كتـــــــاب
حــقــيــقــة عـــــلامــات الـسـاعـــــــة الــكـبـــري
(طلـوع الشـمـس مـن مـغـربـها، يـأجــوج ومـأجــوج، الــدابّة، الــمـسـيح الــدّجّال)
حــقــيــقــة عـــــلامــات الـسـاعـــــــة الــكـبـــري
(طلـوع الشـمـس مـن مـغـربـها، يـأجــوج ومـأجــوج، الــدابّة، الــمـسـيح الــدّجّال)
تــألـيـف
العبد الحقير/ الأرقــــــــم علـــي الـسـماني
8-7-2012 م
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الــــــــمــــقــدمــــــــــــــــــــــة
بسم الله الإله الذي في السماء صاحب السلطان والكبرياء، وله الحمد والثناء علي ما أنعم به من النعماء، ولا إله إلا الله في الأرض ولا في السماء، والله أكبر، خلق وقدر، أمات ونشر، عذب وغفر، والصلاة والسلام علي مسك الختام، سيد الأنام محمد، وعلي آله الكرام، أفضل الصلاة والسلام.
أمــــــــــــابـــــــعــــــــــد...
قال تعالي الله الملك الحق :(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ(1)مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ(2)لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ(3)الأنبياء..
لقد قرب ودنا وقت حساب الناس علي أعمالهم، وهم مستغرقون في شهواتهم غافلون عن ذلك اليوم الرهيب، لايعملون للآخرة ولايستعدون لها كقول القائل: الناس في غفلاتهم ورحّي المنية تطحن.
فالناس في غفلة عن الآخرة وعن الحساب والجزاء بينما القيامة تلوح لهم، وهم قد شغلتهم مغريات الحياة الدنيا الفانية عن ذلك اليوم الرهيب، الذي تشيب من هوله الولدان، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتري الناس سكاري وماهم بسكاري ولكن أهوال الساعة وشدائدها قد أطارت العقول وسلبت الأفكار.
فهل ينتظرون إلا قيام الساعة بغتة فتبهتهم وهم سادرون غافلون؟!.فقد جاء أشراطها وعلاماتها.
قال تعالي الله الملك الحق :(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ(18)محمد.. فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة بغتة، حيث لا ينفع ندم ولاتوبة؟!.
عن حذيفة بن أُسَيْدٍ الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال:(ما تَذاكَرون؟ قالوا: نَذْكُر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تَرَوا قَبْلَها عَشْرَ آيات، فذَكَر الدُّخانَ، والدَّجّالَ، والدّابَّةَ، وطلوع الّشمس من مغربها، ونزولَ عيسى بن مريم، ويأجوجَ ومأجوجَ، وثلاثةَ خُسوفٍ: خسْف بالمشرق، وخَسْف بالمغرب، وخَسْف بجزيرة العرب، وآخِرُ ذلك نارٌ تَخْرُجُ من اليَمَن، تَطْرُدُ الناسَ إلى محشرهم)رواه مسلم..
إن هذه الأشراط العشرة الكبري ماهي إلا دلائل وعلامات تشير إلي قرب موعد قيام الساعة، تنشأ علي أرض الواقع بالتدريج، علي شكل إختراعات أو كوارث طبيعية أو تغيرات مناخية أو نشوء إمبراطوريات ذات ثقافات فكرية فاسدة تصطدم مع الحضارة الإسلامية.
وليست ظواهر خارقة للعادة، كما فسرها البعض بناءً علي ظاهر ألفاظ الأحاديث النبوية الشريفة، فهي أمور غيبية لا تُعرف حقيقتها علي وجه الدقة إلا بعد حدوث وقائعها.
فمثلاً هنالك آيات في كتاب الله لم يُعرف تأويلها علي وجه الدقة، إلا بعد حصول وقائعها، أو بعد تطور الإنسان في مجال العلم.
كقوله تعالي الله الملك الحق:(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَالَا تَعْلَمُونَ(8)النحل
(وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)أي وسائل النقل الحديثة.
أو كقوله تعالي الله الملك الحق وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ(81)النحل..
أي ثياب واقية من الحرارة الشديدة والنيران، وهي ماتوصل إليه العلم في هذا الزمان.
كما أن علامات الساعة الكبري قد ورد ذكرها في القرآن الكريم، بشئ من التفصيل والبيان المبين مثل: يأجوج ومأجوج والمسيح الدجّال والدابّة وطلوع الشمس من مغربها، موضوع بحثنا هذا.
فمن خلال ذلك المنظور القرآني لعلامات الساعة الكبري، وعلي ضوء تلك الأحاديث النبوية الشريفة التي ورد فيها وصف علامات الساعة الكبري، وربط ذلك كله بأرض الواقع، تتبين لنا حقيقة علامات الساعة الكبري التي حدثت كيأجوج ومأجوج والدابّة والمسيح الدجّال.
قال تعالي الله الملك الحق :(يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63)لأحزاب..
حـــــقــــــيـــــقــــة طلــــــــوع الــــــــــــشــمــــــــس مـــــــن مـــغـربــــــهــــــــا
قال تعالي الله الملك الحق :(وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا(7)الحج..
فالساعة حتمية الوقوع حادثة لا محالة، وذلك بسبب إستحالة الحياة علي وجه الأرض في ذلك الحين، نتيجة التغيرات المناخية التي سوف تطرأ علي كوكب الأرض.
أي عندما تستحيل الحياة علي وجه الأرض ويصبح الإنسان غير قادر علي العيش فيها لعدم توفر مقومات حياته البيلوجية، نتيجة الخلل الفيزيائي الذي سوف يحدث للشمس، عندها لا مناص من توقف دورة الحياة وإنتهاء الزمان.
فحياة الإنسان علي وجه الأرض مرتبطة إرتباط وثيق بالشمس، لتعاقب الليل والنهار بسببها.
فالإنسان يحتاج إلي هذه الدورة الفيزيائية للشمس، حتي يستطيع الحياة والإستمرار علي وجه الأرض، يحتاج إلي الليل كما يحتاج إلي النهار.
قال تعالي الله الملك الحق :(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ(67)يونس..
فلو كانت الأرض ليلاً لا نهار فيه، أو نهاراً لا ليل فيه, لما وجدت الحياة علي ظهرها أصلاً.
قال تعالي الله الملك الحق :(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ(71)قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(72)وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(73)القصص..
فالشمس هي عصب الحياة علي وجه الأرض وعمودها، فإذا أختل هذا النظام الشمسي المعروف شروق ثم غروب أي ليل ثم نهار، لأدي ذلك إلي توقف دورة الحياة علي كوكب الأرض وفناء جميع الكائنات من الإنسان والحيوان والنبات.
لذلك كانت الشمس هي خاتمة علامات الساعة الكبري، حيث لا توبة بعدها ولا إيمان أي إنتهاء الزمان ونهاية الحياة الدنيا.
قال تعالي الله الملك الحق :(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ(158)الأنعام..أي طلوع الشمس من مغربها كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم.
ولكن ماهي كيفية ذلك الشروق المغربي الذي سينتج عنه ذلك الخلل البيلوجي الذي سيؤدي إلي توقف دورة الحياة علي وجه الأرض ونهاية العالم؟!.
فهل ستغير الأرض جهة دورانها، حتي تشرق الشمس عليها من الغرب بدلاً من الشرق؟!.
فكما نعلم فإن الأرض تدور حول نفسها ليتعاقب الليل والنهار، إذا كان الأمر كذلك فهل بهذه الكيفية يُمكّن أن ينتُج ذلك الخلل البيلوجي الذي سيؤدي لخراب الأرض؟!.
وهل بهذه الكيفية يُمكّن لجميع سكان الأرض رؤية ذلك الشروق الكارثي في وقت واحد حتي تقوم عليهم الحجة جميعا؟!.
فكما نعلم فإن الشمس عندما تشرق تشرق علي النصف الأول فقط من الأرض وهذا النصف الأول من الأرض يحجب أشعة الشمس عن الوصول إلي نصفها الثاني فيكون ليلاً وذلك هو تعاقب الليل والنهار.
إذاً فهنالك وضعية مختلفة للشمس عن هذه الوضعية الحالية، تستطيع من خلالها أن تشرق علي كل الأرض في وقت واحد، دون أن يحجب جزء من الأرض أشعة الشمس عن الوصول إلي جزء آخر، لكي تقوم الحجة علي الناس جميعا.
لمعرفة هذه الكيفية يجب علينا دراسة الشمس من منظور قرآني:
قال تعالي الله الملك الحق :(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ(37)وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(38)وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ(39)لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40)يس..
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ)أي ومن الآيات الباهرة والعلامات الظاهرة الدالة علي كمال قدرة الله ووحدانيته هذه الآية العظيمة وهي الليل نزيل عنه الضوء ونفصله عن النهار فإذا هم داخلون في الظلام، وفي الآية رمز إلي أن الأصل هو الظلام.
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا)أي وآية أخري لهم الشمس تسير بقدرة الله في فلك لاتتجاوزه ولاتتخطاه لمكان تستقر فيه ولوقت تنتهي إليه وهو يوم القيامة.
(ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)أي ذلك الجري والدوران بإنتظام وبحساب دقيق هو تقدير الإله العزيز في ملكه العليم بخلقه.
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ)أي والقمر قدرنا مسيره في منازل، يسير فيها لمعرفة الشهور وهي ثمانية وعشرون منزلاً في ثمانية وعشرين ليلة ينزل كل ليلة في واحد منها لايتخطاه ولايتعداه فإذا كان في آخر منازله دقّ واستقوس.
(حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم)أي حتي صار كغصن النخل اليابس وهو عنقود التمر حين يجف ويصفر ويتقوس.
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ)أي لا ينبغي للشمس في جريانها أن تلحق القمر، وفي ذلك إشارة لدوران الشمس حول الأرض في مدار منفصل عن مدار القمر، فالقمر كما هو معلوم يدور حول الأرض.
وليس المقصود أن تدرك الشمس القمر إدراكاً زمانياً فتحيل ليله نهاراً، فهذا الإدراك حادث كما هو مشاهد بالعين المجردة في أوقات وأزمنة محددة يجتمعان فيها سوياً في وقت واحد.
(وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ)أي ولا الليل يسبق النهار فيدركه قبل إنقضاء وقته، وفي ذلك إشارة لدوران الأرض حول نفسها لتعاقب الليل والنهار.
والغرض بيان عظمة الله وقدرته في تدبير الكون وتسيير الأفلاك، حيث تدور الأرض حول نفسها ليتعاقب الليل والنهار بدقة متناهية وبحساب دقيق وإنسجام تام مع دوران الشمس حول الأرض، دون حدوث أي خلل.
(وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)أي وكلٌ من الشمس والقمر في مدارٍ منفرد حول الأرض يسبحون بنظام دقيق، وقدرة باهرة.
وفي لفظ يسبحون بلاغة وبيان فالسباحة تكون للأعلي علي عكس الغوص فهو للأسفل، وفي ذلك إشارة لدوران الشمس والقمر حول الأرض بطريقة لولبية تصاعدية.
إذاً فمن خلال ذلك المنظور القرآني للشمس يتبين لنا الأتي:
أن الشمس تجري حول الأرض، بطريقة لولبية تصاعدية من جنوبها إلي شمالها، حتي تبلغ مستقرها وهو قمة الأرض، التي من خلالها تستطيع الشمس أن تشرق علي كل الأرض في وقت واحد.
أي عندما تصبح الشمس فوق الأرض بشكل عمودي، أي فوق القطب الشمالي مباشرةً يمكنها حينها أن تشرق علي كل الأرض في وقت واحد، دون أن يحجب جزء من الأرض أشعة الشمس عن الوصول إلي جزء آخر،
فكما نعلم فإن حجم الشمس أكبر من حجم الأرض أضعاف مضاعفة، وعندها تصبح الأرض في حالة نهار دائم لا ليل فيه فتستحيل الحياة علي كوكب الأرض حيثُ نهاية الزمان وبداية اللازمان عالم الخلود.
كذلك فإن دلائل ذلك المنظور القرآني ماثلةٌ أمامنا في الأفاق:
فالشمس عندما بدأت بالدوران حول الأرض بدأت من جنوبها أي من قطبها الجنوبي فكان ذلك القطب الجنوبي المتجمد، غير متجمد بفعل حرارة الشمس، ولكن عندما بدأت الشمس بالإبتعاد تدريجياً عن دائرة القطب الجنوبي والصعود إلي أعلي متحركة نحو القطب المتجمد الشمالي أي قمة الأرض، أخذ ذلك القطب الجنوبي بالتجمد بسبب ضعف أشعة الشمس، مما جعل ذلك المياه تنحسر عن أراضي وجزر كانت في السابق مغمورة تحت مياه المحيط الجنوبي.
علي سبيل المثال لا الحصر: جزيرة أستراليا في النصف الأول من الأرض، وجزيرة نيوزلنده في النصف الثاني من الأرض.
كذلك فإن التغيرات المناخية الحادثة الآن وذوبان المحيط المتجمد الشمالي، تكشف لنا حقيقة أن الشمس بدأت تدنو من تلك اللحظة الكارثية.
أي أن الشمس أوشكت علي إتخاذ ذلك الشكل العمودي من الأرض، وبالتالي سيتزامن مع ذوبان المحيط المتجمد الشمالي، ذوبان المحيط المتجمد الجنوبي.
وذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ(3)الإنفطار..
مما سيؤدي ذلك إلي تغيرات مناخية حادة، وإلي غرق تدريجي لمساحات شاسعة من الكرة الأرضية، وبالتالي ستعود جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم، فالساعة أصبحت علي مرمي حجر.
حـــــــــــــــــقــــــــيـــــــــقــــــــــة يـــــــــــــأجـــــــــــــوج ومــــــــــــأجــــــــوج
إن المتتبع لأحاديث النبي صلي الله عليه وسلم عن فتنة يأجوج ومأجوج، يجد أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد نبه لإقتراب موعد حدوثها ووصفها بأنها شر قد أقترب، فنستنبط من ذلك التنبيه، أن فتنة يأجوج ومأجوج كانت قاب قوسين أو أدني من الحدوث، وبالتالي فهي أول الأشراط الحادثة من الأشراط العشرة الكبري.
عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحش، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم دخل عليها يوماً فزعاً يقول:(لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد أقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه "وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها" فقالت زينب بنت جحش يارسول الله: أنهلك وفينا الصالحون؟!.قال نعم إذا كثر الخبث).رواه البخاري..
كذلك فإن ردم يأجوج ومأجوج قد ذكر في القرآن الكريم بشئٍ من التفصيل والبيان.
قال تعالي الله الملك الحق :(حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا(93)قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(94)قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا(96)فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا(97)قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا(98)الكهف..
فالحكمة من ذكر هؤلاء القوم في القرآن الكريم وبيّان موقعهم، لكي يكونوا أية صدق علي ماجاء به القرآن الكريم بعد ظهورهم وإنكشاف أمرهم.
ويكونوا كذلك أية صدق علي ما وعد به الله عزوجل من قيام الساعة، والبعث، والحساب والجزاء، فقد وصفت فتنة يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم بأنها من دلالات إقتراب موعد قيام الساعة.
قال تعالي الله الملك الحق :(حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ(96)وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ(97)الأنبياء..
