تعالوا نأخذ بأيدي العصاة خشية أن نكون منهم!!
في خبايا نفس كل واحدٍ منَّا من الخير والشر؛ ما يؤهله لأن يكون بالهداية إماماً وبالجهالة شيطاناً، وعليه فمؤثرات الخير والشر على العبد، تعتبر بمثابة الداعي الأول في محاولة توجيهه إلى إحدى الخيارين، وتكون الاستجابة منه بحسب تماسك بينانه الداخلي، قلباً وروحاً ونفساً!!
فكلما كان القلب حياً والنفس اللوامة حاضرة، والروح قريبة من خالقها، كلما كانت استجابته للخير أسرع، وللشر أضعف، وكلما كان القلب مريضاً أو ميتاً، والنفس الأمارة بالسوء هي صاحبة الغلبة، والروح مهترئة ببعدها عن الله وعن دينه؛ كلما كانت الاستجابة للخير أضعف، وللشر أقوى وأسرع!!
وعليه فالكل يسبح في بحرٍ من الفتن فمستقل ومستكثر، والحريص على النجاة هو من يستقل مركب الدعوة إلى الله تعالى، كي يحصن نفسه أولاً من تلك الفتن، ومن ثم يكون مهوى أفئدة كل راغب في طلب النجاة، ليصبح مع مرور الزمن ممن عناهم ربنا بقوله :
(وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا . . الآية)
لذا يجب علينا الاستشعار النفسي الكامل؛ لكوننا جميعاً نسبح بالفعل في بحر هائج من الفتن التي تجعل الحليم حيراناً، وعلينا كدعاة إلى الله؛ قيادة مراكب النجاة بقوة وجسارة!! لأنه لا غنى لأحدٍ عن هداية ربه وتثبيته لقلبه، وأعظم أسباب تلك الهداية وذلك الثبات، هو قيادة مراكب الدعوة إلى الله تعالى!!
وعليه . . فطالما أنه ليس لأحد أن يدعي أنه في مأمن من تلك الفتن؟! وليس بإمكان أحد أن يزعم الأمن على نفسه من مكر الله تعالى؟! فيجب علينا جميعاً المسارعة لقيادة تلك المراكب؛ نجاةً بأنفسنا أولاً ثم بعباد الله الحائرين!!
فهيَّا أيها الدعاة لنحرك في القلوب كل معاني الخير، ونزف إلى العصاة بشرى سعة رحمة رب العالمين؛ كي نمحو صحائف سوداء، سطرها الشيطان بما استدرجهم إليه من مستنقعات الإثم والمعاصي!!
هيَّا لنكون آلات تدمير جبارة؛ لهدم معتقلات القنوط الكئيبة التي أسر الشيطان فيها كثيراً من عباد الله؛ ليحول بينهم وبين التوبة!!
هيَّا لنكون دعاة رحمة، وجرَّاحون مهرة، نأخذ بيد العصاة إلى الله برفق ولين، ونستأصل ما في قلوبهم من أورام خبث المعاصي والإثم المبين!!
هيَّا لنكون بالفعل قوارب أمان بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معانٍ الرحمة والرفق والنصيحة والتوجيه والعلم والعون، كي ننجو جميعاً من بحر هذه الفتن، ولا نتيح للشيطان فرصة الاستفراد بأي مسلمٍ؛ فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية!!
تعالوا لنأخذ بأيدي العصاة خشية أن نكون منهم!! حيث أن من اغتر بطاعته، جرفته الأمواج لأودية الهالكين!!
تعليق