بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سألني في عُجالة عن الوقت فنظرت في ساعتي وأجبته
وانطلق في نفس السرعة التي قدم بها علي دون حتي أن يشكرني !!
نظرت إليه متعجبا وانطلقت في طريقي في هذه المدينة العجيبة
مدينة منظمة جدا
سكانها لايعرفون الملل بل العمل العمل
لايفترون عن ذكر الله تعالي
وهذا ما أعجبني فيهم جدا
كلّ منهم له تخصصه ولا يستطيع أحد أن يتجاوز تخصصه لتخصص غيره
يتميزون بالكرم وهذا عرفته عندما شاهدني أحدهم وأنا أسير هائما بين الأزقة تدور عيني علي المنازل والمشاهد فدعاني لطعام عنده وهش وبش في وجهي
فابتسمت وأكلت لقيمات
وقبل الإنصراف سألته عن سر نظام هذه المدينة وحسن أخلاق أهلها وإنضباطهم الشديد
فابتسم وقال : حفظ الله ملكنا
" حفظ الله ملكنا "
كلمة ترددت علي مسامعي كثيرا في مدينتهم
فهم يذكرونه بكل حب وود
لدرجة أني اشتقت إلي لقاءه فسألت عن قصره
وبالفعل دلوني عليه ..وكيف لا وهو الطريق الذي يعرفونه جيدا
فمشاكلهم لاتُحل إلا فيه
ذهبت إلي قصره الكبير الأنيق
أبهرتني دقة صنعة وعظيم منظره
لم أنتبه إلا وأحد الحراس يسألني ما مشكلتك ؟
ثم نظر إلي متأملا وقال .... أنت غريب ياهذا وبسرعة أطلق الإنذارات
فما وجدت إلا والجنود شاهري أسلحتهم يلتفون حولي كما تلتف الأفعي بفأر صغير تريد إلتهامه
فنطقت الشهادتين واستودعت نفسي
وقبل أن تخترق أسنة أسلحتهم جسدي جاء صوت أوقفهم جميعا حيث هم
" اتركوه "
هكذا سمعت...فنظرت واشرأبت عنقي فوجدت رجلا مهيبا جليلا قادما نحونا
فاصطف الجنود صفين في غمضة عين مفسحين له الطريق نحوي
فجاء متبسما وأمسك بيدي وقادني للقصر
عرفت أنه الملك ...فالأبهه لاتكون إلا للملوك
أجلسني في قصره و أكرمني
جلس قريبا مني
تجاذبنا أطراف الحديث... وأصارحكم أني أنست به كثيرا
مر طيف سريع في الطرقة التي تمتد أمامنا ..بالكاد رأيتها
لاحظ إنتباهي... فتبتسم وقال هذه رفيقة دربي
فنظرت إليه وهززت رأسي متبسما ثم نظرت إلي الطرقة مرة أخري محاولا تذكر أين رأيتها ... فهذه ليست غريبة علي شعرت كأني أعرفها منذ القِدَم
نظرت إلي الأعلي فوجدت قبة زرقاء متلألأة
فقلت له : لقد لاحظت مثل هذه القبة الزرقاء الجميلة في أسقف المدينة فما من بيت إلا وبه مثلها
قال نعم هذه ما أتواصل به مع جميع من في المملكة
فأي أمر أصدره ينطلق منها إلي جميع القِباب الأخري
.
.
ولمرة أخري يأخذني الإعجاب من هذه المدينة وطريقة إدارتها
.
.
.
ظللت معه اليوم بأكمله ... لم أشعر بمرور الساعات فقد كان الحديث شيقا
حدثني فيه عن ملكه وعن أعداءه
ولاحظت شدته وغضبه حين ذكر اسم أحدهم ..فلم أشأ أن أستفسر أكثر عنه حتي لاأزيد من غضبه
أدخلني حجرة واسعة وقاله هذه حجرتك
ثم تركني وانصرف
بت ليلتي كأحسن مايكون
وبكرم ضيافته أعلن أني ضيفه
فأشتهرت في المدينة بـ "ضيف الملك "
فوجدت حفاوة فوق الحفاوة وإكراما ما بعده إكرام
...