كذلك فإن النبي صلي الله عليه وسلم قد عدد لنا أوصافاً لقوم يأجوج ومأجوج، فقال صلي الله عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب :(أنكم تقولون لا عدو، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدواً حتي يأتي يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون شهب الشعاف من كل حدب ينسلون كأن وجوههم المجان المطرقة)مسند أحمد..أي أنكم لاتزالون تقاتلون عدواً تلو عدو فتنتصرون عليه حتي يأتي يأجوج ومأجوج فيوقعون بكم الهزيمة.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:(لاتقوم الساعة حتي تقاتلوا قوماً صغار الأعين، عراض الوجوه، كأن أعينهم حدق الجراد، كأن وجوههم المجان المطرقة، ينتعلون الشعر، ويتخذون الدرق، حتي يربطوا خيولهم بالنخل)السيوطي..
فمن خلال ذلك المنظور القرآني لقوم يأجوج ومأجوج، وعلي ضوء تلك الأوصاف التي وردت عنهم في الأحاديث النبوية الشريفة، وربط ذلك كله بأرض الواقع، تتبين لنا حقيقة قوم يأجوج ومأجوج.
إن يأجوج ومأجوج ماهما إلا قبيلتان من قبائل المغول، أسستا في القرن الثامن الهجري مايعرف بالإمبراطورية التترية التي عاثت فساداً في الأرض لم يسبق له مثيل علي مرّ التاريخ.
لقد تأسست الإمبراطورية التترية علي يد الإمبراطور جنكيز خان، الذي توسع في فتوحاته فبدأ بالصين بعد أن إندك ذلك الردم الذي بناه ذو القرنين، والذي كان يفصلها عن بلاد المغول، الواقع جنوب منغوليا وشمال الصين، أي في الشمال الغربي لصحراء غوبي التي أشار إليها القرآن الكريم بقوله تعالي الله الملك الحق :(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا(90)الكهف..أي أن أرضهم صحراء لا شجر فيها يظلهم من حر الشمس.
ثم توغل جنكيز خان بجيوشه في شرق أسياء، ولم يغزو العالم الإسلامي إلا بسبب عدم إكتراث حاكم الدولة الخوارزمية محمد شاه، بطلب جنكيز خان القصاص من قتلة تجار مغول.
فما كان من جنكيز خان إلا أن إجتاح بجيوشه الهمجية المتوحشة، حدود الدولة الخوارزمية ثأراً لمقتل هؤلاء التجار المغول، فقتل المغول جميع سكان الدولة الخوارزمية من الرجال والنساء والأطفال، ولم ينجو شيء من وحشية وهمجية المغول.
ثم أحرقوها ودمروها عن أخرها حتي زالت عن الوجود، مما شجعهم ذلك علي غزو المشرق الإسلامي كاملاً، ففعلوا به مافعلوه بالدولة الخوارزمية.
ثم تواصل الزحف التتري الهمجي الوحشي، حتي وصل إلي أسوار بغداد عاصمة الخلافة العباسية، فحاصرها المغول حتي سنحت لهم فرصة إقتحامها علي يد القائد هولاكو، كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:(حتي يربطوا خيولهم بالنخل)وهي كناية عن أرض العراق الشهيرة بنخيلها.
ففعلوا بها الأفاعيل قتلاً وهدماً وحرقاً، حتي وصل عدد القتلي في غضون أيام معدودات، وبالسلاح الأبيض، مايقرب من مليون قتيل من الرجال والنساء والأطفال، وعاثوا فيها فساداً، فهدموا المساجد، وأحرقوا الكتب، وألقوا الكثير منها في البحر حتي أسود ماءه.
ولقد نكل المغول بالخليفة العباسي تنكيلاً بشعاً، فقتلوه دهساً بالأقدام بعد أن ربطوه داخل جوال.
وكان نتيجة ذلك الغزو التتري للعالم الإسلامي، إنهيار دولة الخلافة العباسية كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:(أنكم تقولون لا عدو، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدواً حتي يأتي يأجوج ومأجوج)فلقد كان ذلك العصر هو عصر الفتوحات الإسلامية.
ثم واصل المغول زحفهم المدمر البشع حتي وصلوا إلي أسوار الشام، فحاصروها ومن ثم إجتاحوها ودخلوا دمشق.
وفي خضم ذلك الفساد التتري، توفي إمبراطور التتار فأُستُدعي القائد هولاكو وهو أحد المرشحين لخلافة العرش، إلي قراقورم عاصمة الإمبراطورية المغولية، للتشاور حول الإمبراطور الجديد.
فانسحب بمعظم جيشه إلي فارس، وترك قسماً منه في بلاد الشام، لينهزم ذلك القسم فيما بعد علي يد القائد قطز في معركة عين جالوت، ويسدل الستار علي فتنة يأجوج ومأجوج.
حـــــــــــــــقــــــــــيــــــــــــــــــقــــــــــــة الـــــــــدابـــــــــــــــــــــّة
قال تعالي الله الملك الحق :(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا(70)الإسراء..
لقد كرم الله عزوجل الإنسان ورزقه من الثمرات وفضله علي كثير ممن خلق تفضيلاً، ومن تمام تكرمته وتشريفه سبحانه وتعالي للإنسان، أن هيئا له الأسباب التي يتمكن بها من قطع المسافات الطويلة والمساحات الشاسعة من الأرض، بيسر وسهولة.
فخلق له من الدوابّ، الجمال والخيل والبغال والحمير، وسخرها له لتحمله علي ظهورها، وتحمل أحماله الثقيلة فيتبلغ بها مقاصده براً.
وهيئا له كذلك الأسباب التي يتبلغ بها مقاصده بحراً، فعلم الإنسان كيفية صناعة السفن التي يجوب بها البحار والمحيطات.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(41)وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ(42)يس..أي ودليل لهم وبرهان علي أن الله وحده المستحق للعبادة المنعم بالنعم، أنا حملنا من نجا من ولد أدم في سفينة نوح عليه السلام، المملوءة بأجناس المخلوقات لإستمرار الحياة بعد الطوفان.
وخلقنا للناس مثل سفينة نوح عليه السلام من المراكب، التي يركبونها ويتبلغون بها مقاصدهم، وذلك إشارة إلي وسائل النقل الحديثة، وإنما نسب الخلق إليه جل وعلا لأنها بتعليمه سبحانه وتعالي للإنسان.
وهذه الآية نظير قوله تعالي الله الملك الحق :(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(8)النحل..
(وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)أي ومن تمام تكرمته ونعمته سبحانه وتعالي للإنسان أن يخلق له في المستقبل ما لايعلمه من وسائل النقل.
أي وسائل النقل الألية الحديثة، التي أستغني بها الإنسان عن وسائل النقل الدوابّية البدائية، لعدم جدوي تلك الوسائل البدائية في عصرنا الحاضر هذا لإنتشار الإنسان في جميع بقاع الأرض.
وذلك مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم:(ليتركن القلاص فلا يسعى إليها)أي الجمال فلا يستعملنها، فتم إستبدالها بوسائل النقل الدوابّية الألية الحديثة من السيارات، والقاطرات، والطّائرات النفاثة التي بواسطتها أستطاع الإنسان أن يبلغ كوكب القمر وبعض الكواكب الأخري.
هذه الدابّة، ذات المحركات المرتبطة إرتباط وثيق بمشتقات النفط الخام كوقود لها، مما ساهم ذلك في جعل النفط الخام(الذهب الأسود)سلعة مهمة ذات مردود تجاري مربح جداً.
فأحدثت تلك الدابّة وملحقاتها طفرة إقتصادية هائلة، غيرت وجه الأرض من خلاء قاحل إلي عمران بلغ عنان السماء، فكانت تلك الدابّة علامة فارقة في تاريخ سكان الأرض.
حــــــــقــــــيـــــــــقـــــــــــة فــــــــتــــنـــــة الــــمـــــــســــــــــيح الــــدجّـــــــال
إن المتدبّر في آيات القرآن الكريم، يجد أن الله عزوجل قد حذر تحذيراً شديداً في مواطن كثيرة في القرآن الكريم من اليهود والنصاري، بل وجمع بينهما وبيّن أنهما متفقان علي الكيد للإسلام والمسلمين.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ(120)البقرة..أي حتي يردوكم عن دينكم فتصبحوا كفاراً مثلهم، فملتهم الكفر بالله.
ولقد نهي سبحانه وتعالي المسلمين عن موالاتهما وطاعتهما وإتخاذهما أولياء أمر.
قال تعالي الله الملك الحق :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(51)فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ(52)وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ(53)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(54)إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55)وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(56)المائدة..
فالمتأمل في التاريخ الإسلامي يجد أن اليهود والنصاري علي مرّ العصور السالفة، لم يتمكنوا من الكيد للإسلام والمسلمين، وقهرهم وإخضاعهم تحت سلطانهم، سواءً بالعصا أو الجزرة أو بالعصا والجزرة معاً، إلا في عصرنا هذا.
فنحن في عصرنا هذا المعنيون بهذا التحذير الإلهي منذ أربعة عشر قرناً، وذلك من إعجاز القرآن الكريم"سبحان علام الغيوب".
فالمسلمون اليوم قد أتخذوا اليهود والنصاري أولياء أمر، يأتمرون بأمرهم، وينتهون بنهيهم، فساسوهم باللهو واللعب، فطمسوا عليهم هويتهم الإسلامية القرآنية.
وذلك مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوي:عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن)صحيح البخاري..
مما أدي ذلك إلي فتنة المسلمين عن دينهم، وليست هنالك فتنة أعظم من فتنة الدين، فقتل المسلم علي دينه، أهون عند الله من فتنته عن دينه.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ(217)البقرة..
فما وجه الشبه بين فتنة اليهود والنصاري وفتنة المسيح الدجّال؟!.
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجّال ذات غداةٍ فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتى ظَنَنّاه في طائفة النخل، فانصرفنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رحنا إليه، فعرف ذلك فينا فقال:
(ما شأنكم؟ فقلنا يا رسول الله ذكرتَ الدجّال غداةً فخَفَّضتَ فيه ورفَّعتَ حتى ظننّاه في طائفة النخل؛ فقال: غيرُ الدجّال أخوَفُني عليكم إن يخرجْ وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإنْ يخرجْ ولستُ فيكم فامرؤ حجيجُ نَفْسِه، والله خليفتي على كلّ مسلم، فمن أدركه منكم فليقرأ فواتح سورة الكهف، إنه خارجٌ خَلَّةً بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا؛ قلنا: يا رسول الله وما لَبْثُه في الأرض؟ فقال: أربعون يوماً، يومٌ كَسَنةٍ ويومٌ كشَهر ٍ، ويومٌ كجُمعةٍ وسائرُ أيامِهِ كأيّامكم؛ قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره؛ قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرىً، واسبغه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيدهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً شاباً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك).صحيح مسلم..
إن فتنة المسيح الدجّال هي من أعظم الفتن التي تمر علي الأمة الإسلامية، وهي أعظم من فتنة يأجوج ومأجوج علي عظم شرها، فسفك دماء المسلمين وقتلهم علي دينهم كما فعل يأجوج ومأجوج، أهون من فتنتهم عن دينهم ومن ثم قتلهم كما يفعل المسيح الدجّال.
لذلك حذّرنا النبي صلي الله عليه وسلم تحذيراً شديداً من فتنة المسيح الدجّال، ووصفها بأنها من أعظم الفتن، وأمرنا بالتعوذ منها في صلواتنا؛ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا تشهَّدَ أحدكم فليستعِذْ بالله من أربع، يقول:اللهمَّ إني أعوذُ بك من عذاب جهنَّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المَحْيا والممات، ومن شَرِّ فتنة المسيح الدجّال)رواه مسلم..
ولقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يخاف علينا خوفاً شديداً من المسيح الدجّال(غيرُ الدجّال أخوَفُني عليكم)ولايخاف نبي من أنبياء الله علي أمته شيئاً، أكثر من خوفه عليهم مما قد يفتنهم عن دينهم، ففتنة المسلم عن دينه أشدّ إيلاماً وحسرةً علي النفس من قتله بيد الأعداء علي دينه.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ(191)البقرة..
فبقدر خوف النبي صلي الله عليه وسلم علي أمته من فتنة المسيح الدجّال، يتبين لنا مدي ألم وحسرة تلك الفتنة علي النفس.
وجــــــــــــــــــــــــــــــــــه الــــــــــــــــــشـــــــــــــــبه :
بدايةً قد يسأل سائل، كيف يستطيع المسيح الدجّال أن يفتننا عن ديننا وكفره بائن، وكأنه مكتوب بين عينيه، يقرأه القارئ والأمي، كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:(الدَّجَّالُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَأُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٌ وَغَيْرُ كَاتِبٍ)صحيح البخاري..
ذلك لما يتمتع به الدجّال من الحيلة والمكر والخديعة، والتدليس والتلبيس، بحيث يُلبس على الناس الحقَّ، ويموّه لهم الباطل، فهو إسم علي مسمي.
لذلك تكفل النبي صلي الله عليه وسلم بمحاجته ودحضه إن خرج في زمانه(إنْ خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه وإنْ خرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كلّ مسلم)..
فالمسيح الدجّال يُلبس على الناس الحقَّ، ويموّه لهم الباطل، حتي يقعوا فيه ويخروجوا عن الحقَّ، وماذاك إلا نتيجة جهل الناس بأمر دينهم، وهجرهم للقرآن الكريم الحق الزاهق للباطل، لذلك أمرنا الله عزوجل بتلاوة القرآن الكريم، وحذرنا من عاقبة هجره.
قال تعالي الله الملك الحق :(إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(91)وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ(92)النمل..
ففي تلاوته نور العلم والفهم، وفي هجره ظلمات الجهل والوهم؛ فالقرآن الكريم حجة لنا، أو حجة علينا، كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها أو موبقها.
كذلك حثنا النبي صلي الله عليه وسلم علي التعلم والتفقه في الدين، لمجانبة الباطل والضلال فقال:(مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهُّ فِي الدِّينِ)رواه البخاري ومسلم..أي من فقه أمر دينه كانت عاقبته خيراً، ومن جهل أمر دينه كانت عاقبته شراً.
كذلك فإن الحيلة والمكر والخديعة والتدليس والتلبيس علي الناس في الحق وتمويه الباطل، هو ديدن اليهود والنصاري.
فهم من خُبثهم يخلطون بين الحق والباطل، بإلقاء الشبه والتحريف والتبديل، بل وبكتمان الحق لما يوافق أهوائهم وأغراضهم الدنيئة الخسيسة.
قال تعالي الله الملك الحق :(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(71)آل عمران..
لذلك حذرنا المولي عزوجل منهم، ومن كيدهم ومكرهم وتربصهم، حتي لايفتنوننا عن ديننا، فاليهود والنصاري قد حرفوا التوراة والإنجيل، فلا عجب أن يحرفوا القرآن الكريم معنّاً، لا نصّاً.
وأن يشبهوا للناس دينهم، فيصبح المرء مؤمناً، ويمسي كافراً، كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:عن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا)صحيح مسلم..
