احذر .. ممنوع الاقتراب
الاستاذ عادل عبد الوهاب عبد الماجد
احذر عدوك مــــــــــــــــرة ** واحذر صديقك ألف مــــــــــرة
فلربمــا انقلب الصديــــــــق ** فكان أعـــــلم بالمــــــــــضرة
هذه من الحكم السائرة عند العرب ، و من القواعد المتداولة بين العقلاء
وقد جاء هذا المعنى في القرءان الكريم ، فقال الله عز و جل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )التغابن 14-15
و من صفات المنافقين أن الواحد منهم ذو وجهين و لسانين حيث قال الله عنهم (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) البقرة 14
و مصداق ذلك ايضا الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ، ما و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما " رواه الترمذي*.و صححه الالباني . و يروى موقوفا على علي رضي الله عنه و هو الاصح .
و قد قيل : الناس كالسيارات ان لم تجعل بينك و بينهم مسافة كافية حصل الصدام .
و قال الشاعر في هذا المعنى :
فَيا عَجَباً لمـن رَبَّيـتُ طِفـلاً * أُلَقِّمُـه بـأَطـرافِ البَـنـانِ
أُعَلِّمُـه الرمايَـة كُـلَّ يَـومٍ * فَلَمّا اشتـدَّ ساعِـدهُ رَمانـي
وَكَم علمتُـه نظـمَ القوافِـي * فَلمـا قـالَ قافيـةً هجـانـي
أَعلَّمـه الفُتُـوَّة كـل وَقـتٍ * فَلَمّـا طَـرَّ شارِبُـه جَفانـي
و قال الآخر متحسرا :
واخــــوان حسبتهم دروعا * فكانــــــوها و لكن للأعادي
و خلتهم سهاما صائبــــات * فكـــــانوها و لكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منـــا قلوب ** فقد صدقوا ولكن عن ودادي
وقالـــوا قد سعينا كل سعي ** لقد صدقوا ولكن في فسادي
و السلامة في المداراة :
وقد أمر الله عز و جل بذلك فقال ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) المؤمنون 96
وقال جل و علا ( وَ لَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت 34-35
و قد كان ذلك هدي خير البشر صلى الله عليه و سلم ، فكان لا يواجه الناس بما يكرهون ، و اذا غضب عرف الغضب في وجهه ، و كان لا يعيب طعاما قط إن اشتهاه أكله و إن كرهه تركه ، و كان يداري المنافقين اتقاء لشرهم ، و على رأسهم عبد الله ابن أبي فقد كان يلاطفه في الخطاب ونهى عن قتله هو يعلم ما في قلبه من الحقد .
وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى :
ما دمت حيا فدار الناس كلــــــــــــــهم * فإنما أنت في دار المداراة
من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى * عما قليل نديما للندامـــــات
وقال زهير في معلقته :
ومن لا يصانع في أمور كثيرة * يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
(والمنسم الرجل استعارة ، وهو في الأصل للدواب )
وقال آخر :
أداريهم ما دمت حيا بدارهم * وأرضيهم ما دمت في أرضهم أسعى
وأطلب بالإخلاص لله منهم * خلاصا فكانـــــــوا كيف قلّبتهم أفعى
وفي لامية ابن الوردي :
دارِ جارَ الدارِ إن جارَ وإن لم * تجد صبراً فما أحلى النقل
وقال محمد بن أبي سعيد بن شرف القيرواني رحمه الله تعالى :
إن تُلقِك الغربـةُ في معشر * قــــد جُبِل الطبع على بُغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم * وأرضهم ما دمت في أرضهم
و المداراة هي بذل الدنيا من أجل الدين , أما المداهنة فهي بذل الدين من أجل الدنيا .
و بين ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح الفرق بينهما بيانا شافيا فقال :
المداراة صفة مدح والمداهنة صفة ذم والفرق بينهما أن المداري يتلطف بصاحبه حتى يستخرج منه الحق أو يرده عن الباطل . والمداهن يتلطف به ليقره على باطله ويتركه على ه واه .
فالمداراة من صفات أهل الإيمان والمداهنة من صفات أهل النفاق .