..
استمر الحال لثلاث أيام بلياليهن
في الليلة الرابعة لاحظت حركة غريبة في القصر علي غير المعتاد
وشعرت بشئ غريب من الريبة المشوبة بقشعريرة سرت بجسدي ولكني تجاهلتها فالنوم كان يدعوني إلي مملكة المنامات
لا أعرف كم من الوقت نمت ولكن أظن أني لم آخذ كفايتي
فقد أيقظتني طرقات متتالية علي باب غرفتي
قمت وأنا لاأري جيدا ما أمامي وفتحت الباب ...فلم أجد أحد
تعجبت !
وظننت اني كنت احلم
ذهبت إلي السرير وأنا بالكاد أري ملامحه
فلم يكد جنبي يمسه حتي عادت الطرقات السريعة مرة أخري
فتجاهلتها قائلا يبدو أني أحلم في سَيْري
فرجعت أقوي من المرتين الأوليين فانتبهت ومسحت أثر النوم عن وجههي
وذهبت مسرعا للباب فلم أجد أحد !
فخرجت للطرقة فلمحت طيفا سريعا في آخرها وكأنه يختبئ
فأخذت مصباحي وانطلقت خلفه
كان الظلام دامسا ....
ركضت في الطرقة ولكني أضعت أثره
ولما هممت بالرجوع سمعت صوت أزيز باب يفتح
فاستدرت وانطلقت خلف الصوت مخافة أن أفقده ..
وبالفعل وصلت لباب كاد أن يُغلق
فولجته ... فإذا أنا أمام طرقات أخري
تعجبت من هذه الطرقات الكثيرة المتداخلة فلم أكن أتوقع أن القصر به مثل هذا
سرت في هذه الطرقات يقودني مصباحي الصغير
محاولا إيجاد أثر
ففشلت ... فقفلت راجعا عازما علي قص ما وجدته علي الملك صباحا
دخلت غرفتي وأوصدت بابي وجلست متفكرا فيما حدث
منتظرا للصباح
...
...
..
قابلت الملك في صباح اليوم التالي لهذه الليلة سلمت عليه وشعرت بشئ يخبئه
ففاتحته في أمر الليلة الماضية
فقطب جبينه متفكرا مليا ثم قال لي
أرني هذه الحجرة التي فقدت فيها أثر من كنت تطارده
ذهبت معه وأريته فتغير لونه وعلاه الغضب وانطلق يطوي الأرض طيا
تعجبت من فعله فلم أره هكذا منذ قابلته
تركت القصر وانطلقت للخارج لأتنفس بعض الهواء
فوجدت المدينة بها حركة مضطربة علي غير عادتها
طرقت مسامعي كلمات وتخوفات وأنا أسير بينهم متعجبا من تصرفهم هذا اليوم
ذهبت إلي صديقي الذي أكرمني استضافني في يومي الأول
فطرقت بابه ..فخرج مهموما
رحب بي ... وأجلسني
فبادرته بالسؤال عن الحال هذا اليوم
وقلت له بعض الكلمات التي سمعتها اليوم بين الناس
فتنهد ووضع كفه علي جبهته منكسا رأسه وقال
حدث شئ أسأل الله أن يلطف بنا ويمر بسلام
زادتني كلماته قلقا فوق قلقي فقلت له أفصح !
نظر إلي سقف بيته وأشار إليه وقال انظر...