والشواهد القرآنية في ذلك كثيرة، فمن الشواهد محاولة اليهود في صدر الإسلام الأول فتنة الصحابة عن دينهم، بإظهار الإسلام في أول النهار ثم الإرتادُ عنه في أخره، لإيهام الصحابة أنما ردهم إلي دينهم إطلاعهم علي نقيصة وعيب في دين الإسلام.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(72)آل عمران..
وكان ذلك الكيد والتدليس لفتنة المسلمين عن دينهم في صدر الإسلام الأول، حيث لم تكن لهم مصلحة في ذلك إلا اللهم الكيد للإسلام والمسلمين حسداً من عند أنفسهم، فما بالك بهم اليوم وهم لهم كل المصلحة في فتنة المسلمين عن دينهم، لما في ذلك من الحفاظ علي أمن دولتهم المزعومة إسرائيل، فاليهود اليوم يتحالفون مع النصاري لمساعدتهم في إحتلال فلسطين.
وذلك مصداق قوله تعالي الله الملك الحق :(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4)فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا(5)ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا(6)إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7)الإسراء..
وقوله تعالي الله الملك الحق الذي يدلل علي أن إفسادهم الحادث في زماننا هذا هو الإفساد الثاني:(وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا(104)الإسراء..أي جئنا بكم إلي فلسطين بأعراق شتي.
وهذا التحالف اليهودي النصراني المسمي(الولايات المتحدة الأمريكية)هو من أشد التحالفات عداءاً للإسلام والمسلمين منذ بزوغ فجر الإسلام الأول.
فاليهود يمثلون نسبة من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، ذات نفوذ سياسي قوي لايستهان به، مما مكنهم ذلك من توجيه دفة السياسة الأمريكية لخدمة مصالحهم وأهدافهم اليهودية الصرفة والتي قد تتعارض مع مصالح وأهداف النصاري الإستراتيجية.
فصارت الولايات المتحدة الأمريكية اليهودية النصرانية ولكن ذات الغالبية النصرانية، عوراء تري الأمور بعينها اليهودية فقط.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:(الدَّجَّالُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ )صحيح البخاري..
لذلك أوصانا النبي صلي الله عليه وسلم أن نقرأ علي المسيح الدجّال فواتح سورة الكهف فقال: فمن أدركه منكم فليقرأ فواتح سورة الكهف:(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا(4)مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا(5)الكهف..ففيها وعيد وتهديد لليهود والنصاري، فاليهود قالوا عزيراً أبن الله, والنصاري قالوا المسيح عيسي بن مريم أبن الله, وفي ذلك إشارة الي ذلك التحالف اليهودي النصراني(الولايات المتحدة الأمريكية).
فلذلك الولايات المتحدة الأمريكية لا تألو جهداً، في الحفاظ علي أمن مواطنيها اليهود في فلسطين أرض الميعاد كما يزعم اليهود، بشتي الوسائل والسبل سواءً كان ذلك بواسطة غزو فكري ثقافي, أو حصّار إقتصادي, أو غزو عسكري, أو بجميع ماذكر.
الـــــــــغـزو الــفـــــــــكـــــــــــري الــثــــــقــــــــافـــــــــــي :
كان لابد للولايات المتحدة الأمريكية بعد إحتلالها لفلسطين، من تفريغ الأمة الإسلامية من مضمونها الإسلامي الحضاري، لتهديد ذلك المضمون لغايتها تلك، فمارسوا كل المكائد والحيل والدسائس، والمكر السياسي والديني، وأستغلوا كل مايملكون من أسباب القوة المادية والعسكرية، لتحقيق مأربهم ذلك.
فبادئ ذي بدء وبعد أن سيطر اليهود والنصاري عسكرياً علي البلاد الإسلامية تمهيداً لإنشاء دولة إسرائيل، إنفاذاً لوعد اللورد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، نصبوا عليها حكاماً من أهلها علي وزن كرازاي، يسوسون الناس بالوكالة عنهم، ويحاربون كل ماهو إسلامي.
فلو حُكمت الشعوب بالدين ولم تُحكم باللهو واللعب، لزاد حسها الديني ولكان أول ماتفكر فيه هو تحرير مقدساتها(الأقصي)وبالتالي زوال دولة إسرائيل عن الوجود.
لذلك نجد الأخطبوط الأمريكي يضرب بأزرعته المتعددة، كل من تسول له نفسه الحكم بما أنزل الله، من هنا جاءت خطورة الولايات المتحدة الأمريكية علي المشروع الإسلامي برمته.
فكان لابد لهم من تفريغ الإسلام من مضمونه العقدي الأصولي، وحصره في الشعائر التعبدية، فالحكم بما أنزل الله هو أصل من أصول الدين ولكن هذا الأصل الأصيل يتعارض مع جوهر مصالحهم، فكان لابد لهم من ممارسة المكر الديني لهدم ذلك الأصل، فأنشأوا جامعات إسلامية لتخريج دعاة يتصدرون الواجهة الدينية، لتضليل الناس وتسطيحهم علي قاعدة :
أُستودِع العلم قرطاساً فضيعه ... فبئس مستودع العلم القراطيس
فأختزل علماء الطاغوت هؤلاء الدين في الصلاة، فبنوا مسجد ضرار في كل شبر، فعلم الناس نواقض الوضوء وجهلوا نواقض الإسلام، فهُدمت أصول الدين وبطلت الصلاة.
وحاربوا كل من ذكر الناس بنواقض الإسلام، وبيّن لهم عظم أمرها، بالتحذير من عاقبة الوقوع فيها، ونعتوه بالتكفيري والمتطرف. ::
عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:(بني الإسلام علي خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وان محمد رسول، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)رواه البخاري ومسلم..أي بني الإسلام علي خمسة أركان، من أداها كان مسلماً، وهذه الأركان الخمس لها نواقض تبطلها، كما للوضوء نواقض تبطله، فيجب معرفة نواقض الإسلام كمعرفة نواقض الوضوء حتي لا نقع في المحظور وهي:-
ترك ركن من أركان الإسلام الخمسة، الشرك، السحر، الإستهزاء بالله وآياته ورسله، كره شئ من الدين، إعتقاد أن غير هدي النبي صلي الله عليه وسلم أكمل من هديه، إعتقاد عدم كفر الكافر والمشرك، إفتراء الكذب علي الله ورسوله، موالاة اليهود والنصاري، الحكم بغير ما أنزل الله، التحاكم للطاغوت.
الحاكم هو: أمين الله علي دينه.
ووظيفته المناط بها هي: تطبيق(الكتاب والسنة)أي إقامة شعائر الدين كله في جميع مناحي الحياة، وليست وظيفته رعاية مصالح الناس المعيشية وحسب، فالدين هو أساس الحكم.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا(48)المائدة..
وكذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ(49)المائدة..
فالدين لابد له من سلطان يقيمه في الناس ويحميه، والحاكم هو من بيده السلطة والقوة أي زمام الأمر كله، إن الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن.
والشريعة هي: تطبيق ما أنزل الله من الكتاب والسنة في جميع مناحي الحياة، أي إقامة شعائر الدين كله وليست فقط حدود تنفذ علي الضعفاء كفعل اليهود.
فإذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله(الكتاب والسنة)أي لم يطبق الدين كله ويقيم شعائره في جميع مناحي الحياة، كان طاغوتاً كافراً، وكذلك من أرتضي ذلك الحكم الطاغوتي.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(44)المائدة..
أي أن الحاكم، وجنوده، والمحكومون، جميعهم داخلون في دائرة الطاغوتية، فالآية وردت بصيغة الجمع، فالفعل واحد وجميعهم مشتركون فيه.
الذين اتُّبِعُوا والذين اتَّبَعُوا جميعهم مارقون من ملة الإسلام، لعدم إقامتهم للدين في جميع مناحي الحياة، فالدين يعرف بإقامته، وليس هنالك كفر دون كفر، كما إفتروا الكذب علي عبدالله بن عباس رضي الله عنه.
وكذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(68)المائدة..أي لستم علي شئٍ من الدين أصلاً، حتي تقيموا مافي التوراة والإنجيل علي الوجه الأكمل، ومن إقامتهما الإيمان بمحمد صلي الله عليه وسلم، ومن ثم إقامة ما أُنزل إليكم من ربكم(الكتاب والسنة).
أما قوله تعالي الله الملك الحق :(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(45)المائدة..بإستبدالهم لشرع الله الحكيم العادل، الذي لا خلل فيه ولانقص، بشرع بشري قاصر ظالم، مبني علي الجهالات والضلالات.
كقوله تعالي الله الملك الحق :(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(5)المائدة..
وأما قوله تعالي الله الملك الحق :(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(47)المائدة..ينسحب عدم العمل بالكتاب والسنة في جميع مناحي الحياة من قبل الحاكم، علي الناس فيتبعون أهوائهم وشهواتهم، فيخرجون عن طاعة الله.
كقوله تعالي الله الملك الحق :(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(257)البقرة..
وبالتالي يجب إجتناب هذا الطاغوت، وعدم طاعته والتحاكم إليه، بل الخروج عليه إن كان ثمة شوكة، فالمسلم الحق غيور علي دينه، لا يتقاعس عن إقامته في جميع مناحي حياته، ولا يقبل إلا أن يعيش في كنفه وتحت ظله فالدين هو أسلوبُ حياته.
والدين هو صبغة الله التي صبغ الناس عليها، فإن لم تظهر هذه الصبغة في شكل حياة الناس، كان ذلك دليلاً علي هدمه، وبالتالي إنتفت عنهم صفته فهذا من البديهيات، فلا دين بدون العمل به، فالدين يعرف بإقامته.
قال تعالي الله الملك الحق :(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا(60)المائدة.. فالله عزوجل نفي عنهم الإيمان وإن زعموه، لإرتضاءهم لحكم الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، لما في ذلك من تعطيل لدين الله، والدين يعرف بإقامته.
كذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ(28)آل عمران..أي لا يتخذ المؤمنون الكافرين من دون المؤمنين أولياء أمر علي رقابهم، ومن يفعل ذلك فقد برئ الله منه، فهذا مما لايستقيم لاشرعاً ولاعقلاً ولافطرةً.
(إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاة)أي إلا أن تجتنبوهم إن كنتم مقهورين بسلطانهم، مع تمكنكم من إقامة شعائر دينكم، وإلا فالهجرة واجبة(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا(97)النساء..
وكذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ(149)بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ(150)آل عمران..أي يا أيها الذين أمنوا إن ترتضوا الذين كفروا أولياء أمر عليكم يردوكم إلي الكفر، فتكون عاقبة أمركم الخسران المبين والهلاك المحقق.
(بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ)أي ليس الكفار ولاة أمركم، بل الله وليُ أمركم، بإتباع ما أنزل لكم من الكتاب والسنة.
(وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)أي هو سبحانه وتعالي خير ناصر لكم، إن كان لكم ثمة شوكة علي خلعهم.
كذلك وصف سبحانه وتعالي الذين يرتضون بتشريع مخالف لتشريع الله بالشرك.
قال تعالي الله الملك الحق :(أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(21)الشوري..فطاعة الطاغوت فيما يشرعه من دون الله شرك.
فالشرك هو(شَرك:فخ)إبليس الذي يدخل به الناس النار، فقلما ينجوا الناس من الوقوع في هذا الشَرك:الفخ.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ(106)يوسف..
أي أن قلة من مدعي الإيمان موحدون بالله لا يشركون به شيئاً، أما الأكثرية فمشركة بالله شيئاً من الأشياء.
وبالتالي إذا فسدت العقيدة فسد العمل.
قال تعالي الله الملك الحق:(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(65)الزمر..
وصلاح العقيدة في سلامة التوحيد، وسلامة التوحيد في إجتناب الشرك، وإجتناب الشرك في إجتناب نواقض الإسلام، فما الطاغوت إلا نوع من أنواع الشرك.(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ(82)الأنعام..
ثم بين سبحانه وتعالي لمن تكون الولاية الحقة، والطاعة الواجبة.
قال تعالي الله الملك الحق :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(59)النساء..أي يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول بالتمسك بالكتاب والسنة، وأطيعوا الحكام إذا كانوا مسلمين متمسكين بشرع الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وفي قوله(مِنْكُمْ)دليل علي أن الحكام الذين تجب طاعتهم يجب أن يكونوا مسلمين حساً ومعني، لحماً ودماً، لا أن يكونوا مسلمين صورة وشكلاً.
ولقد أستغل علماء الطاغوت هؤلاء خطب الجمعة، لتسطيح الناس، ولتمجيد الطاغوت وتعظيمه، وتسويغ أفعاله الموالية لليهود والنصاري والمنافية للكتاب والسنة، مستندين في ذلك علي تحريف اليهود والنصاري(المستشرقين)لتفاسير القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وعلي التدليس والتلبيس. ::
فمن تداليسهم وتلابيسهم قولهم: أن الحاكم مستهدف ومستضعف، فمن الحكمة إتخاذ اليهود والنصاري أولياء أمر حتي ينبُت لهذا الحاكم ريش.
مناقضين بذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(51)المائدة..
كذلك من تحريفهم للكلم عن مواضعه قولهم: لايجوز الخروج عن طاعة الحاكم ما أقام فيكم الصلاة، ويستشهدون في ذلك بحديث النبي صلي الله عليه وسلم:عن عوف بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف فقال لا ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة)رواه البخاري..
فكيف يكون المقصود صلاة الفرض، وهو يحبطها بناقض من نواقض الإسلام، وهو عدم تطبيقه لشرع الله؟!.
مناقضين بذلك قوله تعالي الله الملك الحق:(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(44)المائدة..
ونكون بذلك نحن المحكومين قد سقطنا في ناقض من نواقض الإسلام، وهو إتخاذنا لحاكم كافر ولي أمر علي رقابنا.
مناقضين قوله تعالي الله الملك الحق :(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ(28)آل عمران..
فالمقصود بقوله صلي الله عليه وسلم(ما أقاموا فيكم الصلاة)أي ما أقاموا فيكم الدين، فالحاكم المسلم"أمير المؤمنين"، يُعرف بإقامته لدين الله كله، وليس بعضاً منه، فالدين هو أساس الحكم(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ(85)البقرة..
كذلك من تحريفهم للكلم عن مواضعه قولهم: أنه لاحرج في مداخلة الطاغوت في حُكمه، بُغية إصلاحه من الداخل كي يضفوا عليه شرعية وهمية، يزعمون في ذلك أن سيدنا يوسف عليه السلام قد داخل ملك مصر وقبل أن يتولي خزائنه والملك كافر، متهمين نبي من أنبياء الله في عقيدته.
ومناقضين قوله تعالي الله الملك الحق:(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ(36)النحل..فمن البديهي جداً أن يكون نبي الله يوسف قد دعا الملك للتوحيد، كما دعا صاحبيه في السجن.
وذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ(45)يوسف..أي أن يوسف لم يقبل عرض الملك إلا بعد أن أسلم.
أما قوله تعالي الله الملك الحق :(فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ(76)يوسف..أي لولا تلك المكيدة التي علمه الله إياها، ماكان ليوسف أن يأخذ أخاه ويستبقيه معه تحت(سلطان)الملك.
ولقد برأ يوسف نفسه من هذه التهمة بقوله(وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ(38)يوسف..وملة إبراهيم هي التوحيد؛ فتأمل.
