هل هناك فرق بين الدعوة إلى الله تعالى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "وكل واحد من الأمة يجب عليه أن يقوم من الدعوة بما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره فما قام به غيره سقط عنه وما عجز لم يطلب به، وأما ما لم يقم به غيره وهو قادر عليه فعليه أن يقوم به ولهذا يجب على هذا أن يقوم بما لا يجب على هذا وقد تقسطت الدعوة على الأمة بحسب ذلك تارة وبحسب غيره أخرى فقد يدعو هذا إلى اعتقاد الواجب وهذا إلى عملٍ ظاهرٍ واجبٍ، وهذا إلى عملٍ باطنٍ واجبٍ فتنوع الدعوة يكون في الوجوب تارة وفي الوقوع أخرى، وقد تبين بهذا أن الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم لكنها فرض على الكفاية وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه إذا لم يقيم به غيره وهذا شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ ما جاء به الرسول والجهاد في سبيل الله وتعليم الإيمان والقرآن، وقد تبين بذلك أن الدعوة نفسها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر فإن الداعي طالب مستدع مقتض لما دعى إليه وذلك هو الأمر به إذ الأمر طلب الفعل المأمور به واستدعاء له ودعاء إليه فالدعاء إلى الله الدعاء إلى سبيله، فهو أمر بسبيله وسبيله تصديقه فيا أخبر وطاعته فيما أمر، وقد تبين أنهما واجبان على كل فردٍ من أفراد المسلمين وجوب فرض الكفاية لا وجوب فرض الأعيان كالصلوات الخمس، بل كوجوب الجهاد".
ـ وقال ابن عثيمين: أما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالأمر هو توجيه الطلب إلى شخص معين لأجل أن تحثه على فعل الطاعة وكذلك النهي توجه النهي إلى شخص معين لتمنعه عن فعل المعصية هذا ليس كالأول بل هذا فيه شئ من السلطة ولهذا سمي أمرا ونهيا والأمر لا يكون الا على سبيل الاستعلاء وكذلك النهي فهو أشد من الدعوة إلى الله عز وجل.
ـ وقال بعضهم : وأما الفرق بين الدعوة إلى الله وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فبينهما عموم وخصوص مطلق، فالأمر والنهي جزء من الدعوة، فكل آمر داع، وليس كل داع آمرا، فالذي يُعرِّف الناس بربهم وما يليق به من صفات الكمال والجمال والجلال، كالذي يفسر سورة الإخلاص مثلا، هو داع إلى الله، ولكنه ليس آمرا ولا ناهيا.
ـ وفرق بعضهم بينهما بأمور منها : الاختلاف في الترتيب الطبيعي: فالدعوة – إلى الإسلام – بحسب الترتيب الطبيعي (المنطقي) مقدمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واختلافهما في ميدان التطبيق:دائرة الدعوة وميدان العمل فيها أوسع من ميدان الأمر بالمعروف لأن الدعوة ميدانه المجتمعات الإسلامية والمجتمعات غير الإسلامية. وأما الأمر بالمعروف فميدانه المجتمع الإسلامي فقط....
قلت (أبو مسلم): الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرع من فروع الدعوة إلى الله تعالى ... وهذا ما تدل له الآيات والأحاديث ...
فالدعوة إلى الله تعالى بالسمت الحسن وبالتدريس والافتاء وبقراءة القرآن وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بالنصيحة والموعظة والتذكرة الحسنة).
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يخصنا وتحدثنا ونتحدث عنه هو الخاص بالأفراد والجماعات الغير رسمية (عامة الشعب) فهذا النوع ليس له تطبيق هذه الشعيرة إلا بالحكمة والموعظة الحسنة ...
أما الحبس والاعتقال ومداهمة المنازل والتهديد والتوبيخ والتعزير وإقامة الحدود كحد الحرابة وتغيير المنكر باليد والمترتب عليه الإضرار بالشخص وبعمله كبائع السجائر والخمر ونوادي السينيما والكباريهات وصالات الرقص والمقاهي التي بها المنكرات والبنوك الربوية والتعري على الشواطيء والقنوات الفضائية التي تدعوا إلى الانحلال والكفر وسب الصحابة ... فهذا كله للفرد والجماعة الغير رسمية (عامة الشعب) يجب عليهم النصيحة والموعظة والتذكرة ولا يشترط الاستئذان من قبل الحاكم ...
اما التغيير لهذه المنكرات فمن قبل صاحب الدولة والقائمين عليها والجهات الحكومية بفرض القانون والعقوبات الرادعة مع ضرورة استبدال أعمال أخرى لهؤلاء الأشخاص بعد أن استمروا في وظائفهم المحرمة طيلة سنوات حتى اعتادوا على أعمالهم واعتاد الناس عليها وانتشرت في المجتمع بسبب تضييع هذه الشعيرة من جميع الناس عوام وحكام ..
