حسنُ البداية . . حسنٌ للنهاية!!
الكثير منَّا حين يعتزم الإقلاع عن المعصية؛ يعتمد اعتماداً كلياً على مشاعر الندم التي تتولد في نفسه نتيجة وقوعه في تلك المعصية، وينطلق منها بحماسته معاهداً الله على عدم تكرارها، ولكنه قد يعود أو لا يعود!!
وهذا يتوقف على حجم ما ولدته عاقبة تلك المعصية من الندم، فكلَّما كان الندم كبيراً، كلما تضاءلت احتمالية التكرار، والعكس من ذلك صحيح!!
إلا أن هناك عاملاً أساسياً غالباً ما يغفل عنه التائبون، أو ربما أولوه قدراً يسيراً من الاهتمام؛ معتمدين على أن (الندم توبة) وهو الجانب الأهم، في حين أن الجانب الذي أعنيه يمثل هو الآخر (عاملاً وقائياً كبيراً لهم) من تكرار الوقوع في تلك المعصية، ألا وهو البحث عن أسباب الوقوع في تلك المعصية، وهو ما يعين التائب بحق على (عقد النية الصادقة والعملية) على الاحتراز من تكرارها، وهو ما عناه العلماء بالشرط الثالث من شروط التوبة (بالعزم على عدم العودة إليها)!!
ولتسليط الضوء على كيفية البحث عن تلك الأسباب، واتخاذ الإجراءات الوقائية منها؛ دعونا نضرب مثالاً سهل الوصول إلى الأفهام، فالنار على سبيل المثال قد استقر لدى الجميع أنها تحرق، وتؤلم ملامسها بشديد حرارتها، من أجل ذلك يتخذ الجميع كافة الأشكال الاحترازية منها تلقائياً، دون الحاجة إلى تنبيه أو توعية!!
ومن البديهي، أنه كلما نظر المحترق إلى جلده تذكر النار على الفور، واستعاد ذهنه ذاكرة (الألم والندم) على ما وقع له منها (وهذا ما نرمي إليه تحديداً) حيث لابد من توظيف (شدة الندم) في وضع (علامات إرشادية) تمثل في مضمونها (آثار الحريق) على الجلد، وتؤصل (ذاكرته الدامية) في ذهن التائب؛ حتى تحدث لديه (نفوراً تلقائياً) من تكرار المأساة، وهي (المعصية)!!
لذا وجب على التائب أن يربط بين ما وقع فيه من المعاصي وبين أشد ما استشعر خسارته بسبب وقوعها، فإن لم يستطع تحديد ذلك بجلاء، ربط بين تلك المعصية، وبين (ما كان يمكن حدوثه) من احتمالية (قبض الله لروحه على الفور بعد ارتكابه لتلك المعصية) ليكون أول لقائه بالله وهو محمَّل بأوزاها، كشكل من أشكال (سوء الخاتمة) عياذاً بالله!!
وعليه فإن تأصيل مثل تلك الخواطر كعلامات فاصلة في النفس، يعتبر أكبر معين للتائب على عدم العودة إلى فعل المعاصي، وعليه فحسن البداية منذ اللحظة الأولى للتوبة، يؤدي بفضل الله لحسن النهاية، التي نسأل الله أن تكون (بحسن الخاتمة) لنا جميعاً . . اللهم آمين.
تعليق