فنظرت فوجدت لون القبة الزرقاء متغيرا
فقلت له وما معني هذا؟
قال يابني منذ سنوات حدثت حادثة مفجعة كادت تقضي علي المدينة بأكملها
ملكنا الحبيب طيب ووفي وشجاع ولكن زوجته مختلفة عنه
فهي تعاني من إنفصام في الشخصية وشخصيتها الأخري شديدة السوء
وقد حدث أن جاءها هذا البلاء فكادت المدينة تهلك عن بكرة أبيها ...
قاطعته متسائلا ... كيف لفرد واحد أن يهلك مدينة بكاملها ؟!!
فقال يابني ... هذه السيدة لها تأثير عظيم علي الملك وحين حدثت الحادثة القديمة كان الملك غير الملك ... كان جبارا طاغيا لايأمر إلا بالشرور
وبطشت جنوده بالكثيرين
قلت له .. ولماذا القبة الزرقاء متغيرة اللون؟!
قال لأن منها تصدر الأوامر من الملك إلينا فإذا تحول لونها للون البنفسجي الداكن فهذا نذير شر عظيم
أنهي هذه الكلمات واعتذر لي بلطف فعلمت مراده واستئذنته وخرجت راجعا للقصر متفكرا في كلماته
حل الليل ولم أستطع مقابلة الملك مرة أخري في هذا اليوم
فذهبت للخلود إلي النوم ..لم تطاوعني عيناي للنوم فظللت ساهرا حتي ساعات متاخرة حتي شعرت بالتعب وثقلت جفوني
ماكاد الجفنان أن يتقابلا حتي سمعت نفس طرقات أمس مرة أخري
فقفزت قائما وأخذت مصباحي وخرجت أبحث فوجدت في نفس الإتجاه نفس الظل الذي هرب مني أمس فعزمت علي ألا أتركه
انطلقت خلفه ... وكان نفس الطريق الذي سلكته أمس حتي الباب الذي يؤدي إلي الطرقات المتقاطعة دخله فدخلت خلفه
سرت قليلا في الظلام مهتديا بضوء مصباحي فشعرت بشئ يأتي من خلفي فالتفت فجأة فوقع الضوء علي شئ لامع يهوي فوق رأسي !
تفاديته سريعا ...وصوبت ضوء مصباحي إليه فوجدته أحد الجنود
نظر إلي نظرة سرت القشعريرة بسببها في بدني وانتزع البلطة التي إنغرست في الأرض من قوة ضربته فجريت لاأنظر خلفي
من طريق إلي طريق أهرب وفي كل طريق أجدهم أمامي
ظللت أهرب وأهرب حتي وجدت نفسي في مساحة مستطيلة بلا مهرب تقود إليها كل الطرقات
فاستندت إلي الحائط وكاد قلبي ينفجر من الخوف وانا أسمع خطوات الجنود القادمين من الطرقات المؤدية لتلك المساحة شاهري أسلحتهم
اقتربوا .... واقتربوا
شعرت ببرود أطرافي وكأن روحي تتسرب مني
شعرت بحركة في الحائظ خلفي وفي طرفة عين وجدت الحائط استدار بي إلي غرفة أخري مظلمة إلا من ضوء شمعة صغيرة في آخرها
استجمعت قواي وتنفست الصعداء وبخطوات مضطربة اتجهت للضوء فقد انكسر مصباحي
وصلت للشمعة الصغيرة وعلي ضوئها لاحظت وجود أحدا يجلس علي كرسي أمامي
حملت الشمعة واقتربت بها بحذر لعلي أعرف من الجالس
الملك !!!!!!
كانت هذه أولي كلماتي بعد صمت طويل
فقدرأيت علي ضوءالشمعة الصغيرة الملك جالسا وكأنه نائم علي كرسيه
ذهبت إليه وحاولت إيقاظه وأخذت أحرك كتفه ويده عله ان يقوم....
....
...
سرت ضحكة شيطانية فجأة تردد صداها في الحجرة ثم أُنيرت الحجرة
فتجمد الدم في عروقي ولم يعد يتحرك مني إلا إنسان عيني يتلفت يمينا وشمالا
فرأيت الملك بزيه الأحمر كالنائم علي كرسيه
ووجدت نفسي في البلاط الملكي ...!!