فالحاكم له تطبيق شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب ما يتراءى له بالقوة التي تردع الناس عن ترك المعروف وإقبالهم على المنكر ...
ولنبسط الأمر حتى يتضح ...
أهم مميزات شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للفرد والجماعة غير الرسمية ( عامة الشعب) عن الدعوة إلى الله تعالى :
1 ـ أنها خاصة ..
2 ـ أنها وقتِيَّةٌ ..
3 ـ أنها نادرة الحدوث في زماننا ..
4 ـ أنها تحتاج إلى الدعوة والعلم والتطبيق العملي ..
5 ـ أنها تحتاج إلى جاذبية أكثر في العرض ، وقلّة في الكلام ..
6 ـ أنها تحتاج إلى قوة في الحجة ووضوحها ..
7 ـ أنها تحتاج إلى تربية طويلة للآمر والناهي ..
8 ـ أن فاعلها عرضة للإهانة غالبا ..
9 ـ أن المانع منها : الخجل والاستحياء وعدم الاهتمام بها ..
10 ـ أن فاعلها لا بد أن يكون في الذروة وفي القمة من التحلي بالصبر الجميل ..
ـ إذن فالفرق بين الدعوة إلى الله تعالى وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموظة الحسنة ... أن الثاني أدق وأخص من الأول ..
فالدعوة إلى الله عامة ... والأمر والنهي بالفعل والقول الحسن يخص الشخص أو المجموعة المضيعة للمعروف أو القائمة على المنكر ...
ـ أيضا فالأمر والنهي بالفعل والقول الحسن وقتيّ أي يفعل وقت ترك المعروف أو فعل المنكر ... وما نفعله نحث الناس في كل مكان على المشاركة في تفعيل هذه الشعيرة ... وتتطبيقها بالمطوية والكلمة الطيبة ...
ـ ومن الأدلة على أنها وقتية .. قوله تعالى : (كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)..وقوله تعالى حكاية عن سلسمان لابنه وهو يعظه : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) ... وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجْلِسَ, فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ)..
ـ ومن أدل الدلائل على وقتية هذه الفريضة .. أنه في عدم الاستطاعة من فعلها يتحتم على المرء الانصراف من ذلك المكان ..
فالدعوة إلى الله تعالى تحتاج إلى مكان نظيف وإلى ترك المنكر ... أما شعيرة الأمر والنهي بالقول والفعل الحسن يمكن أن يدخل فاعلها إلى الأماكن المحرمة وأن يتكلم مع الأشخاص القائمين على المحرم والمضيعين للمعروف لا يفعل ذلك إلا ليأمرهم وينهاهم وهذا لا يقدر على فعله إلا من تربى على هذا الأمر ...
ـ أيضا الأمر والنهي بالكلمة والفعل الحسن يحتاج إلى مزيد من الصبر لأن التعرض للأذى باللسان أو بغيره واقع ..قال تعالى حكاية عن سلسمان لابنه وهو يعظه : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ).
وحال الرسل والأنبياء واستهزاء أقوامهم بهم أدل دليل على ذلك ..
ـ أيضا الأمر والنهي بالكلمة والفعل الحسن يحتاج إلى الدعوة والعلم والتطبيق بخلاف الدعوة إلى الله تعالى فممكن أن تكون بالسمت الحسن فقط ..
ـ أيضا الأمر والنهي بالكلمة والفعل الحسن يحتاج إلى فاعله لتبسيط المعلومة للناس وتجديد عرض الخير لهم ، وإخراج عصارة الخير ببساطة ، ويحتاج فاعله إلى قلة الكلام ودقته .. فهل عندما نذهب إلى شخص لا يصلي أو يشرب الدخان أو يأكل الربا أو يسب الدين أو يسجد للقبر أو امرأة متبرجة ... هل تشرح لهم الآيات والأحاديث وتنقل لهم أقوال العلماء لمدة ساعة ...
إنك تأخذ بيده وتنبهه وتذكّره وتفهمه وهذه مرحلة ابتدائية لتوصيل العلم وهذه المرحلة لا بد أن يكون القائم بها يتحلى بالصبر والعلم والحكمة .. فلا يطلب الاستجابة من أول مرة ...
