إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الـجَـنـََّة ُ الـمَـكـْنـُونَـة

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الـجَـنـََّة ُ الـمَـكـْنـُونَـة

    مـــن منا لا يستمتع بالتنزه في الحدائق الغـنـَّاء ؟ فجنانُ الله في أرضه نعمة ومِنة وعطاء ، ولا أخفي عليكم أنني عاشق للطبيعة ، مهووس بها لا أرضى بيننا القطيعة ، وقد اتخذتُ ببيتي مكانا للغرس ، أتعهده بالعناية لأشبع به نهمة النفس ...
    لكن ليس عن هذه أحدثكم هاته المرة ، بل سآخذكم لأخرى أشد منها نضرة ، مغايرة قليلا لما استقر في البال من فكرة ... ببيتي جَنة ٌمن نوع نادر ، قليلا ما يراها غيري تسُرُّ الناظر ، مكنونة ٌمحفوظة ٌتغطيها الستائر ، وهي لا تتغير بتغير الفصول ، لا يرتادها بطـَّال ولا مَلـُول ، أنواعها تحقق للمُريد كل مأمول ، حديقتي السرية وجنتي المخفية ، هي بكل اختصار مكتبتي البهية ، كلما فتحتها فـُتِحت معها الشهية ، أكـَلـِّمُها وتكلمني و تردُّ التحية ، إذا شعرت بالوحدة قصدتها ، وإذا أحسست بالعياء توسَّدتـُها ، و إذا أحسست بالوجد غازلتها ، وأنا أدعوكم اللحظة لتأخذوا معي جولة لا تنسى ، فبين ربوعها ينعدم الأسى ، ولكن أحذركم فأنا لا أحب أن تـُلمسَ ، دعوني أكشف الستار ليبدأ العرض ، واستعدوا فالانبهار حق فرض ، فقولوا ما شاء الله إذا أبصرتم جنة الأرض .
    كما ترون الآن حَوَتْ جنتي كل الورد ، فمن أين أبدأ الحكاية و السرد ؟ من اليمن ... أو من أي فرد ؟؟
    حسنا ... هذه ... حسنا ...
    أقحوان مكتبتي صحيح البخاري ، حُبِّي له ضم كل أسراري ، دَوََّخَتـْني تراجمُه و استهلكـتْ كل أفكاري ، أهلا بك أيها الصحيح المُبَجَّل ، إنهم رفقتي فلا تخجل ، فأنت الذي إذا نطق جلجل ، حَريٌّ بشِعْر كل من تغزََّل ، ألستَ من لأهواء أعداء الدين زلزل ؟؟ تفضل... نحن نصغي .. تفضل ...
    أنا الذي توالت عليَّ الهجمات والغارات ، وسعوا في إسقاطي مَرَّات وكرََّات ، فأقول لهم هيهات هيهات ، شَرْطي من أمْتـَنِ الشروط على الإطلاق ، وإن شَكَكْتَ في مُعَلـََّقي فعليك بالإغلاق ، حديثي مُقـَدََّمٌ وخاصة عند الاتفاق ، قلََّ مناصري في زمانكم فكدتُ أفنى ، لـِسُنـَّة نبيكم حافظـٌ ولكل حكمة ومعنى ، إن هُدِمْتُ هُدِمَ دينكم فأنا أساس كل مبنى ...
    وياسمين مكتبتي صحيح مسلم ، رائحته تضوَّعُ يشمُّها كل مسلم ، وبشرح النووي ينجلي كل مظلم ، كيف حالك أيها الكتاب الصحيح ؟ رفقتي هنا فأبـِنْ أيها الفصيح ، عرِّفهم من تكونُ فقد كِدْتَ تَهونُ أيها المليح ....
    أنا الكتاب الذي من حفظني بُورك ، ومن وَعَاني وفهمني ما أدرك ، ومن نـَبَذني وراءه أهلك ، رُتـِّبتُ لأكون لكل طالب نافعا ، فصرت بين تآليف السنة لامعا ، فخذني بقوة تجدْ زِمَامَ العلم لك خاضعا ، انفردتُ بأحاديث شتى عن أخي الشقيق ، و تميزت دون تبويب فأوردت طريقا بعد طريق ، فمدحني أهل الحديث والفقه وتجاذبني كل فريق ...
    وفـُلُّ مكتبتي تفسير ابن كثير ، أفضل التفاسير إن رُمْتَ التيسير ، وإن حصََّلته بتحقيق علمي فالهَجْ بالتكبير ، أيها التفسير الذي لقي القبول ، عرفنا من تكون غلبنا الفضول ، أنبئنا لو سُئلنا عنك ماذا نقول ؟؟
    كتبني إمام من سَلفِكم الصالح ، فأوْدَعَني من عِلمِه وفهمه الراجح ، و بلغ من خلالي غاية كل مبلِّغ ناصح ، أفسِّر القرآن بالقرآن أولا ، ثم بالحديث إن صحَّ وكان عليه معولا ، وبقول الصحب ومن بإحسان لهم تلا ، لا أغرق القارئ فيما لا يفيد ، ولا أذكر قصصا غريبة أشدُّ بها الشريد ، وحرصي على عقيدة السلف أغلى ما أريد ....
    وأما بَنَفْسَجُ مكتبتي فجامع العلوم والحكم ، منجمٌ للياقوت واللؤلؤ المُنظـَّم ، إذا فتحته وطالعته لا تمل ولا تسأم ، فيه من أحاديث المصطفى خمسون حديثا ، جمع محاسن الدين جمعا حثيثا ، تتأمله مرةً فتحبُّه ثم مرتين ثم تـَرُومُ تـَثـْليـثا ، فمرحبا بجامع العلوم المتكاثرة ، كيف جمعت هذه الدرر المتناثرة ؟ وعرفنا كيف نِلتَ المدائح المتضافرة ....
    خَطـَّني بـِبَنانِهِ ابن رجب الحنبلي ، فشرحَ ما جَمَعَهُ النووي في الأربعين الكـُمَّـل ِ، فَوَفـََّى الخمسين فكل علة فيّ تنجلي ، من الحديث ورجاله وكذا السندْ ، ومن الفقه والتأصيل المعتمدْ ، سوار من غالي الماس قد انعقدْ ، مورد كل واعظ بليغ يهـز المنابر، ومَهْيَعُ كل زاهـد وعابـد أثـْلـِجُ الضمائر ، وسلاح كل مدارس وممارس للعلوم مناظر ...
    وبرسيم مكتبتي زاد المعاد ، سيرة النبي الكريم خير العباد ، مِسْكـُها نفيس من عطره يستزاد ، حوى أيام النبي وسيرتَه ، وفيه يلقى المُحبُّ بُغيتَه ، ويقتفي ويكتفي إن أراد أسوتَه ، فسلام عليك أيها الزادُ مرحبا ، لمعرفة المزيد زدنا تأهبا ، كيف سبقتَ وحُزتَ هذا المنصبَ ؟
    استمد قوتي من قوة مؤلفي ، فابن القيم إمام محقق مستوفي ، درره يعجز عن صياغتها الصيرفي ، ألـَّفـَني وقد كان مسافرا ، فجمع فأوعى ولم يكن مقصرا ، فمن تأمل عِلمي كان لفضله شاكرا ، لو تدري قدري لم أفارق يداك ، ولو عَمِلتَ بما فِيَّ لنِلـْتَ مُنـَاك ، ولمدحتني بين الرفاق وقد نلت رضاك ...
    أما إكليل مكتبتي فكتاب الفوائد ، اسم على مسمى مقصد كل ناشد ، للعلوم جامع ولأشرف المقاصد ، حجمه لطيف ووزنه خفيف ، لا يمل منه العارف الحصيف ، ولا المبتدئ صاحب الفهم الطفيف ، فيه من التفسير ما فيه ، ومن الحديث ما هو مستوفيه ، ومن طِبِّ القلوب ما يبرأ به السَّفيه ، حدثنا عنك قليلا أيها القرطاس ، فقد صرت كالنور الساطع بين الناس ، نراك في كل بيت تضيء كالنبراس ...
    فـــوائــــدٌ فـــوائــــدٌ فـــوائــــدُ === فــرائــــدٌ قــلائــــدٌ فـوائــــدُ
    فـــرائــدٌ(1) في العلوم كـــلـــــها === وسابقٌ في الفـــنون رائـــدُ(2)
    قلائــــدٌ من الحديث والســيــــر === وعــــبرةٌ للـمريد قـــــائــــدُ

