نخطئ عندما نظن أن الله تعالى اختص جنس الإنسان دون غيره من أجناس الخلق بميزة العقل والإدراك, ويدل على خطأ هذا الاعتقاد شواهد كثيرة من الكتاب والسنة, ولعل من هذه الشواهد خبر هذا المخلوق العجيب الذي قص الله تعالى نبأه مع سليمان عليه السلام في سورة النمل ( الآيات 20 : 28 )
فهذا الهدهد الذي قد ننظر إليه على أنه كائن أبكم لا يعقل, إذا به يغار على عقيدة التوحيد, فلا يتحمل أن يرى ملكة سبأ وقومها يسجدون للشمس من دون الله, فينطلق مسرعا مؤملا سرعة تدخل سليمان عليه السلام لهدم هذا الكفر البواح, فيقول - وما أعجب مقالته لو تأملتها –:(وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)
فما أعجب هذه الغيرة التي جعلها الله تعالى سببا في إسلام أمة!!!
وبعد, فهذا ما قدمه الهدهد, فيا ليت كلا منا يقف وقفة صادقة مع نفسه فيسألها: ما قدمت أنا لهذا الدين؟ وهل في قلبي من الغيرة عليه مثل ما كان في قلب هذا الهدهد؟ أم أني قد شغلتني أمور أخرى جعلت هم الدعوة لهذا الدين ليس في المرتبة الأولى من اهتماماتي؟؟؟
ختاما: أذكر نفسي وإخواني ببشارة رسول اللّه - صلى اللّه عليه وسلّم – حيث قال: (من أصبح وهمّه الآخرة جمع الله له شمله, وجعل غناه في قلبه, وأتته الدنيا وهي راغمة, ومن أصبح وهمّه الدنيا شتّت الله عليه شمله, وجعل فقره في عينيه, ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له) فاللهم اجعلنا ممن يحملون هم الآخرة.
محبكم: أبوأنس.
تعليق