قال رجل للإمام العلامة ابن عقيل كما في الفنون : أسمع وصية الله عز وجل يقول ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ)، وأسمع :الناس يعدُّون من يظهر خلاف ما يبطن منافقا فكيف لي بطاعة الله تعالى والتخلص من النفاق ؟ فقال : النفاق هو إظهار الجميل وإبطان القبيح وإضمار الشر مع إظهار الخير لإيقاع الشر ، والذي تضمنته الآية إظهار الحسن في مقابلة القبيح لاستدعاء الحسن، اهـ.
وقد قلت في ذلك :
الصحب في هذا الزمان بــلاء * والقرب منهم خيبة و عنــــاء
ألفاظهم معسولة و فعالــــــهم * مسمومة بل حية رقطـــــــــاء
صولاتهم في لهوهم مشهـودة * كلماتهم براقة جوفـــــــــــــاء
هم في المجاز وقاية و صيانة * هم في الحقيقة أرجل عرجاء
عند الفضائح أنفس تواقـــــــة * و لدى الفضائل أعين عمياء
هم في الرذائل همة و فصاحة * هم في المكارم ألسن خرساء
(رمل تداخل بعضه في بعضه) * فالشكل صخر جلمد و بناء
فاحذر دسائسهم و كن متيقظا * فالشهد سم و الوجوه طــــلاء
من عاشر الحرباء مغرورا بها * عرف الحقيقة غرة وغبــاء
من نام في جحر الأفاعي آمنا * لقي المنون و لامه الأحيـــاء
من يلق ذئبا طامعا في رحمة * فمصيره التمزيق و الأشــلاء
فاختر جليسك و انتقيه تفرسا * خير الصحاب السادة النجباء
هم في المكارم قدوة وضاءة * هم في المكاره بلسم و شفـــاء
عند النداء سواعد مفتولـة * هم في النوازل في الورى فقهاء
هم في الدياجي أنجم براقة * عند الشدائد عدة و رخــــــــاء
و اذا رآك الله بين جموعهم * لم تشق أبدا والجنان جــــزاء
___________
والله المستعان
دمتم في رعاية وحفظ الرحمن
فلربمــا انقلب الصديــــــــق ** فكان أعـــــلم بالمــــــــــضرة
هذه من الحكم السائرة عند العرب ، و من القواعد المتداولة بين العقلاء
وقد جاء هذا المعنى في القرءان الكريم ، فقال الله عز و جل (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )التغابن 14-15
و من صفات المنافقين أن الواحد منهم ذو وجهين و لسانين حيث قال الله عنهم (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) البقرة 14
و مصداق ذلك ايضا الحديث المروي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : " أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ، ما و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما " رواه الترمذي*.و صححه الالباني . و يروى موقوفا على علي رضي الله عنه و هو الاصح .
و قد قيل : الناس كالسيارات ان لم تجعل بينك و بينهم مسافة كافية حصل الصدام .
و قال الشاعر في هذا المعنى :
فَيا عَجَباً لمـن رَبَّيـتُ طِفـلاً * أُلَقِّمُـه بـأَطـرافِ البَـنـانِ
أُعَلِّمُـه الرمايَـة كُـلَّ يَـومٍ * فَلَمّا اشتـدَّ ساعِـدهُ رَمانـي
وَكَم علمتُـه نظـمَ القوافِـي * فَلمـا قـالَ قافيـةً هجـانـي
أَعلَّمـه الفُتُـوَّة كـل وَقـتٍ * فَلَمّـا طَـرَّ شارِبُـه جَفانـي
و قال الآخر متحسرا :
واخــــوان حسبتهم دروعا * فكانــــــوها و لكن للأعادي
و خلتهم سهاما صائبــــات * فكـــــانوها و لكن في فؤادي
وقالوا قد صفت منـــا قلوب ** فقد صدقوا ولكن عن ودادي
وقالـــوا قد سعينا كل سعي ** لقد صدقوا ولكن في فسادي
و السلامة في المداراة :
وقد أمر الله عز و جل بذلك فقال ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) المؤمنون 96
وقال جل و علا ( وَ لَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) فصلت 34-35
و قد كان ذلك هدي خير البشر صلى الله عليه و سلم ، فكان لا يواجه الناس بما يكرهون ، و اذا غضب عرف الغضب في وجهه ، و كان لا يعيب طعاما قط إن اشتهاه أكله و إن كرهه تركه ، و كان يداري المنافقين اتقاء لشرهم ، و على رأسهم عبد الله ابن أبي فقد كان يلاطفه في الخطاب ونهى عن قتله هو يعلم ما في قلبه من الحقد .