ونظرت إلي أعلي فلاحظت اللون البنفسجي الداكن ينير القبة..فارتعت وتذكرت كلمات صديقي
همست بسؤال لايسمعه غيري وقلت
ما الذي حدث ...و ما الذي جاء بي إلي هنا ؟؟؟!!
فوجدت صوتا يرد علي قائلا "" أنا ""
فانتبهت ... وعادت الضحكة الشيطانية مرة أخري تزلزل مسمعي
فلم تستطع قدماي أن تحملاني وسقطت أرضا وقلت بصوت أصابه الوهن
من أنت ؟؟...... ما أنت ؟؟
فبدأ شئ يخرج من خلف عرش الملك ...
دققت فإذا هي زوجةالملك و وسط هذا الخوف عاودني السؤال ..أين رأيت هذه السيدة من قبل
كانت كما لمَحَتها عيني أول مرة لم يختلف إلا زيها الذي أصبح أسودا كئيبا
اقتربت مني أكثر فأكثر ووقفت أمامي ونظرت لي وقالت أما عرفتني بعد يامحمد ؟
رفعت رأسي ..... ورأَتْها عيني بجلاء
قلت أنت !.... أنت ....!
قالت نعم .... أنا نفسك
قلت لها وكيف جئت إلي هنا !!!!!
فابتسمت ساخرة وقالت بل أنت أحق بهذا السؤال
فهذا عالمي وأنت من جئت إليه
قلت لها ما الذي يحدث ؟؟!!
فالتفتت وخرج من خلف كرسي الملك شخص آخر ..
نظرت إليه فرأيته كأقبح ما رأيت
فنظر إلي ....وركز عيناه تجاهي وقال أنت الآن تحت سلطتي وفي مملكتي
قلت ومن أنت ياقبيح الوجه ؟؟؟
قال بإبتسامة خبيثة ..... أنا شيطانك ..أماعرفني؟
قلت لعنك الله ياعدو الله ما الذي جاء بك ؟
قال .. وجدت من يناديني فأتيت ملبيا
قلت ومن ناداك ؟؟!!
فنظر إليها فقالت : أنا ...
قلت : أنت !!
قالت : نعم
قلت: ولم ؟؟ ما الذي ينقصك؟
قالت : رغباتي
قلت ألست رغباتك مطاعة مع هذا الملك الكريم ؟
قالت ... لا .. أنا أريد ما أشتهيه في الوقت الذي أشتهيه
ملكك هذا يقف أمام رغباتي
قلت وهل هذا جزاء إحسانه لكِ؟
فضحكت نفس الضحكة التي أرعبتني منذ قليل وقالت
أي إحسان ؟!! أنا كنت أسيرة عنده .... والآن أخذت حريتي
قلت وهل حريتك تكون مع عدو مملكتك؟؟
وهل حريتك أن تقتلي رفيق دربك ؟؟
فخطت خطوات إلي الملك ووقفت أمامه ثم استدارت إلي.. وجاء الشيطان فوقف بجانبها
وقالت ملكك لم يمت بعد ... ولكنه تحت سيطرتنا ...
فإن كنت تريده فتعال وخذه ... ولكن تجاوزنا أولا ..
ثم انفجرت ضحكاتهما ترج البلاط الملكي رجا
ووجدت رأسي ثقيلا يؤلمني ....
فأمسكت به وأغمضت عيني من الألم ثم فتحتهما فوجدت نفسي ملقا علي أرض شقتي قد سقطت من فوق الكرسي الذي جلست عليه
وآخر ما تذكرته أني كنت جالسا أفكر في أمور يومي .......
فقمت وأمسكت قلمي وكتبت
" رحلة في أعماقي "
...........
......
....
...
..
