من آخر كتابات الوالد
من القلب . . عَبْرَةٌ!!
كان آخر حدث أغلقت عيني عليه قبل نومي ليلة البارحة، هو استنجاد طفلي الصغير (ذو الخمس سنوات) بي من عقاب والدته له، حينما هددته بأنه إلم ينم مبكراً وفي الحال، فلن تأخذه معها في اليوم التالي للخروج، فأظهر لها العناد في بداية الأمر وهو يبكي؛ لأنه لا يرغب في النوم مبكراً، ولكنه في خضم بكائه وصرخاته، تلفظ لا إرادياً ببعض الكلمات التي تعبر عما يكمن في خلجات نفسه من الرغبة في طلب النجدة، ممن يرجو منه الرحمة؛ على الرغم من ذلك العناد، فتوجه بطفولته البريئة بتلك الكلمات نحوي قائلاً : (بابا شوف ماما لن تأخذني معها غداً) فما كان مني إلا أن هدأت من روعه، وطلبت منه الاستجابة لرغبة أمه بالاستسلام للنوم على الفور، وتعهدت له بالخروج معها في اليوم التالي إذا ما استجاب لطلبي، فما كان منه إلا أن نام مطمئن البال.
هذه الحدث الاعتيادي في ظاهره، انتزع من قلبي لبه؛ حينما وجهت لنفسي سؤالاً مفاده : (ومن الذي يرحمني من رغبات نفسي التي تنأى بي عن رحاب ربي، ويمسح على قلبي بمشاعر الأمان، بعدما يرحمني ويقيني من شرورها، لعلي أدرك النجاة من عواقب ما اقترفت من تلك المعاصي المهلكة سوى الله تعالى؟)
فهل بوسعي أن أتوجه إلى الله تعالى، بنفس التلقائية الفطرية البريئة التي توجه بها طفلي نحوي لنجدته من العقاب، فأناجي ربي قائلاً : (ربي . . ترى حالي . . وتسمع كلامي . . وتشهد على ضعفي ومسكنتي . . فمن ينجيني من شرور نفسي . . ومكائد شيطاني إلا أنت؟!)
فأجد الجواب برداً وسلاماً على قلبي بمشاعر الأمان والاطمئنان التي تتولد عنها تلقائياً الرغبة في كثرة الاستغفار مما كان من الذنوب والآثام، والسعي حثيثاً؛ لتجديد التوبة له سبحانه، وبذل أقصى الجهد للصدق فيها، عسى أن أحظى بالاستقامة وأنال برحمته حسن الختام!!
فيارب . . هذه عَبْرَةُ قلب (عبد عاصي) تمرد وعاند باقتراف المعاصي، ولكنه في قرارة نفسه، يعلم مدى ضعفه وهوانه عجزه، وافتقاره لعفوك ورحمتك يا أرحم الراحمين، فهلا قبلت منه تلك الزفرات والعبرات، ومننت عليه بصدق التوبة إليك، يا من وسعت رحمته كل شيء، ووسع كرسيه السموات والأرض، وتفضل على العباد برحمته، يا علي يا عظيم؟
اللهم آمين
تعليق