أما المحكومون الذين يتذرعون بالإستضعاف من هذا الطاغوت، لذلك فهم لا يستطيعون إقامة شعائر دينهم، فهم بذلك يناقضون قوله تعالي الله الملك الحق :(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا(97)النساء..فالدين يعرف بإقامة شعائره.
لقد ضلل علماء الطاغوت هؤلاء، الناس ضلالاً مبيناً حتي عُبد الطاغوت من دون الله، فقذفوهم في جهنم كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:عن حزيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله:(إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله: صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)رواه البخاري ومسلم..
لقد إنسحب هذا الحُكم الطاغوتي علي الأمة(الإسلامية)فخدرها حتي أدخلها في غيبوبة وسبات عميق، فأصبحت لاتطبق شعائر الدين في نفسها، علي أن تطالب بإقامته من قبل السلطان في سائر مناحي الحياة، فصارت طاغوتية أكثر من الطاغوت، وأصبح الدين في حالة يرثي لها، يتوسل من يدافع عنه ويصرخ وااإسلاماه، لذلك كان الطاغوت هو شرك العصر، فلكل زمان فتنة.
قال تعالي الله الملك الحق :(الم(1)أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ(2)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ(3)العنكبوت..
لذا يجب علينا أولاً وقبل أن نطالب الطاغوت بتطبيق شرع الله، أن نعيد هذه الأمة المريضة إلي دينها، وإذا أردنا إحياء هذا الدين، الذي أصبح غريباً في هذه الأمة، يجب علينا أولاً إعادتها إلي قرآنها الكريم.
فالله عزوجل لن يرسل لنا نبي مجدد مرة أخري، بوجود هذا القرآن الكريم بين أيدينا، لذلك كان النبي محمد صلي الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، فالقرآن الكريم حجة لنا، أو حجة علينا، كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها.
فإذا نفضت هذه الأمة المريضة غبار هجرها للقرآن الكريم وأستنارت به، عندها لن تقبل أن يحكمها رويبضة طاغوت يتحكم في شؤونها ويطمس عليها دينها وعقيدتها، وعندها ستنفض غبار سباتها وتستفيق من غيبوبتها، فتفكر في تحرير مقدساتها(الأقصي).
كذلك وبالتوازي مع عملية تخلية الأمة الإسلامية وإفراغها من مضمونها الحضاري الإسلامي, وعلي قاعدة: التخلية ثم التحلية، بث ذلك الدجّال الأمريكي في عقول الأمة فايروس ثقافته الفكرية الفاسدة، المبنية علي التحلل الديني والإنحلال الخلقي.
وغلفها بشعارات رنانة براقة، حرية, عدالة, حقوق إنسان، وروج لها من خلال أجهزته الإعلامية والتعليمية المختلفة، ومن خلال أعوانه الذين في قلوبهم مرض رعاة الثقافة الأمريكية الفاسدة، الحالمين بالحلم الأمريكي الذي سخر خيرات الأرض, فتفوّق في كافة المجالات العلمية والإقتصادية والعسكرية.
فانقسمت الأمة الإسلامية إلي قسمين: قسم ذو مسحة دينية, وقسم لاديني لايعرف من الإسلام إلا إسمه ورسمه.
وإمعاناً في تفريغ الإسلام من مضمونه العقدي الأصولي، ولحصر وتفتيت وتمزيق وتطويع ذلك القسم ذو المسحة الدينية، أنشأوا جماعات إسلامية متعددة، ذات منهج يتماهي مع سياسة الطاغوت ولايصطدم معه، وعلي قاعدة: ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فصارت علمانية بدقن.
فتفرق أصحاب المسحة الدينية، إلي إثنتان وسبعون فرقة، مصداق قول النبي صلي الله عليه وسلم :عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"(افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعين في النار، وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وإحدى وسبعين في النار، والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وثنتين وسبعين في النار، قيل يا رسول الله من هم؟ قال: هم الجماعة")رواه الإمام أحمد..
لقد أعمل هذا الثالوث:"اليهودي، النصراني، النفاقي"، كل حيله وألاعيبه وجند كل طاقاته، لتغريب أمة الإسلام وصدفها عن دينها, حتي أصبح هذا الدّينُ غريباً بيننا.
وذلك مصداق قول النبي صلي الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء)رواه مسلم..
الـــــحــــصــار الإقـــــتـصـــــــــــــادي :
لقد أستغلت الولايات المتحدة الأمريكية ثروات الشعوب وخيرات أراضيهم، التي نهبتها منهم بالحيلة والمكر والخديعة وبقوة السلاح، في مجالات الأبحاث العلمية والإكتشافات والإختراعات، فنالت من العلوم والمعارف ما جعلها تتفوق علمياً علي كافة شعوب الأرض.
فوظفت ذلك التفوق العلمي، في تطوير وسائل الصناعة والتجارة، الزراعة والرّي، الطب والفلك، الهندسة والمعمار، المواصلات والإتصالات, فتفوقت في جميع مجالات الحياة.
وأخترعت المكائن والألات الصناعية، وغدت تصنع كل ماتحتاج إليه في شؤونها الحياتية، فتفوقت صناعياً، حتي أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة صناعية في العالم.
فطورت سبل الحياة من البدائية إلي الألية، فأستغنت علي سبيل المثال: عن وسائل النقل الدوابية من الجمال والخيل والحمير والبغال، وأستعضت عنها بوسائل النقل الألية الحديثة السريعة من السيارات والقطارات والطائرات.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح)..
وأخترعت كذلك الأجهزة والمعدات، التي مكنتها من إستخراج كنوز الأرض من الذهب والفضة وباقي المعادن، والنفط الخام، فعمرت الأرض حتي بلغ عمرانها عنان السماء.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل)..
وأخترعت كذلك الأجهزة والمعدات الطبية، فوظفتها في مجالات الأبحاث الطبية، فتفوقت في جميع التخصصات الطبية.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(ثم يدعو رجلاً شاباً ممتلئاً شباباً،فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك)..
كذلك توصلت الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال أبحاثها العلمية في مجال الرّي لطريقة تستحلب بها سحاب السماء.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(فيأمر السماء فتمطر)..
أيضاً ومن خلال أبحاثها العلمية في مجال الزراعة، تمكنت من تحسين الأسمدة والبذور، وإستصلاح الأراضي، وعمل محميات زراعية.
وأخترعت الألات والمعدات الزراعية، التي ساعدتها في زراعة مساحات شاسعة من الأراضي الجرداء، فأزدهرت زراعياً، مما ساعدها ذلك من إستثمار الثروة الحيوانية لتوفر المرعي.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرىً، واسبغه ضروعاً، وأمده خواصر)..
فتفوقت في مجال الرّي، والزراعة، والتربية الحيوانية، حتي غدت الولايات المتحدة الأمريكية سلة غذاء العالم.
كما ذُكر ذلك في بعض الروايات(أن الدجّال حينما يخرج، يخرج معه جبال من خبز وجبال من فواكه وجبال من الخضرة وجبال من ثريد)..
فأخذت تصدر منتجاتها الصناعية والزراعية الغزيرة، إلي جميع أنحاء العالم مما أنعشها تجارياً، حتي أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة إقتصادية عرفها التاريخ الإنساني.
مما مكنها ذلك من معاقبة الدول التي تتمرد علي سياستها الإستعمارية، وتخرج عن طاعتها وولايتها، بفرض حصارٌ إقتصاديٌ خانق عليها.
تحشد له كل طاقاتها وإمكانياتها حتي تُفقرها، فتُخضعها لسلطانها وتتضويها تحت لواءها، والأمثلة في ذلك كثيرة: كالعراق، ليبيا، السودان.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:( ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيدهم شيء من أموالهم)..
أما البلاد التي تدور في الفلك الأمريكي دون أدني تشويش، وترضخ لسياستها الإستعمارية في إستغلال أراضيها ونهب خيراتها وثرواتها، لتسخرها في بناء حضارتها المأفونة، فإنها تكون بمثابة قطتها المدللة لها كل العناية والرعاية والحماية.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرىً، واسبغه ضروعاً، وأمده خواصر)..
الـــــــــــــــــــــــــغزو الــــــــــــــعــــــــــســــــــكـــــــــــــــري :
لقد حدا بالولايات المتحدة الأمريكية تفوقها العلمي والصناعي، وكذلك طبيعتها العدوانية المتغطرسة والمتعطشة لسفك الدماء ومنذ نشأتها الأولي، حيث أبادت الهنود الحمر لكي تستولي علي أراضيهم، كما أبادت الفلسطينيين وأستولت علي أراضيهم.
حدا بها ذلك كله إلي صناعة ألات ومعدات عسكرية ذات ميزات خاصة، فبنت ترسانة عسكرية مهولة دبابات في البر، غواصات وحاملات طائرات في البحر، وطائرات في الجوء تفوق سرعتها سرعة الصوت، وأسلحة دمار شامل نووي، ذري، ناري، لا تبقي ولا تذر.
فأضحت الولايات المتحدة الأمريكية أعظم قوة عسكرية علي وجه الأرض، منذ أن هبط أبونا أدم إلي الأرض.
فأستغلت الولايات المتحدة الأمريكية قوتها الإقتصادية الضخمة، والعسكرية الفتاكة تلك، في الهيمنة علي الشعوب وإخضاعهم لسياستها الإستعمارية، وعلي قاعدة العصا والجزرة.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال في حديث حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى ، جُفَالُ الشَّعَرِ - كَثِيرُهُ - مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ)رواه مسلم..
ولإحكام سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية علي شعوب الأرض، شيدّت قواعد عسكرية في كافة أنحاء العالم، فساحت في الأرض، وأصبح العالم كله يدور في الفلك الأمريكي، بل ويساعد في إحتلال فلسطين، وسفك دماء الفلسطينيين.
وبالرغم من كل تلك الهيمنة الأمريكية علي كوكب الأرض، وكوكب القمر، وكوكب المريخ، فإنها تغزو عسكرياً كل من تظن أنه يمكن أن يشكل تهديداً عليها، وعلي وجودها في الشام(فلسطين المحتلة)ولو كان ذلك التهديد إفتراضي غير حقيقي، كما فعلت بالعراق غزته وإحتلته.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(إنه خارجٌ خَلَّةً بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا)..
فأي فتنة أعظم من هذه الفتنة، التي تمر بها الأمة الإسلامية حالياً، منذ بزوغ فجر الإسلام الأول، كما أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم(إنَّه لم تكن فِتنةٌ في الأرض مُنْذُ ذَرَأَ الله ذُرّيّةَ آدم أعظَمَ من فتنةِ الدجّال) فلقد فرض عليها اليهود والنصاري(أمريكا)الكفر فرضاً.
لذلك كان الرسول صلي الله عليه وسلم يخاف علينا خوفاً شديداً من المسيح الدجّال، وحذرنا من فتنته، وأمرنا بالتعوذ منها في صلواتنا، وأوصانا بالثبات(يا عباد الله فاثبتوا).
فالثبات علي الحق يحتاج إلي قوة إيمان، ولن تتأتي قوة الإيمان إلا بالمعرفة، فالجهل مفتاح الضلال، والإنسان عدو
ما يجهل.
فعلي قاعدة: داوها بالتي كانت هي الداءُ، يكونُ الدواءُ؛ فعادةً ما يُستخرج المصل المضاد للسم، من السم نفسه.
كما قال تعالي الله الملك الحق:(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)ال عمران..
والله سبحانه وتعالي لا يمكر إلا بخير، بدفع الشر بالخير، أي بتحويل ذات الشر إلي خير خالص.
فهذا الحق الذي نمتلكه أيها المسلمون، هو قوة جبارة لن تُهزم، فهو أمر الله، والله هو رب العالمين، فكيف يضمحل ويتلاشي، فالحق سيزهق الباطل، وإن علا الباطل علي الحق وكانت له صولة وجولة، وهزيمة الباطل لاتكون إلا بالتنوير، فالظلام بحاجة إلي نور، والنور هو نورالله نور السموات والأرض.
قال تعالي الله الملك الحق :(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)النحل..
فلندعوا إلي الحق فربما لامس الحق شغاف قلوبٍ ضالة، ولتكن لنا في ذو القرنين أسوة حسنة، حيث قال: أما من ظلم وأعتدي علينا، فسوف نعذبه عذاباً، ثم يُرد إلي ربه فيعذبه عذاباً نكرا، وأما من إستجاب لدعوتنا وآمن، فله جزاءاً الحسني، وسنقول له من أمرنا يسرا.
اللهمَّ إني أعوذُ بك من عذاب جهنَّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المَحْيا والممات، ومن شَرِّ فتنة الولايات المتحدة الأمريكية(المسيح الدجّال).
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد وآله
كما صليت وسلمت وباركت علي أبراهيم وآله إنك حميد مجيد.
تم بعون الله وتوفيقه.
والحمد لله رب العالمين..
(لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22)ق..
علي كل مسم غيور علي دينه، أن يساهم في طبعه، بأي لغة كانت لغته
فالخط يبقي زماناً بعد كاتبه، وكاتب الخط تحت الأرض مدفون.
صــــــــــــــــرخـــــــــــــــــــة
يـــا فـــــلــــــســــــــطيــــــــنُ
يافلسطينُ حانت لحظة تطهيركِ ... من دنس رجس العدو الغاصبِ
وحان وقت زف شهدائكِ ... للحور يوم عرسهم بالدم المخضبِ
خمسون عاماً ولانستطيع تحريركِ ... من قوم مرتزقة مجهولي النسبِ
ونحن من زرعنا زيتونك وشيدنا حرمكِ ... أحفاد عمر وخالد ذو السيف البتار الأحدبِ
يافلسطينُ سئمنا شعارات الطواغيت رؤوس الشركِ ... أي سلام وقدسك يدنس بالجربِ
إنهم جبناء مرتعدون حائرون في أمركِ ... كلا إنهم شياطين بني صهيون في أرض العربِ
ليتهم يتعلمون من بسالة طفلكِ ... فالشجاعة ليست في القوة بل في القلبِ
إن لم يقاتلوا فسيقاتل شجرك وحجركِ ... بنو القردة والخنازير يوم الحربِ
مافائدة الحياة يافلسطينُ وقدسكِ ... صعب الوصول إليها والركبِ
إن لم أهب روحي ودمي من أجلكِ ... فالموت أهون من أن أعيش كالأرنبِ
لاتحزني فمازلنا جندكِ ... نتحسس الطريق إليك والدربِ
ملئٌ بالأسوار والشوكِ ... صبراً نزيلها ونأتي إليك بإذن الربِ
تأليف/الأرقم2002م
العبد الحقير/ الأرقــــــــم علـــي الـسـماني
8-7-2012 م
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الــــــــمــــقــدمــــــــــــــــــــــة
بسم الله الإله الذي في السماء صاحب السلطان والكبرياء، وله الحمد والثناء علي ما أنعم به من النعماء، ولا إله إلا الله في الأرض ولا في السماء، والله أكبر، خلق وقدر، أمات ونشر، عذب وغفر، والصلاة والسلام علي مسك الختام، سيد الأنام محمد، وعلي آله الكرام، أفضل الصلاة والسلام.
أمــــــــــــابـــــــعــــــــــد...
قال تعالي الله الملك الحق :(اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ(1)مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ(2)لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ(3)الأنبياء..
