متجدد في أربع جلسات فوائد من كتاب (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وواقع المسلمين اليوم، لصالح بن عبد الله الدرويش قاضي القطيف سابقا والقاضي بالاستئناف بمكة المكرمة ، ط 1، 1412 هـ، دار الوطن للنشر، الرياض)
الجلسة الأولى (مُقَدِّمَة لأبي مسلم خالد الوكيل):
ـ إن كتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشروطها وآدابها وحكمها وثمرتها ... كل ذلك للمقرين بوجودها في الإسلام ..
أما وقد ضيعت واندثرت وغابت عن طلاب العلم والعلماء تطبيقها ـ إلا ممن رحم الله ـ فضلا عن عوام المسلمين ، بل وصارت عند الناس منسية ولديهم حساسية شديدة جدا من لفظ ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ..
فلا بد أن تمضي سنوات طويلة لعرض هذه الشعيرة وإرجاعها ، وأنها من الإسلام بل من أصوله ، وأنها من المعلوم من الدين بالضرورة ، وأنها وظيفة الأنبياء والرسل عليهم السلام ... ثم بعد ذلك نطلب تفعيلها ...
فمهما شرحنا الكتب في هذه الفريضة فالانفصام النكد سيبقى بين الكتب وبين الواقع ... فلا بد من النزول لدعوة الناس ونصحهم وإرشادهم ، ثم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر .. المعروف الذي نسوه والمنكر الذي حرصوا عليه إلا ممن رحم الله ...
ـ فأمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر دون انتظار للنتيجة .. بداية لعودة هذه الفريضة ..
ـ وهناك فرق بين ترك إنكار المنكر إذا ترتب عليه منكر أكبر منه ، وفرق بين الذهاب لنصيحة القائم على المنكر بتركه وأن يتعرض الناصح للإهانة ... فالفرق واضح بين إزالة المنكر وبين رد فعل أصحاب المنكر ...
ـ ولا معنى ولا عبرة ولا يقول بالقول الآتي أحد : أن يترك المرء إنكار المنكر لمداومة الكثير من الناس عليه وتعودهم عليه .. ولكن لا بد من استعمال الوسائل المتاحة لتغيير هذا المنكر وليس المراد تغييره حالاً ، ولكن بمخاطبة صاحب المنكر ومن يعمل عنده ، ومخاطبة عوام الناس والعلماء والدولة ...
ـ والسائر في طريق الأمر والنهي يحتاج للصبر والتحمل للأذى ..
ـ فلا مكان لمن يقول: أنا معكم أنصح وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر لكن لا أحد يؤذيني بأي كلمة أو نظرة أو احتقار ... (فهذا الشخص سيضر كثيرا لو قام بهذه الشعيرة).
ـ ومهما حاولت أخي الكريم أن تبسط وتزين وتلطف وتحسن من طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... فلن ينعدم الأذى من المأمور والمنهيّ والمنصوح .. قال تعالى حكاية عن لقمان لابنه وهو يعظه : ("يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"17).
ـ والذي ذهب إلى إمام جائر فنصحه ونهاه فقتله ... هل غيّر المنكر الذي عليه هذا الإمام الجائر أم أدت نصيحته له مقتله ، وإنما ذلك من باب الشهادة في سبيل الله ، ، ولتحريض المؤمنين على مجابهة الظلم وليس الاستسلام له كما حدث في ثورة 25 يناير واضحا جليا .. فلم يغير الذين قتلوا في بداية الثورة شيئا وإنما غيّر الأحياء الذي ساروا وخرجوا بعدهم على الظلم وأنهوا وأجهزوا عليه ...
ـ إن ما يفعله الدعاة والعلماء من مراعاة المصالح والمفاسد في إنكار المنكرات وفعل الأعمال الدعوية هو اجتهاد مشكور .. ربما ينجح وربما لا يفيد وربما يضر ضررا قليلا وربما يكون ضرره هلاك للكثير من أفراد الدعوة ... والأمثلة الواقعية تشهد بذلك ...