والعلم عند الله والحمد لله
د/ أبو مسلم خالد مصطفى الوكيل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "وكل واحد من الأمة يجب عليه أن يقوم من الدعوة بما يقدر عليه إذا لم يقم به غيره فما قام به غيره سقط عنه وما عجز لم يطلب به، وأما ما لم يقم به غيره وهو قادر عليه فعليه أن يقوم به ولهذا يجب على هذا أن يقوم بما لا يجب على هذا وقد تقسطت الدعوة على الأمة بحسب ذلك تارة وبحسب غيره أخرى فقد يدعو هذا إلى اعتقاد الواجب وهذا إلى عملٍ ظاهرٍ واجبٍ، وهذا إلى عملٍ باطنٍ واجبٍ فتنوع الدعوة يكون في الوجوب تارة وفي الوقوع أخرى، وقد تبين بهذا أن الدعوة إلى الله تجب على كل مسلم لكنها فرض على الكفاية وإنما يجب على الرجل المعين من ذلك ما يقدر عليه إذا لم يقيم به غيره وهذا شأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ ما جاء به الرسول والجهاد في سبيل الله وتعليم الإيمان والقرآن، وقد تبين بذلك أن الدعوة نفسها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر فإن الداعي طالب مستدع مقتض لما دعى إليه وذلك هو الأمر به إذ الأمر طلب الفعل المأمور به واستدعاء له ودعاء إليه فالدعاء إلى الله الدعاء إلى سبيله، فهو أمر بسبيله وسبيله تصديقه فيا أخبر وطاعته فيما أمر، وقد تبين أنهما واجبان على كل فردٍ من أفراد المسلمين وجوب فرض الكفاية لا وجوب فرض الأعيان كالصلوات الخمس، بل كوجوب الجهاد".
ـ وقال ابن عثيمين: أما في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فالأمر هو توجيه الطلب إلى شخص معين لأجل أن تحثه على فعل الطاعة وكذلك النهي توجه النهي إلى شخص معين لتمنعه عن فعل المعصية هذا ليس كالأول بل هذا فيه شئ من السلطة ولهذا سمي أمرا ونهيا والأمر لا يكون الا على سبيل الاستعلاء وكذلك النهي فهو أشد من الدعوة إلى الله عز وجل.
ـ وقال بعضهم : وأما الفرق بين الدعوة إلى الله وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فبينهما عموم وخصوص مطلق، فالأمر والنهي جزء من الدعوة، فكل آمر داع، وليس كل داع آمرا، فالذي يُعرِّف الناس بربهم وما يليق به من صفات الكمال والجمال والجلال، كالذي يفسر سورة الإخلاص مثلا، هو داع إلى الله، ولكنه ليس آمرا ولا ناهيا.
ـ وفرق بعضهم بينهما بأمور منها : الاختلاف في الترتيب الطبيعي: فالدعوة – إلى الإسلام – بحسب الترتيب الطبيعي (المنطقي) مقدمة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واختلافهما في ميدان التطبيق:دائرة الدعوة وميدان العمل فيها أوسع من ميدان الأمر بالمعروف لأن الدعوة ميدانه المجتمعات الإسلامية والمجتمعات غير الإسلامية. وأما الأمر بالمعروف فميدانه المجتمع الإسلامي فقط....
قلت (أبو مسلم): الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرع من فروع الدعوة إلى الله تعالى ... وهذا ما تدل له الآيات والأحاديث ...
فالدعوة إلى الله تعالى بالسمت الحسن وبالتدريس والافتاء وبقراءة القرآن وبالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (بالنصيحة والموعظة والتذكرة الحسنة).
والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يخصنا وتحدثنا ونتحدث عنه هو الخاص بالأفراد والجماعات الغير رسمية (عامة الشعب) فهذا النوع ليس له تطبيق هذه الشعيرة إلا بالحكمة والموعظة الحسنة ...
أما الحبس والاعتقال ومداهمة المنازل والتهديد والتوبيخ والتعزير وإقامة الحدود كحد الحرابة وتغيير المنكر باليد والمترتب عليه الإضرار بالشخص وبعمله كبائع السجائر والخمر ونوادي السينيما والكباريهات وصالات الرقص والمقاهي التي بها المنكرات والبنوك الربوية والتعري على الشواطيء والقنوات الفضائية التي تدعوا إلى الانحلال والكفر وسب الصحابة ... فهذا كله للفرد والجماعة الغير رسمية (عامة الشعب) يجب عليهم النصيحة والموعظة والتذكرة ولا يشترط الاستئذان من قبل الحاكم ...
اما التغيير لهذه المنكرات فمن قبل صاحب الدولة والقائمين عليها والجهات الحكومية بفرض القانون والعقوبات الرادعة مع ضرورة استبدال أعمال أخرى لهؤلاء الأشخاص بعد أن استمروا في وظائفهم المحرمة طيلة سنوات حتى اعتادوا على أعمالهم واعتاد الناس عليها وانتشرت في المجتمع بسبب تضييع هذه الشعيرة من جميع الناس عوام وحكام ..