لقد قرب ودنا وقت حساب الناس علي أعمالهم، وهم مستغرقون في شهواتهم غافلون عن ذلك اليوم الرهيب، لايعملون للآخرة ولايستعدون لها كقول القائل: الناس في غفلاتهم ورحّي المنية تطحن.
فالناس في غفلة عن الآخرة وعن الحساب والجزاء بينما القيامة تلوح لهم، وهم قد شغلتهم مغريات الحياة الدنيا الفانية عن ذلك اليوم الرهيب، الذي تشيب من هوله الولدان، وتذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتري الناس سكاري وماهم بسكاري ولكن أهوال الساعة وشدائدها قد أطارت العقول وسلبت الأفكار.
فهل ينتظرون إلا قيام الساعة بغتة فتبهتهم وهم سادرون غافلون؟!.فقد جاء أشراطها وعلاماتها.
قال تعالي الله الملك الحق :(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ(18)محمد.. فمن أين لهم التذكر إذا جاءتهم الساعة بغتة، حيث لا ينفع ندم ولاتوبة؟!.
عن حذيفة بن أُسَيْدٍ الغفاري رضي الله عنه قال: اطَّلَع النبيُّ صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر فقال:(ما تَذاكَرون؟ قالوا: نَذْكُر الساعة، قال: إنها لن تقوم حتى تَرَوا قَبْلَها عَشْرَ آيات، فذَكَر الدُّخانَ، والدَّجّالَ، والدّابَّةَ، وطلوع الّشمس من مغربها، ونزولَ عيسى بن مريم، ويأجوجَ ومأجوجَ، وثلاثةَ خُسوفٍ: خسْف بالمشرق، وخَسْف بالمغرب، وخَسْف بجزيرة العرب، وآخِرُ ذلك نارٌ تَخْرُجُ من اليَمَن، تَطْرُدُ الناسَ إلى محشرهم)رواه مسلم..
إن هذه الأشراط العشرة الكبري ماهي إلا دلائل وعلامات تشير إلي قرب موعد قيام الساعة، تنشأ علي أرض الواقع بالتدريج، علي شكل إختراعات أو كوارث طبيعية أو تغيرات مناخية أو نشوء إمبراطوريات ذات ثقافات فكرية فاسدة تصطدم مع الحضارة الإسلامية.
وليست ظواهر خارقة للعادة، كما فسرها البعض بناءً علي ظاهر ألفاظ الأحاديث النبوية الشريفة، فهي أمور غيبية لا تُعرف حقيقتها علي وجه الدقة إلا بعد حدوث وقائعها.
فمثلاً هنالك آيات في كتاب الله لم يُعرف تأويلها علي وجه الدقة، إلا بعد حصول وقائعها، أو بعد تطور الإنسان في مجال العلم.
كقوله تعالي الله الملك الحق:(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَالَا تَعْلَمُونَ(8)النحل
(وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)أي وسائل النقل الحديثة.
أو كقوله تعالي الله الملك الحق وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ(81)النحل..
أي ثياب واقية من الحرارة الشديدة والنيران، وهي ماتوصل إليه العلم في هذا الزمان.
كما أن علامات الساعة الكبري قد ورد ذكرها في القرآن الكريم، بشئ من التفصيل والبيان المبين مثل: يأجوج ومأجوج والمسيح الدجّال والدابّة وطلوع الشمس من مغربها، موضوع بحثنا هذا.
فمن خلال ذلك المنظور القرآني لعلامات الساعة الكبري، وعلي ضوء تلك الأحاديث النبوية الشريفة التي ورد فيها وصف علامات الساعة الكبري، وربط ذلك كله بأرض الواقع، تتبين لنا حقيقة علامات الساعة الكبري التي حدثت كيأجوج ومأجوج والدابّة والمسيح الدجّال.
قال تعالي الله الملك الحق :(يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (63)لأحزاب..
حـــــقــــــيـــــقــــة طلــــــــوع الــــــــــــشــمــــــــس مـــــــن مـــغـربــــــهــــــــا
قال تعالي الله الملك الحق :(وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا(7)الحج..
فالساعة حتمية الوقوع حادثة لا محالة، وذلك بسبب إستحالة الحياة علي وجه الأرض في ذلك الحين، نتيجة التغيرات المناخية التي سوف تطرأ علي كوكب الأرض.
أي عندما تستحيل الحياة علي وجه الأرض ويصبح الإنسان غير قادر علي العيش فيها لعدم توفر مقومات حياته البيلوجية، نتيجة الخلل الفيزيائي الذي سوف يحدث للشمس، عندها لا مناص من توقف دورة الحياة وإنتهاء الزمان.
فحياة الإنسان علي وجه الأرض مرتبطة إرتباط وثيق بالشمس، لتعاقب الليل والنهار بسببها.
فالإنسان يحتاج إلي هذه الدورة الفيزيائية للشمس، حتي يستطيع الحياة والإستمرار علي وجه الأرض، يحتاج إلي الليل كما يحتاج إلي النهار.
قال تعالي الله الملك الحق :(هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ(67)يونس..
فلو كانت الأرض ليلاً لا نهار فيه، أو نهاراً لا ليل فيه, لما وجدت الحياة علي ظهرها أصلاً.
قال تعالي الله الملك الحق :(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ(71)قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(72)وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(73)القصص..
فالشمس هي عصب الحياة علي وجه الأرض وعمودها، فإذا أختل هذا النظام الشمسي المعروف شروق ثم غروب أي ليل ثم نهار، لأدي ذلك إلي توقف دورة الحياة علي كوكب الأرض وفناء جميع الكائنات من الإنسان والحيوان والنبات.
لذلك كانت الشمس هي خاتمة علامات الساعة الكبري، حيث لا توبة بعدها ولا إيمان أي إنتهاء الزمان ونهاية الحياة الدنيا.
قال تعالي الله الملك الحق :(هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ(158)الأنعام..أي طلوع الشمس من مغربها كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم.
ولكن ماهي كيفية ذلك الشروق المغربي الذي سينتج عنه ذلك الخلل البيلوجي الذي سيؤدي إلي توقف دورة الحياة علي وجه الأرض ونهاية العالم؟!.
فهل ستغير الأرض جهة دورانها، حتي تشرق الشمس عليها من الغرب بدلاً من الشرق؟!.
فكما نعلم فإن الأرض تدور حول نفسها ليتعاقب الليل والنهار، إذا كان الأمر كذلك فهل بهذه الكيفية يُمكّن أن ينتُج ذلك الخلل البيلوجي الذي سيؤدي لخراب الأرض؟!.
وهل بهذه الكيفية يُمكّن لجميع سكان الأرض رؤية ذلك الشروق الكارثي في وقت واحد حتي تقوم عليهم الحجة جميعا؟!.
فكما نعلم فإن الشمس عندما تشرق تشرق علي النصف الأول فقط من الأرض وهذا النصف الأول من الأرض يحجب أشعة الشمس عن الوصول إلي نصفها الثاني فيكون ليلاً وذلك هو تعاقب الليل والنهار.
إذاً فهنالك وضعية مختلفة للشمس عن هذه الوضعية الحالية، تستطيع من خلالها أن تشرق علي كل الأرض في وقت واحد، دون أن يحجب جزء من الأرض أشعة الشمس عن الوصول إلي جزء آخر، لكي تقوم الحجة علي الناس جميعا.
لمعرفة هذه الكيفية يجب علينا دراسة الشمس من منظور قرآني:
قال تعالي الله الملك الحق :(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ(37)وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(38)وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ(39)لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ(40)يس..
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ)أي ومن الآيات الباهرة والعلامات الظاهرة الدالة علي كمال قدرة الله ووحدانيته هذه الآية العظيمة وهي الليل نزيل عنه الضوء ونفصله عن النهار فإذا هم داخلون في الظلام، وفي الآية رمز إلي أن الأصل هو الظلام.
(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا)أي وآية أخري لهم الشمس تسير بقدرة الله في فلك لاتتجاوزه ولاتتخطاه لمكان تستقر فيه ولوقت تنتهي إليه وهو يوم القيامة.
(ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ)أي ذلك الجري والدوران بإنتظام وبحساب دقيق هو تقدير الإله العزيز في ملكه العليم بخلقه.
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ)أي والقمر قدرنا مسيره في منازل، يسير فيها لمعرفة الشهور وهي ثمانية وعشرون منزلاً في ثمانية وعشرين ليلة ينزل كل ليلة في واحد منها لايتخطاه ولايتعداه فإذا كان في آخر منازله دقّ واستقوس.
(حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيم)أي حتي صار كغصن النخل اليابس وهو عنقود التمر حين يجف ويصفر ويتقوس.
(لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ)أي لا ينبغي للشمس في جريانها أن تلحق القمر، وفي ذلك إشارة لدوران الشمس حول الأرض في مدار منفصل عن مدار القمر، فالقمر كما هو معلوم يدور حول الأرض.
وليس المقصود أن تدرك الشمس القمر إدراكاً زمانياً فتحيل ليله نهاراً، فهذا الإدراك حادث كما هو مشاهد بالعين المجردة في أوقات وأزمنة محددة يجتمعان فيها سوياً في وقت واحد.
(وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ)أي ولا الليل يسبق النهار فيدركه قبل إنقضاء وقته، وفي ذلك إشارة لدوران الأرض حول نفسها لتعاقب الليل والنهار.
والغرض بيان عظمة الله وقدرته في تدبير الكون وتسيير الأفلاك، حيث تدور الأرض حول نفسها ليتعاقب الليل والنهار بدقة متناهية وبحساب دقيق وإنسجام تام مع دوران الشمس حول الأرض، دون حدوث أي خلل.
(وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ)أي وكلٌ من الشمس والقمر في مدارٍ منفرد حول الأرض يسبحون بنظام دقيق، وقدرة باهرة.
وفي لفظ يسبحون بلاغة وبيان فالسباحة تكون للأعلي علي عكس الغوص فهو للأسفل، وفي ذلك إشارة لدوران الشمس والقمر حول الأرض بطريقة لولبية تصاعدية.
إذاً فمن خلال ذلك المنظور القرآني للشمس يتبين لنا الأتي:
أن الشمس تجري حول الأرض، بطريقة لولبية تصاعدية من جنوبها إلي شمالها، حتي تبلغ مستقرها وهو قمة الأرض، التي من خلالها تستطيع الشمس أن تشرق علي كل الأرض في وقت واحد.
أي عندما تصبح الشمس فوق الأرض بشكل عمودي، أي فوق القطب الشمالي مباشرةً يمكنها حينها أن تشرق علي كل الأرض في وقت واحد، دون أن يحجب جزء من الأرض أشعة الشمس عن الوصول إلي جزء آخر،
فكما نعلم فإن حجم الشمس أكبر من حجم الأرض أضعاف مضاعفة، وعندها تصبح الأرض في حالة نهار دائم لا ليل فيه فتستحيل الحياة علي كوكب الأرض حيثُ نهاية الزمان وبداية اللازمان عالم الخلود.
كذلك فإن دلائل ذلك المنظور القرآني ماثلةٌ أمامنا في الأفاق:
فالشمس عندما بدأت بالدوران حول الأرض بدأت من جنوبها أي من قطبها الجنوبي فكان ذلك القطب الجنوبي المتجمد، غير متجمد بفعل حرارة الشمس، ولكن عندما بدأت الشمس بالإبتعاد تدريجياً عن دائرة القطب الجنوبي والصعود إلي أعلي متحركة نحو القطب المتجمد الشمالي أي قمة الأرض، أخذ ذلك القطب الجنوبي بالتجمد بسبب ضعف أشعة الشمس، مما جعل ذلك المياه تنحسر عن أراضي وجزر كانت في السابق مغمورة تحت مياه المحيط الجنوبي.
علي سبيل المثال لا الحصر: جزيرة أستراليا في النصف الأول من الأرض، وجزيرة نيوزلنده في النصف الثاني من الأرض.
كذلك فإن التغيرات المناخية الحادثة الآن وذوبان المحيط المتجمد الشمالي، تكشف لنا حقيقة أن الشمس بدأت تدنو من تلك اللحظة الكارثية.
أي أن الشمس أوشكت علي إتخاذ ذلك الشكل العمودي من الأرض، وبالتالي سيتزامن مع ذوبان المحيط المتجمد الشمالي، ذوبان المحيط المتجمد الجنوبي.
وذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ(3)الإنفطار..
مما سيؤدي ذلك إلي تغيرات مناخية حادة، وإلي غرق تدريجي لمساحات شاسعة من الكرة الأرضية، وبالتالي ستعود جزيرة العرب مروجاً وأنهاراً كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم، فالساعة أصبحت علي مرمي حجر.
حـــــــــــــــــقــــــــيـــــــــقــــــــــة يـــــــــــــأجـــــــــــــوج ومــــــــــــأجــــــــوج
إن المتتبع لأحاديث النبي صلي الله عليه وسلم عن فتنة يأجوج ومأجوج، يجد أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد نبه لإقتراب موعد حدوثها ووصفها بأنها شر قد أقترب، فنستنبط من ذلك التنبيه، أن فتنة يأجوج ومأجوج كانت قاب قوسين أو أدني من الحدوث، وبالتالي فهي أول الأشراط الحادثة من الأشراط العشرة الكبري.
عن أم حبيبة بنت أبي سفيان، عن زينب بنت جحش، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم دخل عليها يوماً فزعاً يقول:(لا إله إلا الله، ويل للعرب من شر قد أقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه "وحلق بأصبعه الإبهام والتي تليها" فقالت زينب بنت جحش يارسول الله: أنهلك وفينا الصالحون؟!.قال نعم إذا كثر الخبث).رواه البخاري..
كذلك فإن ردم يأجوج ومأجوج قد ذكر في القرآن الكريم بشئٍ من التفصيل والبيان.
قال تعالي الله الملك الحق :(حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا(93)قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا(94)قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (95)آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا(96)فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا(97)قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا(98)الكهف..
فالحكمة من ذكر هؤلاء القوم في القرآن الكريم وبيّان موقعهم، لكي يكونوا أية صدق علي ماجاء به القرآن الكريم بعد ظهورهم وإنكشاف أمرهم.
ويكونوا كذلك أية صدق علي ما وعد به الله عزوجل من قيام الساعة، والبعث، والحساب والجزاء، فقد وصفت فتنة يأجوج ومأجوج في القرآن الكريم بأنها من دلالات إقتراب موعد قيام الساعة.
قال تعالي الله الملك الحق :(حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ(96)وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ(97)الأنبياء..
كذلك فإن النبي صلي الله عليه وسلم قد عدد لنا أوصافاً لقوم يأجوج ومأجوج، فقال صلي الله عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب :(أنكم تقولون لا عدو، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدواً حتي يأتي يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون شهب الشعاف من كل حدب ينسلون كأن وجوههم المجان المطرقة)مسند أحمد..أي أنكم لاتزالون تقاتلون عدواً تلو عدو فتنتصرون عليه حتي يأتي يأجوج ومأجوج فيوقعون بكم الهزيمة.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال:(لاتقوم الساعة حتي تقاتلوا قوماً صغار الأعين، عراض الوجوه، كأن أعينهم حدق الجراد، كأن وجوههم المجان المطرقة، ينتعلون الشعر، ويتخذون الدرق، حتي يربطوا خيولهم بالنخل)السيوطي..