ـــــ وذلك كما حدث في عهد النظام السابق في مصر من قيام الجماعات الإسلامية برحلات دعوية لشبابها .. فيلقي القبض على من خرج في هذه الرحلة ويسجن وتحلق لحيته ..
ـــــ وكمثل من يفتي بجواز الخروج للجهاد إلى مكان معين ، فعندما يهم صاحب الفتوى للخروج للجهاد ويقبض عليه من قبل الدولة ، ويعلم المفتي له ويقبض عليه ويسجن ويضر هو بالسجن وأولاده وزوجته وأبناء دعوته ...
ــــــ وكما حدث في الثورة المصرية من تحفيز لبعض العلماء على الخروج على هذا النظام ، وسكوت بعضهم ، واعتراض البعض ... فماذا كان سيقول من حفز الناس على الخروج عند استمرار النظام السابق في الحكم والأذى الذي كان سيحصل منه ....
ــــــ وماذا يقول ويفعل الآن من حفز وساند بالكلمة استمرار الشعب السوري في ثورته ضد الطاغية الكافر بشار الأسد وعشرات الآلاف يقتلون ويشردون ، وأحاطت بهم الكفار من كل جانب وأصبح المشهد والمصير الآن بيد الكفار ينتظر المسلمون منهم التدخل لوقف تلك المجزرة ...
ـــــ بل وماذا نقول : عندما ننصح أحدا من الناس أن يصلي فسبّ بالدين وضربك وأنت لا تظن أنه يفعل ذلك ..
لا بد أن نحمد اجتهاد العلماء على اختلاف اجتهاداتهم المؤيد والمعارض والمتوقف .. ولا بد أن تتحمل أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر مهما كانت النتائج ، مادمت قد راعيت النصوص ولم تفعل الأمر والنهي لهوى في نفسك ...
وراجع الآية الشريفة (وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ)، (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ). فما زادهم أمره لهم إلا طغيانا كبيرا ومع ذلك لم يترك نهيهم عما هم عليه من الباطل ..
وراجع الحديث الشريف الذي فيه ( ورجل قام إلى إمام جائر ، فأمره ونهاه فقتله ).. فلم يحرم على الأمر والناهي الذهاب إلى الحاكم الجائر ولكن رفع قدره بأن جعله من الشهداء ...
الجلسة الأولى (مُقَدِّمَة لأبي مسلم خالد الوكيل):
ـ إن كتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشروطها وآدابها وحكمها وثمرتها ... كل ذلك للمقرين بوجودها في الإسلام ..
أما وقد ضيعت واندثرت وغابت عن طلاب العلم والعلماء تطبيقها ـ إلا ممن رحم الله ـ فضلا عن عوام المسلمين ، بل وصارت عند الناس منسية ولديهم حساسية شديدة جدا من لفظ ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ..
فلا بد أن تمضي سنوات طويلة لعرض هذه الشعيرة وإرجاعها ، وأنها من الإسلام بل من أصوله ، وأنها من المعلوم من الدين بالضرورة ، وأنها وظيفة الأنبياء والرسل عليهم السلام ... ثم بعد ذلك نطلب تفعيلها ...
فمهما شرحنا الكتب في هذه الفريضة فالانفصام النكد سيبقى بين الكتب وبين الواقع ... فلا بد من النزول لدعوة الناس ونصحهم وإرشادهم ، ثم أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر .. المعروف الذي نسوه والمنكر الذي حرصوا عليه إلا ممن رحم الله ...
ـ فأمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر دون انتظار للنتيجة .. بداية لعودة هذه الفريضة ..
ـ وهناك فرق بين ترك إنكار المنكر إذا ترتب عليه منكر أكبر منه ، وفرق بين الذهاب لنصيحة القائم على المنكر بتركه وأن يتعرض الناصح للإهانة ... فالفرق واضح بين إزالة المنكر وبين رد فعل أصحاب المنكر ...
ـ ولا معنى ولا عبرة ولا يقول بالقول الآتي أحد : أن يترك المرء إنكار المنكر لمداومة الكثير من الناس عليه وتعودهم عليه .. ولكن لا بد من استعمال الوسائل المتاحة لتغيير هذا المنكر وليس المراد تغييره حالاً ، ولكن بمخاطبة صاحب المنكر ومن يعمل عنده ، ومخاطبة عوام الناس والعلماء والدولة ...