فالحاكم له تطبيق شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسب ما يتراءى له بالقوة التي تردع الناس عن ترك المعروف وإقبالهم على المنكر ...
ولنبسط الأمر حتى يتضح ...
أهم مميزات شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للفرد والجماعة غير الرسمية ( عامة الشعب) عن الدعوة إلى الله تعالى :
1 ـ أنها خاصة ..
2 ـ أنها وقتِيَّةٌ ..
3 ـ أنها نادرة الحدوث في زماننا ..
4 ـ أنها تحتاج إلى الدعوة والعلم والتطبيق العملي ..
5 ـ أنها تحتاج إلى جاذبية أكثر في العرض ، وقلّة في الكلام ..
6 ـ أنها تحتاج إلى قوة في الحجة ووضوحها ..
7 ـ أنها تحتاج إلى تربية طويلة للآمر والناهي ..
8 ـ أن فاعلها عرضة للإهانة غالبا ..
9 ـ أن المانع منها : الخجل والاستحياء وعدم الاهتمام بها ..
10 ـ أن فاعلها لا بد أن يكون في الذروة وفي القمة من التحلي بالصبر الجميل ..
ـ إذن فالفرق بين الدعوة إلى الله تعالى وبين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالحكمة والموظة الحسنة ... أن الثاني أدق وأخص من الأول ..
فالدعوة إلى الله عامة ... والأمر والنهي بالفعل والقول الحسن يخص الشخص أو المجموعة المضيعة للمعروف أو القائمة على المنكر ...
ـ أيضا فالأمر والنهي بالفعل والقول الحسن وقتيّ أي يفعل وقت ترك المعروف أو فعل المنكر ... وما نفعله نحث الناس في كل مكان على المشاركة في تفعيل هذه الشعيرة ... وتتطبيقها بالمطوية والكلمة الطيبة ...
ـ ومن الأدلة على أنها وقتية .. قوله تعالى : (كَانُوا لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ)..وقوله تعالى حكاية عن سلسمان لابنه وهو يعظه : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ) ... وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ: فَأَمَّا إِذَا أَبَيْتُمْ إِلا الْمَجْلِسَ, فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ, فَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلامِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ)..
ـ ومن أدل الدلائل على وقتية هذه الفريضة .. أنه في عدم الاستطاعة من فعلها يتحتم على المرء الانصراف من ذلك المكان ..
فالدعوة إلى الله تعالى تحتاج إلى مكان نظيف وإلى ترك المنكر ... أما شعيرة الأمر والنهي بالقول والفعل الحسن يمكن أن يدخل فاعلها إلى الأماكن المحرمة وأن يتكلم مع الأشخاص القائمين على المحرم والمضيعين للمعروف لا يفعل ذلك إلا ليأمرهم وينهاهم وهذا لا يقدر على فعله إلا من تربى على هذا الأمر ...
ـ أيضا الأمر والنهي بالكلمة والفعل الحسن يحتاج إلى مزيد من الصبر لأن التعرض للأذى باللسان أو بغيره واقع ..قال تعالى حكاية عن سلسمان لابنه وهو يعظه : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ).
وحال الرسل والأنبياء واستهزاء أقوامهم بهم أدل دليل على ذلك ..
ـ أيضا الأمر والنهي بالكلمة والفعل الحسن يحتاج إلى الدعوة والعلم والتطبيق بخلاف الدعوة إلى الله تعالى فممكن أن تكون بالسمت الحسن فقط ..
ـ أيضا الأمر والنهي بالكلمة والفعل الحسن يحتاج إلى فاعله لتبسيط المعلومة للناس وتجديد عرض الخير لهم ، وإخراج عصارة الخير ببساطة ، ويحتاج فاعله إلى قلة الكلام ودقته .. فهل عندما نذهب إلى شخص لا يصلي أو يشرب الدخان أو يأكل الربا أو يسب الدين أو يسجد للقبر أو امرأة متبرجة ... هل تشرح لهم الآيات والأحاديث وتنقل لهم أقوال العلماء لمدة ساعة ...
إنك تأخذ بيده وتنبهه وتذكّره وتفهمه وهذه مرحلة ابتدائية لتوصيل العلم وهذه المرحلة لا بد أن يكون القائم بها يتحلى بالصبر والعلم والحكمة .. فلا يطلب الاستجابة من أول مرة ...
والعلم عند الله والحمد لله
د/ أبو مسلم خالد مصطفى الوكيل.
تعليق