فمن خلال ذلك المنظور القرآني لقوم يأجوج ومأجوج، وعلي ضوء تلك الأوصاف التي وردت عنهم في الأحاديث النبوية الشريفة، وربط ذلك كله بأرض الواقع، تتبين لنا حقيقة قوم يأجوج ومأجوج.
إن يأجوج ومأجوج ماهما إلا قبيلتان من قبائل المغول، أسستا في القرن الثامن الهجري مايعرف بالإمبراطورية التترية التي عاثت فساداً في الأرض لم يسبق له مثيل علي مرّ التاريخ.
لقد تأسست الإمبراطورية التترية علي يد الإمبراطور جنكيز خان، الذي توسع في فتوحاته فبدأ بالصين بعد أن إندك ذلك الردم الذي بناه ذو القرنين، والذي كان يفصلها عن بلاد المغول، الواقع جنوب منغوليا وشمال الصين، أي في الشمال الغربي لصحراء غوبي التي أشار إليها القرآن الكريم بقوله تعالي الله الملك الحق :(حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا(90)الكهف..أي أن أرضهم صحراء لا شجر فيها يظلهم من حر الشمس.
ثم توغل جنكيز خان بجيوشه في شرق أسياء، ولم يغزو العالم الإسلامي إلا بسبب عدم إكتراث حاكم الدولة الخوارزمية محمد شاه، بطلب جنكيز خان القصاص من قتلة تجار مغول.
فما كان من جنكيز خان إلا أن إجتاح بجيوشه الهمجية المتوحشة، حدود الدولة الخوارزمية ثأراً لمقتل هؤلاء التجار المغول، فقتل المغول جميع سكان الدولة الخوارزمية من الرجال والنساء والأطفال، ولم ينجو شيء من وحشية وهمجية المغول.
ثم أحرقوها ودمروها عن أخرها حتي زالت عن الوجود، مما شجعهم ذلك علي غزو المشرق الإسلامي كاملاً، ففعلوا به مافعلوه بالدولة الخوارزمية.
ثم تواصل الزحف التتري الهمجي الوحشي، حتي وصل إلي أسوار بغداد عاصمة الخلافة العباسية، فحاصرها المغول حتي سنحت لهم فرصة إقتحامها علي يد القائد هولاكو، كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:(حتي يربطوا خيولهم بالنخل)وهي كناية عن أرض العراق الشهيرة بنخيلها.
ففعلوا بها الأفاعيل قتلاً وهدماً وحرقاً، حتي وصل عدد القتلي في غضون أيام معدودات، وبالسلاح الأبيض، مايقرب من مليون قتيل من الرجال والنساء والأطفال، وعاثوا فيها فساداً، فهدموا المساجد، وأحرقوا الكتب، وألقوا الكثير منها في البحر حتي أسود ماءه.
ولقد نكل المغول بالخليفة العباسي تنكيلاً بشعاً، فقتلوه دهساً بالأقدام بعد أن ربطوه داخل جوال.
وكان نتيجة ذلك الغزو التتري للعالم الإسلامي، إنهيار دولة الخلافة العباسية كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:(أنكم تقولون لا عدو، وإنكم لا تزالون تقاتلون عدواً حتي يأتي يأجوج ومأجوج)فلقد كان ذلك العصر هو عصر الفتوحات الإسلامية.
ثم واصل المغول زحفهم المدمر البشع حتي وصلوا إلي أسوار الشام، فحاصروها ومن ثم إجتاحوها ودخلوا دمشق.
وفي خضم ذلك الفساد التتري، توفي إمبراطور التتار فأُستُدعي القائد هولاكو وهو أحد المرشحين لخلافة العرش، إلي قراقورم عاصمة الإمبراطورية المغولية، للتشاور حول الإمبراطور الجديد.
فانسحب بمعظم جيشه إلي فارس، وترك قسماً منه في بلاد الشام، لينهزم ذلك القسم فيما بعد علي يد القائد قطز في معركة عين جالوت، ويسدل الستار علي فتنة يأجوج ومأجوج.
حـــــــــــــــقــــــــــيــــــــــــــــــقــــــــــــة الـــــــــدابـــــــــــــــــــــّة
قال تعالي الله الملك الحق :(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا(70)الإسراء..
لقد كرم الله عزوجل الإنسان ورزقه من الثمرات وفضله علي كثير ممن خلق تفضيلاً، ومن تمام تكرمته وتشريفه سبحانه وتعالي للإنسان، أن هيئا له الأسباب التي يتمكن بها من قطع المسافات الطويلة والمساحات الشاسعة من الأرض، بيسر وسهولة.
فخلق له من الدوابّ، الجمال والخيل والبغال والحمير، وسخرها له لتحمله علي ظهورها، وتحمل أحماله الثقيلة فيتبلغ بها مقاصده براً.
وهيئا له كذلك الأسباب التي يتبلغ بها مقاصده بحراً، فعلم الإنسان كيفية صناعة السفن التي يجوب بها البحار والمحيطات.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ(41)وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ(42)يس..أي ودليل لهم وبرهان علي أن الله وحده المستحق للعبادة المنعم بالنعم، أنا حملنا من نجا من ولد أدم في سفينة نوح عليه السلام، المملوءة بأجناس المخلوقات لإستمرار الحياة بعد الطوفان.
وخلقنا للناس مثل سفينة نوح عليه السلام من المراكب، التي يركبونها ويتبلغون بها مقاصدهم، وذلك إشارة إلي وسائل النقل الحديثة، وإنما نسب الخلق إليه جل وعلا لأنها بتعليمه سبحانه وتعالي للإنسان.
وهذه الآية نظير قوله تعالي الله الملك الحق :(وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(8)النحل..
(وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)أي ومن تمام تكرمته ونعمته سبحانه وتعالي للإنسان أن يخلق له في المستقبل ما لايعلمه من وسائل النقل.
أي وسائل النقل الألية الحديثة، التي أستغني بها الإنسان عن وسائل النقل الدوابّية البدائية، لعدم جدوي تلك الوسائل البدائية في عصرنا الحاضر هذا لإنتشار الإنسان في جميع بقاع الأرض.
وذلك مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم:(ليتركن القلاص فلا يسعى إليها)أي الجمال فلا يستعملنها، فتم إستبدالها بوسائل النقل الدوابّية الألية الحديثة من السيارات، والقاطرات، والطّائرات النفاثة التي بواسطتها أستطاع الإنسان أن يبلغ كوكب القمر وبعض الكواكب الأخري.
هذه الدابّة، ذات المحركات المرتبطة إرتباط وثيق بمشتقات النفط الخام كوقود لها، مما ساهم ذلك في جعل النفط الخام(الذهب الأسود)سلعة مهمة ذات مردود تجاري مربح جداً.
فأحدثت تلك الدابّة وملحقاتها طفرة إقتصادية هائلة، غيرت وجه الأرض من خلاء قاحل إلي عمران بلغ عنان السماء، فكانت تلك الدابّة علامة فارقة في تاريخ سكان الأرض.
حــــــــقــــــيـــــــــقـــــــــــة فــــــــتــــنـــــة الــــمـــــــســــــــــيح الــــدجّـــــــال
إن المتدبّر في آيات القرآن الكريم، يجد أن الله عزوجل قد حذر تحذيراً شديداً في مواطن كثيرة في القرآن الكريم من اليهود والنصاري، بل وجمع بينهما وبيّن أنهما متفقان علي الكيد للإسلام والمسلمين.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ(120)البقرة..أي حتي يردوكم عن دينكم فتصبحوا كفاراً مثلهم، فملتهم الكفر بالله.
ولقد نهي سبحانه وتعالي المسلمين عن موالاتهما وطاعتهما وإتخاذهما أولياء أمر.
قال تعالي الله الملك الحق :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(51)فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ(52)وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ(53)يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(54)إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ(55)وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ(56)المائدة..
فالمتأمل في التاريخ الإسلامي يجد أن اليهود والنصاري علي مرّ العصور السالفة، لم يتمكنوا من الكيد للإسلام والمسلمين، وقهرهم وإخضاعهم تحت سلطانهم، سواءً بالعصا أو الجزرة أو بالعصا والجزرة معاً، إلا في عصرنا هذا.
فنحن في عصرنا هذا المعنيون بهذا التحذير الإلهي منذ أربعة عشر قرناً، وذلك من إعجاز القرآن الكريم"سبحان علام الغيوب".
فالمسلمون اليوم قد أتخذوا اليهود والنصاري أولياء أمر، يأتمرون بأمرهم، وينتهون بنهيهم، فساسوهم باللهو واللعب، فطمسوا عليهم هويتهم الإسلامية القرآنية.
وذلك مصداق قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوي:عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرا شبرا وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى قال فمن)صحيح البخاري..
مما أدي ذلك إلي فتنة المسلمين عن دينهم، وليست هنالك فتنة أعظم من فتنة الدين، فقتل المسلم علي دينه، أهون عند الله من فتنته عن دينه.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ(217)البقرة..
فما وجه الشبه بين فتنة اليهود والنصاري وفتنة المسيح الدجّال؟!.
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجّال ذات غداةٍ فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتى ظَنَنّاه في طائفة النخل، فانصرفنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رحنا إليه، فعرف ذلك فينا فقال:
(ما شأنكم؟ فقلنا يا رسول الله ذكرتَ الدجّال غداةً فخَفَّضتَ فيه ورفَّعتَ حتى ظننّاه في طائفة النخل؛ فقال: غيرُ الدجّال أخوَفُني عليكم إن يخرجْ وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإنْ يخرجْ ولستُ فيكم فامرؤ حجيجُ نَفْسِه، والله خليفتي على كلّ مسلم، فمن أدركه منكم فليقرأ فواتح سورة الكهف، إنه خارجٌ خَلَّةً بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا؛ قلنا: يا رسول الله وما لَبْثُه في الأرض؟ فقال: أربعون يوماً، يومٌ كَسَنةٍ ويومٌ كشَهر ٍ، ويومٌ كجُمعةٍ وسائرُ أيامِهِ كأيّامكم؛ قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا، اقدروا له قدره؛ قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرىً، واسبغه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيدهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلاً شاباً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك).صحيح مسلم..
إن فتنة المسيح الدجّال هي من أعظم الفتن التي تمر علي الأمة الإسلامية، وهي أعظم من فتنة يأجوج ومأجوج علي عظم شرها، فسفك دماء المسلمين وقتلهم علي دينهم كما فعل يأجوج ومأجوج، أهون من فتنتهم عن دينهم ومن ثم قتلهم كما يفعل المسيح الدجّال.
لذلك حذّرنا النبي صلي الله عليه وسلم تحذيراً شديداً من فتنة المسيح الدجّال، ووصفها بأنها من أعظم الفتن، وأمرنا بالتعوذ منها في صلواتنا؛ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(إذا تشهَّدَ أحدكم فليستعِذْ بالله من أربع، يقول:اللهمَّ إني أعوذُ بك من عذاب جهنَّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المَحْيا والممات، ومن شَرِّ فتنة المسيح الدجّال)رواه مسلم..
ولقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يخاف علينا خوفاً شديداً من المسيح الدجّال(غيرُ الدجّال أخوَفُني عليكم)ولايخاف نبي من أنبياء الله علي أمته شيئاً، أكثر من خوفه عليهم مما قد يفتنهم عن دينهم، ففتنة المسلم عن دينه أشدّ إيلاماً وحسرةً علي النفس من قتله بيد الأعداء علي دينه.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ(191)البقرة..
فبقدر خوف النبي صلي الله عليه وسلم علي أمته من فتنة المسيح الدجّال، يتبين لنا مدي ألم وحسرة تلك الفتنة علي النفس.
وجــــــــــــــــــــــــــــــــــه الــــــــــــــــــشـــــــــــــــبه :
بدايةً قد يسأل سائل، كيف يستطيع المسيح الدجّال أن يفتننا عن ديننا وكفره بائن، وكأنه مكتوب بين عينيه، يقرأه القارئ والأمي، كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:(الدَّجَّالُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَأُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٌ وَغَيْرُ كَاتِبٍ)صحيح البخاري..
ذلك لما يتمتع به الدجّال من الحيلة والمكر والخديعة، والتدليس والتلبيس، بحيث يُلبس على الناس الحقَّ، ويموّه لهم الباطل، فهو إسم علي مسمي.
لذلك تكفل النبي صلي الله عليه وسلم بمحاجته ودحضه إن خرج في زمانه(إنْ خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه وإنْ خرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كلّ مسلم)..
فالمسيح الدجّال يُلبس على الناس الحقَّ، ويموّه لهم الباطل، حتي يقعوا فيه ويخروجوا عن الحقَّ، وماذاك إلا نتيجة جهل الناس بأمر دينهم، وهجرهم للقرآن الكريم الحق الزاهق للباطل، لذلك أمرنا الله عزوجل بتلاوة القرآن الكريم، وحذرنا من عاقبة هجره.
قال تعالي الله الملك الحق :(إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ(91)وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ(92)النمل..
ففي تلاوته نور العلم والفهم، وفي هجره ظلمات الجهل والوهم؛ فالقرآن الكريم حجة لنا، أو حجة علينا، كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها أو موبقها.
كذلك حثنا النبي صلي الله عليه وسلم علي التعلم والتفقه في الدين، لمجانبة الباطل والضلال فقال:(مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهُّ فِي الدِّينِ)رواه البخاري ومسلم..أي من فقه أمر دينه كانت عاقبته خيراً، ومن جهل أمر دينه كانت عاقبته شراً.
كذلك فإن الحيلة والمكر والخديعة والتدليس والتلبيس علي الناس في الحق وتمويه الباطل، هو ديدن اليهود والنصاري.
فهم من خُبثهم يخلطون بين الحق والباطل، بإلقاء الشبه والتحريف والتبديل، بل وبكتمان الحق لما يوافق أهوائهم وأغراضهم الدنيئة الخسيسة.
قال تعالي الله الملك الحق :(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ(71)آل عمران..
لذلك حذرنا المولي عزوجل منهم، ومن كيدهم ومكرهم وتربصهم، حتي لايفتنوننا عن ديننا، فاليهود والنصاري قد حرفوا التوراة والإنجيل، فلا عجب أن يحرفوا القرآن الكريم معنّاً، لا نصّاً.
وأن يشبهوا للناس دينهم، فيصبح المرء مؤمناً، ويمسي كافراً، كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:عن أبي هريرة أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:(بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِي كَافِرًا أَوْ يُمْسِي مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنْ الدُّنْيَا)صحيح مسلم..
والشواهد القرآنية في ذلك كثيرة، فمن الشواهد محاولة اليهود في صدر الإسلام الأول فتنة الصحابة عن دينهم، بإظهار الإسلام في أول النهار ثم الإرتادُ عنه في أخره، لإيهام الصحابة أنما ردهم إلي دينهم إطلاعهم علي نقيصة وعيب في دين الإسلام.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(72)آل عمران..