.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سألني في عُجالة عن الوقت فنظرت في ساعتي وأجبته
وانطلق في نفس السرعة التي قدم بها علي دون حتي أن يشكرني !!
نظرت إليه متعجبا وانطلقت في طريقي في هذه المدينة العجيبة
مدينة منظمة جدا
سكانها لايعرفون الملل بل العمل العمل
لايفترون عن ذكر الله تعالي
وهذا ما أعجبني فيهم جدا
كلّ منهم له تخصصه ولا يستطيع أحد أن يتجاوز تخصصه لتخصص غيره
يتميزون بالكرم وهذا عرفته عندما شاهدني أحدهم وأنا أسير هائما بين الأزقة تدور عيني علي المنازل والمشاهد فدعاني لطعام عنده وهش وبش في وجهي
فابتسمت وأكلت لقيمات
وقبل الإنصراف سألته عن سر نظام هذه المدينة وحسن أخلاق أهلها وإنضباطهم الشديد
فابتسم وقال : حفظ الله ملكنا
" حفظ الله ملكنا "
كلمة ترددت علي مسامعي كثيرا في مدينتهم
فهم يذكرونه بكل حب وود
لدرجة أني اشتقت إلي لقاءه فسألت عن قصره
وبالفعل دلوني عليه ..وكيف لا وهو الطريق الذي يعرفونه جيدا
فمشاكلهم لاتُحل إلا فيه
ذهبت إلي قصره الكبير الأنيق
أبهرتني دقة صنعة وعظيم منظره
لم أنتبه إلا وأحد الحراس يسألني ما مشكلتك ؟
ثم نظر إلي متأملا وقال .... أنت غريب ياهذا وبسرعة أطلق الإنذارات
فما وجدت إلا والجنود شاهري أسلحتهم يلتفون حولي كما تلتف الأفعي بفأر صغير تريد إلتهامه
فنطقت الشهادتين واستودعت نفسي
وقبل أن تخترق أسنة أسلحتهم جسدي جاء صوت أوقفهم جميعا حيث هم
" اتركوه "
هكذا سمعت...فنظرت واشرأبت عنقي فوجدت رجلا مهيبا جليلا قادما نحونا
فاصطف الجنود صفين في غمضة عين مفسحين له الطريق نحوي
فجاء متبسما وأمسك بيدي وقادني للقصر
عرفت أنه الملك ...فالأبهه لاتكون إلا للملوك
أجلسني في قصره و أكرمني
جلس قريبا مني
تجاذبنا أطراف الحديث... وأصارحكم أني أنست به كثيرا
مر طيف سريع في الطرقة التي تمتد أمامنا ..بالكاد رأيتها
لاحظ إنتباهي... فتبتسم وقال هذه رفيقة دربي
فنظرت إليه وهززت رأسي متبسما ثم نظرت إلي الطرقة مرة أخري محاولا تذكر أين رأيتها ... فهذه ليست غريبة علي شعرت كأني أعرفها منذ القِدَم
نظرت إلي الأعلي فوجدت قبة زرقاء متلألأة
فقلت له : لقد لاحظت مثل هذه القبة الزرقاء الجميلة في أسقف المدينة فما من بيت إلا وبه مثلها
قال نعم هذه ما أتواصل به مع جميع من في المملكة
فأي أمر أصدره ينطلق منها إلي جميع القِباب الأخري
.
.
ولمرة أخري يأخذني الإعجاب من هذه المدينة وطريقة إدارتها
.
.
.
ظللت معه اليوم بأكمله ... لم أشعر بمرور الساعات فقد كان الحديث شيقا
حدثني فيه عن ملكه وعن أعداءه
ولاحظت شدته وغضبه حين ذكر اسم أحدهم ..فلم أشأ أن أستفسر أكثر عنه حتي لاأزيد من غضبه
أدخلني حجرة واسعة وقاله هذه حجرتك
ثم تركني وانصرف
بت ليلتي كأحسن مايكون
وبكرم ضيافته أعلن أني ضيفه
فأشتهرت في المدينة بـ "ضيف الملك "
فوجدت حفاوة فوق الحفاوة وإكراما ما بعده إكرام
...
