً و همّ من فراشه فى نشاط متجهاً الى الحمام ليتوضأ و هو يقول فى طريقه.. لا وقت
للشرح الآن.. إنه نداء الذهب
و هنا أتوجه إليكم بسؤال... هل أدركتم ما هو الذهب؟
و هل تريدون الذهب أم سترضون بالتراب عنه بديلاً ؟
أترك الإجابة لكم
بقلم أخوكم احمد يسرى
تعليق