Tweet
بعد أن كان الأصل التطوع وعدم أخذ الأجرة على العبادة ... أصبح الأصل الآن أخذ المال على العمل الصالح .
بعد أن كانت الإمامة في الصلاة وتحفيظ القرآن وأخذ الإجازات فيه وتعليم العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تطوعا وأمرا يشترك فيه المسلمون ويضحّون من أجله ويجعلونه في أذهانهم قبل أكلهم وشربهم ... أصبح اليوم وللأسف الذي يفعل ذلك لا بد من أخذه للمال ... لدرجة تصل إلى أن الذي لا يأخذ المال ويفعل ذلك تطوعاً يستغربه الناس بل ويستهينوا به ويحتقرون ما لديه من بضاعة .
فالإمامة في الصلاة إنْ فعلها تطوعاً وحافظ عليها ... قالوا عنه وقته فارغ ليس لديه أي شيء يفعله .
وتحفيظ القرآن لا يأتي الناس بأبنائهم إلى المسجد إلا إذا كان يأخذ مالاً مقابل تحفيظ أبنائهم .
وكذا الإجازات في القرآن يَستغل الناس ـ إلا من رحم الله ـ الشيخ الذي يفعل ذلك تطوعاً ، أو الذي يأخذ القليل من المال على إعطاء الإجازة .
وكذا تعليم العلم لو لم يدفع الإنسان رسوماً وتجرى له الاختبارات في المعاهد لما اهتم بالعلم الذي يأخذه .
وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... اقتصر اليوم في بعض البلدان على أناس معينين من الدولة فقط ، وترك الناس ـ إلا من رحم الله ـ هذه الشعيرة ولم يبالوا بها ... فإذا حث امرؤ من الناس على هذه الشعيرة وطالب بإرجاعها وعودتها إلى المسلمين مرة أخرى ... لقي أمرا عجيباً ... وكأنه يؤسس الدين من جديد ... لقي التخذيل والتثبيط والاستنكار والاستغراب والهجوم والتفكه ورفع الصوت من قبل الناس ربما لا يرفعه على منكر رآه .
ـ أما على الطرف الآخر نرى أنّ المال يأتي إلى المغنين والممثلين ولاعبي الكرة والراقصات ... وتنشأ لهم ولهن القنوات الخاصة ...
ويسافر إليهم الناس بشغف ولهفة ... ويوسع لهم في الإعلام والصحف الإذاعات والجرائد والمجلات ....
في حين أنّ الذي يأمر بالمعروف وبالنصيحة وينهى عن المنكر وعن الرذيلة يضيق عليه حتى بين إخوانه المصلين ... مع العلم أنه لا يطلب منهم مقابلاً للنصيحة كما يطلب هؤلاء الفساق الأموال من أجل فسقهم .
وليس ذلك فحسب ... تشتهر بين الناس أسماءهم ويسمون نجوما وفنانين ... وليس ذلك فحسب ... بل ويتخذهم أبناء المسلمين قدوة لهم ... يا الله .. يا الله .. يا الله ... لا حول ولا قوة إلا بك ...
أما الذي يدعوا إلى الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، ويطلب من إخوانه أن ينتشروا بين المجتمع ... يجد الاستنكار والاستغراب ليس ممن ينصحهم فحسب ولكن من إخوانه أيضاً ...
ـ ولكن هناك إنسان هذه صفته وهذه رحلته ونحن مطالبون بالاقتداء به ... حاربه أقرباؤه ولم يقفوا معه إلا القليل ، بل واجتمع عليه أهل بلدته ليقتلوه ، بل وأخرجوه من بلدته طريداً ، تاركين الأطفال والغلمان ليقذفوه بالحجارة ويُدْمُوهُ ... إنه محمد صلى الله عليه وسلم ... ولنا في رسول الله أسوة حسنة ... إن لم يوزع أوراقاً ولا منشورات ... وإنهم لم يلقوها من أيديهم على الأرض أو يمزقوها ... إنهم كفروا به وجحدوا ما جاء به بل وعارضوه وهمّوا بقتله ...
ـ إن المسألة ليست منشورات يخاف أن تطرح على الأرض من قبل الناس لأن فيها لفظ الجلالة أو آية من الآيات ... ولكن المسألة مسألة دعوة إلى الله ومعارضتها ، مسألة شخص يحاول استنهاض الهمم وإرجاع الناس إلى دين ربهم في حدود ما آتاه الله من مال وطاقة ومسألة أناس لا يهتمون بذلك ...
تكفينا سلبيات العوام ... فلا تكونوا أنتم وهم ... اتركونا ندعو إلى الله تعالى ... إن لم تقفوا معنا وتساندونا ... بالله عليكم لا تخذلونا وتعيقونا واتركونا ندعو إلى الله تعالى .
تعليق