..
استمر الحال لثلاث أيام بلياليهن
في الليلة الرابعة لاحظت حركة غريبة في القصر علي غير المعتاد
وشعرت بشئ غريب من الريبة المشوبة بقشعريرة سرت بجسدي ولكني تجاهلتها فالنوم كان يدعوني إلي مملكة المنامات
لا أعرف كم من الوقت نمت ولكن أظن أني لم آخذ كفايتي
فقد أيقظتني طرقات متتالية علي باب غرفتي
قمت وأنا لاأري جيدا ما أمامي وفتحت الباب ...فلم أجد أحد
تعجبت !
وظننت اني كنت احلم
ذهبت إلي السرير وأنا بالكاد أري ملامحه
فلم يكد جنبي يمسه حتي عادت الطرقات السريعة مرة أخري
فتجاهلتها قائلا يبدو أني أحلم في سَيْري
فرجعت أقوي من المرتين الأوليين فانتبهت ومسحت أثر النوم عن وجههي
وذهبت مسرعا للباب فلم أجد أحد !
فخرجت للطرقة فلمحت طيفا سريعا في آخرها وكأنه يختبئ
فأخذت مصباحي وانطلقت خلفه
كان الظلام دامسا ....
ركضت في الطرقة ولكني أضعت أثره
ولما هممت بالرجوع سمعت صوت أزيز باب يفتح
فاستدرت وانطلقت خلف الصوت مخافة أن أفقده ..
وبالفعل وصلت لباب كاد أن يُغلق
فولجته ... فإذا أنا أمام طرقات أخري
تعجبت من هذه الطرقات الكثيرة المتداخلة فلم أكن أتوقع أن القصر به مثل هذا
سرت في هذه الطرقات يقودني مصباحي الصغير
محاولا إيجاد أثر
ففشلت ... فقفلت راجعا عازما علي قص ما وجدته علي الملك صباحا
دخلت غرفتي وأوصدت بابي وجلست متفكرا فيما حدث
منتظرا للصباح
...
...
..
قابلت الملك في صباح اليوم التالي لهذه الليلة سلمت عليه وشعرت بشئ يخبئه
ففاتحته في أمر الليلة الماضية
فقطب جبينه متفكرا مليا ثم قال لي
أرني هذه الحجرة التي فقدت فيها أثر من كنت تطارده
ذهبت معه وأريته فتغير لونه وعلاه الغضب وانطلق يطوي الأرض طيا
تعجبت من فعله فلم أره هكذا منذ قابلته
تركت القصر وانطلقت للخارج لأتنفس بعض الهواء
فوجدت المدينة بها حركة مضطربة علي غير عادتها
طرقت مسامعي كلمات وتخوفات وأنا أسير بينهم متعجبا من تصرفهم هذا اليوم
ذهبت إلي صديقي الذي أكرمني استضافني في يومي الأول
فطرقت بابه ..فخرج مهموما
رحب بي ... وأجلسني
فبادرته بالسؤال عن الحال هذا اليوم
وقلت له بعض الكلمات التي سمعتها اليوم بين الناس
فتنهد ووضع كفه علي جبهته منكسا رأسه وقال
حدث شئ أسأل الله أن يلطف بنا ويمر بسلام
زادتني كلماته قلقا فوق قلقي فقلت له أفصح !
نظر إلي سقف بيته وأشار إليه وقال انظر...