وكان ذلك الكيد والتدليس لفتنة المسلمين عن دينهم في صدر الإسلام الأول، حيث لم تكن لهم مصلحة في ذلك إلا اللهم الكيد للإسلام والمسلمين حسداً من عند أنفسهم، فما بالك بهم اليوم وهم لهم كل المصلحة في فتنة المسلمين عن دينهم، لما في ذلك من الحفاظ علي أمن دولتهم المزعومة إسرائيل، فاليهود اليوم يتحالفون مع النصاري لمساعدتهم في إحتلال فلسطين.
وذلك مصداق قوله تعالي الله الملك الحق :(وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا(4)فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا(5)ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا(6)إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا(7)الإسراء..
وقوله تعالي الله الملك الحق الذي يدلل علي أن إفسادهم الحادث في زماننا هذا هو الإفساد الثاني:(وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا(104)الإسراء..أي جئنا بكم إلي فلسطين بأعراق شتي.
وهذا التحالف اليهودي النصراني المسمي(الولايات المتحدة الأمريكية)هو من أشد التحالفات عداءاً للإسلام والمسلمين منذ بزوغ فجر الإسلام الأول.
فاليهود يمثلون نسبة من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، ذات نفوذ سياسي قوي لايستهان به، مما مكنهم ذلك من توجيه دفة السياسة الأمريكية لخدمة مصالحهم وأهدافهم اليهودية الصرفة والتي قد تتعارض مع مصالح وأهداف النصاري الإستراتيجية.
فصارت الولايات المتحدة الأمريكية اليهودية النصرانية ولكن ذات الغالبية النصرانية، عوراء تري الأمور بعينها اليهودية فقط.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:عَنْ أَنَسِ بْن مَالِكِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:(الدَّجَّالُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ )صحيح البخاري..
لذلك أوصانا النبي صلي الله عليه وسلم أن نقرأ علي المسيح الدجّال فواتح سورة الكهف فقال: فمن أدركه منكم فليقرأ فواتح سورة الكهف:(وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا(4)مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا(5)الكهف..ففيها وعيد وتهديد لليهود والنصاري، فاليهود قالوا عزيراً أبن الله, والنصاري قالوا المسيح عيسي بن مريم أبن الله, وفي ذلك إشارة الي ذلك التحالف اليهودي النصراني(الولايات المتحدة الأمريكية).
فلذلك الولايات المتحدة الأمريكية لا تألو جهداً، في الحفاظ علي أمن مواطنيها اليهود في فلسطين أرض الميعاد كما يزعم اليهود، بشتي الوسائل والسبل سواءً كان ذلك بواسطة غزو فكري ثقافي, أو حصّار إقتصادي, أو غزو عسكري, أو بجميع ماذكر.
الـــــــــغـزو الــفـــــــــكـــــــــــري الــثــــــقــــــــافـــــــــــي :
كان لابد للولايات المتحدة الأمريكية بعد إحتلالها لفلسطين، من تفريغ الأمة الإسلامية من مضمونها الإسلامي الحضاري، لتهديد ذلك المضمون لغايتها تلك، فمارسوا كل المكائد والحيل والدسائس، والمكر السياسي والديني، وأستغلوا كل مايملكون من أسباب القوة المادية والعسكرية، لتحقيق مأربهم ذلك.
فبادئ ذي بدء وبعد أن سيطر اليهود والنصاري عسكرياً علي البلاد الإسلامية تمهيداً لإنشاء دولة إسرائيل، إنفاذاً لوعد اللورد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، نصبوا عليها حكاماً من أهلها علي وزن كرازاي، يسوسون الناس بالوكالة عنهم، ويحاربون كل ماهو إسلامي.
فلو حُكمت الشعوب بالدين ولم تُحكم باللهو واللعب، لزاد حسها الديني ولكان أول ماتفكر فيه هو تحرير مقدساتها(الأقصي)وبالتالي زوال دولة إسرائيل عن الوجود.
لذلك نجد الأخطبوط الأمريكي يضرب بأزرعته المتعددة، كل من تسول له نفسه الحكم بما أنزل الله، من هنا جاءت خطورة الولايات المتحدة الأمريكية علي المشروع الإسلامي برمته.
فكان لابد لهم من تفريغ الإسلام من مضمونه العقدي الأصولي، وحصره في الشعائر التعبدية، فالحكم بما أنزل الله هو أصل من أصول الدين ولكن هذا الأصل الأصيل يتعارض مع جوهر مصالحهم، فكان لابد لهم من ممارسة المكر الديني لهدم ذلك الأصل، فأنشأوا جامعات إسلامية لتخريج دعاة يتصدرون الواجهة الدينية، لتضليل الناس وتسطيحهم علي قاعدة :
أُستودِع العلم قرطاساً فضيعه ... فبئس مستودع العلم القراطيس
فأختزل علماء الطاغوت هؤلاء الدين في الصلاة، فبنوا مسجد ضرار في كل شبر، فعلم الناس نواقض الوضوء وجهلوا نواقض الإسلام، فهُدمت أصول الدين وبطلت الصلاة.
وحاربوا كل من ذكر الناس بنواقض الإسلام، وبيّن لهم عظم أمرها، بالتحذير من عاقبة الوقوع فيها، ونعتوه بالتكفيري والمتطرف. ::
عن أبي عبدالرحمن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول:(بني الإسلام علي خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وان محمد رسول، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان)رواه البخاري ومسلم..أي بني الإسلام علي خمسة أركان، من أداها كان مسلماً، وهذه الأركان الخمس لها نواقض تبطلها، كما للوضوء نواقض تبطله، فيجب معرفة نواقض الإسلام كمعرفة نواقض الوضوء حتي لا نقع في المحظور وهي:-
ترك ركن من أركان الإسلام الخمسة، الشرك، السحر، الإستهزاء بالله وآياته ورسله، كره شئ من الدين، إعتقاد أن غير هدي النبي صلي الله عليه وسلم أكمل من هديه، إعتقاد عدم كفر الكافر والمشرك، إفتراء الكذب علي الله ورسوله، موالاة اليهود والنصاري، الحكم بغير ما أنزل الله، التحاكم للطاغوت.
الحاكم هو: أمين الله علي دينه.
ووظيفته المناط بها هي: تطبيق(الكتاب والسنة)أي إقامة شعائر الدين كله في جميع مناحي الحياة، وليست وظيفته رعاية مصالح الناس المعيشية وحسب، فالدين هو أساس الحكم.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا(48)المائدة..
وكذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ(49)المائدة..
فالدين لابد له من سلطان يقيمه في الناس ويحميه، والحاكم هو من بيده السلطة والقوة أي زمام الأمر كله، إن الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن.
والشريعة هي: تطبيق ما أنزل الله من الكتاب والسنة في جميع مناحي الحياة، أي إقامة شعائر الدين كله وليست فقط حدود تنفذ علي الضعفاء كفعل اليهود.
فإذا حكم الحاكم بغير ما أنزل الله(الكتاب والسنة)أي لم يطبق الدين كله ويقيم شعائره في جميع مناحي الحياة، كان طاغوتاً كافراً، وكذلك من أرتضي ذلك الحكم الطاغوتي.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(44)المائدة..
أي أن الحاكم، وجنوده، والمحكومون، جميعهم داخلون في دائرة الطاغوتية، فالآية وردت بصيغة الجمع، فالفعل واحد وجميعهم مشتركون فيه.
الذين اتُّبِعُوا والذين اتَّبَعُوا جميعهم مارقون من ملة الإسلام، لعدم إقامتهم للدين في جميع مناحي الحياة، فالدين يعرف بإقامته، وليس هنالك كفر دون كفر، كما إفتروا الكذب علي عبدالله بن عباس رضي الله عنه.
وكذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ(68)المائدة..أي لستم علي شئٍ من الدين أصلاً، حتي تقيموا مافي التوراة والإنجيل علي الوجه الأكمل، ومن إقامتهما الإيمان بمحمد صلي الله عليه وسلم، ومن ثم إقامة ما أُنزل إليكم من ربكم(الكتاب والسنة).
أما قوله تعالي الله الملك الحق :(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ(45)المائدة..بإستبدالهم لشرع الله الحكيم العادل، الذي لا خلل فيه ولانقص، بشرع بشري قاصر ظالم، مبني علي الجهالات والضلالات.
كقوله تعالي الله الملك الحق :(أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ(5)المائدة..
وأما قوله تعالي الله الملك الحق :(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ(47)المائدة..ينسحب عدم العمل بالكتاب والسنة في جميع مناحي الحياة من قبل الحاكم، علي الناس فيتبعون أهوائهم وشهواتهم، فيخرجون عن طاعة الله.
كقوله تعالي الله الملك الحق :(اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(257)البقرة..
وبالتالي يجب إجتناب هذا الطاغوت، وعدم طاعته والتحاكم إليه، بل الخروج عليه إن كان ثمة شوكة، فالمسلم الحق غيور علي دينه، لا يتقاعس عن إقامته في جميع مناحي حياته، ولا يقبل إلا أن يعيش في كنفه وتحت ظله فالدين هو أسلوبُ حياته.
والدين هو صبغة الله التي صبغ الناس عليها، فإن لم تظهر هذه الصبغة في شكل حياة الناس، كان ذلك دليلاً علي هدمه، وبالتالي إنتفت عنهم صفته فهذا من البديهيات، فلا دين بدون العمل به، فالدين يعرف بإقامته.
قال تعالي الله الملك الحق :(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا(60)المائدة.. فالله عزوجل نفي عنهم الإيمان وإن زعموه، لإرتضاءهم لحكم الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به، لما في ذلك من تعطيل لدين الله، والدين يعرف بإقامته.
كذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ(28)آل عمران..أي لا يتخذ المؤمنون الكافرين من دون المؤمنين أولياء أمر علي رقابهم، ومن يفعل ذلك فقد برئ الله منه، فهذا مما لايستقيم لاشرعاً ولاعقلاً ولافطرةً.
(إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاة)أي إلا أن تجتنبوهم إن كنتم مقهورين بسلطانهم، مع تمكنكم من إقامة شعائر دينكم، وإلا فالهجرة واجبة(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا(97)النساء..
وكذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ(149)بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ(150)آل عمران..أي يا أيها الذين أمنوا إن ترتضوا الذين كفروا أولياء أمر عليكم يردوكم إلي الكفر، فتكون عاقبة أمركم الخسران المبين والهلاك المحقق.
(بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ)أي ليس الكفار ولاة أمركم، بل الله وليُ أمركم، بإتباع ما أنزل لكم من الكتاب والسنة.
(وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ)أي هو سبحانه وتعالي خير ناصر لكم، إن كان لكم ثمة شوكة علي خلعهم.
كذلك وصف سبحانه وتعالي الذين يرتضون بتشريع مخالف لتشريع الله بالشرك.
قال تعالي الله الملك الحق :(أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ وَلَوْلَا كَلِمَةُ الْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(21)الشوري..فطاعة الطاغوت فيما يشرعه من دون الله شرك.
فالشرك هو(شَرك:فخ)إبليس الذي يدخل به الناس النار، فقلما ينجوا الناس من الوقوع في هذا الشَرك:الفخ.
قال تعالي الله الملك الحق :(وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ(106)يوسف..
أي أن قلة من مدعي الإيمان موحدون بالله لا يشركون به شيئاً، أما الأكثرية فمشركة بالله شيئاً من الأشياء.
وبالتالي إذا فسدت العقيدة فسد العمل.
قال تعالي الله الملك الحق:(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(65)الزمر..
وصلاح العقيدة في سلامة التوحيد، وسلامة التوحيد في إجتناب الشرك، وإجتناب الشرك في إجتناب نواقض الإسلام، فما الطاغوت إلا نوع من أنواع الشرك.(الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ(82)الأنعام..
ثم بين سبحانه وتعالي لمن تكون الولاية الحقة، والطاعة الواجبة.
قال تعالي الله الملك الحق :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا(59)النساء..أي يا أيها الذين أمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول بالتمسك بالكتاب والسنة، وأطيعوا الحكام إذا كانوا مسلمين متمسكين بشرع الله، إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، وفي قوله(مِنْكُمْ)دليل علي أن الحكام الذين تجب طاعتهم يجب أن يكونوا مسلمين حساً ومعني، لحماً ودماً، لا أن يكونوا مسلمين صورة وشكلاً.
ولقد أستغل علماء الطاغوت هؤلاء خطب الجمعة، لتسطيح الناس، ولتمجيد الطاغوت وتعظيمه، وتسويغ أفعاله الموالية لليهود والنصاري والمنافية للكتاب والسنة، مستندين في ذلك علي تحريف اليهود والنصاري(المستشرقين)لتفاسير القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، وعلي التدليس والتلبيس. ::
فمن تداليسهم وتلابيسهم قولهم: أن الحاكم مستهدف ومستضعف، فمن الحكمة إتخاذ اليهود والنصاري أولياء أمر حتي ينبُت لهذا الحاكم ريش.
مناقضين بذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ(51)المائدة..
كذلك من تحريفهم للكلم عن مواضعه قولهم: لايجوز الخروج عن طاعة الحاكم ما أقام فيكم الصلاة، ويستشهدون في ذلك بحديث النبي صلي الله عليه وسلم:عن عوف بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قيل يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف فقال لا ما أقاموا فيكم الصلاة وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة)رواه البخاري..
فكيف يكون المقصود صلاة الفرض، وهو يحبطها بناقض من نواقض الإسلام، وهو عدم تطبيقه لشرع الله؟!.
مناقضين بذلك قوله تعالي الله الملك الحق:(وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ(44)المائدة..
ونكون بذلك نحن المحكومين قد سقطنا في ناقض من نواقض الإسلام، وهو إتخاذنا لحاكم كافر ولي أمر علي رقابنا.
مناقضين قوله تعالي الله الملك الحق :(لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ(28)آل عمران..
فالمقصود بقوله صلي الله عليه وسلم(ما أقاموا فيكم الصلاة)أي ما أقاموا فيكم الدين، فالحاكم المسلم"أمير المؤمنين"، يُعرف بإقامته لدين الله كله، وليس بعضاً منه، فالدين هو أساس الحكم(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ(85)البقرة..
كذلك من تحريفهم للكلم عن مواضعه قولهم: أنه لاحرج في مداخلة الطاغوت في حُكمه، بُغية إصلاحه من الداخل كي يضفوا عليه شرعية وهمية، يزعمون في ذلك أن سيدنا يوسف عليه السلام قد داخل ملك مصر وقبل أن يتولي خزائنه والملك كافر، متهمين نبي من أنبياء الله في عقيدته.
ومناقضين قوله تعالي الله الملك الحق:(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ(36)النحل..فمن البديهي جداً أن يكون نبي الله يوسف قد دعا الملك للتوحيد، كما دعا صاحبيه في السجن.
وذلك قوله تعالي الله الملك الحق :(وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ(45)يوسف..أي أن يوسف لم يقبل عرض الملك إلا بعد أن أسلم.
أما قوله تعالي الله الملك الحق :(فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ(76)يوسف..أي لولا تلك المكيدة التي علمه الله إياها، ماكان ليوسف أن يأخذ أخاه ويستبقيه معه تحت(سلطان)الملك.
ولقد برأ يوسف نفسه من هذه التهمة بقوله(وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ(38)يوسف..وملة إبراهيم هي التوحيد؛ فتأمل.