    وبمكتبتي مزيد من الأنواع المبهرة ، إذا استقصيتها ضعفت مني المقدرة ، يكفي ما جردته واقبلوا المعذرة ، حديقتي المكنونة لا أستطيع فراقها ، فهي كالوتد لا أجاوز نطاقها ، ولا أجسُر هجرها بعد إلفي مذاقها ، فتحية لمحبي الجنان الورقية ، ولرائدي المكتبات العلمية ، فاقبلوا من محبكم هذه التحية ..


    أبـو الـولـيـد
    21 جمادى الثانية 1433
    13 ماي 2012

    1 ـ جمع فريدة
    2 ـ قائد وسابق
    هل صـــح قول الحاكي فنقبله {(())} أم كـــل ذاك أباطيل وأسمــــار؟
    أما العقـول فـآلت أنه كــذب {(())} والعقل غـرس له بالصدق إثمــار

  • #2
    رد: الـجَـنـََّة ُ الـمَـكـْنـُونَـة

    جزاكم الله خيراً ورفع قدركم

    اللهم بارك لنا في شعبان وبلغنا رمضان

    تعليق


    • #3
      رد: الـجَـنـََّة ُ الـمَـكـْنـُونَـة

      المشاركة الأصلية بواسطة عبدالرحمن مشاهدة المشاركة
      جزاكم الله خيراً ورفع قدركم
      وجزاكم بأفضل منه
      ورفع قدرك وغفر ذنبي وذنبك
      هل صـــح قول الحاكي فنقبله {(())} أم كـــل ذاك أباطيل وأسمــــار؟
      أما العقـول فـآلت أنه كــذب {(())} والعقل غـرس له بالصدق إثمــار

      تعليق

      يعمل...
      X