وقال أبو سليمان الخطابي رحمه الله تعالى :
ما دمت حيا فدار الناس كلــــــــــــــهم * فإنما أنت في دار المداراة
من يدر دارى ومن لم يدر سوف يرى * عما قليل نديما للندامـــــات
وقال زهير في معلقته :
ومن لا يصانع في أمور كثيرة * يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم
(والمنسم الرجل استعارة ، وهو في الأصل للدواب )
وقال آخر :
أداريهم ما دمت حيا بدارهم * وأرضيهم ما دمت في أرضهم أسعى
وأطلب بالإخلاص لله منهم * خلاصا فكانـــــــوا كيف قلّبتهم أفعى
وفي لامية ابن الوردي :
دارِ جارَ الدارِ إن جارَ وإن لم * تجد صبراً فما أحلى النقل
وقال محمد بن أبي سعيد بن شرف القيرواني رحمه الله تعالى :
إن تُلقِك الغربـةُ في معشر * قــــد جُبِل الطبع على بُغضهم
فدارهم ما دمت في دارهم * وأرضهم ما دمت في أرضهم
و المداراة هي بذل الدنيا من أجل الدين , أما المداهنة فهي بذل الدين من أجل الدنيا .
و بين ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح الفرق بينهما بيانا شافيا فقال :
المداراة صفة مدح والمداهنة صفة ذم والفرق بينهما أن المداري يتلطف بصاحبه حتى يستخرج منه الحق أو يرده عن الباطل . والمداهن يتلطف به ليقره على باطله ويتركه على ه واه .
فالمداراة من صفات أهل الإيمان والمداهنة من صفات أهل النفاق .
قال رجل للإمام العلامة ابن عقيل كما في الفنون : أسمع وصية الله عز وجل يقول ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ)، وأسمع :الناس يعدُّون من يظهر خلاف ما يبطن منافقا فكيف لي بطاعة الله تعالى والتخلص من النفاق ؟ فقال : النفاق هو إظهار الجميل وإبطان القبيح وإضمار الشر مع إظهار الخير لإيقاع الشر ، والذي تضمنته الآية إظهار الحسن في مقابلة القبيح لاستدعاء الحسن، اهـ.
وقد قلت في ذلك :
الصحب في هذا الزمان بــلاء * والقرب منهم خيبة و عنــــاء
ألفاظهم معسولة و فعالــــــهم * مسمومة بل حية رقطـــــــــاء
صولاتهم في لهوهم مشهـودة * كلماتهم براقة جوفـــــــــــــاء
هم في المجاز وقاية و صيانة * هم في الحقيقة أرجل عرجاء
عند الفضائح أنفس تواقـــــــة * و لدى الفضائل أعين عمياء
هم في الرذائل همة و فصاحة * هم في المكارم ألسن خرساء
(رمل تداخل بعضه في بعضه) * فالشكل صخر جلمد و بناء
فاحذر دسائسهم و كن متيقظا * فالشهد سم و الوجوه طــــلاء
من عاشر الحرباء مغرورا بها * عرف الحقيقة غرة وغبــاء
من نام في جحر الأفاعي آمنا * لقي المنون و لامه الأحيـــاء
من يلق ذئبا طامعا في رحمة * فمصيره التمزيق و الأشــلاء
فاختر جليسك و انتقيه تفرسا * خير الصحاب السادة النجباء
هم في المكارم قدوة وضاءة * هم في المكاره بلسم و شفـــاء
عند النداء سواعد مفتولـة * هم في النوازل في الورى فقهاء
هم في الدياجي أنجم براقة * عند الشدائد عدة و رخــــــــاء
و اذا رآك الله بين جموعهم * لم تشق أبدا والجنان جــــزاء
___________
والله المستعان
دمتم في رعاية وحفظ الرحمن
تعليق