أما المحكومون الذين يتذرعون بالإستضعاف من هذا الطاغوت، لذلك فهم لا يستطيعون إقامة شعائر دينهم، فهم بذلك يناقضون قوله تعالي الله الملك الحق :(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا(97)النساء..فالدين يعرف بإقامة شعائره.
لقد ضلل علماء الطاغوت هؤلاء، الناس ضلالاً مبيناً حتي عُبد الطاغوت من دون الله، فقذفوهم في جهنم كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم:عن حزيفة بن اليمان قال: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت يا رسول الله:(إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال:نعم، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن، قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله: صفهم لنا، فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)رواه البخاري ومسلم..
لقد إنسحب هذا الحُكم الطاغوتي علي الأمة(الإسلامية)فخدرها حتي أدخلها في غيبوبة وسبات عميق، فأصبحت لاتطبق شعائر الدين في نفسها، علي أن تطالب بإقامته من قبل السلطان في سائر مناحي الحياة، فصارت طاغوتية أكثر من الطاغوت، وأصبح الدين في حالة يرثي لها، يتوسل من يدافع عنه ويصرخ وااإسلاماه، لذلك كان الطاغوت هو شرك العصر، فلكل زمان فتنة.
قال تعالي الله الملك الحق :(الم(1)أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ(2)وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ(3)العنكبوت..
لذا يجب علينا أولاً وقبل أن نطالب الطاغوت بتطبيق شرع الله، أن نعيد هذه الأمة المريضة إلي دينها، وإذا أردنا إحياء هذا الدين، الذي أصبح غريباً في هذه الأمة، يجب علينا أولاً إعادتها إلي قرآنها الكريم.
فالله عزوجل لن يرسل لنا نبي مجدد مرة أخري، بوجود هذا القرآن الكريم بين أيدينا، لذلك كان النبي محمد صلي الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، فالقرآن الكريم حجة لنا، أو حجة علينا، كل الناس يغدو، فبائع نفسه، فمعتقها، أو موبقها.
فإذا نفضت هذه الأمة المريضة غبار هجرها للقرآن الكريم وأستنارت به، عندها لن تقبل أن يحكمها رويبضة طاغوت يتحكم في شؤونها ويطمس عليها دينها وعقيدتها، وعندها ستنفض غبار سباتها وتستفيق من غيبوبتها، فتفكر في تحرير مقدساتها(الأقصي).
كذلك وبالتوازي مع عملية تخلية الأمة الإسلامية وإفراغها من مضمونها الحضاري الإسلامي, وعلي قاعدة: التخلية ثم التحلية، بث ذلك الدجّال الأمريكي في عقول الأمة فايروس ثقافته الفكرية الفاسدة، المبنية علي التحلل الديني والإنحلال الخلقي.
وغلفها بشعارات رنانة براقة، حرية, عدالة, حقوق إنسان، وروج لها من خلال أجهزته الإعلامية والتعليمية المختلفة، ومن خلال أعوانه الذين في قلوبهم مرض رعاة الثقافة الأمريكية الفاسدة، الحالمين بالحلم الأمريكي الذي سخر خيرات الأرض, فتفوّق في كافة المجالات العلمية والإقتصادية والعسكرية.
فانقسمت الأمة الإسلامية إلي قسمين: قسم ذو مسحة دينية, وقسم لاديني لايعرف من الإسلام إلا إسمه ورسمه.
وإمعاناً في تفريغ الإسلام من مضمونه العقدي الأصولي، ولحصر وتفتيت وتمزيق وتطويع ذلك القسم ذو المسحة الدينية، أنشأوا جماعات إسلامية متعددة، ذات منهج يتماهي مع سياسة الطاغوت ولايصطدم معه، وعلي قاعدة: ما لقيصر لقيصر وما لله لله، فصارت علمانية بدقن.
فتفرق أصحاب المسحة الدينية، إلي إثنتان وسبعون فرقة، مصداق قول النبي صلي الله عليه وسلم :عن عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"(افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وسبعين في النار، وافترقت النصارى على اثنين وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وإحدى وسبعين في النار، والذي نفسي بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، فواحدة في الجنة وثنتين وسبعين في النار، قيل يا رسول الله من هم؟ قال: هم الجماعة")رواه الإمام أحمد..
لقد أعمل هذا الثالوث:"اليهودي، النصراني، النفاقي"، كل حيله وألاعيبه وجند كل طاقاته، لتغريب أمة الإسلام وصدفها عن دينها, حتي أصبح هذا الدّينُ غريباً بيننا.
وذلك مصداق قول النبي صلي الله عليه وسلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء)رواه مسلم..
الـــــحــــصــار الإقـــــتـصـــــــــــــادي :
لقد أستغلت الولايات المتحدة الأمريكية ثروات الشعوب وخيرات أراضيهم، التي نهبتها منهم بالحيلة والمكر والخديعة وبقوة السلاح، في مجالات الأبحاث العلمية والإكتشافات والإختراعات، فنالت من العلوم والمعارف ما جعلها تتفوق علمياً علي كافة شعوب الأرض.
فوظفت ذلك التفوق العلمي، في تطوير وسائل الصناعة والتجارة، الزراعة والرّي، الطب والفلك، الهندسة والمعمار، المواصلات والإتصالات, فتفوقت في جميع مجالات الحياة.
وأخترعت المكائن والألات الصناعية، وغدت تصنع كل ماتحتاج إليه في شؤونها الحياتية، فتفوقت صناعياً، حتي أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة صناعية في العالم.
فطورت سبل الحياة من البدائية إلي الألية، فأستغنت علي سبيل المثال: عن وسائل النقل الدوابية من الجمال والخيل والحمير والبغال، وأستعضت عنها بوسائل النقل الألية الحديثة السريعة من السيارات والقطارات والطائرات.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(قلنا: يا رسول الله وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح)..
وأخترعت كذلك الأجهزة والمعدات، التي مكنتها من إستخراج كنوز الأرض من الذهب والفضة وباقي المعادن، والنفط الخام، فعمرت الأرض حتي بلغ عمرانها عنان السماء.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل)..
وأخترعت كذلك الأجهزة والمعدات الطبية، فوظفتها في مجالات الأبحاث الطبية، فتفوقت في جميع التخصصات الطبية.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(ثم يدعو رجلاً شاباً ممتلئاً شباباً،فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك)..
كذلك توصلت الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلال أبحاثها العلمية في مجال الرّي لطريقة تستحلب بها سحاب السماء.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(فيأمر السماء فتمطر)..
أيضاً ومن خلال أبحاثها العلمية في مجال الزراعة، تمكنت من تحسين الأسمدة والبذور، وإستصلاح الأراضي، وعمل محميات زراعية.
وأخترعت الألات والمعدات الزراعية، التي ساعدتها في زراعة مساحات شاسعة من الأراضي الجرداء، فأزدهرت زراعياً، مما ساعدها ذلك من إستثمار الثروة الحيوانية لتوفر المرعي.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرىً، واسبغه ضروعاً، وأمده خواصر)..
فتفوقت في مجال الرّي، والزراعة، والتربية الحيوانية، حتي غدت الولايات المتحدة الأمريكية سلة غذاء العالم.
كما ذُكر ذلك في بعض الروايات(أن الدجّال حينما يخرج، يخرج معه جبال من خبز وجبال من فواكه وجبال من الخضرة وجبال من ثريد)..
فأخذت تصدر منتجاتها الصناعية والزراعية الغزيرة، إلي جميع أنحاء العالم مما أنعشها تجارياً، حتي أصبحت الولايات المتحدة الأمريكية أكبر قوة إقتصادية عرفها التاريخ الإنساني.
مما مكنها ذلك من معاقبة الدول التي تتمرد علي سياستها الإستعمارية، وتخرج عن طاعتها وولايتها، بفرض حصارٌ إقتصاديٌ خانق عليها.
تحشد له كل طاقاتها وإمكانياتها حتي تُفقرها، فتُخضعها لسلطانها وتتضويها تحت لواءها، والأمثلة في ذلك كثيرة: كالعراق، ليبيا، السودان.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:( ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيدهم شيء من أموالهم)..
أما البلاد التي تدور في الفلك الأمريكي دون أدني تشويش، وترضخ لسياستها الإستعمارية في إستغلال أراضيها ونهب خيراتها وثرواتها، لتسخرها في بناء حضارتها المأفونة، فإنها تكون بمثابة قطتها المدللة لها كل العناية والرعاية والحماية.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرىً، واسبغه ضروعاً، وأمده خواصر)..
الـــــــــــــــــــــــــغزو الــــــــــــــعــــــــــســــــــكـــــــــــــــري :
لقد حدا بالولايات المتحدة الأمريكية تفوقها العلمي والصناعي، وكذلك طبيعتها العدوانية المتغطرسة والمتعطشة لسفك الدماء ومنذ نشأتها الأولي، حيث أبادت الهنود الحمر لكي تستولي علي أراضيهم، كما أبادت الفلسطينيين وأستولت علي أراضيهم.
حدا بها ذلك كله إلي صناعة ألات ومعدات عسكرية ذات ميزات خاصة، فبنت ترسانة عسكرية مهولة دبابات في البر، غواصات وحاملات طائرات في البحر، وطائرات في الجوء تفوق سرعتها سرعة الصوت، وأسلحة دمار شامل نووي، ذري، ناري، لا تبقي ولا تذر.
فأضحت الولايات المتحدة الأمريكية أعظم قوة عسكرية علي وجه الأرض، منذ أن هبط أبونا أدم إلي الأرض.
فأستغلت الولايات المتحدة الأمريكية قوتها الإقتصادية الضخمة، والعسكرية الفتاكة تلك، في الهيمنة علي الشعوب وإخضاعهم لسياستها الإستعمارية، وعلي قاعدة العصا والجزرة.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال في حديث حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الدَّجَّالُ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُسْرَى ، جُفَالُ الشَّعَرِ - كَثِيرُهُ - مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ فَنَارُهُ جَنَّةٌ وَجَنَّتُهُ نَارٌ)رواه مسلم..
ولإحكام سيطرت الولايات المتحدة الأمريكية علي شعوب الأرض، شيدّت قواعد عسكرية في كافة أنحاء العالم، فساحت في الأرض، وأصبح العالم كله يدور في الفلك الأمريكي، بل ويساعد في إحتلال فلسطين، وسفك دماء الفلسطينيين.
وبالرغم من كل تلك الهيمنة الأمريكية علي كوكب الأرض، وكوكب القمر، وكوكب المريخ، فإنها تغزو عسكرياً كل من تظن أنه يمكن أن يشكل تهديداً عليها، وعلي وجودها في الشام(فلسطين المحتلة)ولو كان ذلك التهديد إفتراضي غير حقيقي، كما فعلت بالعراق غزته وإحتلته.
كذلك أخبر النبي صلي الله عليه وسلم عن المسيح الدجّال فقال:(إنه خارجٌ خَلَّةً بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً، يا عباد الله فاثبتوا)..
فأي فتنة أعظم من هذه الفتنة، التي تمر بها الأمة الإسلامية حالياً، منذ بزوغ فجر الإسلام الأول، كما أخبر الرسول صلي الله عليه وسلم(إنَّه لم تكن فِتنةٌ في الأرض مُنْذُ ذَرَأَ الله ذُرّيّةَ آدم أعظَمَ من فتنةِ الدجّال) فلقد فرض عليها اليهود والنصاري(أمريكا)الكفر فرضاً.
لذلك كان الرسول صلي الله عليه وسلم يخاف علينا خوفاً شديداً من المسيح الدجّال، وحذرنا من فتنته، وأمرنا بالتعوذ منها في صلواتنا، وأوصانا بالثبات(يا عباد الله فاثبتوا).
فالثبات علي الحق يحتاج إلي قوة إيمان، ولن تتأتي قوة الإيمان إلا بالمعرفة، فالجهل مفتاح الضلال، والإنسان عدو
ما يجهل.
فعلي قاعدة: داوها بالتي كانت هي الداءُ، يكونُ الدواءُ؛ فعادةً ما يُستخرج المصل المضاد للسم، من السم نفسه.
كما قال تعالي الله الملك الحق:(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (54)ال عمران..
والله سبحانه وتعالي لا يمكر إلا بخير، بدفع الشر بالخير، أي بتحويل ذات الشر إلي خير خالص.
فهذا الحق الذي نمتلكه أيها المسلمون، هو قوة جبارة لن تُهزم، فهو أمر الله، والله هو رب العالمين، فكيف يضمحل ويتلاشي، فالحق سيزهق الباطل، وإن علا الباطل علي الحق وكانت له صولة وجولة، وهزيمة الباطل لاتكون إلا بالتنوير، فالظلام بحاجة إلي نور، والنور هو نورالله نور السموات والأرض.
قال تعالي الله الملك الحق :(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(125)النحل..
فلندعوا إلي الحق فربما لامس الحق شغاف قلوبٍ ضالة، ولتكن لنا في ذو القرنين أسوة حسنة، حيث قال: أما من ظلم وأعتدي علينا، فسوف نعذبه عذاباً، ثم يُرد إلي ربه فيعذبه عذاباً نكرا، وأما من إستجاب لدعوتنا وآمن، فله جزاءاً الحسني، وسنقول له من أمرنا يسرا.
اللهمَّ إني أعوذُ بك من عذاب جهنَّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المَحْيا والممات، ومن شَرِّ فتنة الولايات المتحدة الأمريكية(المسيح الدجّال).
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا محمد وآله
كما صليت وسلمت وباركت علي أبراهيم وآله إنك حميد مجيد.
تم بعون الله وتوفيقه.
والحمد لله رب العالمين..
(لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ(22)ق..
علي كل مسم غيور علي دينه، أن يساهم في طبعه، بأي لغة كانت لغته
فالخط يبقي زماناً بعد كاتبه، وكاتب الخط تحت الأرض مدفون.
صــــــــــــــــرخـــــــــــــــــــة
يـــا فـــــلــــــســــــــطيــــــــنُ
يافلسطينُ حانت لحظة تطهيركِ ... من دنس رجس العدو الغاصبِ
وحان وقت زف شهدائكِ ... للحور يوم عرسهم بالدم المخضبِ
خمسون عاماً ولانستطيع تحريركِ ... من قوم مرتزقة مجهولي النسبِ
ونحن من زرعنا زيتونك وشيدنا حرمكِ ... أحفاد عمر وخالد ذو السيف البتار الأحدبِ
يافلسطينُ سئمنا شعارات الطواغيت رؤوس الشركِ ... أي سلام وقدسك يدنس بالجربِ
إنهم جبناء مرتعدون حائرون في أمركِ ... كلا إنهم شياطين بني صهيون في أرض العربِ
ليتهم يتعلمون من بسالة طفلكِ ... فالشجاعة ليست في القوة بل في القلبِ
إن لم يقاتلوا فسيقاتل شجرك وحجركِ ... بنو القردة والخنازير يوم الحربِ
مافائدة الحياة يافلسطينُ وقدسكِ ... صعب الوصول إليها والركبِ
إن لم أهب روحي ودمي من أجلكِ ... فالموت أهون من أن أعيش كالأرنبِ
لاتحزني فمازلنا جندكِ ... نتحسس الطريق إليك والدربِ
ملئٌ بالأسوار والشوكِ ... صبراً نزيلها ونأتي إليك بإذن الربِ
تأليف/الأرقم2002م
تعليق