فنظرت فوجدت لون القبة الزرقاء متغيرا
فقلت له وما معني هذا؟
قال يابني منذ سنوات حدثت حادثة مفجعة كادت تقضي علي المدينة بأكملها
ملكنا الحبيب طيب ووفي وشجاع ولكن زوجته مختلفة عنه
فهي تعاني من إنفصام في الشخصية وشخصيتها الأخري شديدة السوء
وقد حدث أن جاءها هذا البلاء فكادت المدينة تهلك عن بكرة أبيها ...
قاطعته متسائلا ... كيف لفرد واحد أن يهلك مدينة بكاملها ؟!!
فقال يابني ... هذه السيدة لها تأثير عظيم علي الملك وحين حدثت الحادثة القديمة كان الملك غير الملك ... كان جبارا طاغيا لايأمر إلا بالشرور
وبطشت جنوده بالكثيرين
قلت له .. ولماذا القبة الزرقاء متغيرة اللون؟!
قال لأن منها تصدر الأوامر من الملك إلينا فإذا تحول لونها للون البنفسجي الداكن فهذا نذير شر عظيم
أنهي هذه الكلمات واعتذر لي بلطف فعلمت مراده واستئذنته وخرجت راجعا للقصر متفكرا في كلماته
حل الليل ولم أستطع مقابلة الملك مرة أخري في هذا اليوم
فذهبت للخلود إلي النوم ..لم تطاوعني عيناي للنوم فظللت ساهرا حتي ساعات متاخرة حتي شعرت بالتعب وثقلت جفوني
ماكاد الجفنان أن يتقابلا حتي سمعت نفس طرقات أمس مرة أخري
فقفزت قائما وأخذت مصباحي وخرجت أبحث فوجدت في نفس الإتجاه نفس الظل الذي هرب مني أمس فعزمت علي ألا أتركه
انطلقت خلفه ... وكان نفس الطريق الذي سلكته أمس حتي الباب الذي يؤدي إلي الطرقات المتقاطعة دخله فدخلت خلفه
سرت قليلا في الظلام مهتديا بضوء مصباحي فشعرت بشئ يأتي من خلفي فالتفت فجأة فوقع الضوء علي شئ لامع يهوي فوق رأسي !
تفاديته سريعا ...وصوبت ضوء مصباحي إليه فوجدته أحد الجنود
نظر إلي نظرة سرت القشعريرة بسببها في بدني وانتزع البلطة التي إنغرست في الأرض من قوة ضربته فجريت لاأنظر خلفي
من طريق إلي طريق أهرب وفي كل طريق أجدهم أمامي
ظللت أهرب وأهرب حتي وجدت نفسي في مساحة مستطيلة بلا مهرب تقود إليها كل الطرقات
فاستندت إلي الحائط وكاد قلبي ينفجر من الخوف وانا أسمع خطوات الجنود القادمين من الطرقات المؤدية لتلك المساحة شاهري أسلحتهم
اقتربوا .... واقتربوا
شعرت ببرود أطرافي وكأن روحي تتسرب مني
شعرت بحركة في الحائظ خلفي وفي طرفة عين وجدت الحائط استدار بي إلي غرفة أخري مظلمة إلا من ضوء شمعة صغيرة في آخرها
استجمعت قواي وتنفست الصعداء وبخطوات مضطربة اتجهت للضوء فقد انكسر مصباحي
وصلت للشمعة الصغيرة وعلي ضوئها لاحظت وجود أحدا يجلس علي كرسي أمامي
حملت الشمعة واقتربت بها بحذر لعلي أعرف من الجالس
الملك !!!!!!
كانت هذه أولي كلماتي بعد صمت طويل
فقدرأيت علي ضوءالشمعة الصغيرة الملك جالسا وكأنه نائم علي كرسيه
ذهبت إليه وحاولت إيقاظه وأخذت أحرك كتفه ويده عله ان يقوم....
....
...
سرت ضحكة شيطانية فجأة تردد صداها في الحجرة ثم أُنيرت الحجرة
فتجمد الدم في عروقي ولم يعد يتحرك مني إلا إنسان عيني يتلفت يمينا وشمالا
فرأيت الملك بزيه الأحمر كالنائم علي كرسيه
ووجدت نفسي في البلاط الملكي ...!!