ـ والسائر في طريق الأمر والنهي يحتاج للصبر والتحمل للأذى ..
ـ فلا مكان لمن يقول: أنا معكم أنصح وآمر بالمعروف وأنهى عن المنكر لكن لا أحد يؤذيني بأي كلمة أو نظرة أو احتقار ... (فهذا الشخص سيضر كثيرا لو قام بهذه الشعيرة).
ـ ومهما حاولت أخي الكريم أن تبسط وتزين وتلطف وتحسن من طريق الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... فلن ينعدم الأذى من المأمور والمنهيّ والمنصوح .. قال تعالى حكاية عن لقمان لابنه وهو يعظه : ("يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ"17).
ـ والذي ذهب إلى إمام جائر فنصحه ونهاه فقتله ... هل غيّر المنكر الذي عليه هذا الإمام الجائر أم أدت نصيحته له مقتله ، وإنما ذلك من باب الشهادة في سبيل الله ، ، ولتحريض المؤمنين على مجابهة الظلم وليس الاستسلام له كما حدث في ثورة 25 يناير واضحا جليا .. فلم يغير الذين قتلوا في بداية الثورة شيئا وإنما غيّر الأحياء الذي ساروا وخرجوا بعدهم على الظلم وأنهوا وأجهزوا عليه ...
ـ إن ما يفعله الدعاة والعلماء من مراعاة المصالح والمفاسد في إنكار المنكرات وفعل الأعمال الدعوية هو اجتهاد مشكور .. ربما ينجح وربما لا يفيد وربما يضر ضررا قليلا وربما يكون ضرره هلاك للكثير من أفراد الدعوة ... والأمثلة الواقعية تشهد بذلك ...
ـــــ وذلك كما حدث في عهد النظام السابق في مصر من قيام الجماعات الإسلامية برحلات دعوية لشبابها .. فيلقي القبض على من خرج في هذه الرحلة ويسجن وتحلق لحيته ..
ـــــ وكمثل من يفتي بجواز الخروج للجهاد إلى مكان معين ، فعندما يهم صاحب الفتوى للخروج للجهاد ويقبض عليه من قبل الدولة ، ويعلم المفتي له ويقبض عليه ويسجن ويضر هو بالسجن وأولاده وزوجته وأبناء دعوته ...
ــــــ وكما حدث في الثورة المصرية من تحفيز لبعض العلماء على الخروج على هذا النظام ، وسكوت بعضهم ، واعتراض البعض ... فماذا كان سيقول من حفز الناس على الخروج عند استمرار النظام السابق في الحكم والأذى الذي كان سيحصل منه ....
ــــــ وماذا يقول ويفعل الآن من حفز وساند بالكلمة استمرار الشعب السوري في ثورته ضد الطاغية الكافر بشار الأسد وعشرات الآلاف يقتلون ويشردون ، وأحاطت بهم الكفار من كل جانب وأصبح المشهد والمصير الآن بيد الكفار ينتظر المسلمون منهم التدخل لوقف تلك المجزرة ...
ـــــ بل وماذا نقول : عندما ننصح أحدا من الناس أن يصلي فسبّ بالدين وضربك وأنت لا تظن أنه يفعل ذلك ..
لا بد أن نحمد اجتهاد العلماء على اختلاف اجتهاداتهم المؤيد والمعارض والمتوقف .. ولا بد أن تتحمل أمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر مهما كانت النتائج ، مادمت قد راعيت النصوص ولم تفعل الأمر والنهي لهوى في نفسك ...
وراجع الآية الشريفة (وَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ)، (قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ). فما زادهم أمره لهم إلا طغيانا كبيرا ومع ذلك لم يترك نهيهم عما هم عليه من الباطل ..
وراجع الحديث الشريف الذي فيه ( ورجل قام إلى إمام جائر ، فأمره ونهاه فقتله ).. فلم يحرم على الأمر والناهي الذهاب إلى الحاكم الجائر ولكن رفع قدره بأن جعله من الشهداء ...
تعليق