وقفة مع علم من أعلام الدعوة : أمير حزب التحرير عطاء بن خليل أبو الرشتة
(مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا)
من هؤلاء الرجال الغر الميامين أمير حزب التحرير العالم الأصولي الفقيه المجتهد الشيخ الجليل المهندس/ عطاء بن خليل أبو الرشتة (أبو ياسين)، لقد نبت الفقير الى رحمة ربه منذ نعومة أظافره على حمل همّ الأمة والإنشغال بقضاياها فالتحق بركب حزب التحرير ولم يجاوز عمره الرابعة عشرة عاماً فحمل الدعوة طوال سنين عمره في الديار الفلسطينية وفي مصر حيث أكمل دراسته الجامعية فالأردن ودولاً عربية أخرى كالحجاز وغيرها وبقي طوال حمله للدعوة سافراً متحدياً لا يأبه لما يلحق به من أذى أو سجن أو تعذيب أو ملاحقه من جلاوزة الأنظمة القمعية دأبه كدأب من سبقوه من حملة الدعوة الذين نذروا أنفسهم لقضية الامة المصيرية إقامة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة ، كان للشيخ عطاء قوة عقلية جذابة تلفت الأنظار وسمو في النفسية قلما توهب لإنسان ولقد شهد له بذلك العالم المجاهد الشيخ الجليل أحمد الداعور رحمه الله بقوله عنه بأنه "عطاء من الله"، ولقد أثرى جزاه الله عنا وعن المسلمين خيراً المكتبة الإسلامية ببعض الكتب فوضع نموذجاً فريدا في التفسير ونموذجاً في أصول الفقه فكانا معيناً لمن أراد ان ينهل منهما ومثالاً على الفهم القويم لكتاب الله وبياناً لطريقة الإسلام في الإجتهاد ، ولقد تولى الشيخ العالم عطاء بن خليل كافة المناصب القيادية في حزب التحرير حتى أصبح أول ناطق بإسم الحزب في الأردن مما عرضه للسجن مرات ومرات حتى قضى سنين عمره في سجون الظالمين وبالرغم مما لحقه من أذى إلا أن ذلك لم يثنه عن عزمه وإصراره على المضي قدماً في العمل لأقامة الخلافة مع طليعة الأمة وروادها ، لقد جابه عطاء الظالمين والحكام والسياسين الفاسدين وكشف مخططاتهم وتآمرهم على الأمة لصالح الكفار المستعمرين دون أن تلين له قناة أو يهادن أو يستكين ، وبقيت تصريحاته تقرع آذان الظالمين والحكام صباح مساء وعقب كل تصريح له كان يزج به في عياهب السجون لسنوات وهذا حال من حمل همّ الأمة وسعى لتغيير حالها فهو يجابه طغمة ظالمة تسلطت على رقاب الأمة وليس كحال من احتضنتهم الأنظمة ثم الفضائيات ففتحوا لهم الأبواب مشرعة وسخروا لهم منابر ليصلوا منها الى سمع وبصر كل إنسان ، بقي عطاء بن خليل يعتلي سلم العمل الدعوي دافعاً ضريبته الباهظة والمكلفة بما أصابه من أذى وملاحقة وسجن وتعذيب حتى شاء الله أن ترسو عليه إمارة الحزب-وليس غريباً على شخص كعطاء بقوة عقليته وسمو نفسيته أن يصبح أميراً لحزب كحزب التحرير الذي يختار أميره من الصفوة عبر طريقة مميزة تمر في مراحل دقيقة تعتمد على أن يُقدّم التقي النقي ذو القدرة والخبرة والكفاءة والعطاء – فأصبح عطاء أميراً لحزب التحرير في الثالث عشر من أيار لعام 2003 للميلاد وبمجرد استلامه لأمارة الحزب هجر أهله وماله وبنيه وانقطع عن الدنيا ليتفرع لحمل الدعوة ولقيادة الحزب ، وكحال أمراء الحزب من قبله أصبح عطاء ملاحقاً من قبل أجهزة مخابرات الدنيا بأسرها لا لشيء سوى لأنه يقود حزباً سياسياً يسعى بجد لإقامة الخلافة الراشدة الثانية التي وعدنا بها الرسول الأكرم ، لا لشيء سوى لأن حزبه يعمل في الأمة ومعها لتحمل الإسلام الحقيقي البعيد عن الشوائب والدسائس وليس اسلاماً على الطريقة الغربية ، لا لشيء سوى لأن هذا الحزب يعمل لقلع نفوذ الكافر من بلاد المسلمين قلعاً جذرياً ولا يرضى بالعمالة أو التبعية .منذ أن تولى الشيخ عطاء إمارة الحزب أدرك ثقل العبء الذي حمله وأدرك بأن الاميرين من قبل قد أتعبوا من خلفهم مما قدموه للدعوة ، فجد في السير وها هو يبذل الجهد الجهد والوسع الوسع ليكون كما نحسبه الآن –ولا نزكي على الله أحداً- خير خلف لخير سلف ، كما أخذ على نفسه أن لا يترك سبباً مشروعاً يستطيعه في العمل لإقامة الخلافة إلا أستعان بالله وفعله ، وهكذا كان فالحزب في عهد الأمير عطاء يسير مكملاً سيره التصاعدي الإرتقائي يسير من علي الى أعلى بإذن الله وها هي الدنيا بأسرها تسمع بالحزب وترتعد منه فرائص الكافرين وها هي الأمة قد جمعت شتاتها على أشد التفاف لم تشهد له من قبل مثيل حول الخلافة ودعوتها حتى أننا أصبحنا نرى الخلافة كأنها ماثلة أمام ناظرنا من دنو قيامها وقرب تحققها ، وكل ذلك بفضل من الله ومنه .
إن خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة لن تعود إلا برجال كأمثال هؤلاء الأعلام الذين يترسمون خطا من أقاموا الخلافة الأولى من الصحب الكرام ، لن تعود الخلافة منقذة المسلمين والبشرية إلا على يد سواعد جدّت في العمل لها وأبصرت دربها وسارت على خطى نبيها دون أن تنغمس في رجس الكافرين أو تنخرط في مشاريع المستعمرين أو تداهن الحكام المتآمرين أو تكون جزءاً من المشهد السياسي الذي يرسمه الكائدون ، فحري بالأمة أن تلتفت لقادتها الحقيقيين الذين خرجوا من أصلابها ونبتوا على عقيدتها لا على الأموال المشبوهة أو التبعية أو العمالة السياسية فتعطي انقيادها لهم وتسير معهم نحو خلاصها ومشروع نهضتها ، حري بخير أمة أخرجت للناس أن تدرك معدن الرجال بميزانها لهم بميزان الحق وأن لا تنخدع بتضليل المضللين فتخدع- كما خدعت من قبل - بقادة لا يوردونها سوى موارد الهلاك والتبعية والخنوع .
نسأله سبحانه أن يأخذ بأيدينا جميعاً تحت قيادة ربانية حكيمة نحو خلافة راشدة ثانية على منهاج النبوة .
تعليق