ونظرت إلي أعلي فلاحظت اللون البنفسجي الداكن ينير القبة..فارتعت وتذكرت كلمات صديقي
همست بسؤال لايسمعه غيري وقلت
ما الذي حدث ...و ما الذي جاء بي إلي هنا ؟؟؟!!
فوجدت صوتا يرد علي قائلا "" أنا ""
فانتبهت ... وعادت الضحكة الشيطانية مرة أخري تزلزل مسمعي
فلم تستطع قدماي أن تحملاني وسقطت أرضا وقلت بصوت أصابه الوهن
من أنت ؟؟...... ما أنت ؟؟
فبدأ شئ يخرج من خلف عرش الملك ...
دققت فإذا هي زوجةالملك و وسط هذا الخوف عاودني السؤال ..أين رأيت هذه السيدة من قبل
كانت كما لمَحَتها عيني أول مرة لم يختلف إلا زيها الذي أصبح أسودا كئيبا
اقتربت مني أكثر فأكثر ووقفت أمامي ونظرت لي وقالت أما عرفتني بعد يامحمد ؟
رفعت رأسي ..... ورأَتْها عيني بجلاء
قلت أنت !.... أنت ....!
قالت نعم .... أنا نفسك
قلت لها وكيف جئت إلي هنا !!!!!
فابتسمت ساخرة وقالت بل أنت أحق بهذا السؤال
فهذا عالمي وأنت من جئت إليه
قلت لها ما الذي يحدث ؟؟!!
فالتفتت وخرج من خلف كرسي الملك شخص آخر ..
نظرت إليه فرأيته كأقبح ما رأيت
فنظر إلي ....وركز عيناه تجاهي وقال أنت الآن تحت سلطتي وفي مملكتي
قلت ومن أنت ياقبيح الوجه ؟؟؟
قال بإبتسامة خبيثة ..... أنا شيطانك ..أماعرفني؟
قلت لعنك الله ياعدو الله ما الذي جاء بك ؟
قال .. وجدت من يناديني فأتيت ملبيا
قلت ومن ناداك ؟؟!!
فنظر إليها فقالت : أنا ...
قلت : أنت !!
قالت : نعم
قلت: ولم ؟؟ ما الذي ينقصك؟
قالت : رغباتي
قلت ألست رغباتك مطاعة مع هذا الملك الكريم ؟
قالت ... لا .. أنا أريد ما أشتهيه في الوقت الذي أشتهيه
ملكك هذا يقف أمام رغباتي
قلت وهل هذا جزاء إحسانه لكِ؟
فضحكت نفس الضحكة التي أرعبتني منذ قليل وقالت
أي إحسان ؟!! أنا كنت أسيرة عنده .... والآن أخذت حريتي
قلت وهل حريتك تكون مع عدو مملكتك؟؟
وهل حريتك أن تقتلي رفيق دربك ؟؟
فخطت خطوات إلي الملك ووقفت أمامه ثم استدارت إلي.. وجاء الشيطان فوقف بجانبها
وقالت ملكك لم يمت بعد ... ولكنه تحت سيطرتنا ...
فإن كنت تريده فتعال وخذه ... ولكن تجاوزنا أولا ..
ثم انفجرت ضحكاتهما ترج البلاط الملكي رجا
ووجدت رأسي ثقيلا يؤلمني ....
فأمسكت به وأغمضت عيني من الألم ثم فتحتهما فوجدت نفسي ملقا علي أرض شقتي قد سقطت من فوق الكرسي الذي جلست عليه
وآخر ما تذكرته أني كنت جالسا أفكر في أمور يومي .......
فقمت وأمسكت قلمي وكتبت
" رحلة في أعماقي "
...........
......
....
...
..
.
تعليق